مصير نضالات عمالية: مصبرات الضحى ومغرب ستيل ولاسامير وسيكوميك

 

 

يحصد عمال وعاملات المغرب هزائم متواصلة في معاركهم الاجتماعية ضد الباطرونا ودولتها، فكلما باشرت الطبقة العاملة نضالا دفاعيا عن طفيف المكاسب أو انتزاع بعض الحقوق التي ينص عليها قانون الشغل ذاته، إلا وتعرض العمال/ت إلى شتى صنوف القمع و التضييق والحصار. معارك كثيرة و وازنة خاضها العمال بكفاحية مستميتة ونفس طويل انتهت إلى الكارثة، يرجع السبب في هذه النتائج إلى عدة اعتبارات منها: ضعف التضامن العمالي و خيانة البيروقراطية النقابية ووقوفها في موقع المتفرج على ذبح نضالات العمال، علاوة على التحالف الفعلي بين الباطرونا أي البرجوازية المالكة لوسائل الانتاج و الدولة التي تحمي مصالحها الطبقية بالقمع.

 في النص التالي سنعيد تذكير مناضلي طبقتنا العماليين بمصير نضالات عمالية سحقت بعد كفاحات بطولية لم تنل النصر الكامل ومعارك أخرى جارية قد تلقى ذات المصير. والغاية من هذا التذكير استخلاص الدروس و العبر في القادم من المعارك الطبقية، والدعوة إلى اعتبار الهزيمة العمالية حافزا للنضال لا مشتل لغرس الاحباط واليأس.

عمال مصبرات الضحى:

مصبرات الضحى في منطقة أيت ملول، معمل ُيشغل آلاف العمال، في قطاعات مُتعددة، تملكه عائلة بيشا، طرد هذا الأخير المكتب النقابي التي تشكل خلال موجة 20 فبراير2011 حيث انتزع مكاسب اجتماعية مهمة، استغل رب العمل فترة التجديد سنة 2015، وبدأ مناورات مكنته من انهاء العمل النقابي بالمنشأة. لتكون تلك بداية معركة طبقية قل مثيلها في المغرب بين العمال و الباطرونا، حوالي 700 عاملة وعامل شاركوا في اضرابات واعتصامات انتهت بالهزيمة وتشريد العائلات العمالية.

لم تلقى المعركة التي خاضها عمال مصبرات ضحى في أيت ملول تضامنا وازن من القطاعات العمالية الأخرى، زد على ذلك أن القيادات النقابية كان لها دور مخزي في الحاق الهزيمة بالعمال، فلا تعبئة حقيقية في القواعد ولا حشد للعمال في باقي القطاعات النقابية المنظمة… يبدو جليا أن الطاقة العمالية المكافحة قادر على صنع النصر وكسب المعارك شريطة أن تقوم القيادات النقابية بدورها الكفاحي. لا يمكن إلقاء جريرة الهزيمة على القيادات النقابية وفقط بل حتى اليسار العمالي والمناضل معني بنتائج المعارك العمالية، نظرا لضعفه البائن وتشتت قواه وعدم إدراكه سياسيا لأهمية المعارك العمالية من هذا القبيل. يتجلى ذلك في ضعف التغطية الاعلامية و المتابعة الميدانية للمعارك و المساهمة في تنظيم العمال وتوعيتهم بالسبل المتاحة…

عمال الشركة المغربية للصلب (مغرب ستيل)

تعود ملكية مغرب ستيل إلى عائلة السقاط، تَشتغل الشركة في مجال انتاج الصُلب (الحديد…)، الموجه إلى السوق الداخلية وإلى التصدير، دخل المصنع في دوامة مشاكل لا حصر لها: ديون متراكمة وأحكام قضائية وعدم أداء المستحقات للعمال…الخ. اقتربت الشركة من حافة الافلاس، ويرجع أصل مشاكلها المالية والادارية…وتبعاتها على العمال حيث شرد حوالي 630 عامل. إلى الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالرأسمالية، بالإضافة إلى الاتفاقيات الاستعمارية المسماة بالتبادل الحر التي أبرمتها الدولة مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، تقضي بنود الاتفاقيات بفتح الحدود أمام السلع الأجنبية دون رقابة جمركية…أفضى هذا الواقع الاقتصادي الجديد إلى إغراق البلد بالسلع الأجنبية الرخيصة و إفلاس عدة شركات محلية منتجة.

خاض عمال الشركة إضرابات عدة منذ سنة 2015، من أجل مستحقاتهم المالية، وكما هي عادة الباطرونا ودولتها، قمع العمال و اعتقلوا بعد أن قامت الشركة بكسر إضرابهم مستعينة بخدمات ” كاسري الاضراب” …لايزال الملف المطلبي لعمال مغرب ستيل مطروحا للنضال بعد رفض الشركة عودة المضربين وطرد المكتب النقابي، ما يستدعي من المنتسبين إلى قضايا تحرر العمال، النقابيون وغيرهم من المناضلين العماليين، المساهمة في التعريف بمعركة عمال مغرب ستيل وحشد التضامن العمالي وحفزه.

معركة عمال لا سامير

تمت خوصصة شركة لاسامير سنة 1997، حيث تم بيعها لمستثمر خليجي ” شركة جليك” ، بعد ذلك غابت الدولة كليا عن أي تتبع للمسار الاستثماري للشركة حسب دفتر التحملات. تبعات خوصصة الوحدة الانتاجية لتكرير البترول في مصفاة المحمدية لاسامير، كثيرة منها:  توقف الشركة عن العمل منذ سنة 2015 وتشريد العاملين والدخول في دوامة اخضاع البلد إلى تقلبات أسعار المحروقات دوليا، في حين بالإمكان تأمين الحاجيات الطاقية وتخفيض كلفة المحروقات .

لاتزال معركة شركة لاسامير مطروحة بقوة، فالمصفاة متوقفة عن العمل، والعمال يرفعون مطلب تدخل الدولة وتأميم الشركة لانقاد العائلات من التشريد والحفاظ على شركة عمومية من وزن لاسامير لما لها من دور اقتصادي. الدعوة إلى تأميم الشركة إحدى مهام اليسار الجذري للعمل على ترويجها اعلاميا وحتى في المعارك العمالية المنبعثة هنا وهناك، فالمشاكل واحدة في كل القطاعات الانتاجية في المغرب. فلتكن مهامنا الراهنة هي الدعاية من أسفل لمشروعنا الاشتراكي الثوري، ولنبدأ من المعارك الصغيرة.

عاملات وعمال سيكوميك، سيكوم سابقا في مدينة مكناس: معركة على شفى الهزيمة

استعمل مدير معمل النسيج سيكوميك في مدينة مكناس عدة حيل وألاعيب لقهر العاملات و العمال، لتخلص منهن والتهرب من أداء كل المستحقات التي في ذمته. تشغل الشركة منذ نشأتها حوالي 1600 عاملة، منهن من قضين 40 سنة في العمل. بدأت الحيل القذرة مع تغيير اسم الشركة وبيع العقار لأخ المدير العام وكذلك بيع وسائل النقل إلى شركة أخرى وإغراق الشركة في دوامة الديون الخ…حيل لا حصر لها ضحيتها العاملات و العمال، حيث تم تشرد أزيد من 700 عاملة بدون أي حقوق. ناضلت العاملات وخرجن إلى الشارع محتجات على تشريدهن، وكانت أخر خطواتهن النضالية منع انعقاد المجلس الجماعي في مدينة مكناس يوم الجمعة 2 فبرير 2018. لكن مرة أخرى بقيت البيروقراطية النقابية مكتوفة الأيادي ومستنكفة عن أي تدخل نضالي لمؤازرة العاملات في محنتهن ضد الباطرونا ودولتها. انتهى مصير العاملات إلى التشريد مع تبعات ذلك على المستوى الاجتماعي: تدريس الأطفال و مصاريف المعيشة و العلاج …الج. لم تصرف مستحقات العاملات والعمال بعد التسريح. معركة لاتزال قائمة ولم تكتب لها الهزيمة الكاملة رغم تشريد العمال/ت وتصفية الشركة. يستمر العمال/ت بالمطالبة بالمستحقات: الضمان الاجتماعي و التعويض عن عقود من الاستغلال…الخ. التعريف بالمعركة الحالية وحفز القوى العمالية لنصرتها مهمة أنية وسبب من أسباب وجود اليسار المناضل.

لا تجعنا الهزائم محبطين ومفلسين بل تصلب عودنا وتدفعنا إلى البحث عن سبل الانتصار.  

بقلم، فودة إمام

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا