ناقوس الخطر  يدق بصدد  ظروف العمل بالمجمع الشريف للفوسفاط

النادي العمالي للتوعية والتضامن

8 نوفمبر 2021

يوم 5 نوفمبر 2021  شب حريق بمنشآت في المركب الكيماوي للمجمع الشريف للفوسفاط بأسفي،  اثر انفجار في المرجل المركزي، وأصاب ذلك عاملين بحروق بليغة.

رغم ضعف الاعلام العمالي، ورغم التعتيم الذي تمارسه الجهة المسؤولة عن الحوادث، لا يكف واقع ظروف العمل  لدى المجمع الشريف للفوسفاط يلفت الأنظار، ويكفي التذكير ببعض مما يمكن لأي ملاحظ أن يطلع عليه:

  • يوم 26 أكتوبر 2021  تسرب غاز أمونياك في وحدة لإنتاج الأسمدة  بالجرف الأصفر على إثر انفجار، خلف هذا الحادث سقوط 15 مستخدما بصعوبات في التنفس جراء استنشاقهم غاز أمونياك الخطير، نقلوا على إثره إلى الوحدات الاستشفائية بمدينة الجديدة.
  • يوم الجمعة 24 شتنبر 2021، توفي فهد عريض [تقني من واد زم]، في حادثة شغل بالجرف الأصفر، حيث ابتلعه أنبوب هوائي داخل وحدة الإنتاج Circuit de la concentration.
  • يوم 25 يوليوز 2021 مات عامل آخر بالمستشفى بعد اختناقه على محرك ناقلة للفوسفاط، بمنشأة لمرح لحرش، إقليم خريبكة. كان  المتوفى يبلغ من العمر 37، متزوجا وأب طفلين.
  • يوم 27 مارس 2021 توفي وفاة عامل (46 سنة متزوج وأب لثلاثة بنات) لدى شركة مناولة في مجمع الفوسفاط، في طريقه إلى المستشفى، وذلك إثر  نشوب حريق في وحدة كهربائية في ماروك فسفور 1 بالمركب الكيماوي لمجمع الفوسفاط.
  • يوم 20 فبراير 2021، نشب حريق في جزء من الناقل المطاطي لمادة الكبريت ما بين ميناء الجرف الأصفر و المصانع التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط.
  • يوم 3 سبتمبر 2019 ، شب حريق في تجهيزات في طور الاعداد في ماروك فوسفور2 بمركب مجمع الفوسفاط بأسفي.
  • يوم 2 أبريل 2014 ، ذاب جسم العامل الشاب فؤاد جلواجة (25سنة )بمركب الفوسفاط في أسفي بسقوطه في حوض بالأسيد  بسبب انهيار حاجز واق لم تتم صيانته منذ مدة طويلة.
  • يوم 25 نونبر 2014، توفي أحمد الزمريوي، كان يشتغل لدى شركة المناولة VECTRA، وذلك بعد أن سقط داخل خزان الفوسفاط بمعمل التنشيف باليوسفية، أثناء عملية كنس قنوات شحن المنتوج. 41 سنة وأب لثلاثة أطفال، ومتحدر من دوار القاضي  باولاد ميمون باليوسفية.
  • في سبتمبر 2014 مات المهندس الأمريكي  “دونيس ليي” خمسون سنة، في حادث شغل بمنجم للفوسفاط ببوكراع حيث بترت ساقه آلة  حفر عملاقة  Dragline،
  • يوم 14 يونيو 2014 وفاة عامل في الفوسفاط  بشركة مناولة بالجرف الأصفر  في طريقه الى مستشفى الجديدة، وجرح تسعة حالة أحدهم خطيرة بعدما فقد ذراعه،

ليس هذا غير غيض وصلت أصداؤه عبر انترنت، ولا شك أن ثمة آلاف أجراء مجمع الفوسفاط ممن يعانون في صمت من تبعات حوادث الشغل و الأمراض المهنية.

أما الأمراض المهنية في مواقع الانتاج  والنقل والادارة بالمجمع الشريف للفوسفاط، فلا خبر رغم عوامل الخطر الكثيرة والجلية بفعل طبيعة الاشغال وحجمها، وتعدد وتنوع المواد الكيماوية في الوحدات الصناعية. وفضلا عن هذا ثمة مادة الكادميوم بالغة الخطورة والتي يحيط بها تعتيم وتضليل ممنهجان.

الكادميوم Cadmium  معدن ثقيل يتراكم داخل الجسم، مسبب للسرطان، وأمراض القلب والشرايين، ومشع، وقد يسبب اضطراب الغدد الصماء. أكثر الاعضاء تضررا به الكلي و العظام،…وقد اثار ضجيجا في الاعلام الاجنبي في السنوات الاخيرة نظرا إلى أن الاتحاد الأوربي متخوف من نسبة الكادميوم المرتفعة في الفوسفاط المستورد من المغرب. لكن لا حديث عن خطره على صحة شغيلة المجمع الشريف للفوسفاط وسكان مناطق استخراجه.

وقد جاء ذكر الكادميوم في جداول الأمراض المهنية   [الجريدة الرسمية عدد 6303] في جدولين:

  • رقم 1.1.41 الامراض المهنية الناتجة عن الكادميوم ومركباته
  • رقم 1.1.14 مكرر عن السرطان الناتج عن استنشاق غبار او أدخنة محتوية على الكادميوم

لكن ليس في هذا الذكر اي إشارة إلى الكادميوم المتضمن  في الفوسفاط.

إن انعدام اي توضيح يخص الكادميوم، سواء بالتنبيه إلى الخطر أو الطمأنة من انعدامه، فيما الامر يهم عشرات آلاف الأجراء ومآت آلاف السكان، يزيد الشك والارتياب، لا سيما أن اعتبارات الربح هي الغالبة في هذا النظام الاقتصادي- الاجتماعي الهمجي الذي نعيش فيه.

إن ما يجري بمجمع الفوسفاط، من حوادث شغل متواترة وتعتيم على الأمراض المهنية، يدق ناقوس الخطر، ويتطلب مضاعفة الجهود وتوحيدها من أجل وقاية الشغيلة، وكذا سكان مناطق استخراج الفوسفاط وتصنيعه، وتعويض المتضررين، وفق منطق عمالي بيئي.

  • أول الواجبات القيام برصد دقيق لكافة المخاطر المهنية بالمجمع الشريف للفوسفاط، من الاستخراج حتى التصنيع والتصدير. ما يعني انجاز  تقرير  علمي شامل عن كافة المخاطر المهنية والبيئية في جميع منشآت المجمع، تشارك فيه المنظمات العمالية، بالاستعانة بخبراء نقابيين مغاربة ودوليين، وجمعيات سكان مناطق الاستخراج والتصنيع. على أن يكون لمسالة الكادميوم مكانتها كاملة في هذا التقرير. مع اسهام جميع الاجراء بالمعلومات عن المخاطر المعاينة بأماكن العمل، ضمن حملة تحذير اعلامية شاملة.
  • توضع في ضوئه هذا التقرير  خطة اجمالية للوقاية من حوادث الشغل و الأمراض المهنية والأخطار البيئية.
  • ثاني الواجبات: التحسيس بالأخطار، والتعبئة والتنظيم من أجل الوقاية وتعويض المتضررين. والصياغة الجماعية للمطالب التي نرى في النادي العمالي للتوعية و التضامن أن يتقدمها ما يلي:
  • 1- التزام الدولة المغربية بتطبيق الاتفاقية الدولية الخاصة بالصحة والسلامة في المناجم التي صادقت عليها دولة المغرب (الاتفاقية رقم 176) وصدرت بالجريدة الرسمية في 19 فبراير 2015.فمادتها الثالثة تنص على وجوب ان تضع الدولة، وتراجع دوريا، وتطبق سياسة متسقة للصحة والسلامة في المناجم، وتحدد بوجه خاص تدابير تنفيذ الاتفاقية.
  • 2- خفض ساعات العمل بالمناجم، استخراجا وتصنيعا، لأنه شاق ومرهق يرفع احتمال الاصابة بالحوادث..
  • 3- التطبيق السليم لقرار وزير التشغيل93.08 (6 نوفمبر 2008) الخاص بتدابير تطبيق مواد المدونة الشغل 281 إلى 291 الخاصة بحفظ صحة الاجراء وسلامتهم.

هذا القرار  يتناول تفاصيل اعداد اماكن العمل، والنظافة، تصريف المياه المستعملة، مستودعات الملابس والرشاشات و المراحيض، تهوية ، تدفئة، الاضاءة، الوقاية من الضجيج، امكان الوجبات الغذائية، اماكن الايواء ، الوقاية من الحرائق، ، الوقاية من حوادث الشغل [الجريدة الرسمية 5680].

-4- الغاء اسناد اشغال المجمع الشريف للفوسفاط لمقاولات من باطن (المناولة)،وترسيم جميع عمالها، إذ المعروف عالميا  ان المناولة طريقة للتهرب من المسؤولية في المخاطر المهنية، وأن المقاولات من باطن تفرط الاستغلال في ظروف انعدام السلامة المهنية.

-5- تحيين جداول الأمراض المهنية [جريدة رسمية 6306] لتلائم التطورات الحاصلة في عالم الشغل، سواء على صعيد التكنولوجيا أن تنظيم العمل.

-6- منح صلاحيات فعلية فعالة للجان السلامة وحفظ الصحة، وللمصالح الطبية للشغل، واستقلالهما عن رب العمل. وزيادة عدد مندوبي السلامة في قانون المنجمي [ظهير 24 ديسمبر 1960]، ونشر تقاريرهم السنوية  المرفوعة كل  سنة في شهر يناير إلى المصلحة الاقليمية للمناجم بصدد التدابير الواجب اتخاذها فيما يخص السلامة.

-7- التطبيق الدقيق لمرسوم 18 يناير 2019  المحدد لكيفيات ممارسة مفتش الشغل  مراقبة تطبيق قانون التعويض عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية  [جريدة رسمية 6745] وتقوية جهاز تفتيش الشغل، بصلاحيات معززة، وبالعدد الكافي من العاملين وبالميزانية الكافية. وكذلك فيما يخص مفتشي الضمان الاجتماعي ومراقبيه.

-8- اسناد التعويض عن حوادث الشغل و امراضه للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،  ربحا لوقت التقاضي وتفاديا لتكاليف أتعاب المحامين.

-9- تجهيز مستشفيات مناطق استخراج الفوسفاط وتصنيعه باللازم من معدات و أطر للتكفل بالحالات الحرجة، بدلا من نقل المرضى إلى مدن بعيدة.

ختاما، يتعين جعل مسألة الاخطار المهنية مجال تعاون داخل الصف العمالي والشعبي، وذلك بإحداث هيئة وطنية للتعاون بين الهيئات العمالية والحقوقية وجمعيات السكان للتنبيه إلى المخاطر المهنية والبيئية و سبل الوقاية وضمان تعويض المتضررين، فالنقص الحاصل في هذا المضمار مهول. و بهذا الصدد يمد النادي العمالي للتوعية والتضامن يد التعاون إلى كل  جهة عازمة عليه.

جبهة الكفاح من أجل ظروف عمل وبيئة آمنين، لا يقل أهمية عن النضال من اجل الخبز والحرية.

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا