كفاح شغيلة التعليم: نحو إضراب عام طريقا إلى نصر أكيد

الافتتاحية21 نوفمبر، 2023

تتقدم الحركة النضالية العارمة الجارية في قطاع التعليم نحو استكمال شهرها الثاني، بزخم متزايد وإصرار على الاستمرار حتى تحقيق المطالب وعلى رأسها سحب النظام الأساسي المدمر لوظيفة الأستاذ- ة ولشروط عمله- ها.

تعتمد هذه الحركة أشكال تنظيم استدعاها حجمها وطبيعتها، فكونها انتفاضة جماعية لجسم الشغيلة جعل تسيير المعركة يجري باجتماعات الشغيلة في أماكن العمل أو جموع عامة خارج المؤسسات، وتنظيم النقاش وبداية تمرس على تداول المعلومة بأشكال ديمقراطية قابلة للتطوير، ودفع إلى ابتكار أدوات تنظيمية جديدة إلى جانب قسم الحركة النقابية المتجاوب مع تطلعات الشغيلة، بينما اضطرت القيادات النقابية التي تعاونت- ولا تزال- مع الدولة إلى مسايرة الدينامية النضالية خشية تلاشي ما تُسيِّره من هياكل، وتوخيا للعودة إلى أدوارها البائسة، أدوار المساعدة على تمرير الهجمات على الشغيلة بدل التصدي لها. كما فرضت كفاحية الشغيلة في القاعدة سيرورة تنسيق بين مختلف الهيئات التي تقوم بدور فاعل في الحركة النضالية الجارية، تنسيق لا يخلو من مصاعب جمة، أولها تقاليد الانعزالية الفئوية المتجذرة في الأعماق.

هذه كلها مكاسب جاءت بها المشاركة الجماعية غير المسبوقة لشغيلة التعليم وهي مشاركة تستوجب من جهة التوسيع لتشمل سائر أجراء القطاع وأجيراته، أي شغيلة الحراسة والنظافة والإطعام والإيواء ومربيات التعليم الأولي وسائقي النقل المدرسي وأجراء وأجيرات قطاع التعليم الخصوصي، كما تتطلب توسيع نطاق الدينامية النضالية لتشمل المرتبطِ مستقبلهم- هن بمآل الوظيفة العمومية: الطلبة وضحايا البطالة من خريجي- ات الجامعات. ومن جهة أخرى ترسيخ وتطوير الممارسات الديمقراطية التي اهتدى إليها الشغيلة: النقاش الحر في أماكن العمل وانتخاب الممثلين/ات في الهيئات القائدة للنضال وقابليتهم- هن للعزل. ويتطلب التسيير الذاتي الديمقراطي للإضراب تنظيم الجمع العام للمضربين والمضربات، بكل مكان عمل، المنتمين- ات نقابيا وغير المنتمين- ات، في استقلال عن القوى السياسية والنقابية، وله صلاحية اتخاذ القرار، مهمته خدمة مصلحة الشغيلة. هذا الجمع العام بمكان العمل وظيفته تنظيم النقاش الحر لتناول كل قضايا النضال دون كابح لتجاوز الخلافات وتحديد ما الذي يدفع بالنضال وما الذي يعوقه وبالتالي إعداد الاستراتيجية الأكثر فعالية. إنه إطار تحديد المواقف واقتراح ما العمل بالتصويت، والتصويت على المطالب والأشكال النضالية وانتخاب لجنة إضراب قابلة للعزل لخلق شروط تجاوز الفئوية والكوابح النقابية، وكذا انتخابُ لجنة تفاوض.

ويتطلب تحقيق الوحدة التامة، ضمانة الانتصار، انصياع الأجهزة الفوقية لإرادة القواعد، وذلك بتوحيد برامج النضال، واعتبار كل متهرب من تحقيق الوحدة كاسر نضال ومُيسِّرا لأهداف الدولة.

إن تقوية الحركة النضالية على هذا النحو، أي بالمشاركة الجماعية الديمقراطية، شرط لا بد منه، لكنه غير كاف. فالنظام الأساسي في التعليم له نظائر في قطاعات الوظيفة العمومية الأخرى، ويندرج في خطة التفكيك التي تطبقها الدولة. وهذه مصرة على هزم شغيلة التعليم على هذه الجبهة لأنها تدرك أن إسقاط النظام الأساسي في التعليم سيؤدي إلى فشل عام لخطتها في تفكيك الوظيفة العمومية. جمعينا معنيون- ات ولا نضال بالوكالة، فلنشارك جميعا في الدفاع عن الوظيفة العمومية. يتطلب تحقيق الانتصار والحالة هذه انضمام باقي مكونات الوظيفة العمومية، وبمقدمتها الجماعات الترابية والصحة، إلى المعركة الجارية. إن لعامة أجراء الدولة وأجيراتها نفس المطالب: نظام أساسي معزز للمكاسب المادية وضامن للاستقرار المهني- وزيادة فعلية في الأجور بوجه الغلاء الفاحش والتصدي لخوصصة المرفق العمومي وما يجلبه من هشاشة وكثافة استغلال.

المعركة مصيرية بكل المقاييس، فإما تحقيق المطالب أو التدحرج إلى هاوية الاستعباد والقهر التي تُدفع إليها الوظيفة العمومية.

ولا شك أن الدولة التي تخدم مصلحة أقلية قليلة لن تتورع في استعمال ما بوسعها لسحق حركتنا بالمناورات والتضليل وعقاب اقتطاع من الأجور وحتى القمع. الأمر الذي يستدعي تعبئة كامل قوة طبقتنا أي امتداد الإضراب إلى القطاعات الإنتاجية لما لشغيلتها من قدرة على شل كافة دواليب آلة الاقتصاد. إن تحديا من هذا القبيل ، أي إضرابا عاما وطنيا يشل البلد هو الكفيل بجعل الدولة تنصاع لمطالبنا. الإضراب الفعال هو وقف النشاط الاقتصادي والإدارة، فهذا الوقف وحده يفتح آذان من نتوجه إليهم بمطالبنا. وسيستمد هذا الإضراب قوته من المشاركة الجماعية الديمقراطية للشغيلة، هذه المشاركة التي أعطى عنها إضراب التعليم صورة ملهمة، ومن دعم الأسر المكتوية هي أيضا بسياسة الدولة في التعليم وبغلاء المعيشة الذي جر عليها أهوال البؤس، هذا الدعم الذي سيضفي طابعا شعبيا على الإضراب العام.

لقد دلت تجارب النضالات السابقة أن انقسام الصف طريق الهزيمة، وبأنه بالوحدة دون سواها سننتصر.

توحيد قوة الطبقة العاملة في هذه المعركة المصيرية مهمة تخلت عنها معظم القيادات النقابية، لكن الشغيلة أبانوا، رجالا ونساء، أنهم- هن قادرون- ات على أخذ زمام أمرهم- هن بأيديهم- هن.

ثقتنا في أن انتصار الشغيلة من صنع الشغيلة أنفسهم-هن، فإلى أمام نحو الإضراب العام الوطني والشعبي المسير ذاتيا بلجان الإضراب المنتخبة ديمقراطيا والقابلة للعزل.

المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا