مقابلة مع الرفيق أحمد الدرقاوي حول الاحتجاجات والاضرابات التي يشهدها قطاع التعليم

أخبار عمالية21 نوفمبر، 2023

بغية استجلاء الحركة النضالية الجارية في قطاع التعليم من داخلها، بمنظور كفاحي وديمقراطي، استجوبت جريدة المناضل-ة الرفيق أحمد الدرقاوي، عضو الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي بمدينة طنجة.

عسى ان يكون هذا حافزا لمزيد من التناول النضالي للحراك الجاري في التعليم ولحالة الساحة النقابية عامة. وموعدنا مع مقابلات مع مناضلين/ات آخرين، من هيئات نضال أخرى، عما قريب.

 

  • ما حجم المشاركة في الإضرابات وأشكال الاحتجاج الجارية في قطاع التعليم منذ مطلع شهر أكتوبر؟ وما وزن النساء فيها؟

 

تعرف الإضرابات في قطاع التعليم منذ الخامس من أكتوبر 2023 مشاركة واسعة وتصاعدية، شملت كل مكونات الشغيلة التعليمية من المرسمين- ات ومن المفروض عليهم- هن التعاقد، كما عرفت مشاركة غير مسبوقة للنساء (يشكلن حوالي نصف عدد المشتغلين بالقطاع)، كما شهدت الأشكال الاحتجاجية في المؤسسات التعليمية نجاحا كبيرا، بينما عرفت المسيرات والوقفات الإقليمية والجهوية والوطنية نجاحا ومشاركة فاقت كل التوقعات. نسبة نجاح الإضراب تصل لمئة بالمئة في العديد من المؤسسات. غير أن الدينامية لم تشمل بعدُ كل شغيلة قطاع التعليم، مثل الهيئة التربوية وعمال- ات الحراسة والنظافة والإطعام والإيواء ومربيات التعليم الأولي. ومن المهم أن تنخرط هذه المكونات  في المعركة الجارية من أجل إنجاح المعركة وانتزاع مكاسب للجميع.

 

  • ما الخصائص الفريدة المميزة لهذه النضالات قياسا بالمعتاد في إضرابات قطاع التعليم؟

 

تميزت هذه الاندفاعة النضالية بعدة عناصر تجمعت لتجعل منها معركة غير مسبوقة في حجمها ومطالبها ومدتها وأشكال تنظيمها، أولا؛ من حيث المطالب يحتل اسقاط النظام الأساسي الجديد والرفع من الأجور الصدارة مع عدم إغفال تلبية باقي المطالب الخاصة بكل فئة. ثانيا، النفس الوحدوي في القاعدة والسعي لتجاوز الخلافات وسوء الفهم رغم صعوبة الأمر أحيانا. ثانيا؛ التنسيق في القاعدة وفي الجموع العامة وفي حلقات النقاش المباشرة في المؤسسات وغير المباشرة في المجموعات الالكترونية، مع تبادل كثيف للتجارب والمعطيات، رغم ما يخترقها من تأثيرات دعاية الإعلام البرجوازي. ثالثا؛ الحضور المكثف والتصاعدي في المحطات النضالية المتنوعة مكانا وزمانا والحماس في تنفيذها والتعاون على إنجاحها. رابعا؛ في بعض المؤسسات جرى التداول في إحداث صندوق للتضامن لمواجهة الاقتطاعات بالنسبة لمن هم- هن في وضع مادي هش. خامسا؛ أعداد ليست بالقليلة لم يسبق لها أن شاركت في الإضراب ولا في المسيرات، تشارك بحماس وإصرار. سادسا؛ في المؤسسات التي تعرف جموعا عامة ونقاشات هناك تعطش للفهم والنقاش حول مختلف القضايا وخاصة في الثانويات التأهيلية. سابعا؛ هناك تقدم نسبي في الوعي بخطورة الوضع ومن يتسبب فيه إبان هذه المعركة.

 

  • ما تفسير انبثاق هذه الدينامية في هذه الظرفية بالذات؟ وما مطلبها المحرك؟

 

جاءت المعركة الحالية في قطاع التعليم العمومي، بعد دينامية احتجاجية افتتحتها معركة الأساتذة- ات المتدربين- ات فوج 2015 وتصاعدت مع فرض العمل بعقود مع الأكاديميات كخطوة متقدمة على طريق تفكيك الوظيفة العمومية بقطاع التعليم، وكذا في سياق سعي الدولة لفرض الأداء مقابل الحصول على التعليم بالمؤسسات التعليمية التابعة لها.

تميزت معركة فوج 2015 بانغراسها في مراكز التكوين وبسيادة الجموع العامة وكفاحية الأشكال النضالية من الوقفات والمسيرات والإضرابات، والتي كللت بالنجاح، بينما تميزت معركة المفروض عليهم- هن التعاقد عموما بحجمها الكبير وبجموعها العامة وبقيادتها المنتخبة والقابلة للعزل، وبسرعة تعبئتها، مقارنة بالسائد حتى ذلك الوقت داخل أغلب الجسم النقابي. كما تميزت بكفاحية أشكالها النضالية التي جمعت بين الوقفات والمسيرات الإقليمية والجهوية والوطنية في مختلف مناطق البلاد وبالإضرابات الممتدة، وهي أشكال نضال حفزت التضامن والنقاش وسط الشغيلة التعليمية المرسمة، وأرجعت ملف التعليم للواجهة. لكن لم يرق هذا التضامن وهذا النقاش لمستوى فهم واستيعاب خطورة ما يستهدف الشغيلة التعليمية في مجملها. وهي احتجاجات عدلت نسبيا من ميزان القوى ومن شروط الاستغلال لصالح شغيلة التعاقد.

هكذا بعد هزيمة معركة مقاطعة تسليم النقط ومسكها بمنظومة مسار مطلع سنة 2022 جاء منعطف تمرير النظام الأساسي الذي يضع الشغيلة التعليمية بمجملها خارج النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية بمباركة أغلبية القيادات النقابية، مع مستهل الموسم الدراسي الحالي، بمثابة الصفعة التي أيقظت الجسم الواهم من الشغيلة الذي كان ينتظر مكاسب مادية تجعله يواجه تدهور الوضع المعيشي. كما أن للتضخم وانهيار القدرة الشرائية للشغيلة التعليمية دور في حفز هذه الاندفاعة النضالية.

 

  • كيف تعاملت الأجهزة النقابية، لا سيما مع انتشار سخط عارم عليها بين الشغيلة؟

 

في وسط الشغيلة يمكن التمييز بين عدة شرائح حسب احتكاكها بالوسط النقابي، هناك المنتمون- ات للنقابة وينفذون قراراتها ويواكبون حياتها الداخلية ومواقفها، وهم- هن أقلية. وهناك شريحة مهمة تنتمي للنقابة وعلاقتها متذبذبة حسب الظروف، وهناك شريحة لا تهتم بالانخراط في النقابة وليس لها موقف عدائي منها، وهناك شريحة أخرى لها موقف عدائي من أي نقابة وهي أقلية عموما. بينما تشكلت في السنوات الأخيرة فئة أخرى ناتجة عن فرض التعاقد تناضل في إطار تنسيقية المفروض عليهم- هن التعاقد وهذه الشريحة لها موقف عموما سلبي من النقابة رغم وجود من يجمع بين الانتماء لها وللنقابة في نفس الوقت.

السخط بدأ يتجمع باتجاه الرباعي الذي وقع على اتفاق 14 يناير 2023 ووافق على النظام الأساسي الجديد في محاوره الجوهرية، ويتعلق الأمر بالنقابة الوطنية للتعليم-فدش والنقابة الوطنية للتعليم -كدش والجامعة الحرة للتعليم والجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، بينما حظي موقف عدم التوقيع على ذلك الاتفاق وعدم المساهمة في إخراج النظام الأساسي بتقدير من طرف فئات مهمة من الشغيلة المطلعة ويتعلق الأمر بموقف الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي، رغم أنها ساهمت طيلة عام في عملية صياغته في إطار اللجنة التقنية، وما أثار ضدها استياء جزء من الشغيلة المنظم في إطار التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم. كما أن تنسيقية المفروض عليهم- هن التعاقد تحظى باحترام في جزء مهم من من المفروض عليهم-هن التعاقد.

غير أن الصورة مخترقة بأمور تفصيلية مرتبطة بوجود فروع ومناضلين- ات في قواعد النقابات، يرفضون سياسة القيادة النقابية المركزية.

سعت قيادة الجامعة الوطنية للتعليم لتشكيل تنسيق وطني، وكانت من الداعين لإضراب ومسيرة 5 أكتوبر 2023 بالرباط، في سياق الغضب الذي فجره موقف الرباعي المساند لسياسة الدولة فعلا والمعارض لها قولا.

عند فئات عريضة من الشغيلة هناك مطابقة بين النقابة والبيروقراطية التي تسيرها، مما أدى لهجوم عنيف لكن مفهوم على كل ما له علاقة بالنقابة، لكن هناك تعامل رفاقي مع النقابيين- ات المعروفين- ات بنضاليتهم- هن من طرف الشغيلة في الفروع، وخاصة الذين شاركوا في النضالات، بدأ العداء للنقابات يأخذ حجمه وبزغت نقاشات موضوعية تعترف بكون جزء من الحالة النقابية هو نتاج  سلبية الشغيلة.

طبعا يظل هناك من يروج خطاب مناهض للنقابة بما هي أداة نضال وصراع طبقي مع البورجوازية، بخلفية إيديولوجية تقبل بالمجتمع الطبقي وقوانينه.

الأجهزة النقابية للرباعي فاجأها الاندفاع النضالي وأوقعها في ورطة وجعل النقابة ككل في مواجهة عملية مع الشغيلة الرافضة للنظام الأساسي الجديد ومجمل مخرجات الحوار. لكي تقوم النقابة بانعطافة ذات مصداقية نحو الانخراط في الدينامية النضالية الحالية، كما تحاول النقابة الوطنية للتعليم – كدش أن تفعل، لابد من استقالة القيادة المسؤولة عن تدبير الحوار والأهم هو القطع مع سياسة الشراكة والتعاون مع دولة البورجوازية الساعية لتمرير سياستها المعادية للشغيلة. أما المناورة، وتضليل القواعد والسير على نفس المنوال السابق فلن تزيد أغلبية القواعد إلا حنقا عليها.

 

  • ما هي في خضم إبداعات الجماهير التعليمية السلبيات التي تنال من كفاحية الدينامية النضالية وديمقراطيتها؟

 

الحركة النقابية المغربية عموما ليست لها منظورات طبقية، خبرات النضالات السابقة غير مدونة ومتوفرة بما يكفي وليس هناك حياة داخلية غنية للنقابات. وبالتالي، الأجيال الجديدة التي تلتحق بالنضال تكون استفادتها من خبرات انتصارات الماضي وهزائمه ضعيفة، مثلا التنسيق على المستوى الوطني بين مكونات معينة لا يرافقه تنسيق على مستوى أماكن العمل بين القواعد، هذا ما يصعب العمل ويأخره، عدم وجود فهم موحد لسياسات الطبقة الحاكمة ومنظور لمواجهتها ولو في الحدود الدنيا يجعل طغيان نقاشات فئوية وسطحية أمرا منتشرا بشدة، لكن النقاش والتوضيح يساعد على تجاوز هذه الوضعية ولكن الأمر يتطلب وقتا وهو ما ينقص زمن النضال.

عدم الاستفادة من تجارب سابقة قد يدفع البعض للتصعيد دون أن تكون الأغلبية راغبة في ذلك وفي أحيان أخرى قد يتحول البعض لكابح النضالات. الهجوم على النقابات دون تمييز بينها ودون التمييز بين قواعدها قيادتها، قد يخلق جوا سلبيا في المعارك، يصعب من التعاون بين نقابيين- ات متمرسين- ات وكفاحيين- ات وشغيلة مندفعين –ات للنضال. من سلبيات الاندفاعة قد تكون عدم التحلي بالمرونة التكتيكية اللازمة لمواجهة مناورات الدولة.

 

  • كيف تتجسد علاقة دينامية شغيلة التعليم مع أسر التلاميذ؟

 

تقع المدرسة في قلب المجتمع وتتقاطع فيها رهانات متنوعة مادية وإيديولوجية وهي تعكس تناقضات المجتمع الطبقي. ملايين الأسر وضِعفها من التلاميذ تتأثر بشكل مباشر بما يجري في المدرسة وبالسياسة التعليمية في كافة أبعادها، كما تضم المدرسة ألوفا من الشغيلة التعليمية تعاني من الاستغلال باعتبارها جزء من طبقة الأجراء. تتقاطع مصالح الشغيلة التعليمية والتلاميذ والأسر وتتكامل موضوعيا. تناضل شغيلة التعليم من أجل الاستقرار في العمل (ضد التعاقد والهشاشة) ومن أجل أجور تضمن شروط عيش كريمة ومن أجل توفير ظروف عمل لائقة ومن أجل تخفيف الاستغلال (خفض ساعات العمل والاكتظاظ في الأقسام). تتطلع الأسر لتعليم عمومي جيد ومجاني (ممول بشكل تضامني من ميزانية الدولة) ويتطلع التلاميذ- ات للحصول على تعليم يمكنهم – هن من تفتح مواهبهم- ات المتنوعة والفكاك من واقع التخلف والبؤس الذي يلف الأغلبية. بينما تسعى الدولة البورجوازية للتقشف في التعليم وتحويل الموارد منه للرأسماليين من خلال خفض الأجور فعليا وتكثيف وتيرة الاستغلال ورفع ساعات العمل وإضافة مهام جديدة للمدرسات والمدرسين وتفكيك الوظيفة العمومية وفرض الأداء على الأسر مقابل تعليم أبنائها. زد على ذلك أغلب الأسر هي أسر أجراء وصغار منتجين- ات وبالتالي موضوعيا مطالبهم- هن هي مطالب الشغيلة، رغم محاولة أبواق الدولة البورجوازية إقامة تعارض بين المدرسين والمدرسات من جهة والأسر من جهة أخرى. ينقص عمل منهجي نقابي لإعطاء منظور طبقي للمدرسة وأدوارها.

 

  • ما السبل الكفيلة بتوحيد، من تحت، الدينامية الجديدة؟

 

الدولة البورجوازية تتدخل بشكل موحد بناء على مصالح وأهداف تم تحديدها مسبقا ووفق خطة محكمة ولكنها مرنة لتنزيل ما تريد في قطاع التعليم خصوصا وفي الوظيفة العمومية عموما. تعمل الدولة البورجوازية على تقسيم ضحايا سياستها من خلال تدخلها الأيديولوجي عبر أحزابها ومثقفيها ومن خلال استعمال القمع المباشر والحرب على العمل النقابي الكفاحي. هذا ما يعيق تنظيم الشغيلة بمختلف مكوناتها بمنظور طبقي، ويحد من نموه. غير أن الاستغلال والقمع يولد انفجارات؛ أحيانا تكون ظاهريا مفاجئة ولكنها نتاج تراكمات كمية متنوعة وتفاعل مع تدخلات واعية لألوف من المناضلين والمناضلات. في الأيام العادية تكون أقلية منتمية لمنظمة نضال. عند الانفجار والمشاركة الواسعة في النضال تُطرح مسألة التنظيم واتخاذ القرار وتدقيق المطالب وأشكال النضال دفعة واحدة. في هكذا ظروف تظهر تعقيدات لا تكون في الأيام العادية وهذا هو الحاصل في نضالات شغيلة التعليم اليوم.

كل معركة نضالية لا بد لها من مطالب توحدها وتنظيم يقودها وأشكال نضال لتحقيقها، وهذه العناصر الثلاث تتفاعل فيما بينها. يتمحور النضال الحالي بالقطاع حول سحب النظام الأساسي وأن يكون أي نظام في إطار النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ويشمل الجميع وكذا رفع الأجور، طبعا مع أمور أخرى تفصيلية، كل قيادة نضال يجب أن تكون منبثقة من القاعدة وتحظى بالمصداقية وقابلة للعزل من طرف من انتخبها. في زمن الإضراب تشمل القاعدة المشاركين والمشاركات في الإضراب، وأداتهم- هن في أماكن العمل هي لجنة الإضراب المنتخبة من طرف الجمع العام وبهذه الطريقة نصعد من المؤسسة للإقليم إلى المستوى الوطني. هذا الأمر منجز جزئيا في العديد من المؤسسات والأقاليم (تنسيقية الثانوي التأهيلي والتنسيقية الموحدة) بينما التنسيق الوطني لقطاع التعليم يظل لحد الساعة تنسيقا بين أجهزة القيادات المكونة له. وسيكون مهما تفعيله على مستوى كل مؤسسة متى أمكن فيها ذلك، حتى يقع الاندماج والتوحد في الجموع العامة للشغيلة.

هذه الجموع العامة رغم ما يمكن أن يشوبها من نواقص تظل أفضل ألف مرة من التكلس الذي كرسته جل البيروقراطيات النقابية التي انفصلت عن القواعد وأصبحت تنظر لها باحتقار.

 

  • كيف ستكون تأثيراتها على العمل النقابي بنظركم؟

 

تلقى خط الشراكة النقابية مع الدولة البورجوازية في قطاع التعليم ضربات متتالية من طرف القواعد كانت أكبرها من طرف المفروض عليهم- هن التعاقد، وجاءت ضربة تمرير النظام الأساسي والطريقة التي تصرفت بها قيادة الرباعي الموقعة على اتفاق 14 يناير 2023، لتسدد لهذا الخط ضربة نوعية وهذه المرة من مجمل الشغيلة منتمون للنقابات أو غير منتمين. هناك سحب للثقة من خلال بداية تبلور شعار من يناضل يحاور وبأن النقابات الموافقة على جوهر ما جاء في النظام الأساسي أصبحت لا تمثل الشغيلة المضربة. هذا الأمر فسح المجال للمطالبة في النقاشات بضرورة نقابة جامعة للشغيلة، وهو نقاش قد يجد له تفسيرا في كون الأجيال التي جاءت بعد فرض التعاقد في القطاع تناضل في إطار تنسيقية خاصة لا ينقصها شيء للتحول لنقابة. بينما جزء كبير من الشغيلة جرب النضال في إطار تنسيقيات ووقف على محدودية نتائجه.

أيا كانت مخارج هذه المعركة من المرجح أن لا تشبه أدوات نضال المرحلة السابقة المرحلة اللاحقة لما يعرفه القطاع من نضالات حالية، ومن المرجح أن تلعب الأجيال المتمرسة في النضال ضد التعاقد وتفكيك الوظيفة العمومية بقطاع التعليم دورا محوريا في ذلك. يتعلق الأمر بالأفواج الملتحقة بالعمل منذ 2015، وتنظيميا يمكن أن تكون تنسيقية المفروض عليهم والجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي وفروع نقابية عدة قاعدة لسيرورة قد تفضي لشكل تنظيمي أكثر انغراسا ومصداقية وتمثيلية ، شريطة القطع مع الأساليب السابقة والعمل النشط على تقعيد التنسيق الوطني في الفروع وفي المؤسسات التعليمية لخلق جسور بين كل الغاضبين من الوضع الحالي في القطاع وجعل قواعد التنسيق تتوحد حول ملف مطلبي شامل، مناهض لتفكيك الوظيفة العمومية و التعليم العمومي، ويكون حصيلة نقاش ديمقراطي ويتمفصل مع تشكيل قيادة موحدة منتخبة من القواعد على قاعدة كل منخرط له صوت. كما قد تضطر النقابة الوطنية للتعليم- كدش لتجديد قيادتها وخطها تحت ضغط قواعدها والنضالات الحالية. بينما باقي المكونات النقابية قد تتلاشى أو تصبح أكثر اندماجا بدواليب الدولة.

تأثير آخر ممكن على الوضع النقابي العام، باعتبار التفقير الذي تتعرض له الشغيلة بشكل عام ، وباعتبار الشغيلة التعليمية جزء من الشغيلة، يمكن لنضالها أن يحفز نضالات قطاعات أخرى كما يمكن أن يحفز نضال شعبي جراء انهيار القدرة الشرائية لشرائح متزايدة من الشعب. في مقابل ازدياد تركز الثروات في يد أقلية بورجوازية متعاونة مع الرأسمال العالمي والمؤسسات المالية الدولية. كما سيتكشف دور قيادات المركزيات النقابية المساند للدولة البورجوازية والمتواطئ مع أرباب العمل وهم يتفرجون على معركة قطاع التعليم دون أن يتجندوا لدعمها بالعمل على توسيع النضال في أفق الإضراب العام دفاعا عن الحق في العيش ومن أجل رفع الأجور ومواجهة البطالة وتكثيف الاستغلال.

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا