الجزائر: لنجعل من 22 فيفري 2021 انطلاقة أخرى لحراكنا الشعبي

بقلم سمير لرابي/ الجزائر 

22 فيفري 2019 – 22 فيفري 2021، عامين يمران على السيرورة الثورية في الجزائر، انتفاضة شعبية بدأت ضد العهدة الخامسة للرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة وتطورت نحو المطالبة برحيل السلطة وجميع رموزها. لم يطالب الشعب المنتفض بتحسينات في نمط الحكم، ولكن بتغيير شامل وراديكالي لمنظومة الحكم، اي وجوب الدخول في مرحلة تأسيسية مبنية على السيادة الشعبية.  اذا كانت العهدة الخامسة سبباً مباشراً في الانتفاضة الشعبية، فان السياسات الاقتصادية الليبرالية المجحفة وما صاحبه من قمع وحيف إجتماعي أسباب لا يمكن تجاهلها في تحليل الوضع العام للبلاد. ومازاد الطين بلة تعجرف المسؤولين السياسيين والباترونا واحتقارهم الطبقي لعموم الشعب. وتغول أصحاب المال وتحكمهم في قطاعات كبرى من دواليب السلطة والاقتصاد، كان يقرف عموم الكادحين الذين يمثلون اغلبية الشعب. لا احد يستطيع ان ينكر مكاسب الحراك الشعبي كسيرورة ثورية، حراك قوض مشروع العهدة الخامسة، إستعادة الشعب للمبادرة السياسية وحق التظاهر، كما انه ساعد على تعميق أزمة النظام المتسلط والحد من هيمنته على المجتمع. لقد فتح الحراك الشعبي  أفاق سياسية واسعة، وسمح لفئات واسعة من المجتمع بالانخراط والعودة الى العمل السياسي، بعد خمول دام عدة عقود من الزمن. ساعد الحراك بفضل طابعه الوطني على اسكات النعرات الجهوية المقيتة وإعادة تركيب التضامنات وكذالك بروز المرأة وتجند العائلة النووية كمعادلة في العمل السياسي الجماهيري. لكن هذا العنفوان الجماهيري لم يسمح بتعزيز الأطر السياسية والنقابية والجمعوية الموجودة ولا بخلق أطر جديدة، كما حدث عند جيراننا بعد الربيع العربي. الحراك الشعبي لم يحدث الطفرة النوعية المرجوة على المستوى التنظيمي والسياسي وتوحيد القوى الاجتماعية الثورية في المجتمع. والجميع يعرف أنه لا يمكن احداث اي تغيير ثوري بدون تنظيم قاعدي جماهيري وديموقراطي. ان رهان التنظيم والبديل الاجتماعي والسياسي قضية لا يمكن تجاوزها، وكل التجارب الثورية على المستوى التاريخي تأكد كذالك.

من أجل توحيد نضالاتنا الإجتماعية

بينت جائحة الكوفيد 19 مرة أخرى الوضع الكارثي الذي آلت إليه المنظومة الصحية التي عانت منذ عقود من تنصل الدولة عن مهماتها وقطاع اقتصادي هش لم يستطع الصمود ولو لأسابيع امام الجائحة. قطاع اقتصادي هش ويغلب عليه القطاع الخاص الذي لم يريد أن يحمي حتى عماله من المرض وحمايتهم اجتماعيا. دون نسيان القطاع الغير رسمي الذي تأثر بشكل غير مسبوق، والملايين من العمال والعاملات الذين  فقدوا مناصب عملهم. جعلت الجائحة وتداعياتها المسألة الاجتماعية تطفوا على السطح ولا يمكن لأحد الآن ان يغيبها في النقاشات السياسية. والانتفاضات العمالية والمعطلين عن العمل وذوي العقود الهشة خير دليل على ذالك. فئات لا تعاني فقط من الهشاشة الاجتماعية وحتى من القمع الممنهج واعادة النظر في الحق النقابي كما هو الحال في مجمع سيفيتال وأغلبية القطاع الخاص. ان التغيير العميق الذي يطالب به الحراك الشعبي لا يمكن اختزاله في بعض الإصلاحات الطفيفة وتحسين وجه النظام القائم. لا يوجد تغيير بدون القظاء على جذور السيطرة السياسية والاقتصادية والثقافية والمرتبطة بأنماط الإنتاج وكسر شوكة التحالفات السياسية المعادية للسيرورة التحريرية للشعب الجزائري. ان الانعتاق الحقيقي للشعب لا يمكن ان يتم دون العمل على توحيد جميع نضالاتنا الاجتماعية والسياسية التي تصب في مجرى التغيير. جدلية الحراكات الفئوية والكلية مترابطة ومتكاملة، وحجب هذه الترابطات هو إجحاف وحتى جريمة في حق السيرورة الثورية. الفرصة مازالت امامنا ان عودة المسيرات والتجنيدات الشعبية بمناسبة العام 2 للحراك فرصة لإعادة بناء حراكنا الشعبي على أسس تنظيمية وديموقراطية تساعد على ترصيص صفوفنا امام التحديات والرهانات السياسية القادمة. وجب علينا الوقوف بكل موضوعية على نقاط ضعفنا وحدودنا الهيكلية والسياسية. حدود مرتبطة أساسا بالمسألة التنظيمية والبديل السياسي المبني على الديموقراطية الحقة والمساواة بين المواطنات والمواطنين على كل الأصعدة سواءا سياسية، اقتصادية،اجتماعية وثقافية. فالتغيير لا يتم بالعفوية والشعبوية، بل بقدرة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين على بناء جسور التضامنات وبناء الأطر الوحدوية في جميع فضاءات الحياة والعمل.

شارك المقالة

اقرأ أيضا