الاتحاد المغربي للشغل: حشد 20-21 مارس 2015 بالدار البيضاء، استمرار المحجوبية ومهام اليسار المناضل

جرى يومي 20 و21 مارس 2015 بالدار البيضاء تنظيم حشد يفوق 2000 شخصا، سمي مؤتمرا وطنيا للاتحاد المغربي للشغل. لم يستوف الحشد أيا من مواصفات مؤتمر منظمة عمالية. فلا نقاش قبلي لتقييم الحصيلة، ولا تحليل للوضع المتسم بتصاعد العدوان البرجوازي على الطبقة العاملة، ولا انتخاب ديمقراطي للمندوبين، ولا كشف حساب لمالية المنظمة، ولا برنامج عمل لمواجهة الحرب الطبقية المستعرة. هذا فضلا عن حضور ممثلي العدو الطبقي، من مسؤولي منظمة ارباب العمل، وجهاز الدولة، وأحزاب برجوازية.
إن عدد المشاركين الهائل في حشد 20 و21 مارس هو بذاته إحدى التلاعبات المعرقلة التي عادة ما تلجأ إليها القيادات المستبدة لإفراغ المؤتمرات من أي مضمون، حيث يتعذر أي نقاش فعلي وتُستعمل الكتلة المجندة لإسكات أي معارضة. ثم إن غياب نقاش قبلي فعلي، يتيح التعبير الحر عن معارضة الخط الرسمي، ينزع عن المؤتمر المزعوم كل صفات هيئة قرار وطنية.
بعد مناورة ما سمي مؤتمرا عاشرا (ديسمبر 2010)، حيث فاز خلفاء المحجوب بن الصديق بتزكية وتبرئة ذمتهم من عشرات السنين من جرائم خيانة مصلحة الطبقة العاملة، مقابل تنازلات جوفاء لرفاق عبد الحميد أمين (تمثيل في الأجهزة القيادية، وصياغة مشاريع الأدبيات). تحررت البيروقراطية من تبعات تلك التنازلات بتصفية المغضوب عليهم، وفرض الأمر الواقع الموروث عن حقبة بن الصديق: إعدام أية ديمقراطية داخلية، وجعل النقابة العمالية أداة بيد البرجوازية ودولتها لتدبير المسألة الاجتماعية بما يخدمهما.
ليس حشد مارس 2015 غير استمرار في الجوهر لكل ما سبقه: فوثائق “المؤتمر” العاشر (2010) لا تعكس رأيا يحظى بأغلبية داخل المنظمة العمالية، بل مجرد ترضية مؤقتة اقتضاها سعي قمة البيروقراطية إلى عبور منعطف اختفاء المحجوب بسلام. منذ مطلع سنوات 1960، وبعد ارتكاز شريحة ذات امتيازات على ما أغدقت عليها الملكية المتصارعة آنذاك مع يسار الحركة الوطنية، تكرس انتفاء الديمقراطية داخل الاتحاد المغربي للشغل، وصار اقتناص فرص الاغتناء قانونا يحكم سيره الداخلي مستبعدا أي تعبير عن معارضة. وعلى مر العقود بلغ ارتشاء البيروقراطية مستوى تلاعبات خيالية في أموال صناديق عمالية (الضمان الاجتماعي، الأعمال الاجتماعية، التعاضدية). لقد مثلت الشريحة المحجوبية سندا سياسيا دائما للملكية، و لا تزال.
إن نجاح البيروقراطية المحجوبية في تسيير المنظمة النقابية على منوال حشد 20-21 مارس 2015 ناتج عن تيه قسم عريض جدا من القاعدة العمالية وسلبيته، تيه وسلبية ناتجين عن غياب قطب ديمقراطي كفاحي معارض للبيروقراطية برؤية وبرنامج نضال بديلين.
لقد دل حشد 2010 العاشر، ورديفه الحادي عشر في 2015، أن الدفاع عن مصلحة الطبقة العاملة، الآنية والتاريخية، إذ يفرض على اليسار الثوري التواجد أينما وجد عمال مناضلون، فإنه يستلزم التسلح برؤية للعمل النقابي، مستقلة عن البيروقراطية، ناهضة بالمهمة المزدوجة، مهمة النضال لتحسين أوضاع الطبقة العاملة الآنية بما ينمي قدرتها على الكفاح، والنضال للقضاء على الاستغلال الرأسمالي.
وهذه الرؤية ديمقراطية بطبعها، سواء في تسيير المنظمة العمالية، أو تسيير النضالات الذاتي (تجمعات عامة ذات سيادة، ولجان منتخبة قابلة للعزل، وتمثيل نسبي بناء على برامج…).
لقد برهنت التجربة أن مسايرة البيروقراطية للفوز بمواقع في الجهاز سياسة خاطئة، ,ان مقررات لا تعبر عن أغلبية فعلية مقتنعة لا تساوي شيئا، وأن تفادي قمع البيروقراطية يجب ألا يصل مستوى التخلي عن الجوهر.
البيروقراطية المحجوبية بالغة الفساد، مرتكزة على مصالح مادية هائلة تشدها إلى البرجوازية و النظام، فيما تـؤم القاعدة العمالية الاتحاد المغربي للشغل للدفاع عن قوتها اليومي وحرية التنظيم والنضال، لذا يتعين على مناضلي اليسار العمل في هذه المنظمة وفق خط الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة الآنية والتاريخية على طرف نقيض من خط البيروقراطية: أي خط يسار نقابي كفاحي وديمقراطي، يتقي قمع البيروقراطية دون تفريط في الجوهر، وقادر على تحمل التضحيات الناجمة عن ذلك القمع. وفي الآن ذاته يطرح وجود التوجه الديمقراطي مهمة تحصينه، اتقاء لسعي البيروقراطية الى تفكيكه بالمناورات و الخدع (آخرها أحبولة ما سُمي مفاوضات مع بعض مكونات التوجه ممهدة لحشد 20-21 مارس )، ومهمة بنائه ديمقراطيا، ليمثل منارة نضال تحرري مسير ديمقراطيا في الساحة النقابية المهترئة.
إن تقييما إجماليا لمسار العمل في الاتحاد المغربي للشغل، ولمساومة “المؤتمر” العاشر، وتجربة “التوجه الديمقراطي”، من وجهة نظر مصالح الطبقة العاملة و بناء ادوات نضالها النقابي و السياسي، مهمة ملحة لا تقبل تأجيلا، وبدونها سيظل مناضلو اليسار بلا بوصلة.

– مع الشغيلة المناضلين في الاتحاد المغربي للشغل، ببوصلة نضال بروليتاري تحرري ديمقراطي
– مع تحصين التوجه الديمقراطي وبنائه ديمقراطيا وكفاحيا
– مع وحدة الفعل النضالي العمالي، وبناء أداة استقلال العمال سياسيا

تيار المناضل-ة
28 مارس 2015

شارك المقالة

اقرأ أيضا