فنزويلا: أيام مظلمة للسكان

بلا حدود31 مارس، 2019

 

 

 

بعد شهرين من إعلان خوان غايدو نفسه «رئيسا مؤقتا»، بتخطيط واشنطن، وبعد شهر من سعيه إلى «غزو إنساني» انطلاقا من الحدود الكولومبية، يظل الوضع غامضا للغاية في فنزويلا.

إن المسألة الوحيدة المؤكدة هي حجم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها شعب فنزويلا: تضخم بلغ أرقام فلكية بـ 5 أو 6 أصفار، والقوة الشرائية للراتب الأساسي المقدر بـ 6 دولارات شهريا، ونقص في الأدوية الأساسية والتي لا غنى عنها مثل الأنسولين، إلخ.

دوامة الأزمة

الجذور الهيكلية لهذه الأزمة معروفة: الاختيارات العميقة للتشافيزية التي تراهن كليا على اقتصاد استخراجي، وعائدات الدولة الناتجة حصرا عن تصدير النفط. خيارات دون هوامش مناورة عبر احترام شامل للملكية الرأسمالية المحلية وآليات مالية عالمية، ومواصلة الالتزام بدفع فوائد الديون كاملة.

أدى الفساد والسوق السوداء وتهريب الرساميل، التي تمارسها الفئات العليا من البيروقراطية البوليفارية والطبقات البرجوازية التي لا تزال مالكة (ولم يتم مصادرة أملاكها)، إلى تسريع بروز دوامة الفساد وتفاقمها.

من الواضح أيضًا أن سياسة «الحرب الاقتصادية» التي انتهجت منذ حكم أوباما، والتي عززها ترامب إلى حد كبير، تساهم في مفاقمة عواقبها. تعتبر سيطرة ترامب مؤخرا على شركة CITGO، الفرع الأمريكي الشمالي لشركة النفط الوطنية الفنزويلية PDVSA، مثالاً صارخًا.

إن «انقطاع التيارالكهربائي» الهائل مؤخرا والذي ضرب البلد برمته يلخص الوضع جيدًا. انقطاع مفاجئ ومروع، أعلنت عنه المعارضة، لكنه كان مرتقبا أيضا من قبل النقابيين في شركة الكهرباء، أغرق المدن في ظلام، وشل الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، وأجهزة الصرف الآلي، ووحدات توزيع البنزين، وأثار انتعاشا جنونيا في المضاربة ونقصا في مياه الشرب ومعدات الطوارئ في المستشفيات. باختصار، فوضى كانت المعارضة تنتظرها وتأملها بصورة أكيدة، ولكن من اليقين أيضا أن سببها إهمال حكومة مبقرطة وفاسدة.

الاستياء الشعبي

رغم كل شيء، لا تزال حكومة مادورو قائمة. في الواقع، بعد شهرين من بداية هذا الهجوم المشترك بين قطاعات يمينية فائقة الليبرالية وحكومة واشنطن ضد مادورو، يبدو أن هذا الأخير قد «فاز» في الجولة الأولى. على عكس ما كان يأمله ترامب وخوان غايدو دون شك، فإن قيادة القوات المسلحة البوليفارية، قلب وضامن سلطة مادورو، لم تغير معسكرها. إن الجماهير، غير المنتمية للطبقات الوسطى والثرية وحسب، بل أيضا الشعبية، التي تظاهرت ضد مادورو في الأشهر السابقة، لم تنزل هذه المرة بأعداد كبيرة للشارع دعما لعملية غايدو-ترامب.

ولكن من جانب مادورو، الذي نجح طبعا مرة أخرى في تعبئة عشرات آلاف الأنصار بالشارع، كان عددهم أقل أيضًا بكثير مما كانوا عليه في الماضي القريب.

مما لا شك فيه أن غالبية السكان، ترى أن الاستياء من الوضع والنظام من جهة، والمخاوف من التدخل العسكري والمشاعر المعادية للإمبريالية من جهة أخرى، لم تعد كافية لتنظيم تعبئات من هذا الجانب أو ذاك. في مثل هذا الوضع المأساوي جدا، لا بد أن يخشى كُثُر من أن يصبحوا «طعم مدافع» في معسكر معين، كما الحال بالنسبة لمادورو وغايدو، اللذين لا يثيران فيهم سوى ثقة وحماسا محدودين للغاية.

يقود القوى الموالية لغايدو أساسا يمين عنصري ومهووسون بالانتقام، يستعد لإشعال «ثورة مضادة بيضاء» حقيقية، وليبرالية فائقة، ويخطط لمحو ذكرى مكاسب مرحلة شافيز. ويقود القوى الموالية لمادورو نظام استبدادي وفاسد، يرى في «الثورة البوليفارية» مجرد شعار.

مناورات جديدة قادمة

ستشهد الأسابيع القادمة دون شك مناورات جديدة، وضربات جديدة تحت الحزام، وحتى من يدري، مفاوضات سرية بين مادورو، وحتى قطاعات أخرى من «البوليفارية» الساعية إلى بديل، وبين غايدو، أو حتى قطاعات أخرى من اليمين الساعي إلى الحصول على صفقة جيدة. حاليا، لا تبرز معالم أي مخرج مناسب لعمال وسكان فنزويلا. ويتضح بمرارة غياب قوة شعبية قادرة إلى حد كبير على تقديم منظور نضال مباشر ضد العواقب الكارثية للأزمة، وفي نفس الوقت حل سياسي ديموقراطي ومعادي للإمبريالية بعزم.

على كل حال، رغم استبعاد تدخل عسكري إمبريالي على ما يبدو حاليا، ولكنه ما زال مطروحا مهما يكن الأمر، فإن الحصار الاقتصادي والمالي المفروض على فنزويلا مستمر وفي تفاقم. ومن الواضح جدا أن تضامننا كامل مع شعب فنزويلا ضد الإمبريالية وخدامها اليمينيين.

فابريس توماس، الأربعاء 27 آذار/مارس 2019    

URL source: https://npa2009.org/actualite/international/venezuela-jours-sombres-pour-la-population

تعريب جريدة المناضل-ة

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا