بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية: بناء يسار من أجل هزم اليمين

بلا حدود, بيانات12 نوفمبر، 2016

 

 

 

بيان منظمة تضامن ٍSolidarity الأمريكية

 

على غرار ملايين الأشخاص، هنا وعبر العالم، استيقظنا هذا الصباح مذعورين ومرعوبين  بانتخاب دونالد ترامب رئيسا. أيا كان رأينا في الحزب الديمقراطي وهيلاري كلينتون، لم يرغب أي منا تصديق أن عددا من الناخبين بهذا الكبر قد يصوت لصالح ترامب. يندرج فوزه في ترسيمة إجمالية ليمين شعبوي صاعد، على إثر تصويت غير منتظر هو أيضا لصالح بريكسيت في المملكة المتحدة، وهو مثل البريكسيت المحتفى به في أوربا من قبل قادة اليمين المتطرف الوطني، مثل مارين لوبين.

تعبر نتيجة هذه الانتخابات جزئيا عن غلبة بيضاء بلا شك. لكنها أكثر من ذلك: سبق أن أكد معلقون كثر على أن الولايات الصناعية المتهدمة، التي حرمت ولاشك كلينتون من النصر، كانت مناطق حصل فيها أوباما على عدد من أصوات ناخبين بيض في العامين 2008 و2012 أكثر مما حصلت عليه كلينتون في 2016. لا يسمح هذا بالإيحاء أن النتائج هي بكل بساطة ثمرة عنصرية الناخبين البيض.  الواقع أن السياسات النيوليبرالية للطبقة الحاكمة دمرت حياة وتجمعات العمال بكل مكان بالبلد وبالعالم. وتعتبر هيلاري كلينتون عن حق تجسيدا لهذه الليبرالية ولمؤسسة الطبقة الحاكمة. يتخذ الغيظ الناتج عن ذلك لدى بيض كثر شكل غضب عنصري وكاره للأجانب، لكن أسبابه أعمق. ولتجاوز رد الفعل العنصري، يمتلك اليسار شرعية مهاجمة تلك الأسباب العميقة.

 على نحو مأساوي، وفيما فقدت المؤسسة الجمهورية التحكم بحزبها لصالح  شعبوية ترامب اليمينية المتطرفة، ضاعف الديمقراطيون نيوليبراليتهم. استعملت اللجنة الوطنية الديمقراطية ما بوسعها من أدوات لمنع تعيين ساندرز، المرشح الشعبوي الذي جاء في كل استطلاعات الرأي في موقع أفضل بوجه ترامب مما جاءت كلينتون، والذي تناول العديد من المشاكل الاقتصادية التي غذت ترامب. ممهدا الطريق لمرشحة لم تكن ترضي أحدا، قام الحزب الديمقراطي بحملة يمينية، معتبرا تصويت اليسار والملونين مضمونا، وساعيا إلى كسب الناخبين المحافظين.  وثمة حجج على أن اللجنة الوطنية الديمقراطية شجعت نجاح ترامب في الانتخابات التمهيدية، مفترضة أنه على هذا النحو سيكون الفوز سهلا في الانتخابات العامة، بما يتيح للديمقراطيين استقطاب الأصوات المحتفظة الأقل تحفزا بالعنصرية.

وفي الآن ذاته، يبدو أن حزب الخضر– وهو أبرز بديل على يسار الديمقراطيين- قد حصل بالكاد على نسبة 1% من الأصوات في السباق إلى الرئاسة. وهذه نتيجة مخيبة لآمال من يريدون بناء حزب الخضر كحزب يساري– تحدثوا عن هدف 5%- وتافهة قياسا بعدد الديمقراطيين والمستقلين الذين امتنعوا عن التصويت، أو -وهذا أسوا- غادروا المركب للتصويت على ترامب.

ولنقل الأمر ببساطة: ثمة في السياسة الأمريكية فراغ على اليسار. لا يتيح أي تحليل جدي استنتاج أن الجناح الرئاسي في الحزب الديمقراطي يمثل  شيئا أكثر من نيوليبرالية مقدرة للعواقب وذات وجه آنساني. وهذه السياسة بالذات هي التي أدت إلى استياء شعبي كثيف ملحوظ في المجتمع برمته وفي كل أقسام الطيف السياسي.  إن الدعوة إلى “مزيد من الاستمرارية” وتدمير كل الآمال لا يعطي أي حل وغياب كل بديل يساري أمن توجيه الاستياء يمينا، بالأقل انتخابيا.

يجب علينا هزم برنامج  اليمين المتطرف القائم على الغلبة والنزعة الوطنية والذي يمثله ترامب. حيواتنا متوقفة على ذلك تماما. لكن الطريقة الوحيدة لهزم اليمين هي بناء اليسار. لا يمكن أن نظفر في هذا النضال ببناء وحدة أوسع حول مرشحين تختارهم الطبقة الحاكمة وبرنامجاهم النيوليبرالي. حتى لو كان الخوف من الأسوأ قد حرك ما يكفي من الناس لتفوز كلينتون في هذا الانتخاب، وحتى لو يجري ذلك في ترشيح مماثل في العام 2020، فلن يكون الأمر غير كسب للوقت فيما سيواصل اليمين توطده. لن يمدنا ذلك  بما نحتاج من قوة لكسب عالم جديد وبنائه.

من أجل هذا، يلزمنا التنظيم. يجب أن نخلق قوة سياسية مستقلة فعلا، تعطي اليسار وسائل التدخل على نحو وازن في السياسة الانتخابية، بدءا بالصعيد المحلي.

يشكل الائتلاف التقدمي لـRichmond، الذي فاز بمقعدين إضافيين في المجلس البلدي، ضامنا بذلك أغلبية عريضة في تسيير المدينة، مثالا لما يمكن أن تكونه تلك السلطة الانتخابية القاعدية – وتكمن طريقة في الانخراط في طراز العمل هذا في الحضور في ندوة المنتخبين اليساريين في شيكاغو من 3 إلى 5 مارس 2017. كما أن هزيمة الاستفتاء في ولاية ماساتشوسْتْ، حول مبادرة توسيع المدارس الحرة، بفضل تعبئة تحالف حول نقابة المدرسين، مثال أخر مشجع عما يمكننا القيام به ضد  برنامج الخصخصة  النيوليبرالي.

يجب أن نساند، ونبني، حركة “حياة السود مهمة”، وكذا جهود نضال التضامن مع Standing Rock Sioux ضد خط أنابيب Dakota Acces Pipeline ، ومجموعات حقوق المهاجرين والمنظمات الأخرى التي تستطيع وحدها بناء قوة من هم أشد هشاشة بوجه برنامج ترامب وهجمات أنصاره باليمين المتطرف. ومن الحيوي أيضا أن نبني منظمة مجددة للطبقة العاملة، وكذا نقابة عدالة اجتماعية مسيرة من أسفل، وكذلك أشكال جديدة ومجددة من التنظيمات، القادرة على توحيد العمال بالتضامن الطبقي ونزع تأثير العنصرية اليمينية على الطبقة العاملة البيضاء.

وأخيرا، يجب أن نبني منظمة ثورية. لأن الحل لإنهاء المروحة المرعبة من القوى التي نواجه اليوم في العالم لا يمكن أن يكون غير إطاحة الرأسمالية والسيطرة البيضاء والذكورية التي تسندها وتكيف نتائجها. لا يمكن أن نظفر بعالم اشتراكي بدون منظمة اشتراكية.  إننا نشجع بشدة كل الذين واللواتي ينخرطون في النضال من أجل عالم عادل على الاتصال والانضمام والمساعدة على بناء منظمة ثورية، سواء كانت منظمة تضامن أو أي مجموعة أخرى. إننا نخشى اليوم جميعا ما قد يحصل بعد فوز ترامب, يجب أن نناقش الأمر مع أصدقائنا، وأسرنا، ورفاقنا،  للحفاظ على صحة عاطفية وبدنية جيدة. لكن لا يمكن أن ننتظر الأيام الأفضل لإعادة بناء يسار مناهض للرأسمالية ديناميكي، وقادر على النضال والظفر. نحن متفقون تماما مع هذه الكلمات التي باتت اليوم على كل الشفاه: المطلوب التنظيم لا البكاء !

 اللجنة التنظيمية لمنظمة تضامن  Solidarity

  الترجمة : جريدة  المناضل-ة

منظمة تضامن Solidarity  منظمة اشتراكية ، نسوانية، مناهضة للعنصرية بالولايات المتحدة

شارك المقالة

اقرأ أيضا