الجزائر: عاش الكفاح العمالي والشعبي؛ من أجل الحريات الديمقراطية، العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية!
البيان للتحميل بصيغة بي دي اف: الجزائر
يحل أول ماي 2025، وهو التاريخ الأممي الذي يرمز الى الكفاح الطبقي للحركة العمالية والشعوب ضد النظام الرأسمالي في كل العالم، في ظروف تتسم بالحروب، كما هو الحال في أوكرانيا التي تشهد احتلال جزء من أراضيها من طرف روسيا وكذلك فلسطين التي تشهد حرب إبادة في غزة والضفة الغربية من طرف الكيان الصهيوني المجرم وحلفائه الغربيين وبتواطؤ من الأنظمة العربية. كما تتميز نفس الظروف بصعود أفكار اليمين المتطرف والفاشية الجديدة في اوروبا وأمريكا، نتيجة أزمة النظام الرأسمالي في صيغته المعروفة باسم “الليبرالية الجديدة”، خاصة بعد بروز قوى اقتصادية وعسكرية إمبريالية جديدة كالصين وروسيا. هذه الأوضاع، ساعدت على بروز انظمة تسلطية وسياسات محافظة تقمع الحريات الديمقراطية والنقابية وتلغي الكثير من المكاسب الاجتماعية التي تحققت بفضل نضالات الحركة العمالية العالمية منذ أكثر من قرن ونصف وكفاح الشعوب ضد القهر الاجتماعي والاستعمار والعبودية.
في نفس السياق، وفي ظل “اقتصاد السوق” و ” المنافسة الحرة” والسعي الى “الربح الرأسمالي” تفاقم استغلال ونهب الثروات الطبيعية والمواد الأولية شراسة. وهكذا، ازداد تدهور البيئة حدة وازدادت انعكاساته على كل الكائنات الحية حيث تضاعفت الكوارث “الطبيعية” المختلفة من فيضانات وحرائق وجفاف، وارتفعت حرارة المناخ لتصبح الحياة على كوكب الأرض مهدّدة أكثر من أي وقت مضى.
في الجزائر، تحل ذكرى أول ماي في ظل هذه الظروف العالمية المتأزمة الخطيرة مع استمرار سياسة النظام القمعية المتواصلة منذ الحراك الثوري الشعبي والمتزامنة مع فرض التوجه الاقتصادي الليبرالي-الرأسمالي وانعكاساته الاجتماعية الكارثية على العمال والمتقاعدين والبطالين والشباب وكل الشرائح الشعبية.
ففي الوقت الذي تبرز فيه ضغوطات القوى الامبريالية على بلدنا من أجل مساومة النظام وابتزازه لفرض مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية، مما أدى إلى إضعافه على المستوى الإقليمي والدولي، يواصل النظام داخليا سياسة قمع كل الاحتجاجات السياسية والاجتماعية باللجوء للاعتقالات التعسفية وإلغاء الحريات الديمقراطية والنقابية والتضييق على الممارسة السياسية والجمعوية وحقوق الانسان.
وهكذا، يعمق النظام انعزاله عن الشرعية الشعبية كما تجلى ذلك بوضوح خلال مهازل الانتخابات الشكلية المختلفة، لا سيما في رئاسيات سبتمبر الماضي. فخطابه الشعبوي المتكرر حول تدعيم “الجبهة الداخلية” للتصدي للقوى والمؤامرات الخارجية متناقض تماما مع ممارساته التسلطية التي تقوض السيادة الشعبية والحريات في بلدنا. لكن، هذا الاختيار، كما سبق لنا الاشارة اليه، يخدم ورقة طريق اقتصادية تتمحور أساسا على مواصلة نفس النهج الليبرالي الذي يكرسه النظام منذ عقود و الذي أدى الى تحطيم القاعدة الصناعية، التي برزت خلال سبعينات القرن الماضي بفضل تشييد اقتصاد تصنيعي يرتكز على القطاع العام والصناعات الثقيلة والذي قام النظام بتحطيمه منذ سياسات الانفتاح البائسة وإعادة الهيكلة المدمرة التي فرضها صندوق النقد الدولي و الذي لازال الى اليوم يحث على تطبيقها بتشجيع القطاع الخاص والاكتفاء بالصناعات الصغيرة وخوصصة ما تبقى من القطاع العام.
هذا النهج الليبرالي الرأسمالي المتواصل، الذي يزعم تنمية البلاد عن طريق القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد وتوسيع التصدير والخروج من التبعية للمحروقات، لم يحقق التنمية الاقتصادية منذ عقود ولم يلب طموحات الشعب الاجتماعية. عكس ذلك، تفاقمت البطالة، تعممت هشاشة علاقة العمل عبر عقود العمل القصيرة المدة، تدهورت القدرة الشرائية وارتفعت الاسعار، كما تراجع مستوى المعيشة للطبقة العاملة وكل الشرائح المتوسطة والشعبية. أكثر من ذلك، أصبح القطاع الخاص المحلي، وحتى الأجنبي، يسيطر على اقتصادنا ويفرض ظروف عمل أقرب من عبودية القرن التاسع عشر، ضاربا عرض الحائط حقوق العمال المكرسة في القوانين ومن أهمها الحق النقابي والضمان الاجتماعي ومستوى الأجور، الخ. السلطة القائمة تقوم بدعمه في هذه الممارسات اللا قانونية بما أنها لا تتدخل لتوقيف وردع هذه المخالفات. أكثر من ذلك، فهي تسن القوانين التحفيزية التي تمنح أرباب العمل الخواص الاعفاءات الضريبية والتسهيلات المالية وتفتح لهم الخزينة العمومية. كما تواصل السلطة خوصصة القطاع العام حيث توسعت اليوم لتشمل قطاعات استراتيجية مثل البنوك العمومية والمناجم وغيرها. وفي نفس السياق، بعد ما قامت السلطة بفرض قوانين قمعية تكبل الحريات السياسية، فرضت منذ 2023 قوانين جديدة تحد من الحق النقابي وحق الاضراب مؤكدة بذلك أنها حليفة لأرباب العمل وليس للعمالل.
المقاومة متواصلة ولن تتوقف
وأمام هذه الأوضاع الكارثية على المستويين العالمي والوطني، يقوم العمال والشبان والنساء والشعوب في مناطق متعددة من العالم بالتعبئة والتجند ضد هذا الانحطاط المدمر للإنسانية وللطبقة العاملة والشرائح الشعبية.
فالمقاومة الفلسطينية فرضت ديناميكية جديدة بفضل حملة تضامن شعبية عالمية بمشاركة الملايين التي لازالت مستمرة ضد حرب الإبادة في غزة وفلسطين وضد الكيان الصهيوني وحلفائه في أمريكا وأوروبا.
كما ان خروج مئات الآلاف من المتظاهرين، وخاصة الشباب، في كل مدن الولايات المتحدة الأمريكية في 05 أبريل الماضي، ضد سياسات ترامب الفاشية والمهددة للسلام والحريات والمكاسب الاجتماعية، هي بمثابة استفاقة للشعب الأمريكي ضد سياسة ترامب والاوليغارشيا التي تدعمه.
الاضرابات العمالية المتعددة والتعبئة الشعبية خلال الأشهر الأخيرة في تركيا وألمانيا كما في كوريا الجنوبية وصربيا واليونان وغيرها تعبر عن رفض العمال والشعوب لهذا النظام الرأسمالي الامبريالي العنصري والمتوحش.
في الجزائر كذلك، ورغم القمع وحظر الحريات الديمقراطية والنقابية، وتجميد أحزاب سياسية عمالية وديمقراطية، كحزب العمال الاشتراكي PST والحركة الديمقراطية الاجتماعية MDS، وكذلك جمعيات شبابية وحقوقية مثل راج والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان، لم تتوقف النضالات والاضرابات في قطاعات مختلفة گإضراب الأطباء المقيمين، اضراب اساتذة وعمال التربية، الإضرابات العديدة لعمال البناء، اضرابات عمال الشركات الاجنبية في الجنوب مثل اضراب عمال الشركة الصينية CRCC وغيرها. كما لم تتوقف حملة التضامن مع مئات المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، لاسيما عبر الفايسبوك والشبكات الاجتماعية. من جهة أخرى، عبر المحامين، والذين يواصل العديد منهم تطوعهم النبيل للدفاع عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الراي، عبروا من خلال نقاباتهم أيضا عن رفضهم للتعديلات المزمع إدخالها على قانون الاجراءات الجزائية والتي تمس بحق الدفاع وتعزز السلطة التنفيذية عن طريق النيابة العامة وتقوض المحاكمة العادلة. كل هذه الحركات الاجتماعية العمالية والديمقراطية تصب في نفس الاتجاه من أجل مطالبة النظام بتغيير سياسته الليبرالية الرأسمالية التي أفقرت أغلبية الشعب رغم الرخاء والاحتياطات المالية الكبيرة من جهة، ومن أجل توقيف القمع والمسار الأمني التسلطي وإعادة تكريس الحريات والحقوق الديمقراطية من جهة أخرى.
لذلك، ينبغي توحيد النضالات والهياكل النقابية والعمل على بناء النقابة الموحدة لكل القطاعات بدل التشتت والانقسام، نقابة مركزية ديمقراطية، مستقلة ومكافحة، تدعم وتقود النضالات العمالية.
كما ينبغي العمل من أجل توحيد صفوف المعارضة السياسية العمالية والديمقراطية في جبهة واحدة ضد القمع والانحراف التسلطي للنظام وفرض احترام الحريات الديمقراطية.
ففي هذه الظروف الإقليمية والدولية الصعبة والتهديدات الخطيرة التي تحدق ببلادنا فإنه يتوجب على النظام ان يغير مساره القمعي وان يتخذ عاجلا الاجراءات السياسية الضرورية لرفع كل القيود عن الممارسة الفعلية للحريات والحقوق الديمقراطية والنقابية. كما يتوجب اعتماد سياسة اقتصادية تنموية وطنية شاملة ترتكز عن القطاع العام لتعيد بعث حقيقي للصناعة الوطنية وتطور الزراعة والخدمات المختلفة. سياسة توفر مناصب الشغل لملايين العاطلين عن العمل وتلبي الحاجيات الاجتماعية لشعبنا وليس سياسة تخدم مصالح أقلية من أرباب العمل والأوليغارشيا الجديدة والشركات متعددة الجنسيات.
إن الدفاع عن الوطن واستقلاله وسيادته يقتضي سيادة وحرية شعبه. فالشعب، وقبل كل شيء، هو السد المنيع في وجه كل الاطماع والتهديدات الخارجية.
لذا يجب ان نطالب ونناضل من أجل المطالب السياسية والاجتماعية التالية:
- إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين والنقابيين ومعتقلي الرأي!
- تكريس الحريات الديمقراطية والنقابية كاملة واحترام حقوق الانسان!
- احترام حريات التعبير والتظاهر والتنظيم وحق الاضراب!
- إلغاء القوانين والأحكام والاجراءات التعسفية المعادية للحريات الديمقراطية!
- رفع الحظر عن الأحزاب السياسية والجمعيات المحظورة بصفة تعسفية بسبب مشاركتها في الحراك الشعبي!
- رفع القيود عن حرية الصحافة والصحافيين وفتح وسائل الاعلام العمومية أمام حرية الرأي وحرية التعبير لكل المواطنين والمواطنات!
- رفع الأجور لاسيما في القطاع الاقتصادي!
- رفع منح التقاعد والمنح الاجتماعية!
- رفع الحد الأدنى للأجور SNMG الى000 دج!
- ترسيم كل العمال المتعاقدين في مناصبهم!
عاش التضامن الأممي مع الشعب الفلسطيني ومقاومته ضد الصهيونية المجرمة وحلفائها الامبرياليين!
عاش التضامن العمالي والشعبي الاممي المقاوم للإمبريالية والرأسمالية العالمية!
محمود رشيدي؛ (مناضل سياسي -الأمين العام لحزب العمال الاشتراكي الموقوف عن النشاط منذ 3 سنوات)
المصدر: الجزائر: Inprecor – Alomamia
اقرأ أيضا