تدبير قطاع النظافة بكلميم صفقة جديدة.. شركة جديدة.. ويستمر الاستغلال  

وقعت بلدية كلميم صفقة جديدة لتدبير قطاع النفايات مع شركة “أوزون للبيئة والخدمات”، بعد عام من تسييرها للقطاع إثر فسخ عقد التدبير مع الشركة السابقة (سوتراديما- باب الصحراء للبيئة).

تم تقديم الشركة بشكل دعائي على أنها حل لمشاكل تدبير قطاع النظافة بالمدينة، وتم إنزال الآليات الجديدة وتم تزويد العمال ببدلات عمل جديدة، بألوان “تسر الناظرين”، وكل ذلك لكسب الرأي العام وفي نفس الوقت لتسكين قطاع عرف عماله بكفاحية ونضالية استمرت أكثر من 5 سنوات.

مطالب موروثة

خاض عمال النظافة مجموعة من الوقفات الاحتجاجية أمام مقر بلدية كلميم، من أجل مطالب موروثة عن فترة الصفقة السابقة وفترة تسيير المجلس البلدي للقطاع، ويرفض المجلس الاستجابة لها لحد الآن؛ أداء مستحقات العمال عن شهري يونيو 2014 وماي 2015، تسوية العطل السنوية للعمال عن سنتي 2014 و2015، التصريح بأجور العمال لدى صندوق الضمان الاجتماعي من تاريخ 01 /07 /2014إلى غاية30 /05 /2015.

صفقة جديدة.. ويستمر الاستغلال

يشتغل لدى شركة “أوزون” أكثر من 150 عاملا رغم أن دفتر التحملات ينص على 177 عاملا، ورغم ادعاءات الشركة باحترام حقوق العمال، إلا أن الواقع ينطق بعكس ذلك، فالعمال النقابيون المطرودون من قبل الشركة القديمة لا زالوا محرومين من حق العمل وترفض الشركة إرجاعهم، بعد أن أسقطت البلدية أسماءهم من اللائحة المقدمة للصفقة الجديدة.

لكن هذا ليس ذنب المجلس البلدي لوحده، فشركة “أوزون” الحريصة على استمرار تدفق الأرباح، لن تقبل ان تشغل عمالا نقابيين، وهي الحريصة على المستوى الوطني على محاربة العمل النقابي بما في ذلك استعمال أساليب البلطجة.

يا عمال نظافة كلميم.. احذروا، فليس في الشركات أرحم

لا شيء يضمن أن تختلف شركة أوزون عن سابقتها في مضمار الاستغلال الشديد للعمال واحتقارهم والتضييق على حقوقهم النقابية، وهو ما ظهرت بوادره المبكرة في رفض مدير الشركة بالمدينة التوقيع على محضر لقاء مشترك يوم 26 يونيو 2015بينه وبين المكتب النقابي (كدش)، وتضمن مجموعة من الالتزامات (حقوق العمال الاجتماعية)، وهو ما جعل بيان نقابة مستخدمي وعمال النظافة يتضمن نقطة مطالبة “إدارة الشركة باحترام قانون مدونة الشغل”. (بيان 09 غشت 2015).

خرق قانون الشغل.. هو قانون البرجوازية

إن الذي يدفع البرجوازية للرضوخ هو نضال العمال وإضراباتهم، وليس قانون ما بعينه، فالقانون الوحيد الذي يعترف به الرأسماليون هو قانون الربح واعتصاره من العمال.

ترفض الشركة لحدود الآن تمتيع العمال بما يتضمنه قانون الشغل، من تسليمهم بطاقة الأداء والبطاقة المهنية، كما أسقطت- على غرار ما قامت به في المدن الأخرى- منحة العيد (عيد الفطر).

العمال بين الإضراب وخدعة الحوار

قرر العمال شن إضراب يوم عيد الفطر، لكن تدخل الباشا ووعده باستئناف الحوار وتلبية المطالب بعد مرور أسبوع، جعل العمال يعلقون تنفيذ خطوتهم النضالية، فانطلت عليهم الخدعة “من جديد”، ومر يوم العيد بدون إضراب، لكن لا حوار استأنف ولا مطالب لبيت.

استمر العمال ونقابتهم في خوض وقفات احتجاجية مساء أمام مقر البلدية، لمطالبة المجلس البلدي بتلبية المطالب المعلقة منذ فترة تسيير للقطاع. لكن الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتحقيق المطالب، وهي الإضراب، معلقة بدعوى عمل النقابة “مع إدارة الشركة سويا لتجاوز الإكراهات التي تعترض السير العادي للعمل”، كما ورد في محضر اللقاء المشترك 06 يونيو 2015.

عمل مضاعف.. أجر مضاعف

 يعمل عمال قطاع النظافة دون الحاجة إلى مراقب يضغط عليهم، فضميهم المهني هو الذي يدفعهم للقيام بذلك، لكن ذلك لا يعني قبولهم لأوضاع الذل والمهانة والخضوع.

إن أي عمل يجب أن يقابله ما يعادله من أجر، رغم أن ذلك مستحيل في ظل قانون القيمة. ستخلف فترة الدعاية الانتخابية أكواما هائلة من نفايات الأحزاب في الشوارع والأزقة، وسيتحمل عمال النظافة ساعات عمل إضافية للتمكن من كنس ركام الأوراق. ويجب على الشركة- التي ستستفيد لا محالة من تعويضات بهذه المناسبة- أن تؤدي تعويضا للعمال عن أي عمل إضافي سيؤدونه.

********

شركة “أوزون للبيئة والخدمات”

سجل حافل من استغلال العمال واضطهادهم

بدأت الشركة عام 2007 برأسمال 20 ألف درهم، وصل حاليا 16,4 مليون درهم، وقد بدأت اشتغالها في البداية بتنظيف مقرات الوزارات والمؤسسات العمومية، بعد ذلك فازت بعقود التدبير المفوض في فاس والعيون وبوزنيقة وبنسليمان واحفير.. وبعض أحياء الرباط وسلا وسيدي علال البحرواي والوليدية. أي ما مجموعه 22 عقدة منها 20 في طور التنفيذ. يتراوح عدد العمال الذين تستغلهم الشركة على المستوى الوطني 1400 عامل حسب معطيات سنة 2010.

بدأت شركة “أوزون”- وهي شركة مغربية- تتحكم في تدبير المفوض للنظافة العمومية بعد فشل تجارب عدة لشركات أجنبية. ففي مدينة الرباط “كانت شركة “فيوليا” المفوض لها تدبير النفايات بمقاطعتي حسان ويعقوب المنصور منذ سنة 2008 قد أعلنت انسحابها في يوليوز 2012. وهو ما دفع مجلس مدينة الرباط إلى تحمل مسؤولية التدبير المباشر لمرفق النظافة وجمع النفايات الصلبة ، قبل تولى شركة “أوزون” القطاع شهر فبراير 2013″ (موقع بيان اليوم يوم 04 – 09 – 2013)، وهو نفس السيناريو الذي وقع بمدينة كلميم بعد فسخ العقد مع شركة “سوتراديما”.

حلب للمالية العمومية

تفوز الشركة بعقود خيالية في صفقات التدبير المفوض؛ 9 مليارات و200 مليون سنتيم حسب عقد مدينة فاس، 14 مليون ونصف المليون درهم بمدينة العيون، 7 ملايين و87 ألف درهم مع بلدية الحاجب، وما خفي كان أعظم.

لا تفوز الشركة بثمن الكعكة فقط، بل تنال الكعكة أيضا.. فالشركة تستفيد من الآليات التي كانت مملوكة سابقا للجماعات المحلية، كما من المرافق التابعة لها أيضا كحظائر لآلياتها وبالتالي الاستفادة أيضا من خدمات حراسة وتنظيفها.

دعاية اليوم الأول

الكثير ممن يثقون ببهرجة الإشهار والدعاية السوقية، فتنتهم شركة أوزون عند كل بداية اشتغالها، بألوانها “البيئية” وآلياتها الجديدة، وهو ما دفع أحد المدونين بمدينة الحاجب يعبر عن سرعة سقوط هذه الأوهام؛ “لن أنسى من مخيلتي يوم اكتسحت هذه الشركة مدينة الحاجب بأسطول من الآليات- القادمة للاستعراض- فقلت في نفسي : جميل جدا أن يدبر قطاع النظافة لشركة بنت البلاد تملك كل هذه العدة والعتاد… للأسف، تبخر الحلم برجوع الجزء الأكبر من الآليات وبدأت المشاكل تطفوا فوق الحاويات”.

كان وقع الصفقة الجديدة مع شركة “أوزون” جيدا على نفسية عمال النظافة بكلميم، خاصة مع الدعاية الكبيرة التي قامت بها الشركة، لكن وضع عمال الشركة بمدن المغرب الأخرى تظهر أن هذا مجرد وهم سرعان كما سينقشع.

“أوزون”.. ثقب كبير يمتص الحريات النقابية

لكن ما ليس خافيا، أن أرباح الشركة تتأتى من استغلال العمال وتكثيف هذا الاستغلال مع التفنن في إذلالهم والتضييق على حقوقهم النقابية.

يوم 31 غشت 2013 اعتصم عمال الشركة بالرباط المنضوون في نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، احتجاجا على  تراجع إدارة الشركة عن دفتر التحملات الموروث عن شركة فيوليا.

قامت إدارة الشركة قبل ذلك بطرد أعضاء المكتب النقابي لجماعة بوقنادل، والتنقيل التعسفي لنائب الكاتب المحلي بسلا، إلى آخره من سلسلة التضييقات على العمل النقابي.

ويشرف شركة “أوزون” أن يضاف إلى سجل محاربتها للعمل النقابي استعمال أساليب المافيا، مثل “احتجاز الكاتب المحلي للمكتب النقابي لمستخدمي الشركة السيد باخا إبراهيم بمستودع الشركة بتاريخ 03 يونيو 2014؛ والطرد التعسفي في حق العامل السيد سفيان العبادي. ثم فصل ثلاثة أجراء عن العمل لأسباب نقابية وهم: فؤاد الشضور، الجيلالي وراق وعبد اللطيف الغال؛ ناهيك عن سب وشتم وإهانة السيد إدريس كفاف من طرف مسؤول بالشركة وكذا التنقيل التعسفي للكاتب المحلي ونائبه إلى مستودع قرية الولجة ما يزيد على ثلاثة أشهر بدون مهمة”. (الموقع الالكتروني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب).

الحرمان من الحقوق

تعددت فتوحات شركة “أوزون” المتعلقة بقضم ما كان العمال يتمتعون به من حقوق في ظل الشركات السابقة. سجل بلاغ النقابة “حرمان عمال ومستخدمي الشركة المذكورة من مجموعة من الحقوق المشروعة ومنها عدم صرف مستحقات العمال عن العمل في الأعياد الدينية والوطنية المؤدى عنها وعدم صرف الزيادة المقررة في هذه السنة %5 ابتداء من فاتح يوليوز 2014 وكذا عدم توزيع الأدوات والوسائل الضرورية لحفظ صحة وسلامة العمال. بالإضافة الى عدم رفع منحة عيد الأضحى إلى 2000 درهم إسوة بباقي العمال بجماعتي الرباط وسلا وعدم  احتساب منحة العيد في ورقة الأداء وعدم صرف  المنحة السنوية إسوة بباقي مستخدمي شركة التدبير المفوض بجماعة سلا”. (الموقع الالكتروني للنقابة).

لم تقتصر الاحتجاجت على مدينة الرباط وأحوازها، بل شملت كل المدن التي تغطيها هذه “الشركة المواطنة”، مثل بنسليمان (احتجاج على تأخير أداء الأجور) والسعيدية والعيون.

وفي مدينة العيون تتفنن الشركة في استعباد العمال وتلجأ إلى ابتزازهم واقتطاع جزء من راتبهم مقابل ضمان الاستمرار في العمل، إضافة إلى طول ” ساعات العمل في الايام العادية و الاعياد و العطل في خرق سافر لمقتضيات المادة 205و 217 من مدونة الشغل التي تفرض على المشغل تمتيع الاجير براحة اسبوعية و عدم تشغيله في ايام الاعياد المحدد بنص تنظيمي و بدون تقديم اي تعويض عن الضرر الناتج من ذالك وهذا ما تلزمه المادة219 من المدونة على المشغل، وعدم توفير الشروط الضرورية لصحة و السلامة المنصوص عليه في المادة 281 والمواد من 310 إلى 312 مدونة الشغل في غياب تام لرقابة الاجهز المسؤولة عن الأخطار المهنية”. (“شركة أزون للنظافة بالعيون تبتز العمال”، صحراء بريس، 19  ماي2014).

الموت ولا تأمين

في أبريل 2015 قضى العامل الميكانيكي عبد الله السعدوني بسبب حادثة شغل داخل حظيرة الشركة الكائنة بالولجة، ويعود السبب حسب الكاتب المحلي للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب إلى “ظروف افتَقرت لشروط السلامة”، وهو ما أكدته حسبه الجمعيات الحقوقية التي وفدت على مكان الحادث ورصدت “عدم ارتداء الفقيد لقفازات ولا حذاءا خاصا ولا خوذة حماية، فضلا عن غياب أي أعمدة بين الأرض وحاوية الشاحنة تفاديا لتهشيمه تحتها وهو الأمر الذي وقع بالفعل”. وهو ما نفاه مدير الشركة، الذي أكد أن العامل هو الذي لم يحترم شروط السلامة!!! (هسبريس،  29 أبريل 2015).

الإضراب يجبر الشركة على الخضوع

سبق لعمال الشركة بالربط أن أخضعوا الشركة  إثر إضراب في سبتمبر 2013، وفرضوا على مديرها التوقيع على محضر يلتزم فيه بإرجاع أعضاء المكتب النقابي المطرودين وإلغاء العقوبات التأديبية التي كانت قد اتخذت تعسفا في حق مجموعة من العمال النقابيين، فضلا عن التعهد بتنفيذ المطالب الاجتماعية بما فيها التعويضات الخاصة بالأعياد الوطنية والدينية.

*****

مدير شركة أوزون عزيز البدراوي

أرباح الشركة أفضل من صحة العمال

لا تعني حرية الصحافة شيئا في المجتمع الرأسمالي، ما دام البرجوازيون يمتلكون إمكانية شراء الأبواق الإعلامية، ونفث سمومهم ونشر هجماتهم على الطبقة العاملة ومناضليها النقابيين.

في عز إضراب عمال شركة النظافة بالرباط، قامت إذاعة الكترونية بعقد لقاء مع مدير الشركة عزيز البدراوي، الذي استغل بوقه الإعلامي ليهاجم إضراب العمال وينشر أكاذيب حول النقابة والمناضلين النقابيين. ولم تكلف تلك الإذاعة الالكترونية نفسها عناء التوجه نحو العمال والنقابيين لاستقصاء آرائهم، فليس هناك إعلام محايد ما دام مجتمع الاستغلال الرأسمالي قائما.

وتر “الوطنية”

ركز المدير كثيرا على نقطة وطنية الشركة ومعاناتها لمنافسة الشركات الأجنبية، لكنه لم يقف عند هذا الحد، بل تعداه ليتهم العمال والمناضلين النقابيين بأن إضراباتهم “ممولة من طرف بعض الشركات الأجنبية في إطار المزايدة على الشركة والتشويش على شركتها”.

يلقي المدير التهم هكذا دون أن يكلف نفسه إنارة الرأي العام باسم واحدة من هذه الشركات التي مولت الإضراب، وكم هو المبلغ الذي تم صرفه لتمويل الإضراب؟ وما هي الطريقة التي تم بها تمويله؟ ومن هم أسماء النقابيين الذين تسلموا المبلغ؟

إما أن يقدم المدير إجابات حول هذه الأسئلة وإما أن يبلع لسانها وكيف عن نفث سمومه وأكاذيبه، فليس العمال بحاجة إلى تمويل خارجي كيف يناضلوا، تكفيهم أوضاع الاستغلال اليومي من طرف كل الرأسماليين أمثال البدراوي.

إن هذه الشركات الأجنبية تستثمر في كافة قطاعات الاقتصاد المغربي، وذلك بموجب اتفاقيات عقدت بين دولة المغرب وحكومته، وبين البلدان الأم لهذه الشركات، فهل ذلك يعني أن الدولة تتواطؤ مع الشركات الأجنبية ضد أمثال شركات البدرواي؟

المنافسة وحق الإضراب

بالنسبة للمدير فإن المنافسة الأجنبية التي تلقاها الشركة تفترض من العمال التنازل عن حقهم النقابي وحقهم في الإضراب و”الافتخار بشركتهم الوطنية ومساعدتها في وجه الأجانب”. أي على العمال تحمل كل صنوف الشقاء والاستغلال والاضطهاد في الوقت الذي تحصد في شركة البدرواي ملايين الدراهم في صفقات التبير المفوض لقطاع النظافة.

لا يحتاج العمال إلى أمثال هذا المدير كي يلقنهم دروسا في الوطنية، فعمال النظافة ليس لديهم ما يخسرونه غير قيودهم، بينما أمثال هذا المدير يضخمون حساباتهم في البنوك الأجنبية، في الوقت الذي يؤدي فيها عمال المغرب ثمن رهن اقتصاد المغرب بالسوق الخارجية وأكلاف الديون الخارجية.

حق الإضراب وحرية العمال

“أنا أوؤمن بحق الإضراب كما يكفله الدستور، ولكن أيضا بحرية العمل، إذا أراد العامل أن يتوقف عن العمل فعليه أن يترك من يريد العمل يعمل”. هذا ما قاله المدير العام للشركة، كأنه قد أتى بجديد، واكتشف قناعة تخصه لوحده بين سائر مدراء وأرباب الشركات بالمغرب.

إنه عين ما ينطق به الفصل 288 من القانون الجنائي، الذي يحكم بالسجن على النقابيين والعمال المضربين بمبرر منعهم للعمال غير المضربين من العمل.

إما حق الإضراب وإما حرية العمل، ولا يمكن أن نجمع هاتين العبارتين في سلة واحدة. إن حق الإضراب يقتضي وقف العمل كليا داخل المنشأة الرأسمالية، ونجاح الإضراب يستدعي الإضرار بمصالح مالك الشركة، وإلا فإنه لن يكون وسيلة ضغط بل تلهية وعطلة غير مؤدى عنها، ما دامت الآلات تشتغل وعجلة الإنتاج تدور والأرباح تصب في أرصدة أرباب العمل.

لأن مدير شركة أوزون يؤمن بحرية العمل، قفد استقدم عمالا من مدن أخرى لتكسير إضراب عمال الشركة بمدينة الرباط، مضحيا هكذا بحرية العمل في المدن التي استقدم منها العمال، الذين نعتهم بالعمال الشرفاء الذين “قدموا لإنقاذ المدينة”، بل أكثر من ذلك بالنسبة له “لإنقاذ سمعة الشركة وهذا يدل على روح الانتماء”.

توسع الشركة لمنع الإضراب

من بين المبررات التي يرددها المدير لمنع الإضراب، أن الشركة حاليا في طور التوسع وعلى أهبة إضافة صفقات أخرى على 23 صفقة التي وقعت أصلا، ولذلك على العمال أن يكفوا عن خوض الإضرابات وذلك دعما لشركتهم في وجه “المنافسة الأجنبية” وحفاظا على سمعتها (والسمعة يقصد بها هنا مبالغ الصفقات).

إن منطق الربح ضد كل منطق بشكل عام، فعندما تكون الشركة في أوج ازدهارها يجب على العمال أن يمتنعوا عن الإضراب حفاظا على سمعتها وأعمالها، وحينما تعاني الشركة من الكساد والأزمة على العمال أيضا أن يمتنعوا عن الإضراب لأن الشركة لن تستطيع الاستجابة لمطالبهم، التي تتعدى السقف كيفما كانت أحوال الشركة.

المدير لا يحتمل مطالب العمال

بالنسبة لمدير الشركة فإن المطالب التي يناضل من أجلها العمال لا تستطيع الشركة تحملها، مطالب “تعدت السقف” بالنسبة لمدير الشركة.

ولكن من يحدد سقف المطالب العمالية، هي هو رب العمل. إذا كان الأمر كذلك لما كان هناك نضال ولا إضراب ولا ملف مطلبي، فالنسبة لأرباب العمل، على العمال أن يحمدوا ويشكروا ويقبلوا أيادي أرباب العمل، لأنهم تنازلوا ووفروا لهم منصب شغل وأجرة.

إن أرباب العمل ومدراء الشركات يعيشون من عرق العمال وكدحهم، وكلما اشتد الاستغلال ارتفع دخل هؤلاء المدراء وأرباب الشركات، لذلك سيعتبرون أي زيادة في حقوق العمال، انتقاصا من دخلهم، وبالتالي فإن أي مطلب “سيتعدى السقف” بالنسبة لهم.

