أرباب مؤسسات التعليم الخاص بأكادير: نواح لاستدرار مزيد من الدعم العمومي وتكثيف استغلال الشغيلة

عقدت رابطة التعليم الخاص سوس- ماسة بأكادير جمعا عاما استثنائيا يوم 26 أكتوبر 2019، وفيه تناول أرباب مؤسسات القطاع ما يعتبرونه “الإشكالات التي يعيشها قطاع التعليم المدرسي الخصوصي” بالجهة.

في هذا السياق، دعا رئيس المكتب الجهوي لرابطة التعليم الخاص بسوس ماسة محمد بيرواين، إلى إيجاد حلول عملية “للأزمة التي يعاني منها القطاع”.

القطاع الخاص: طفل الدولة المدلل

يسعى المستثمرون في قطاع التعليم إلى الربح، وقد فتحت الدولة الباب أمامهم على مصراعيه مغدقة عليهم كل صنوف الدعم، مرسمة هذا الدعم في القانون 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم الخصوصي:

1- الدعم البيداغوجي:

المادة 33: يمكن للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين أن تضع مجانا رهن إشارة مؤسسات التعليم الخصوصي ولمدة معينة وقابلة للتجديد، موظفين تربويين تتكفل بتأدية أجورهم.

2- الدعم المادي:

المادة 34: يحدد قانون للمالية نظاما جبائيا ملائما ومحفزا لفائدة مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي المستحقة، وذلك في إطار تعاقدي بين الدولة وهذه المؤسسات.

في نفس الوقت الذي تستعمل فيه الدولة المالية العمومية لدعم القطاع الخاص، تغلق صنبور تمويل التعليم العمومي بمبرر عجز الميزانية. ورغم ذلك فإن تعطش أرباب القطاع الخاص للأرباح لا يمكن إرواءه، ويظلون ينوحون ويشتكون لاستدرار المزيد من الدعم العمومي.

3- السكوت عن خرق قانون الشغل:

تنص المادة 9: يخضع أصحاب مؤسسات التعليم الخصوصي للالتزامات المنصوص عليها في قانون الشغل إزاء جميع مستخدميهم ما لم ينص على ما هو أنفع لهؤلاء في عقود عمل فردية أو اتفاقيات جماعية مبرمة بين أصحاب المؤسسات والمستخدمين أو ممثليهم.

ورغم ذلك تغض الدولة الطرف عن خرق بنود القانون 06.00 والوارد في مدونة الشغل: تعدد المؤسسات التي تشغل دون توقيع عقدة عمل، تأرجح الرواتب وأغلبها ما دون الحد الأدنى للأجور، عدم التصريح في صندوق الضمان الاجتماعي والتحايل على المصرح بهم (عدم التصريح بالأيام كاملة وبكامل الأجرة)، مؤسسات تفرض على الأطر التربوية الحضور في المؤسسة 8 ساعات يوميا، مؤسسات لا تؤدي أجور شهري يوليو وغشت… إلخ.

توسع كبير للقطاع

يستهدف قطاع التعليم الخصوصي الاستيلاء على حصة كبيرة من “زبائن سوق التعليم” أي استقطاب أكبر قدر ممكن من التلاميذ. وقد راهن الميثاق الوطني على استقطاب هذا القطاع لـ %20 من التلاميذ عند نهاية عشريته.

وقد تطور فعلا العدد الاجمالي لتلاميذ القطاع الخاص، فحسب “موجز إحصائيات التربية 2018- 2019″، الصادر عن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، مديرية الاستراتيجية والإحصاء والتخطيط، قسم الدراسات والإحصاء، تطور مجموع عدد المسجلين في التعليم الخصوصي على الشكل الآتي:

– موسم 2011- 2012: 654 ألف و986 تلميذ- ة

– موسم 2018- 2019: 797 ألف و187 تلميذ- ة

وتطور عدد مؤسسات التعليم الخاص كالآتي:

– موسم 2011- 2012: 3461 مؤسسة

– موسم 2018- 2019: 5828 مؤسسة

رغم كل الامتيازات وصنوف الدعم، لا زال أرباب المؤسسات الخاصة يريدون المزيد، وقد استغلوا ما صرحت به الوزارة (وورد في تقرير المجلس الأعلى للتعليم حول تقييم تطبيق الخطة الاستراتيجية 2015- 2018) حول ضرورة دعم القطاع الخاص كي يساهم في “توفير العرض التربوي”، للتقدم بمطالبهم إلى الدولة.

ويغلف أرباب القطاع الخاص سعيهم المادي الصرف هذا، بعبارات عامة مستقاة من وثائق الدولة المرجعية، مدعين حرصهم على قيام القطاع الخاص “بأدواره التربوية بنجاح”.

ما هي مظاهر الأزمة التي يشتكي منها أرباب القطاع الخاص بجهة سوس ماسة؟

صرح رئيس المكتب الجهوي لرابطة التعليم الخاص بسوس ماسة، بأن مؤسسات القطاع الخاص بالجهة تعاني من جملة إشكالات، أهمها:

أ * التوظيف بالتعاقد

سبق أن أعلنت رابطة التعليم الخاص بالمغرب عزمها الدخول في إضراب شهر مارس 2017، محتجة على استنزاف “مواردها البشرية” باعتماد التوظيف بموجب عقود.

أعادت رابطة التعليم الخصوصي سوس ماسة، شكواها هذه في الجمع الاستثنائي الأخير، حيث صرح رئيس المجلس الجهوي للرابطة: “أن القطاع أصبح يعيش وضعية غير مستقرة بفعل التخوف من مغادرة الأطر التعليمية بالمؤسسات الخاصة صوب التوظيف بالتعاقد الذي اعتمدته الوزارة”.

لا يعترض أرباب المؤسسات الخاصة على التوظيف بالتعاقد بحد ذاته، فهذا الأخير يقدم لهم خدمة جليلة: الهبوط بشروط عمل شغيلة التعليم العمومي إلى الدرك الأسفل الذي يوجد فيه شغيلة التعليم الخاص. لكنهم لا يريدون من التعاقد أن يسلبهم “رأسمالهم البشري” الذي يستغلونه ويرمونه مثل ليمونة معصورة.

لكن هروب المدرسين من القطاع الخاص نحو “التعاقد” مع الدولة رغم ما يتضمنه من عدم استقرار وحرص الدولة على عدم ترسيمهم، يعني أن ظروف العمل في مؤسسات القطاع الخصوصي أسوأ بكثير من شروط “التعاقد” المجحفة.

يوافق أرباب القطاع الخاص على مبدأ المنافسة فقط حين يكون في صالحهم، ولكن حينما ينافسهم القطاع العمومي بتقديم شروط عمل أفضل، فإنهم ينوحون ضد شروط المنافسة غير الشريفة.

ردا على تمنيات رئيس المكتب الجهوي لرابطة التعليم الخاص تنظيم “لقاءات قادمة مع مسؤولين جهويين ومركزيين بحلول ترضي جميع الأطراف”، استجابت الدولة في الحين واشترطت “عدم الارتباط مع مؤسسات القطاع الخاص بعقدة عمل” للترشح لمباريات التعليم، عكس رفض الدولة الصريح الاستجابة لمطالب شغيلة التعليم بمبرر “تعجيزية مطالبها”.

ب * معايير الرقابة

يشتكي ممثلو القطاع الخاص من المعايير التي تنص عليها القوانين المنظمة للقطاع، ويعتبرونها عبئا ماليا لا قدرة لهم على تحمله. ومن هذه المعايير “فرض تطبيق “الموشر” من طرف مصالح وزارة النقل على سيارات النقل المدرسي الخاصة بالمؤسسات التعليمي” داعين “فتح حوار مع هذه المصالح للخروج من هذه الأزمة، وذلك لصعوبة تنفيذ المؤسسات التعليمية الخاصة لهذا الإجراء”.

تشتكي الأسر من رداءة جودة وسائل النقل التي تنقل أبنائها، وفي نفس الوقت من ثقل مصاريف النقل الذي اعتبره رئيس المجلس الجهوي للرابطة “خدمة ومساعدة للمواطنين رغم المصاريف الكبيرة التي تؤديها، والمتعلقة بمصاريف السيارة من سائقين ومرافقات وبنزين وصيانة…”.

الكل يعرف أن النقل المدرسي خدمة تؤدي الأسر مقابلها. لكن أرباب المؤسسات الخاصة يشتكون من مصاريف السيارات من سائقين ومرافقات وبنزين وصيانة، وهي أمور يدخلون قيمتها في الثمن الذي تؤديه الأسر. فهل يريد أرباب القطاع الخاص أرباحا دون أكلاف الاستثمار؟

تغض الدولة الطرف عن اهتلاك قسم كبير من سيارات النقل المدرسي وعن طاقتها الاستيعابية، حيث يجري نقل التلاميذ في شروط أقرب إلى تلك التي تنقل فيها البهائم.. ورغم ذلك يريد أرباب المؤسسات المزيد من غض الطرف.

لنتنظم: كي نستطيع تحسين شروط عملنا

تأتي شغيلة التعليم الخصوصي في الدرك الأسفل من جهنم استغلال شغيلة التعليم بالمغرب. وقد شهدت أعداد هيئة التدريس تطورا كبيرا إذ انتقلت من 55 ألف و099 أستاذ- ة موسم 2011- 2012 إلى 71 ألف و194 أستاذ- ة موسم 2018- 2019.

كيف يستطيع إذن ما يقارب 5000 رب عمل أن يسيطروا على أكثر من 70 ألف أستاذ وأستاذة ويكثفوا استغلال ما يقارب ربع مليون مستخدم؟

إن القلة المنظمة تستطيع دائما أن تَحْكُمَ الكثرة المشتتة والمذررة، فأساتذة- ات ومستخدمي- ات التعليم الخصوصي غير منظمين- ات ولا يملكون أدوات نضال من نقابات أو جمعيات.

بينما ينتظم أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي في مجموعة من الجمعيات والرابطات على المستوى الوطني، تشتغل كجماعات ضغط منظمة لفرض مطالبها على الدولة، وهذه الأخيرة ترضخ وتستجيب وخاصة بغض الطرف عن تطبيق الوارد من حقوق “قانون الشغل”.

إن انتظام شغيلة التعليم الخاص وتشكيل نقابة وطنية أو تنسيقية وطنية يشكل ضرورة للدفاع عن شروط عمل تضمن الكرامة الحدود الدنيا للعيش الكريم، الذي يحرمها منه منطق الربح في القطاع الخاص.

بدءً على شغيلة التعليم الخاص أن تنتظم وتناضل من أجل مطالبها الآنية من أجل:

  • الترسيم؛
  • التصريح في الضمان الاجتماعي بكامل الأيام وبكامل الأجرة؛
  • التغطية الصحية؛
  • أداء أجور العطلة الصيفية كاملة؛
  • ساعات عمل تراعي القدرة الجسدية والذهنية لشغيلة التعليم الخصوصي.

يا شغيلة التعليم الخصوصي اتحدي

بقلم، أستاذ التعليم الخصوصي- أكادير

شارك المقالة

اقرأ أيضا