ما العمل في مواجهة ارتفاع أسعار الوقود؟

اقتصاد27 سبتمبر، 2019

 

تسببت الهجمة التي تعرضت لها المنشآت البترولية (محطتي الضخ البترولي) في المملكة العربية السعودية، في ارتفاع سعر برميل النفط بـ 8 دولارات ( منتقلا بذلك من 60 إلى دولارا 68) في الفترة الممتدة بين 13 و16 شتنبر.

يجب الاعتراف بأن هذه الهجمة كانت ذات تأثير قوي، حيث تسببت بانخفاض إنتاج السعودية بنسبة 60%، وهو ما يعادل 5% من العرض في السوق العالمية.

ومع ذلك، تراجعت الأسعار جزئيا بسبب التباطؤ الاقتصادي وفائض المنتجات النفطية (خصوصا مع الدينامية المرتفعة لإنتاج النفط الصخري القادم من الولايات المتحدة)، وتكون احتياطي مهم من النفط. لكن هذا لا يمنع بقاء السوق تحت الضغط أخذا بعين الاعتبار الوضعية غير المستقرة أو الكارثية بفنزويلا، الجزائر، ليبيا، نيجريا، وكذلك مع الحظر المفروض على الصادرات الإيرانية من طرف الولايات المتحدة.

النتيجة الحتمية لارتفاع أسعار البترول هي ارتفاع الأثمنة في محطات الوقود. بعد ما يقارب السنة على اندلاع حركة السترات الصفراء، التي كان ارتفاع أسعار الوقود شرارتها، تعمل الحكومة على إخماد الوضع.

ففي الوقت الذي يدعو فيه تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى رفع ضريبة الكربون (الضريبة الداخلية على استهلاك المنتجات الطاقية)، أعلنت الحكومة أنها لن تطبق أي زيادة على هذه الضريبة سنة 2020. وجدير بالذكر أن زيادة هذه الضريبة نفسها هو ما أشعل فتيل السترات الصفراء، وقد أرغمت الحكومة على التراجع عنها في دجنبر 2018.

تجميد ثمن الوقود من أجل إلغاء جميع الضرائب على الاستهلاك!

جدد “يانيك جادو”، مدلل وسائل الإعلام الجديد ذي الانتماء اليساري البرجوازي، مطالبته بزيادة ضريبة الكربون لسنة 2020. فبدل مواجهة أصل المشكل (نمط الإنتاج الرأسمالي) تعفي “إيكولوجيا السوق” الأغنياء وتلقي عبء الضرائب على كاهل البروليتاريا، إضافة إلى تحميلها المسؤولية.

من الضروري التذكير أن الضرائب على الاستهلاك هي الأكثر إجحافا: كلما زِدت ثراء أديت ضرائب أقل، فمن المعلوم أن الأغنياء يصرفون نسبة أقل من رواتبهم على الاستهلاك. تمتص الضرائب غير المباشرة على  مواد الاستهلاك ما يناهز 20 % من رواتب الأفراد الأكثر فقرا ، في مقابل 10% من رواتب الأغنى. إنه احتيال ضريبي بما تحمله الكلمة من معنى.

من العادل، على المدى القصير، المطالبة بتجميد فوري لأسعار الوقود، ولهذا الغرض وجب العمل على وضع ضريبة داخلية متحركة على استهلاك المنتجات الطاقية، حيث يتم تعديل نسبتها اعتمادا على تأرجحات أسعار النفط.

إضافة إلى هذا الاجراء الاستعجالي لحماية البروليتاريا من اضطرابات السوق، سيتوجب إلغاء جميع الضرائب غير المباشرة على الاستهلاك (باستثناء المفروضة على السلع الكمالية)، والتدرج في الضريبة على الدخل.(مع معدل تضريب أقصى ب 100 %)، وفرض ضريبة هامة ومتدرجة على الممتلكات.

الخروج من نمط  الإنتاج الرأسمالي، ذي الطابع الإنتاجوي بالأساس والمدمر لبيئتنا.

ينبغي التنبيه إلى أن الإجراءات الضريبية لن تحل المشكل من جذوره، وبالخصوص المسألة البيئية، على الرغم من أنها- الإجراءات الضريبية-  كانت موجهة نحو الأغنى (الضريبة على الكيروزين… إلخ) والرأسماليين (رفع الضرائب المؤداة من طرف شركات الطاقة المهيمنة..الخ)

يجب تخطيط الاقتصاد من أجل تخفيض تدريجي لاستهلاك الطاقة مع ضرورة تلبية الحاجات الأساسية لكل فرد على حدة. إذا أردنا خفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري بما يكفي لتفادي الكارثة، وجبت القطيعة مع المنطق الرأسمالي، واقتصاد السوق والمنافسة الحرة. إذا أردنا احترام معدلات التقليص من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وجب الحسم مع الفوضوية الرأسمالية التي تقودنا مباشرة إلى  الكارثة.

طالما يحكم الرأسماليون قبضتهم على وسائل الإنتاج، فالإجراءات الايكولوجية لن تعدو سوى ضمادات لا توقف النزيف.

من اللازم فرض الرقابة الجماعية على وسائل الإنتاج الكبرى، ومراقبة المبادلات الخارجية (استيراد ما هو أساسي حصرا وتطوير دوائر التوزيع الصغيرة) وتطوير قطاع النقل العمومي المجاني، وتمكين جميع الأفراد من العيش على مقربة من أماكن عملهم.

بقلم، غاستون لفرانك، 20 شتنبر 2019

رابط المصدر: https://www.npa2009.org/actualite/economie/que-faire-face-la-hausse-du-prix-de-lessence

ترجمة جريدة المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا