الشعب الجزائري والمغربي اخوة لن تسممها أبواق الطغاة

بقلم أ.ح 

 

اثارت تصريحات منسوبة لقنصل الدولة المغربية بمدينة وهران، وصف فيها الجزائر كونها بـ”أرض عدو”، سيلَ خطابات الكراهية متبادلة بين مرتزقة تتعالى أصواتها النكرة عند كل فرصة لدق إسفين التفرقة بين الشعبين.
ليست هذه التصريحات المنسوبة سابقة، بل مجرد إضافة أخرى لركام النفايات التي راكمها إعلام البلدين وبعض مسؤوليه، الذين يُغَذُّونَ في كل لحظة وحين، العداءَ لِسَوْقِ الكادحين خلفهم باسم تراص الوطنية ضد مؤامرة الاخر. ليس هذا اختراعاً بل أسلوبا قديما قِدَمَ أنظمة الاستبداد والقهر عبر التاريخ لتوجيه الغليان الشعبي نحو عدو خارجي ولو بخلقه.
وَحَّدت المعركةُ الثورية ضد الاستعمار الإمبريالي شعوبَ المنطقة، فتكاتفت جهود المقاومين- ات من أجل الاستقلال، استشهد مغاربة وتونسيين- ات في ثورة الجزائر العظيمة، واحتضن البلدين خلايا الثورة الجزائرية كما فر مناضلون من ديكتاتورية النظام المغربي خلال الستينات والسبعينات نحو الجزائر التي فتحت أبوابها لكل ثوار الأرض.
أُجْهِضَتْ مطامح جيل ثورة التحرر من ربقة الاستعمار في إقامة وطن مستقل من التبعية للإمبريالية، ويستجيب لحاجيات شعوبه في الكرامة والحرية والتحرر الاقتصادي، بإقامة أنظمة ديكتاتورية أعادت تثبيت ركائز المصالح الاقتصادية والخضوع السياسي والارتهان للإمبريالية بشكل أشد رسوخا.
تغيب المشاعر الوطنية الزائفة عندما يتلقى النظامين الصفعات من الامبريالية، كما يتصرفون بزهو الأبله عندما ينال أحدهم تصريحا منافقا من مسؤول فرنسي أو يحظى بأول زيارة فيتباهى بانتصاره الواهم في مشهد يثير الرثاء ويدعو للسخرية من غباء قل نظيره.

الجزائر أرض المليون شهيد لا أرض أعداء
لتصمت كل النكرات التي ملأت الدنيا ضجيجا ولترتفع أصوات أحرار شعبنا الأبي “الشعب الجزائري اخوة لنا وأعدائنا هم مستغلونا وسالبوا حرياتنا وكرامتنا”. إن الآلاف اذدين صعدوا الجبال لمقاومة فرنسا المحتلة واللذين خاضوا الإضرابات في فرنسا والجزائر والأمهات اللائي ضحينا بأكبادهن وأعز ما لديهن فداء الحري،ة وهؤلاء الملايين الذين فجروا انتفاضة عظيمة ضد حكم العصابة تحت شعار “اتنحاو كاع”، هؤلاء رفاقنا- تنا واخواننا- تنا نفرح لانتصاراتهم- هن ونحزن لأحزانهم- هن ولن ينقطع حبل الاخوة والتضامن بيننا بسكاكين صدئة مراميها مفضوحة.
يحرص النظامين، طيلة العقود الأربع الماضية، على إبقاء نار الحيطة والعداء متقدة، بتغذيتها دوريا بتصريحات نزقة عمدا وباستغلال أحداث أو افتعالها لإبقاء حال الشعبين مثل حال معبر “جوج بغال”. لكن الأجيال الحديثة اكتشفت زيف الخداع فطموحاتها ترتطم دائما بحكامها الذين فقروا شعوبهم واذاقوها الويلات بسبب أوضاع اقتصادية واجتماعية لا تحتمل وأجبروها على ركوب المخاطر فرارا فعلمت أن أوضاعه متشابهة ومصيرها واحد.

الأنظمة تختلف مصالحها والشعوب يجمعها مصير مشترك
اختلاف النظامين الحاكمين حول زعامة المغرب الكبير وصراعهما حول قضية الصحراء الغربية وثقل أحداث المناوشات العسكرية في الستينيات والتوتر إبان الحرب الاهلية، وغلق الحدود وطي صفحة الاتحاد المغربي؛ كل هذا يبين خلاصة أكيدة هو عجز هذه الأنظمة عن تلبية مطامح شعوب المنطقة رغم ادعاءاتها عكس ذلك. فبماذا يمكن أن يتباهى أي منها عن الاخر في ترسيخ الحريات الديمقراطية أو بناء اقتصاد متحرر ومتقدم يلبي حاجيات شعبه؟ ومن منهما يستطيع أن يدعي كونه معافى من الفساد ونهب الثروات العامة؟ وأي منهم له تعليم عمومي مجاني وجيد ومرافق صحية عمومية تلبي حاجيات أبناء الشعب؟ ومن يستطيع أن يفاخر بتوفير الشغل الكريم لبنات الوطن ومن لا يحتفي سجله بجرائم يندى لها الجبين من سجون سرية وتصفيات خارج القانون والبولسة الشاملة للمجتمع؟
إن الهدف الذي قاتل من أجله جيل مقاومة الاستعمار الغاشم ما يزال على جدول أعمال الجيل الحالي الذي فجر انتفاضاته مند2011 وتجددت سنة 2020 وهو واعٍ تماما أن بلوغ أهدافه يمر حتما عبر اسقاط أنظمة الفساد والاستبداد التي ترشح كرها لشعوبها وتتذلل خنوعا للإمبريالية.

لأجل اتحاد مغاربي للشعوب
تحقيق اتحاد مغاربي للشعوب متحرر فعلا، ويستجيب لمطامح شعوبه في الحرية والتقدم الاقتصادي، ومنخرط بهمة في افريقيا ذات سيادة ومتحررة، هو الأفق الوحيد لتجنب إجهاض انتفاضة شعوبنا وهذا ما تدركه الأنظمة وتزرع الألغام في طريق تحققه. ان القاعدة المادية والبشرية لبناء ثقل مضاد في وجه معسكر الثورة المضادة يكمن في إعادة الوصل بما انقطع مع طموح جيل المقاومة لتحرير المغرب الكبير.
أنظمة الحكم مصلحتها في تكريس القطرية والشوفينية والارتهان بالوكيل الامبريالي وأن تبقي شعبها خاضعا لجبروتها وستناصب أي ثورة ديمقراطية جدرية تنتصر في أي بلد من بلدان المنطقة العداء حتى تهزمها لأنها ستكون حتما الحلقة الأولى التي تنكسر من سلسلة الاستبداد.
يا أحرار الجزائر من أجل التحرر والديمقراطية والكرامة، المستقبلُ أمام شعوبنا، سنبنيه ليسع أحلامنا ويلبى آمال الثوار الذين سقت دمائهم جبال ووديان وسهول أوطاننا حتى تضل تليق بأبنائها.

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا