اليسار والفعل الاحتجاجي بأكادير

سياسة6 مارس، 2018

مداخلة تيار المناضل-ة في مائدة مستديرة، إحياء لذكرى عبد الرزاق مزكي؛ محماد فوزي وعبد الرحمان بزاو -يوم 23 فبراير 2018 بأكادير

أدى تطبيق سياسة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي إلى تردي الوضع الاجتماعي لأغلبية شعبية عريضة. ما ولد مقاومة عمالية وشعبية متنوعة، تنفجر بكل ربوع المغرب بمبررات متنوعة، وقد بلغت أوجا مع حراك 20 فبراير، واندفاعة قوية مع حراك الريف، ولا تزال مستمرة.
شهدت أكادير صنوفا من هذه المقاومات:
* كفاحات الشغيلة: لا سيما القطاع الخاص (تصبير وتلفيف، عمال الزراعة، فنادق، نقل، مناولة…)، كان أكبرها معركة ضحى التي دخلت سنتها الثالثة. لكن هذه المعارك رغم زخمها وطول نفسها لم تستطع تحقيق النصر بسبب ضعف التضامن عماليا وشعبيا، ولما يشوب أداء المنظمات العمالية من آفات.
* احتجاجات شعبية: احتج كادحو أكادير وكادحاته، لاسيما حركة ضحايا الهدم المتواصلة إلى الآن، لكن رغم قاعدته العريضة، بقي الاحتجاج فئويا ومنحصرا في المعنيين بالهدم، ما ساهم في إضعاف التضامن معه سواء نضال منطقة سيدي بيبي الذي خفت او سكان سفوح الجبل.
خاض الفراشة (باعة الرصيف) احتجاجات عديدة وكذلك قام التجار الصغار بمجموعة من الأشكال الاحتجاجية. فضلا عن احتجاجات للربط بالكهرباء ونزع الأراضي السلالية.
* الجامعة: تعرف جامعة ابن زهر نضالات دورية بفعل تردي شروط حياة الطلاب ودراستهم. تبقى هذه النضالات حبيسة أسوار الجامعة ومحيطها، فتتمكن تارة من تحقيق جزء من مطالبها وتفشل أطوارا أخرى. ورغم انحسارها الراهن ستعود، لكن ما لم يستخلص اليسار الدرس فسيعيد نفس الدوامة التي لا تفضي الا الى تمرير الدولة هجومها بيسر.
مكانة النساء في الاحتجاجات:
تشكل النساء القاعدة الأساسية لمعظم الاحتجاجات التي تعرفها المنطقة، لأنهن أكثر من يعاني من ويلات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة. لكن هذه المشاركة الكبيرة لا تنعكس في قيادة هذه الاحتجاجات ولا تضطلعن فيها بأدوار رئيسية تتناسب مع حجم مشاركتهن، فتبقى جماهير النساء في الهامش بفعل تقسيم جنسي للأدوار يجد مكانه حتى في ساحات النضال.
تشترك النضالات المشار إليها في سمات أساسية:
☆العزلة: كل فئة تخوض نضالها بمعزل عن الفئات الأخرى.
☆فئوية المطالب : غياب مطالب موحدة و شاملة.
☆ضعف التضامن ومبادرات مد الجسور
☆مستوى أولي على صعيد التنظيم الذاتي
أية حصيلة لليسار في المنطقة؟
تدخل اليسار في معظم الاحتجاجات التي عرفها أكادير الكبير، وأطلق مبادرات عديدة في المنطقة. لكن يبقى هذا التدخل تفاعلا اضطراريا مع احتجاجات قائمة أصلا حفزتها أوضاع اجتماعية مزرية، واقتصر هذا التدخل في أشكال معظمها رمزي لا يرقى إلى المطلوب.
تفاجئ الجماهير معشر اليسار بين فينة وأخرى بأشكال احتجاج لم يتوقعها في المدى القريب ولا البعيد، وهذا راجع بالأساس إلى نقص ثقة في مقدرة الكادحين النضالية. لم يتخلص اليسار إلى يومنا هذا من تقاليد الوصاية والتحكم، فينظر إلى الجماهير بعين الأستاذ. فرغم وصوله في غالب الأحيان متأخرا إلى الميدان لا يتحمل رؤية الجماهير وهي تسير أشكالها بنفسها
مبادرات التنسيق في المنطقة: نسقت الهيئات المناضلة بأكادير تحت مسميات عديدة: اللجنة المحلية للدفاع عن المعتقلين السياسيين بأكادير الكبير-لجنة للتضامن مع العمال المضطهدين والمطرودين بأكادير- لجنة التضامن بأكادير الكبير-تنسيقية أكادير ضد الحكرة، اعتبرت هذه اللجان وعاء للعمل النضالي وللمبادرات التضامنية. لكن الأداء ظل بعيدا عن المطلوب: نوع من التردد، نقص جدية، وقصر نفس ومناسباتية، كلها عناصر تحول دون تطوير أي عمل نضالي في المنطقة. استمرار التنسيقية ضد الحكرة مكسب يستدعي التطوير وغرسها شعبيا وتحمل المسؤولية في الاضطلاع بالواجبات النضالية بكل جدية.
المهام :
تزخر منطقة أكادير الكبير بإمكانات نضالية هائلة. ملفات الاشتغال في المنطقة متعددة ومتفجرة. تحتاج عملا قاعديا مع المعنيين مباشرة. وهو ما يتطلب من اليسار درجة عالية من استشعار المسؤولية النضالية والسياسية في بناء منظمات نضال طبقية ومكافحة ومنغرسة والعمل على تكريس كل صيغ التعاون النضالية بين مكوناته. على اليسار المناضل حقا في أكادير الكبير أن يسعى جاهدا ودون كلل لبعث تقاليد النضال الطبقي الضرورية عبر التخلي عن كل أشكال الوصاية والتحكم والمناسبتية، وعبر حفز كل أشكال التنظيم الذاتي للمعنيين والمعنيات والتضامن الطبقي للكادحين لمواجهة غطرسة الحاكمين المستبدين واستغلال أرباب العمل، وذلك عبر
• جهد إلمام بمشاكل الكادحين بقصد صياغة مطالب دقيقة وقادرة على التعبئة و التوحيد، وبهذا الصدد يجب الاهتمام بشؤون تسيير المدينة كخطوة للخروج من الطابع الفئوي الضيق
• التربية على التنظيم، بتشجيع تشكيل لجان أحياء، ولجان فئات، ولجان تنسيق على صعيد المدينة والجهة
• تشجيع المشاركة الجماعية في قرارات النضال: جموع عامة ديمقراطية، تنتخب الممثلين القابلين للعزل، من اجل تنفيذ مختلف مهام النضال
• إزالة الحواجز بوجه مشاركة النساء في مستويات القرار والقيادة، اي عدم تكريس العقبات التلقائية السائدة في المجتمع الذكوري
• بناء وحدة النضال، بتنسيق النضالات العمالية مع التحركات الشعبية، وتكثيف التضامن، وتطوير اشكال التعاون خارج التحركات النضالية (ندوات، أيام دراسية…)
• إنماء الطابع الجماهيري لحركة الاحتجاج بتنظيم حملات توعية و تعبئة في الأحياء، و التأكيد على الطابع السلمي للاحتجاج.

شارك المقالة

اقرأ أيضا