رسالة المناضل المعتقل جلول محمد حول انهيار منازل بفاس

رسالة من المعتقل السياسي الأستاذ محمد جلول
_ يا ابناء وبنات شعبنا اتحدوا من اجل التغيير
(الجزء 316)
– ان ما حدث في مدينة فاس يؤكد مدى إسترخاص ارواح المواطنين في هذا الوطن
– الى الامام من اجل التغيير وآن الاول ليقول هذا الشعب كلمته
يا أبناء وبنات شعبنا الأحرار والحرائر، في البداية نعبّر عن تعازينا الحارّة وتضامننا مع أسر الضحايا الذين تعرّضت منازلهم للانهيار في مدينة فاس، وأسفر ذلك عن سقوط 22 قتيلاً وعددٍ من المصابين. ونحمّل المسؤولية الكاملة للسلطات الوصية عن هذه الفاجعة، باعتبارها كانت تعرف جيداً كما يعرف الجميع أن هذه المنازل قديمة وآيلة للانهيار بسبب أجزائها المهترئة. ولكن سلطة هذا النظام تتعامل باستخفاف إزاء أرواح المواطنين، وليست المرة الأولى أو الثانية أو الثالثة التي تحدث فيها مثل هذه الكوارث.
وعندما تقع الفواجع، تسارع السلطات إلى إيجاد المبررات والذرائع من أجل التهرب من المسؤولية، لكنها مهما ادّعت فهي تتحمل المسؤولية الكاملة في نهاية المطاف، لأنها هي المسؤولة عن سلامة وأمن المواطنين. ولو حدث مثل هذا الأمر في إحدى البلدان الديمقراطية الغربية، لقامت الدنيا ولم تقعد، ولحدثت استقالات ومحاسبات للمسؤولين. ولكن للأسف الشديد، في بلادنا لا أحد من المسؤولين يُسأل عن التقصير تجاه المواطنين، بل وحتى عن التجاوزات والتعسفات التي تُرتكب في حقهم، فهذا الشعب ليس لديه قيمة عندهم، وليس هناك من يغير عليه أو يحميه.
-نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر ان غالبية هذا الشعب يعيش على الهامش في هذا الوطن ولا يحظى بالكرامة التي يستحقها في بلده، ولا يحظى بالحقوق التي يستحقها في بلده، ولا يحس بأن هذه الدولة تمثله، ولا يحس أنها تهتم لأحواله، ولا يحس أنها تغار عليه، بل يحس أنها تتعسف عليه وتقهره وتقمعه وترهبه وتفرض عليه أن يعيش راكعا وخاضعا ومتمسكنا ومتزلفا وصغيرا رغم بؤسه وتعاسته، ورغم رؤيته لحقوقه تهضم، ورغم رؤيته لثرواته وميزانياته تنهب وتبذر من طرف فئة معينة، محظوظة في هذا البلد ورغم رؤيته لكل المناكر… فعليه أن يغمض عينيه ويسكت تحت شعار تروجه السلطة وهي: “دخل سوق راسك”
-نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر فغالبية هذا الشعب يعيش مهملا في هذا الوطن ومحرومًا من حقه في المواطنة الكاملة بل يعيش كمجرد كتل بشرية زائدة منسية في المناطق والجهات المهمشة أو هوامش المدن الكبرى وأحيائها الفقيرة، يتخبط في بؤس المعيشة وبؤس السكن ومظاهر الهشاشة والامية والبطالة والهدر المدرسي ويعيش العذاب امام الإدارات، وقبل ذلك يعيش العذاب مع المقدمين والشيوخ، حيث يجب أن يبحث عنهم طويلًا في الأسواق أو في الأماكن أخرى بلا عنوان، وينتظرهنا طويلًا، ثم يستعطفهما طويلًا، ويعرضون للابتزاز للحصول على توقيع… فأي دولة مثل هذه دولة الشيوخ والمقدمين! أين شاهدتم مثل هذه الدولة في العالم؟ فما هذه الدولة التي نعيشها في القرن 21…
-نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر وهذا الشعب، فضلًا عن ذلك، يعيش العذاب مع تكاليف المعيشة والغلاء الفاحش وتوفير قوته اليومي ولتلبية الحاجيات الأسرية ومصارف التمدرس في حدودها الدنيا، ويعيش كذلك العذاب للحصول على العلاج والدواء، ويتعرض للإهمال والمحن في المستشفيات، ولا يسمح له بالشكوى والاحتجاج، ويتعرض للقمع والقهر من طرف السلطة أو من طرف أصحاب النفوذ والامتيازات، ولا يقدر أن يواجههم حتى ولو تعرض لكل التعسفات، فما عليه سوى أن يرضخ ويتمسكن ويبتلع حنقه وشعوره بالحكرة والاستصغار في هذا البلد…
-نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر وهذا النظام السياسي لا يمثل غالبية هذا الشعب ولا يغير عليه ولا يهتم لاحواله في ظل التهميش والاقصاء الاجتماعي والتنموي وفي ظل قطاع صحي وتعليمي هشين ومفلسين وفي ظل البطالة والعطالة المتفشية وانسيداد الأفاق في هذا الوطن، والذي يهرب منه ابنائه وحتى أطفاله بحثًا عن مغامرة الهجرة في سبيل حياة أفضل في بلاد المهجر، تفتح لهم الآمال لتحقيق أحلامهم التي تُجهض في وطنهم هذا فضلًا عن الغلاء الفاحش الذي يكتوي بناره عموم المواطنين…
– نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر ان غالبية هذا الشعب تُجهض أحلامه في هذا الوطن وفئات واسعة تجهض احلامهم في مهد طفولتهم وشبابهم، ويعيشون حالة الضياع والتشرد والانحراف وأشكال الاستغلال الجنسي والجسدي، بسبب بؤس الواقع وبسبب إهمال هذا النظام في حق هذا الشعب، لطفولته وشبابه ولذلك تجد الساكنة السجنية في بلادنا من أعلى النسب في العالم، حيث هذا النظام السياسي يفضل بناء السجون وتمويلها بميزانيات طائلة من أموالنا العمومية، على أن يصرف هذه الأموال لتحسين الأوضاع الاجتماعية للساكنة ولتحسين شروط التعليم والصح ولتوفير فرص شغل والاهتمام بالشباب والطفولة…
-نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر وهذا النظام السياسي يفضل صرف ميزانيات هائلة حول الوسائل القمعية،وحول الوسائل التنويمية والتأويلية والتمييعـية، وحول التظاهرات الباذخة والمكلفة، وحول المكياج والصور والمساحيق والكماليات، وحول وسائل التجسس على هذا الشعب، وحول شراء الأبواق المطبلة الداخلية والخارجية التي تلمع صورة هذا النظام… بدل صرف هذه الأموال على خلق التنمية الحقيقية وتحسين أوضاع هذا الشعب…
-نعم يا أبناء وبنات شعبنا الأحرار والحرائر، إن غالبية هذا الشعب محكوم عليه بحياة الضنك والبؤس و وحالات الاهمال والضياع والتشرد والازمات المزمنة ومن دون أفق في هذا الوطن الذي يضيق على أبنائه… ليس لأن بلده فقير ويفتقر إلى الثروات والموارد والإمكانيات، وإنما هذا النظام السياسي لا يخدم سوى فئة معينة في هذا البلد، وهي وحدها من تحظى بالامتيازات والأولويات والمناصب المهمة وتغتني كما تشاء، وتبذل كما تشاء، وتوزع الريع على من تشاء، في إطار المصالح العائلية وفي إطار شراء الولاءات، على حساب الثروات والميزانيات والممتلكات الوطنية من دون حسيب ولا رقيب لأن هذه الفئة هي أصلًا من تستحوذ على الحكم والسلطة، وتتحكم في القرار الوطني وتتحكم في المشهد السياسي والانتخابي والإعلام والمجتمع المدني، وتتحكم في كل مجال في هذا الوطن، فكيف لها أن تحاسب نفسها بنفسها…
–نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر فهذا هو سبب بؤس هذا الشعب وأزماته المزمنة، رغم ما يتوفر عليه هذا البلد من ثروات وخيرات وموارد هائلة، ورغم ما يساهم به هذا الشعب من موارد طائلة لفائدة الميزانية العمومية والصناديق العمومية من جيوبه وعرق جبينه وكدحه أو بالأحرى تُنتزع منه هذه الأموال عن طريق الجبايات والرسوم المجحفة، وعن طريق الغرامات التعسفية، وعن طريق الرفع في الأسعار، دون الحديث عن أشكال الابتزاز التي يتعرض لها المواطن حينما يكون مرغمًا على أداء الرشوة لقضاء غرض إداري أو لينقذ نفسه عندما يقع في ورطة معينة…
-نعم يا أبناء وبنات شعبنا الأحرار والحرائر، وهذا ما يفسر أيضًا استمرار واقع الفساد والريع والاستهتار بتسيير الشأن العام والمال العمومي في مختلف القطاعات والمجالات العمومية، من على المستوى المركزي أو الجهوي أو المحلي، في ظل هذا الفساد وهذه الانتهازية والمصالحية… وهذا ما ترك مجموعة من الهيئات التي تم إنشاؤها رسميًا على مدى العقود الماضية تحت مسميات محاربة الفساد وتخليق الحياة العامة والحكامة وترشيد الأموال العمومية… مجرد هيئات شكلية ومجرد شعارات وحبر على ورق اذ كيف لمثل هذه الهيئات أن تحاسب من يتحكم فيها أصلًا، حيث أن سيف القضاء والرقابة مُسلَّط فقط البسطاء في هذا البلد و على المواطنين الأحرار الذين ينتقدون هذا الواقع الظالم والفاسد، والذين يتم الزج بهم في السجون بأحكام قاسية لمجرد التعبير عن آرائهم ولمجرد الاحتجاج على واقعهم المجحف والقاسي…
نعم يا أبناء وبنات شعبنا الأحرار والحرائر… لذلك فإننا نرفض هذا الأمر الواقع الظالم وغير العادل والفاسد، ونريد وطناً يتسع لنا جميعاً ويحتضننا جميعاً، ونحس فيه بالاكتفاء والطمأنينة والسلام، وطناً يمثّل هويتنا ووجداننا وتطلعاتنا، ونشعر أنه عادل مع الجميع، ويهتم بالجميع، ويغير على الجميع، ويفتح الفرص والآفاق للجميع، ويشجع الجميع على تحقيق مشاريعهم وأحلامهم في هذا الوطن. لا نريد وطناً يتعسف علينا ويقهرنا ويقمعنا ويحتقرنا، ويجعلنا غرباء فيه، ويضيق على أبنائه ويدفعهم نحو الضياع أو الهجرة.
نعم يا أبناء وبنات شعبنا الأحرار والحرائر… نريد أن نعيش كمواطنين أحرار في هذا البلد، نتمتع جميعاً بنفس الحقوق والحضور، ويحظى فيه الجميع بنفس الكرامة ونفس القيمة، سواء كان عاملاً في حقله، أو مدرساً في قسمه، أو عامل نظافة، أو مسؤولاً رفيع المستوى؛ لأننا كلنا أبناء هذا الوطن، وتقسيم العمل والمهام ليس إلا تبادلاً للأدوار بين أبناء هذا البلد، وكل دور ضروري، سواء كان في الحقل أو العمل أو المدرسة أو المستشفى أو في مجال النظافة.
-نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر، وكما قلنا سابقا وسنبقى نكرر ذلك فليست الدولة غاية في ذاتها، اي ليست الدولة من اجل الدولة كيفما كانت، ومهما كان حكمها ، بل الدولة كما كلنا يجب ان تكون تجسيدا للارادة الالهية الخيرة، لإقامة الحياة الطيبة على الأرض والتي تقوم عن العدل و المساواة واحترام الكرامة الانسانية، احترام الارادة الانسانية، والاخوة في الانسانية… وعلى هذه الاسس يقوم مفهوم الدولة الديمقراطية المعاصرة، حيث مفهوم الدولة غاية في ذاتها اصبح من الماضي البائد، ومن عصر البدائية والجاهلية، وعصر الظلمات والاستعباد والاستبداد…
نعم يا أبناء وبنات شعبنا الأحرار والحرائر، والدولة الحقيقية ليست الدولة التي تسعى إلى صناعة هيبتها على حساب احتقار شعبها وتفقيره وقمعه وقهره وترهيبه، وإنما هي الدولة التي تستمد هيبتها الحقيقية من هيبة الشعب وكرامة المواطنين وإرادتهم الحرة وعيشهم الكريم، ومن خلال كذلك فرض مكانتها بين الدول الأخرى عبر التنمية والتقدم والازدهار والمساهمة في الإنتاج العالمي والإبداع العالمي والاختراع العالمي، ولا يمكن أن يتأتى ذلك من دون تعليم حقيقي وجدي في هذا الشعب، تقوم عليه دولة تمثل هذا الشعب بشكل حقيقي وتغار عليه بشكل حقيقي
-نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر، الى الامام من اجل التغيير ومواصلة التعبئة من اجل نزول الميداني،لذلك حان الاوان لنقول كفى لهذا الامر الواقع الظالم وغير عادل ، وآن الاوان للمطالبة بالتغيير الحقيقي الذي يقضع مع هذا الواقع ويؤسس الانتقال ديمقراطي حقيقي نحو دولة مدنية ديمقراطية حقيقية تقوم على الارادة والسيادة الشعبية، وعدم الافلات من الحساب بما يجعل هذا الوطن يتسع للجميع وتسوده الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ويضمن الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية للجهات الوطنية التاريخية ويحقق تكافأ الفرص بين كل المواطنين على حد السواء وبين كل مناطقه وجهاته…
_ نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر، فهذا هو املنا الوحيد من اجل مستقبل افضل لنا جميعا في هذا الوطن يمكن ان نعيش فيه احرارا وفي مساوات وتتحقق فيه احلام الجميع اطفالا وشبابا وكهولا وشيوخا ذكورا واناثا، ويمكن ان نشارك فيه الجميع في تقرير مصير هذا البلد بما يخدم تطلعات الجميع، وبما يجعلنا نتعاون جميعا في بناء هذا الوطن وتحقيق نهضته وتنميته الحقيقية وتقدمه والزهاره لا سيما ان بلادنا يتوفر على كل الامكانيات تحقيق ذلك…
_ نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر، الى الامام من اجل التغيير ومواصلة التعبئة من اجل النزول الميداني واننا قادرون على تحقيق هذا التغيير اذا امننا بانفسنا وامتلكنا الشجاعة والعزيمة والارادة واتحدنا جميعا كاخوان حقيقيين واتكلنا على الله حق التوكل ويكون وازعنا الحقيقي هو الغيرة على هذا الوطن والغيرة على هذا الشعب وعلى بعضنا البعض وليس الصراع من اجل السلطة والمناصب…
_نعم يا ابناء وبنات شعبنا الاحرار والحرائر، لا شيء مستحيل ولا شيء يمكن ان يقف امام ارادة شعب اذا امن بكرامته وحقه في الحرية والعدالة والمساواة ورفض ان يعيش كمجرد قطيع من الرعاية خامعا وراضخا لاستبداد والوصاية والاحتقار والبؤس والاستعباد والذل والهواء ، واذا آمن بقدرته على انجاز هذا التغيير المنشود واذا آمن بأن بقاءه تحت الاستبداد والترهيب والاقصاء والتهميش لن يورثه الا مزيدا من المعاناة والمآسي والذل…
نعم يا أبناء وبنات شعبنا الأحرار والحرائر، نعم يا جيل النخوة والشهامة، إلى الأمام من أجل القطيعة مع هذا الواقع الظالم الفاسد، ومن أجل وطنٍ يتسع للجميع تسوده الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ومن أجل أن نضع هذا البلد على سكته الصحيحة، ليتخذ مساره الصحيح نحو الإقلاع التنموي والنهضوي الحقيقية لهذا الشعب، ونحو تقدمه وازدهاره… وهذا ممكن، وممكن، وممكن، ولا شيء يستحيل أمام شعبٍ مقدامٍ ومكافحٍ ومناضلٍ وينبض بالحياة…
وعاش شعبنا حرٌّ وكريمٌ وأبيٌّ، وعاش هذا الوطن معززًا بهذا الشعب الشجاع
المصدر: (1) Facebook
شارك المقالة

اقرأ أيضا