ماذا تبقى من الربيع الأمازيغي؟

 

 

بقلم، أيور

20 أبريل 1980 اندفعت جماهير القبايل للنضال ضد سياسة الإقصاء المتعمدة التي تنهجها دولة الجزائر ضد الحقوق الثقافية واللغوية للأمازيغ البلد، كانت الشرارة منع ندوة كان سيلقيها الباحث والمناضل مولود معمري.

ومداك بقيت المنطقة عصية على الرضوخ لحكم العسكر، وكانت من المناطق التي شهدت أعنف صور التمرد الذي اندلع في أكتوبر 1988 ضد الاستبداد السياسي ونتائج برنامج لبرلة الاقتصاد التي اعتمدها لامين زروال خليفة الهواري بومدين

بعد 20 سنة ستنتفض نفس المنطقة، دامجة مطالب انتفاضة 20 أبريل 1980 ومطالب انتفاضة أكتوبر 1988. هبت المنطقة في أبريل 2001 بشكل عنيف ومنظم ضد سياسات نظام بوتفليقة الاقتصادية والاجتماعية المستلهمة لأوامر المؤسسات المالية الدولية، وفي نفس الوقت ضد الاستمرار في رفض الاستجابة للمطالب الثقافية لأمازيغ الجزائر.

جدير بالذكر أن القبايل كانت من المناطق التي تضررت أكثر من الاقتتال بين جماعات الإسلام السياسي وعسكر الجزائر أثناء عشرية ما أطلق عليه حربا أهلية منذ 1991.

دروس الربيع الأمازيغي

شكلت انتفاضة الربيع الأمازيغي الثانية لسنة 2001 نقلة نوعيا في النضال الاجتماعي في المنطقة، فلأوا مرة تواجه الدولة الجزائرية حركة منبعثة من الأعماق منظمة وحاملة لملف مطلبي واضح، وليس محض انتفاضة عفوية كما هو شأن أكتوبر 1988، أو أحزابا سياسية تسعى لكسر الهيمنة السياسية لجبهة التحرير الوطني.

انتظمت جماهير القبايل في ما عرف بتنسيقية العروش والقبائل، ما أتاح توحيد مجابهة القمع البوليسي وفي نفس الوقت القدرة على تفادي السقوط في مناورات النظام السياسية.

وكان لانخراط الحركة النقابية في هذه الانتفاضة أن مدها بقدرة كبيرة على التنظيم وفي نفس الوقت تفادي جرها إلى مواجهة عنيفة تبدد فيها طاقة التمرد لدى الشباب المنتفض، مقلصة هكذا من التكلفة القمعية للقمع الشرس.

نذكر كذلك دور اليسار الجذري هناك، خاصة في مدينة بجاية، في تخصيب هذا النضال بمنظور اقتصادي واجتماعي، بدل الاقتصار على المطالب الثقافية واللغوية.

إنه ما انتفى تماما في النضال الأمازيغي بالمغرب، وهو ما سهل مأمورية الملكية التي استطاعت إدماج نخبة الحركة في مؤسساتها (المعهد الملكي).

النضال الأمازيغي بالمغرب في الاتجاه المعاكس

حفز الربيع الأمازيغي بالجزائر سنة 1980 تناسل الجمعيات الثقافية الأمازيغية بالمغرب، وأثار الربيع الأمازيغي الثاني سنة 2000، موجة حماس عارمة في صفوف شبيبة الحركة الأمازيغية بالمغرب داعية إلى تنظيم «مسيرة تاوادا»، لكن النخبة الليبرالية للحركة وكذلك رجال النظام داخلها (خاصة محمد شفيق)، قاموا بحرف هذا الحماس بإصدار البيان الأمازيغي الموجه إلى الملك قصد إنصاف الأمازيغية.

استجاب الملك لهذا الاستجداء بخطاب أجدير الذي أعلن إصدار ظهير مؤسس للمعهد الملكي للغة والثقافة الأمازيغية، مفوتا هكذا فرصة كبيرة لتجذير نضال الحركة.

حافظة الحركة على نفس التكتيك، رغم إعلان انخراطها في حركة 20 فبراير، إلا أنها قبلت مرة أخرى بدستور يوليوز 2011، ومنذ ذلك الحين تواصل ما تطلق عليه «حملة ترافعية من أجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية»، مطالبة بإصدار القانون التنظيمي الذي وعد به دستور 2011. وبعد 7 سنوات لا زالت الحملة الترافعية مستمرة، ولا زال ترسيم الأمازيغية على الرف.

أنه نفس الأمازيغية بالجزائر- رغم المكاسب الكبيرة للنضال- فبعد تراجع الاحتجاج، وتخويف الجزائريين بعودة مجازر الحرب الأهلية، تراجعت هذه المكاسب:

– تراجع تدريسُ الأمازيغيّة بصورة ملحوظة منذ أن شُرع فيه سنة 1995؛

– عودة قوات الدرك إلى القرى التي طردت منها إبان الانتفاضة؛

– إفلات المسؤولين عن قتل ازيد من 123 متظاهرا من العقاب؛

أعاد حراك الريف إلى الأذهان مسار الربيع الأمازيغي لسنة 2001: منطقتين بخصوصيتين ثقافيتين وتاريخيتين، تهميش اقتصادي متعمد من الدولة المركزية، نفس السبب المباشر المفجر للاحتجاج (مقتل شاب في مقر الدرك بالقبايل، طحن محسن فكري في الحسيمة)، اتساع نطاق الاحتجاج وطول نفسه… لكن حراك الريف عانى من غياب التنظيم وانتفاء أي دور للحركة النقابية وهزالة اليسار الجذري.

يقع على عاتق مناضلي الحركة التقدميين واليسار الجذري والنقابيين الكفاحيين استلهام دروس الربيع الأمازيغي، إن هم أرادوا فعلا نضالا فعليا وحازما من أجل فرض المطالب الثقافية واللغوية الأمازيغية.

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا