سفيان كرت، الوجه الأبرز لحراك الصحة باكادير يزج في السجن بتهم تُناقض كل مساره النضالي حتى لحظة اعتقاله
تعرف الجماهير الشعبية بمدينة القليعة المناضل سفيان كرت منذ سنوات عديدة، لا سيما الكادحون المتضررون من مختلف أوجه تردي الأوضاع الاجتماعية. فقد كان سفيان فاعلا ديناميكيا، منذ مطلع شبابه، في شتى صنوف التعبئات الشعبية من أجل المطالب الأساسية التي يفرضها واقع المدينة بالغ التدهور. سواء فيما يخص البنية التحتية في مدينة شعبية بحجم القليعة، ومشكلات الاكتظاظ في مدارس التعليم العمومي، ومعضلات النظام الصحي العمومي المهمل بفعل سياسة تقشف الدولة، والتي جعله دون تلبية حتى أدنى الحاجات الصحية للشعب المقهور، العاجز عن الاستشفاء لدى القطاع الصحي التجاري. كذلك شارك سفيان في نضالات ومرافعات عديدة من اجل حقوق الفئات الشعبية الهشة الممتهنة مختلف أنشطة تَدبُّر القوت اليومي بمدينة تعيش بها آلاف مؤلفة من المهمشين والعاطلين. وقد تجسد هذا الالتزام النضالي، ضمن تجارب عديدة أخرى، في نشاطه في إطار تنسيقية أكادير ضد الحكرة (2017-2021) وتنسيقية القليعة ضد الحكرة والتهميش.
سفيان نموذج الشاب الخلوق، الحامل هم أبناء طبقته المقهورة، بالاستغلال و الاضطهاد وقمع الحريات. لم يكن ممكنا إلا أن ينخرط في حركة 20 فبراير ، هذه التي حملت عاليا راية الحرية الكرامة و العدالة الاجتماعية، هذا الثالوث الذي يُجمل القضايا العادلة التي كرس لها الشاب سفيان حياته بكل شجاعة، وبما يقتضيه النضال الشعبي من تضحيات.
يوم جرت الدعوة إلى وقفة احتجاجية أمام مستشفى الموت، مستشفى الحسن الثاني الجهوي باكادير، كان سفيان بطلعته الكفاحية في مقدمة المناضلين التي أبوا إلا أن يتقدموا لحفز الجماهير بكلمته وبالشعارات، وبالصمود في وجه قوات القمع التي حاولت تشتيت الوقفة.
وقد كان موقفه النضالي هذا، الذي نقله الإعلام المحلي، وجرى تداوله على أوسع نطاق، حفازا قويا أسهم بقوة في التعبئة للوقفة الثانية التي دعت إليها تنسيقية ساكنة اكادير من اجل صحة عمومية جيدة ومجانية، التنسيقية التي كان سفيان من مؤسسيها واحد أعمدتها المجربة.
وكالمعتاد دوما، كان سفيان، يوم الوقفة الاحتجاجية التاريخية أمام مستشفى الموت باكادير يوم 14 سبتمبر، في طليعة المناضلين الصامدين بوجه سعي جحافل قوات القمع لتشتيت الوقفة. نجحت الوقفة بفعل هذا الصمود وبفعل الاستجابة الشعبية الواسعة، فدخلت تلك الوقفة تاريخ النضال الاجتماعي بالمغرب بما هي شرارة ستشعل حريق الاحتجاج الجماهيري من أجل الصحة و التعليم ومجمل المطالب الاجتماعية. و لا شك أنها كانت حفازا قويا لانطلاق حراك شباب جيل زد 212 . هذا الحراك الذي انخرط فيه سفيان بقوة، بأسلوبه التنظيمي المعتاد، الذي اكتسبه على مر سنوات نضاله المديدة.
التأكيد على التنظيم، و السلمية، و التدبير العقلاني للاحتجاج بما يجنبه المنزلقات التي تستعملها السلطة القمعية مبررا للتدخل لخنق النضالات. تعلم سفيان بالتجربة تلو التجربة، منها حراك 20 فبراير العظيم، أن النضال الفعال هو النضال السلمي الذي يحفز مشاركة أكبر عدد من الجماهير لتشكيل القوة الشعبية القادرة على الضغط لتحقيق المطالب. وهذا ما يشهد به كل أبناء القليعة الذين شاركوه في النضالات ومختلف أنواع التعبئات الشعبية.
نفس المنهجية النضالية المكتسبة بالمراس في الميدان هي التي حكمت مشاركة سفيان في احتجاجات حركة جيل زد 212 التي استعادت نفس المطالب الاجتماعية التي طبعت مسار سفيان النضالي وبمقدمتها الحق في الخدمات الصحية الجيدة.
ان يعتقل سفيان بتهم لا يمكن أن يلفقها سوى من يجهل مشواره النضالي المديد، إنما غايته إسكات صوت الشعب المطالب بحقوقه، وإشاعة الخوف وتنفير المقهورين من الاحتجاج.
ان يحكم على سفيان ولو بيوم سجن واحد لن يكون إلا ظلما سافرا ينضاف الى جبل أشكال الظلم الذي ينيخ بثقله على الشعب المقهور. وإن اعتقد من يستهدف سفيان انه سيخنق صوت المقهورين فستأتيه الأيام بجواب آلاف الشباب، في القليعة وفي ربوع المغرب، الذي سيسيرون على درب سفيان، درب الكفاح من اجل الحرية و الكرامة والعدالة الاجتماعية . ان يطالب سفيان بالمستشفى، ويتلقى جوابا بالسجن، لن يزيد نظام القهر الطبقي القائم في بلدنا الا كراهية من الشعب، تلك الكراهية المشروعة التي تتحول بفضل امثال سفيان الى قوة كفاحية لا تُهزم .
كلنا سفيان كرت
الحرية لسفيان ولكافة ابناء الشعب المعتقلين من اجل الحق في الحرية و الحياة اللائقة
بقلم: اسماعيل المانوزي
اقرأ أيضا