خمس -مقترحات من أجل عالم أفضل بعد الجائحة-: إعلان جامعيين هولنديين مقترحات للتعامل مع أزمة كوفيد 19 وما بعدها

بلا حدود24 أبريل، 2020

الإعلان التالي، موقع من طرف 162 جامعي من ثماني جامعات هولندية، تم نشره على نطاق واسع في الصحافة الهولندیة، لیصبح بذلك محط نقاش حول طريقة تفادي تكرار أخطاء الماضي أثناء التخطيط للمستقبل.
الكوفید_19 هز العالم
لقد تسبب في تدمير وفقدان عدد لا یحصى من الحیوات، فيما یشتغل عدد كبير من الذين يمارسون مهنا حیویة لیل نهار لعلاج المرضى ومنع المرض من الانتشار أكثر.
يتطلب الدمار الذي لحق المستخدمین والخراب الاجتماعي، والنضال من أجل وضع نهاية له، احترامنا ودعمنا المستمرین. وفي نفس الوقت، من الأساسي إعادة وضع هذه الجائحة في سیاقها التاریخي تفاديا لتكرار أخطاء الماضي أثناء تخطيطنا للمستقبل.
• يعزى واقع أن الكوفید-19 قد ترك أثرا اقتصاديا مهما، من بین عوامل أخرى، النموذج التنموي الاقتصادي المهيمن عالميا، خلال 30 سنة الماضية. ويؤدي هذا النموذج إلى تنقل متزايد للسلع والأفراد، رغم مشاكل بیئیة لا تحصى وعدم المساواة التي ينتجها.
أثناء الأسابيع الأخيرة، تكشفت نقط ضعف آلة النمو النيوليبرالي بشكل مؤلم. لقد شاهدنا شركات كبرى تطلب دعما فوريا من الدولة بمجرد أدنى تراجع للطلب الفعلي على منتجاتها؛ ثم فقدان أو تعليق مناصب الشغل الهشة؛ وضغط إضافي على الأنظمة الصحية المتضررة أصلا من نقص الموارد المالیة.
صار مطالبو الدولة في الفترة الأخيرة من أجل تقدير جهودهم وأجور لائقة، يعتبرون الآن، بشكل ملحوظ، أصحاب “مهن حیویة” في قطاع العلاجات الصحية وعلاج الأشخاص المتقدمين في السن والنقل العمومي والتعليم.
• نقطة ضعف أخرى للنظام الحالي، والتي لا زالت غائبة عن النقاش حول الجائحة، هي العلاقة بین التطور الاقتصادي وفقدان التنوع الطبيعي والأدوار المهمة للنظام البیئي، وكذا احتمالات انتشار الكوفید-19 بین البشر.
إنها علاقة قاتلة، وقد تصبح أكثر فتكا. تقدر منظمة الصحة العالمية أن 4.2 مليون شخص في العالم يلاقون حتفهم سنويا بسبب تلوث الهواء وأن التغيرات المناخية قد تسبب 250 ألف حالة وفاة إضافية بين سنتي 2030 و2050.
يحذر الخبراء من أن استمرار التردي الخطير للمنظومات البيئية- وهو سيناريو وجب توقعه في ظل النموذج الاقتصادي الحالي- مندر باحتمالات ظهور جوائح فيروسية جديدة، أكثر حدة، إضافة إلى الكوارث الحالية، وكلها احتمالات واقعية.
• كل هذا يستوجب تحركا صارما ومتكاملا، يجعل من أولوياته البدء بالتخطيط لعالم ما بعد الكوفيد-19 منذ الآن. رغم أن الأزمة كانت لها تداعيات إيجابية- على المدى القصير- على المستوى الاجتماعي والبيئي، مثل التضامن بين المجتمعات المحلية، والتنظيم والتضامن المحلي، وانخفاض مستوى التلوث وانبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فهذه التغيرات مؤقتة ومهملة في غياب مجهودات مركزة بغرض تغيير سياسي واقتصادي أشمل.
من الضروري إذن النظر في كيف يمكن لهذا الوضع أن يؤدي إلى شكل تنموي (اقتصادي) أكثر استدامة، أكثر عدالة، أكثر إنصافا، صحي أكثر وأكثر مقاومة من أجل المستقبل، شكل يعترف بالضغوط البنيوية المضطربة للنموذج النیولبرالي على الأفراد وعلى البيئة، ويرسي سياسات واستراتيجيات سياسية للتوصل إلى تغيير ملموس، دائم ومنصف.
هذا الإعلان المختصر، موقع من طرف 162 جامعي هولندي يشتغلون على مواضيع مرتبطة بالتنمية، ويهدف إلى تلخيص معرفتنا- بفضل أبحاثنا وكتاباتنا الجماعية- ليكَوِّن استراتيجيات سياسية نقدية وفعالة من أجل التقدم أثناء الأزمة وبعدها.
نقترح خمس مقترحات سياسية جوهرية من أجل هذا النموذج التنموي بعد الكوفيد- 19، والتي يمكن وضعها قيد التنفيذ منذ الآن وترسيخها بعد مرور هذه الأزمة الاستثنائية.
1. الابتعاد عن التنمية المعتمدة على النمو الإجمالي للناتج الداخلي الخام
من أجل التمييز بين القطاعات التي يمكن أن تنمو والتي تحتاج لاستثمارات (القطاعات العمومية المسماة حيوية وقطاعات الطاقات النظيفة والتعليم والصحة.. إلخ) والقطاعات التي يجب وقفها نهائيا بسبب عدم استدامتها أساسا أو أنها تحفز الاستهلاك المستمر والمبالغ فيه (خصوصا البترول والغاز والمناجم والإشهار.. إلخ المرتبطة بالقطاع الخاص).
2. إطار اقتصادي مبني على إعادة التوزيع
يقر دخلا أساسيا عالميا مقيدا في نظام اقتصادي اجتماعي عالمي؛ تضريب تصاعدي مرتفع للعائدات والأرباح والثروات؛ تخفيض وقت العمل وتقاسم الوظائف، وأن يعترف، هذا الإطار الجديد، بالقيمة الجوهرية للعمل في مجال الرعاية والخدمات العمومية الأساسية مثل الصحة والتعليم.
3. تحويل الزراعة إلى زراعة قابلة للتجديد:
مبنية على الحفاظ على التنوع الطبيعي، وعلى إنتاج غدائي مستدام، محلي ونباتي بالأساس، وكذلك شروط اشتغال وأجور منصفة في قطاع الفلاحة.
4. تقليص الاستهلاك والأسفار:
التخلي عن الاستهلاك والسفر الفاخرين لصالح استهلاك وسفر ضروريين، مستدامين وكافيين
5. إلغاء الديون
خاصة بالنسبة للعمال وأرباب المقاولات الصغرى وبلدان الجنوب (إلغاء الديون المقدمة من طرف البلدان الغنية والمؤسسات المالية العالمية).
نحن مقتنعون أن هذه الرؤية السياسية ستقود إلى مجتمعات أكثر استدامة، أكثر مساواة وتنوعا، مبنية على التضامن العالمي، وتستطيع توقع وتدبير الانتكاسات والجوائح القادمة. بالنسبة لنا، السؤال لم يعد: هل علينا البدء بأجرأة هذه الاستراتيجيا؟، بل كيف نقوم ذلك؟
تكريما للمجموعات الأكثر تضررا من هذه الأزمة الاستثنائية بهولندا وخارجها، نستطيع أن نحقق لهم العدالة بأخذنا زمام المبادرة وجعل الأزمة القادمة أقل خطرا وأقل ضررا وذلك بجعل حدوثها مستبعدا.
قبل كل شيء، علينا الاشتغال على رؤى إيجابية لمواجهة إجابات “رأسمالية الكوارث” والتي، ما زالت، تسعى إلى تحقيق أكبر ربح من بؤس الاخرين وتقوية السياسات التي جعلت الكوكب غير مستدام.
رفقة مجموعات أخرى، بهولندا وفي العالم، نعتقد أنه آن الأوان لتبني رؤية إيجابية وملموسة من أجل المستقبل. ندعو السياسيين وأصحاب القرار وعامة الناس إلى البدء في التنظيم من أجل أجرأة هذه المقترحات في أقرب وقت.
21 أبريل 2020
ترجمة فريق الترجمة بجريدة المناضل-ة الموقوفة


(Article publié sur le site Climate&Capitalism, le 20 avril 2020 traduction rédaction A l’Encontre) https://alencontre.org

شارك المقالة

اقرأ أيضا