مدينة تزنيت: نضالات الباعة الجائلين ضد هجوم الدولة عليهم

شهدت مدينة تزنيت في الفترة الأخيرة دينامية نضالية جسدتها نضالات «الفراشة والباعة الجائلين» انضافت الى تراكم تجاربها النضالية المحلية وأحيت تقاليد النضال والمقاومة الشعبية لدى جماهير وكادحي المدينة التي لا ينقصها الاستعداد النضالي للخروج للساحات والشوارع. فالالتفاف الشعبي المعبر عنه من طرف كادحي المدينة في أكثر من محطة نضالية كمظاهرات 20 فبراير والمظاهرات الطويلة ضد مافيا العقار مرورا بمظاهرات السنة الماضية ضد تردي الوضع الصحي وانتهاء بمسيرة الغضب يوم 30 يونيو. فالذي يجعل المدينة تبدو «هادئة» هو قلة المبادرات الداعية الى الاحتجاج وانتظار نضالات رد الفعل ضد تعد من الدولة أو أ جهزتها المحلية. وهو ما حصل لما وصل الدور على المدينة في إطار مخطط الدولة «لتحرير الفضاء العام»، – بعد تنازلها عليه مكرهة إبان مظاهرات 20 فبراير – حيث شن باشا المدينة حملة واسعة على الباعة الجائلين في مختلف تركزاتهم، حملة أسفرت عن مصادرة سلع وعربات الباعة الجائلين، المورد الوحيد لعيشهم ولإعالة أسرهم، ومصدر محاربة بطالتهم، في ظل انعدام أي فرص للشغل أو التوظيف بالمدينة.
مباشرة مع بدء حملة الباشا على الباعة الجائلين، ردوا عليه بأشكال نضال عفوية بدءا بمقاومة الإخلاء من أماكن عرض تجارتهم ،وضد مصادرة عرباتهم وسلعهم ،وهو ما قابلته الأجهزة القمعية بعنف شديد أسفر عن إصابة العديد من الباعة /الفراشة ،نقل بعضهم للمستشفى وتم اعتقال أخرين (16) للتحقيق معهم ليطلق صراحهم فيما بعد ،ومتابعة واحد منهم في حالة سراح («محمد جعا « المعتقل السابق للعيش الكريم) ليم الحكم عليه فيما بعد بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ ،نفس المصير واجهه رفيقه المناضل «سعيد أهقاي» بعد أن احتج على إقصاءه من أماكن تثبيت «الفراشة» بحمل لافتة في احدى دورات المجلس البلدي ،ليرد عليه باشا المدينة بلكمة أفقدته وعيه ،وذلك أمام أنظار جميع أعضاء المجلس البلدي والحاضرين والصحافة المحلية ،ولكن في دولة «الحق والقانون « لن يتابع الباشا في العنف الذي مارسه بل سيتا بع الضحية بتهمة الاعتداء على الباشا وتخريب ممتلكات عمومية …حيث تم اعتقاله والحكم عليه بثمانية أشهر موقوفة التنفيذ
بالرغم من المتابعات القضائية ومضايقات واستفزازات أجهزة السلطة المحلية مضافا إليها الحملة الإعلامية المسعورة لأجهزتها وأبواق لوبي كبار التجار، جسد الباعة/الفراشة أشكال نضالية متنوعة، شملت تنظيم مسيرة نحو العمالة ودخلوا في اعتصام أمامها، لكن أجهزة القمع فضته بقوة، تلته أشكال احتجاج شبه يومية، من مسيرات ووقفات أمام البلدية والعمالة، تتخللها حلقات نقاش ودردشة مع السكان للتشهير بأوضاعهم الكارثية وبالقمع الممارس ضدهم وفضح مناورات وأكاذيب المسؤولين والحلول التي يقترحونها لوضعهم.
قوة وصمود حركة الباعة الجائلين بالمدينة، تستمد رصيدها النضالي مما راكمته حركة المعطلين، ومن الطاقات النضالية الشابة التي أنتجتها الحركة الطلابية، وتمرست عبر حركة 20 فبراير، وخاضت جميع المحطات النضالية مع جماهير المدينة، وأدت ضريبة النضال، من قمع وتنكيل واعتقال وسجن. حركة لا ينقصها الا التضامن الميداني العاجل والمنظم من طرف المنظمات النقابية، باعتبارها القوة المنظمة الرئيسية المؤهلة أن تتصدر النضالات الشعبية بالمبادرة الى نضالات أو دعم نضالات منطلقة، ونسج علاقات تعاون نضالي مع الحركات المناضلة، وذلك بتعبئة قواعد ها المنظمة تحت لوائها، وتجسيد قوتها التنظيمية في الميدان بتنظيم قوافل التضامن مع النضالات المنطلقة، ومد جسور التضامن والتشبيك مع نضالات أخرى مشابهة، وفك الحصار الإعلامي على النضالات، بالتعريف بها على أوسع نطاق، والتشهير بالقمع المسلط عليها.
نضالات «الباعة الجائلين» انتزعت مكاسب جزئية أهمها تخصيص مكان لتثبيتهم مؤقتا، وتوقيع محضر لتخصيص محلات تجارية ستبنى، لتثبيتهم الدائم، وهي مكاسب انتزعت بالنضال الميداني. فمزيدا من النضال لتحصين وفرض مكاسب جديدة، فالواقع يفرض عدم إخلاء الساحات والشوارع من الاحتجاجات.
القضاء على البطالة وتوفير حياة كريمة للشباب المعطل، لن يتأتى إلا بالنضال ضد إملاءات المؤسسات الإمبريالية، والامتناع عن سداد الديون غير الشرعية، وتخصيص الميزانيات التي تستنزفها من أجل الرفع من ميزانيات القطاعات الاجتماعية، كالصحة والتعليم، الكفيلة بتوفير فرص الشغل للشباب.

متضامن عمالي

شارك المقالة

اقرأ أيضا