لا للبطش بالمحتجين، ومن أجل تطوير كمي ونوعي للحراك الشعبي بالحسيمة ونواحيها

سياسة11 فبراير، 2017

 

 

 للتحميل: Huceima lutte

شهدت مدينة الحسيمة (شمال المغرب)، يوم الأحد 05 فبراير 2017، قمعا وحشيا للمحتجين من سكان المنطقة خلال احتفالهم بالذكرى 54 لوفاة المقاوم محمد بن عبد الكريم الخطابي. دعا نشطاء الحراك الشعبي بمنطقة الريف إلى وقفة شعبية لعرض الملف المطلبي الكامل على سكان منطقة الريف، وتخليد ذكرى وفاة محمد عبد الكريم الخطابي.

ومنذ صباح يوم الاحتجاج، شهدت مدينة الحسيمة إنزالا مكثفا لمختلف قوى القمع، وحاصرت ساحة “كالابونيطا”، مكان الاحتجاج. وبهذا حولت آلة قمع النظام احتجاجا سلميا مواجهات عنيفة مع المحتجين، ومطاردات لهم في شوارع الحسيمة والتنكيل بهم، وأنباء عن عشرات الاعتقالات، وأعمال تخريب قامت بها عناصر القمع…

كلما حشدت الدولة آلتها القمعية، كلما حولت الاحتجاج لأعمال عنف وتخريب من فعل آلتها القمعية نفسها، إنه درس لكل الاحتجاج السلمي الذي شهده المغرب مؤخرا. حجتها أن الوقفات الاحتجاجية لم تكن قانونية، وكأنها لا تقوم بمنع وقمع العشرات بل المئات من الوقفات المستوفية لما تسميها إجراءات قانونية، أو أنها لا تحرم العشرات بل المئات من الجمعيات والمنظمات من حقها في الوجود القانوني والمئات من الأنشطة النضالية رغم استيفائها لكل الشروط القانونية المطلوبة… هذا فضلا على أن مئات الاحتجاجات جرت ابان 20 فبراير وفيما بعدها “دون ترخيص” ولم يسجل خلالها أي تخريب أو فوضى… فقط كلما تدخلت الترسانة القمعية للدولة كلما تحول التظاهر إلى مأساة: تنكيل وتخريب واعتقال ومحاكمات…

احتجاج السكان بمنطقة الريف استمرارا للحراك الذي بدأوه إثر المقتل المأساوي لبائع السمك محسن فكري، وهو احتجاج مشروع وعادل، واحتجاج سلمي للضغط على الدولة حتى كشف الحقيقة حول مقتله ومحاسبة الجناة.

يستمر التظاهر لأن سكان المنطقة، على غرار باقي مناطق المغرب، لديهم مطالب اجتماعية واقتصادية عادلة ومشروعة، وهم مصرون على انتزاعها، ولن يثنيهم التنكيل بالنشطاء وقمعهم عن مواصلة النضال، ولا حل للدولة سوى التفاوض مع لجان الحراك الشعبي في كل مناطق الريف والاستجابة لمطالب السكان العادلة والمشروعة

إننا ندعم دعوة محتجي منطقة الحسيمة وضواحيها إلى تكثيف أشكال التضامن العمالي والشعبي في كل ربوع البلد من أجل تجديد التأكيد على التضامن والوحدة الشعبية في النضال ضد الحكرة وضد التسلط والتعسف والقمع ومن أجل مغرب حقيقي للحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية. وندعم مطالبتهم برفع العسكرة والحصار على الحسيمة وضواحيها، ومطالبتهم جميع المغاربة إلى “التحرك العاجل من أجل فك الحصار على المنطقة وتحصين سلمية وحضارية الاحتجاجات”.

من أجل تعزيز الحراك سيرا نحو النصر

إن تقدم الدينامية النضالية القائمة في الحسيمة ومحيطها أمر بالغ الأهمية لباقي مناطق المغرب حيث يعاني الكادحون من اوضاع شبيهة ناتجة عن نفس السياسات النيوليبرالية.

وقد دلت تجارب نضال إقليمي سابقة، من قبيل التعبئات الشعبية العارمة في افني-ايت بعمران من سنوات 2005 إلى 2008 على ان عدم امتداد النضال واتخاذه بعدا وطنيا يسهل على العدو تطويقه وإفشاله بالمناورات والوعود الكاذبة والتنازلات الطفيفة التي سرعان ما تفرغ من محتواها.

ثم إن ضمانة تعزز النضال الشعبي وصموده امام مناورات ودسائس العدو هي تسييره الجماعي والديمقراطي بواسطة هيئات شعبية منتخبة (لجان أحياء، تنسيقيات، جموع عامة…) تتيح حرية التعبير والمشاركة لجميع المحتجين والمحتجات، منتمين نقابيا أو حزبيا، او غير منتمين. حيث يكون بوسع أي كان أن يطرح أمام الجميع وجهة نظره في المطالب وفي كيفية بلوغها واشكال التنظيم، وحيث يكون التفاوض خاضعا لرأي ومصادقة الأغلبية.

إن الانطواء، والسير خلف وهم إمكان تحقيق مطالب هي في جوهرها ذات بعد وطني، دون امتداد التعبئة وطنيا، سيؤديان بالنضال الى إنهاك القوى، ثم إلى التلاشي دون بلوغ الأهداف.

ان العدو يفكر ويخطط ليل نهار في كيفية عزل التعبئة الشعبية في الحسيمة ومحيطها كي لا تكون شرارة توقد مجمل البلد النائم على حمولة اجتماعية تفجرية ناتجة عن استشراء البطالة والإفقار. ولا حماية للحراك النضالي من أي امتطاء او كبح او نسف من الداخل إلا بتسييره الديمقراطي، أي ابتكار اشكال إشراك الجميع، وانخراط التنظيمات النقابية التحتية (ليس الاجهزة فقط) فيه انخراطا تاما كما فعلت الحركة النقابية في تونس. وهذا الانخراط لن يستقيم الا بنفض عصبيات الانتماء الى هذه النقابة او تلك وتوحيد المطالب والتحركات النضالية.

الرصيد من دروس النضال الشعبي كبير، من بوعرفة الى طاطا إلى صفرو وافني ايت بعمران، وتنسيقيات مناهضة غلاء المعيشة، وتجربة الاعتصام الشعبي حول منجم ايميضر، وأعظمها خبرة 20 فبراير المجيدة، وثراء هذا الرصيد مكسب كبير للحراك الشعبي في الحسيمة ونواحيها، والثقة كبيرة في أن يستفيد منها شباب المنطقة لتطوير الحراك الشعبي وامتداده.

تيار المناضل-ة، 11 فبراير 2017

شارك المقالة

اقرأ أيضا