ما هي هذه المطالب التي تعدت السقف حسب رأي البدرواي؟ إنها الحرية النقابية ومنحة العيد الكبير. لكن الحرية النقابية حق “مضمون بموجب قانون الشغل”. إن ارباب العمل يحتجون بشكل مستمر على الصيغة الحالية لقانون الشغل، لأنه بالنسبة لهم لا يوفر لهم فرصا أكبر لتشديد استغلال العمال، لذلك ليست صرخة البدراوي بأن الحرية النقابية مطلب يتجاوز السقف، إلا صدى لكل مطالب أرباب العمل بمراجعة قانون الشغل.

أما منحة العيد الكبير فإنها حق معمول به ويتمتع به كل عمال النظافة الذي سبق واشتغلوا عند الشركات السابقة، لكن المدير البدراوي يصر على أن هذه المنحة ليس منصوصا عليها في عقد الصفقة بين شركته والمجالس البلدية، متناسيا بأن الصفقة ذاتها كانت مجرد مطلب بالنسبة لشركته وتم تحقيق ذلك المطلب بفضل قانون التدبير المفوض الذي لم هو ذاته موجودا من قبل.

أكاذيب

“لا تنسى أن معدل الأجر الشهري للعاملين هو 3000 درهم بالإضافة إلى منحة الأوساخ، النقل، الحليب، الأعياد والمنحة السنوية”، هذا ما صرح به المدير في حوار مع الموقع الالكتروني هيسبريس (2 مايو 2013).. في الواقع بالكاد تتجاوز أجور العمال 2200 درهم.

المدير المتهكم

لأن المدير متأكد من انفراده ببوقه الإعلامي، فقد أطلق للسانه العنان يسخر من العمال ومن مطالبهم. فوصف مطلب العمال بالكف عن النقل التعسفي لهم بأنه أيضا مطلب “لا يتعدى السقف فقط” بل يقف على النقيض من “كل منطق” (منطق الربح كما رأينا).

وفي ذروة سخريته قال بأن العامل الذي يرفض نقله من شارع إلى شارع، على أن يتوجه إلى المحافظة العقارية، ويقوم بتحفيظ ذلك الشارع باسمه. ويتناسى المدير هنا أنه يريد أن يحفظ لصالح شركة ليس فقط شوارع وأداوت ميتة، بل أيضا “كائنات حية” عمالا من لحم ودم. يريد امتلاكهم كما كان أسياد العبيد يمتلكون عبيدهم أو النبلاء الإقطاعيون أقنانهم.

إن منطق العمال أقوى من منطق الرأسمالي، فعندما يتحدثون عن النقل التعسفي يقصدون بالضبط، تشتيت النقابيين من طرف إدارة الشركة بنقلهم تعسفيا إلى أماكن عمل أخرى. لذلك لا داعي لمهاترات المدير.

المدير.. عدو العمال الطبقي

“كأنك لست مع عمال تجمعك معهم عقدة.. بل مع أعداء مسخرين من جهات أخرى”، هذا ما قاله المدير البدراوي عن العمال النقابيين الذين “تفاوض معهم”. نعم إنهم أعداء ولكنهم ليسوا مسخرين من أي جهة، عكس مدير الشركة المسخر من جهة أخرى، ليست أجنبية- هذه المرة فقط-، مسخر من طرف رب عمل الشركة ليسهر على استغلال العمال واعتصار الأرباح منهم.

لا بديل عن نقابة العمال

سيبقى العمال دائما عبيدا للرأسماليين ما داموا مشتتين وغير منظمين، لذلك فإن النقابة تعتبر الوسيلة الأولى التي يقع عليها يد العامل الذي يريد أن يقتحم النضال ويدافع عن حقوقهم في وجه تعديات الرأسماليين.

لقد تعددت تجارب نضال عمال النظافة بالمغرب وشملت أغلب المدن، لكنها تبقى تجارب محلية ومجزأة، ولا تعمم التجربة بسبب ذلك. إن تطوير نضال عمال النظافة يستدعي نسيقا وطنيا بين المكاتب النقابية لعمال النظافة.

طبقة واحدة.. ملف مطلبي واحد.. عدو طبقي واحد.. نضال نقابي موحد

المراسل- كلميم

شارك المقالة

اقرأ أيضا