مسائل النضال النقابي: فهم ماركسي ثوري

صدر عن منشورات المناضل-ة كتاب جديد بمناسبة فاتح مايو 2016، يحمل عنوان؛ مسائل النضال النقابي: فهم ماركسي ثوري.  تجدونه لدى موزعات وموزعي جريدة المناضل-ة.

مقدمة الكتاب:

من أجل انتصار كفاح العمال، لا غنى عن عدة فكرية
إن للحركة النقابية المغربية تقاليد تمد جذورها في الماضي الاستعماري، لما كان الشيوعيون، أجانب ومغاربة، بناة للحركة النقابية؛ وكذلك في حقبة الاستقلال الشكلي لما ترعرعت النقابة العمالية في حضن الحركة الوطنية والملكية. وقد مثل تأسيس الاتحاد المغربي للشغل في العام 1955 تتويجا لانتزاع الوطنيين (المتحالفين مع الملكية) قيادة الحركة النقابية من بناتها الشيوعيين [ راجع الجزء 3 من تاريخ البير عياش]. وقد كان هؤلاء من طينة ستالينية طبعت بميسمها النقابة العمالية بالمغرب، تجلى ذلك في الحياة الداخلية للنقابة، وفي تقاليد النضال بالميدان، وفي منظور العمل النقابي، المقتصر على معالجة للمسألة الاجتماعية ضمن الإطار الرأسمالي الاستعماري، في تغييب تام لأفق البديل الاشتراكي، وما يتطلب من استراتيجية ومعابر انتقالية وأداوات نضال.

ولم يكن هدف وطنيي حزب الاستقلال، الذين عارضوا في البداية انضمام المغاربة إلى النقابة العمالية، خوفا من عدوى الشيوعية، سوى استعمال طاقة النضال العمالي وقودا في محرك النضال الوطني بقيادة برجوازية، ومنع استقلال العمال سياسيا.

كذلك عمل يسار الحركة الوطنية البرجوازية (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وتفرعاته) على احتواء الحركة النقابية بما يخدم مشروعه التحرري الشعبوي (تحرر من التبعية للامبريالية وبناء اقتصاد وطني،…) المتسم بحذر من اجتراح العمال خطا مستقلا. وعند نشوء شريحة بيروقراطية في النقابة، ارتكازا على مصالح مادية أسهمت الملكية في إنمائها (راجع كراس عمر بنجلون: أمراء النزعة الانحرافية العمالية…) تعمق الصدع بين هذه الشريحة و الحركة الاتحادية، وباتت تلك الشريحة معاونا للنظام في ضبط الساحة الاجتماعية.

وفي منتصف السبعينات،عند تبلور المشروع البوعبيدي، على أنقاض الشعبوية الراديكالية، احتاج بدوره إلى استعمال مقدرات العمال النضالية في مناوشة الملكية، فاستغل عفن البيروقراطية المحجوبية وولاءها للنظام لتسويغ مد هيمنته السياسية إلى قسم من الطبقة العاملة بتأسيس “البديل التاريخي” – كدش- وذلك تحت شعار معبر: “إعادة ربط الحركة النقابية بحركة التحرر الوطني”، أي جعل حركة العمال عربة وقود في قطار معارضة برجوازية تخشى استقلال العمال السياسي خشيتها الموت.

وقد ساعد على نجاح البيروقراطية النقابية في إبعاد النضال العمالي عن سكة مصالح الطبقة العاملة ومشروع تحررها الذاتي، وعلى استعمال المعارضة البرجوازية –البوعبيدية- طاقة النضال العمالية، ما آل اليه اليسار الجديد الناشئ من تجذر كوادر في حزبي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والحزب الشيوعي المغربي، هذا التجذر المحمول على موجه تجذر الشباب بعد انتفاضة مارس 1965. فقد كان هذا اليسار الثوري، فضلا عن مدى صواب تقديره للوضع وتحديده للمهام، عرضة لأكبر حملة قمع سياسي في تاريخ المغرب، حملة اجتثاث لاهوادة فيها.

عند انعطاف اليسار التاريخي إلى النيوليبرالية، ولاسيما دوره في مناورة النظام المسماة”حكومة تناوب”، تشظى “البديل التاريخي” النقابي إلى اتحادات نقابية متعددة، وأدى قصور الحركة النقابية برمتها عن الدفاع عن المصالح الآنية للطبقة العاملة إلى بروز أشكال تنظيم فئوية وقطاعية زادت ابتعاد الحركة النقابية عن أي مشروع تحرر إجمالي.

هذا المسار التاريخي هو الذي حدد السمات العامة للوضع النقابي اليوم، حيث تجد أجيال جديدة من الشغيلة نفسها إزاء خطوط سياسية تهيكل الحركة النقابية، خطوط متباينة/ متنافسة لكن قاسمها المشترك وقوفها على طرف نقيض من مشروع تحرر الطبقة العاملة من الاستغلال الرأسمالي، ومن ثمة على طرف نقيض من مستلزمات ذلك التحرر على صعد أهداف النضال و أدواته وسبل تسييرهما الديمقراطي.

ففيما يخص أهداف النضال بات الاقتصار على التحسين الظرفي الطفيف لأوضاع الاستغلال منفصلا كليا عن أي مشروع تحرر إجمالي، ومحكوما بسياسة “الشراكة الاجتماعية”، أي التعاون مع أرباب العمل ودولتهم في تدبير المسألة الاجتماعية.

هذا الخط لا يستلزم شعارات نضال تبني جسرا بين المطالب اليومية والهدف النهائي، هدف التحرر من الاستغلال و الاضطهاد الرأسماليين.

و طبعا لا يستلزم هذا الخط تسييرا عماليا ذاتيا للكفاحات، بل تحكما فوقيا وضبطا بيروقراطيا مفضيا إلى قمع أي معارضة و إسكات أي صوت ناقد، واستبعاد أي شكل تنظيمي معبر عن إرادة الشغيلة الجماعية الواعية، مثل لجن الإضراب المنتخبة من قبل جمع عام للمضربين والقابلة للعزل من قبلهم.

في خضم الوضع النقابي الراهن، ببلبلته السياسية، وتعدد التأثيرات المتطفلة على حركة العمال، يحتاج مناضلو طبقتنا الأوفياء لعلة وجود النقابات، بوصلة فكرية توجه جهود البناء والنضال. وقد دلت تجربة ما جرت العادة على تسميته “التوجه الديمقراطي” في الاتحاد المغربي للشغل، على الحاجة الماسة، والعاجلة، إلى هكذا بوصلة مستوعبة لدروس الكفاح العمالي عالميا.

مد مناضلي طبقتنا الكفاحيين بتلك البوصلة هو الذي حدا بجريدة المناضل-ة لانتقاء نصوص هذا الكتاب، وهي نصوص تلخص أهم دروس حركة تحرر العمال، فيما يخص الجسور بين الأهداف الآنية وغاية التحرر النهائي، وسبل تسيير النضالات ديمقراطيا، ومعضلة البيروقراطية النقابية، وباختصار كل إشكالات عمل الثوريين في النقابات. وهي دروس مستخلصة من فترات تقدم حركة العمال التحررية عبر مسارها الحافل بالانتصارات وبالهزائم، وبهذه أكثر من تلك.

قد تبدو هذه النصوص غريبة عن الواقع العمالي اليوم، بما فيه واقع البلدان الامبريالية حيث سجلت الحركة العمالية أخصب تجاربها، لكنها غرابة ظاهرية تعود إلى الحضيض الذي أسقطت فيه الستالينية والاشتراكية الديمقراطية حركة تحرر العمال العالمية، وإلى مصاعب الصعود من ذلك الحضيض في ظل أزمة الرأسمالية العالمية وأزمة مصداقية البديل الاشتراكي.

نهدي هذا الكتاب، بما هو مرشد عمل وخلاصة دروس تاريخية، لمناضلي طبقتنا ضحايا العسف البيرقراطي، والقمع البرجوازي، الذين يكدون لتجسيد تقاليد الكفاح العمالي الديمقراطية والثورية، ولغرسها من أجل نجاح العمال في جولات النضال الطبقي اليومية، وأيضا من أجل إمساك العمال أنفسهم بزمام المجتمع برمته وبكل السلطات.
جريدة المناضل-ة

———-

محتويات الكتاب:

تقديم……………………………………… 03                                                                                                       العمل النقابي الكفاحي والحزب الثوري…07                                                                                                البيروقراطية في المنظمات العمالية…….55
من أجل الديمقراطية العمالية………….. 61                                                                                                        الهجمات على الحريات النقابية …………72
لجان الاضراب والديمقراطية العمالية…….84
الاضراب العام ……………………………. 93
الرقابة العمالية والإستارتيجية الثورية… 125                                                                             الفهرس…………………………………. 136

شارك المقالة

اقرأ أيضا