أوقفوا هجمات ترامب على فنزويلا وأمريكا اللاتينية: بيان المكتب التنفيذي للأممية الرابعة

بلا حدود, بيانات5 نوفمبر، 2025

يندرج الابتزاز والتهديدات الاقتصادية للبرازيل وكولومبيا والمكسيك والأرجنتين في طور جديد من سياسة الولايات المتحدة إزاء أمريكا اللاتينية. لكن الخطر الأكبر ينيخ على فنزويلا، التي يصر ترامب على إطاحة حكومتها. إن نشر 10 آلاف جندي، وترسانة أسلحة ضخمة في منطقة البحر الكاريبي، والهجمات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 60 شخصًا في البحر، لا يهدد فنزويلا فحسب، بل المنطقة برمتها. من واجب المناضلين/ت في جميع أنحاء العالم أن يرفعوا أصواتهم/ن ويحشدوا/ن قواهم/ن ضد تدخل الولايات المتحدة بقيادة ترامب.

انتشار عسكري غير مسبوق في منطقة البحر الكاريبي

لا شك أن هدف الهجوم الأمريكي الرئيسي هو فنزويلا. وبشراسة غير مسبوقة، أصدر الزعيم الإمبريالي ووزيرا الخارجية والحرب، ماركو روبيو وبيتر هيغسيث، مرسوماً يصنف عصابات المخدرات الإجرامية على أنها ”منظمات إرهابية“، ووصفوا مادورو بأنه زعيم عصابة غير موجودة (عصابة لوس سوليس)، وعرضوا مكافأة قدرها 50 مليون دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى القبض على الرئيس الفنزويلي.

ويتمثل التهديد الأعظم في نشر زهاء 10 آلاف جندي من مشاة البحرية في منطقة البحر الكاريبي، مع حاملات طائرات (الأكبر في أسطولهم البحري)، ومدمرات، وغواصات نووية، وسفن حربية مزودة بصواريخ متوسطة المدى، وقاذفات B52 ، ومقدرة تكنولوجية تسمح بإجراء تحليلات للبيانات على نطاق واسع، في إطار مناورة وصفها المتخصصون بـ ”إعادة تنظيم زلزالية“. وأعيد تسليح بورتوريكو، واستُخدمت اتفاقيات التعاون العسكري مع دول منطقة البحر الكاريبي لبناء بنية تحتية عسكرية يبدو أنها تمهد لشن هجوم واسع النطاق على البلد الذي كان مسرحًا للثورة البوليفارية الكبرى. وقد شنت هذه القوات، في الشهرين الماضيين،  هجمات على سفن (لمهربين مزعومين)، ما أسفر عن مقتل أكثر من 60 شخصًا.

أعلن ترامب، في 15 أكتوبر، أنه سمح لوكالة المخابرات المركزية بتنفيذ عمليات في فنزويلا،- الأمر الذي لم يحدث حتى إبان الحرب الباردة، حيث كانت عمليات وكالة المخابرات المركزية سرية . وبحسب صحيفة واشنطن بوست، وقّع الرئيس وثيقة تسمح لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) بتنفيذ عمليات سرية في دول أجنبية، منها جمع المعلومات سراً، وتدريب قوات حرب عصابات معارضة، وتنفيذ هجمات قاتلة.

يوم الأحد 19 أكتوبر، شنت القوات الأمريكية، في خطوة تصعيد جديدة، هجوماً قاتلاً في المحيط الهادئ على سفينة يُفترض أنها تابعة للجماعة الكولومبية جيش التحرير الوطني (ELN) . وبوجه الاحتجاج العادل من غوستافو بيترو، أهان ترامب الرئيس الكولومبي واصفا إياه بـ ”تاجر مخدرات“ وزعيم ”حكومة ضعيفة وسيئة للغاية“، مهدداً، كالمعتاد، بفرض رسوم جمركية وقطع التمويل، مع سحب التأشيرة الأمريكية من بيترو وعائلته ومستشاريه. بينما استدعى بترو السفير الكولومبي في واشنطن، صرح ترامب في مؤتمر صحفي، رداً على سؤال أحد الصحفيين، أنه لا يحتاج إلى إعلان حرب لشن عملياته ضد التهريب في ما يعتبره مياهه الإقليمية. ”نحن نذهب إلى هناك ونقتلهم“.

وفقًا لتكهنات عامة في الولايات المتحدة، يقوم كبار مستشاري ترامب بِحثِّه على اجتياح فنزويلا لإطاحة مادورو. ويندرج إسناد جائزة نوبل للسلام إلى زعيمة اليمين المتطرف الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو – وهو أمر لولا أنه جاد لكان من أسوأ النكات في عصرنا – في  خطة مدروسة تروم تعزيز مكانة من يعتبرها الصقور بديلاً عن مادورو. يبدو أن إدارة ترامب تريد فرض انتقال إلى حكومة يمينية متطرفة بقيادة إدموندو غونزاليس أوروتيا وماريا كورينا ماتشادو – التي طالبت بالفعل بفرض عقوبات على فنزويلا، بلا اكتراث بتأثيرها على السكان الفقراء، والتي تسلم الآن مصير الأمة إلى جنود الولايات المتحدة.

قد يبدو من غير المحتمل أن تغزو الولايات المتحدة براً البلدان التي تتهم حكوماتها بالتواطؤ مع تجارة المخدرات، مثل فنزويلا وكولومبيا وحتى المكسيك. أولاً، لأن حرب غزو بري مديدة ستواجه مقاومة شديدة من القوات المسلحة بقيادة مادورو، ربما بمساعدة سكان المنطقة وتعاطفهم، ما يعني عراقا جديدا على مقربة. إن دخول صراع مسلح بهذا الحجم متعارض مع خطاب ترامب الموجه إلى جمهوره الوطني، الذي وعده بـ ”إنهاء الحروب“. ثالثاً، لأن ثمة دلائل على معارضة بعض كبار المسؤولين الأمريكيين لحل من هذا النوع، كما يبدو من الاستقالة المبكرة لرئيس القيادة العسكرية الجنوبية، الأدميرال ألفين هوسلي، في 16 أكتوبر.

مهما يكن من أمر، يقتضي الحذر عدم استبعاد احتمال «جنون» حربي من جانب الزعيم الفاشي الجديد. من الممكن، على الأقل، وفقاً لخطاباته، أن يختار شن هجمات بمُسيَّرات أو طائرات على أهداف محددة في فنزويلا، بقصد مواصلة إضعاف الحكومة.

عودة إلى الماضي

يواصل دونالد ترامب، منذ الأيام الأولى لعودته إلى البيت الأبيض، بتشجيع من صقوره الفاشيين الجدد، الضغط بشدة على المكسيك بواسطة الرسوم الجمركية والإجراءات الشرطية والعسكرية (من أجل أن تضع حكومة كلوديا شينباوم حداً لتدفق المهاجرين على الحدود وتكافح عصابات تهريب المخدرات المحلية). تحلق مُسيَّرات تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) فوق أراضي المكسيك بحجة البحث عن معامل الكوكايين والمخدرات الأخرى.

وتدخل ترامب في سياسة البرازيل الداخلية للدفاع عن صديقه بولسونارو، المدان بمحاولة الانقلاب (بفرض رسوم جمركية بنسبة 50٪ على صادرات البرازيل إلى الولايات المتحدة، وفتح تحقيق تجاري ضد سياسات البرازيل المتواضعة الرامية إلى تقييد شركات التكنولوجيا الكبرى الأمريكية). وحتى الأرجنتين، التي يحكمها صديقه خافيير ميلي، لم تسلم من التهديدات والابتزاز. ففي منتصف أكتوبر، تعليقا على قرض جديد للبلد بقيمة 20 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، اشترط ترامب استمرار دعمه للفاشي الجديد الليبرتاري الجنوبي بفوز حزب ميلي في الانتخابات التشريعية في 26 أكتوبر. وقال ترامب: ”إذا خسر [ميلي]، فلن نكون أسخياء مع الأرجنتين“. يشهد هذا الحادث على تطبيع خطاب وممارسة تدخل الحكومة الأمريكية المباشر في الشؤون السياسية الداخلية لدول ذات السيادة. (ويبدو أن قرار ترامب كان أحد عوامل فوز إدارة ميلي في الانتخابات).

تمثل هذه المواقف، والخطاب العقابي، والانتشار العسكري الهائل، كلها، هجوماً على الجيران بأمريكا اللاتينية لم يسبقه نظير منذ غزو غرينادا في عام 1982. إن السياسة الأمريكية تجاه أمريكا اللاتينية تعود، في إطار التغيير الجوهري الذي يفرضه البيت الأبيض في عهد ترامب على علاقات القوة العالمية السائدة منذ ثمانية عقود، إلى الماضي التدخلي المطبوع بالعدوان العسكري والتدخل السياسي الصريح، والذي كان قد ميز علاقات القوة الإمبريالية مع كل الجنوب إبان الحرب الباردة.

دعوة إلى التضامن الأممي المناهض للإمبريالية

إن اتهام مادورو وكبار قادة حكومة فنزويلا بالانتماء إلى عصابات مخدرات، مهما كان سخيفاً، يهدف إلى تبرير انتهاك مبدأ تقرير الشعوب لمصيرها وسيادة فنزويلا الإقليمية.

حان أوان دعوة القوى الديمقراطية، والمناهضة للاستعمار، والتقدمية، والثورية في العالم، وفي المنطقة على وجه الخصوص، للدفاع عن سلامة أراضي فنزويلا ودول منطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية برمتها، في مواجهة محاولات التدخل العسكري أو السياسي، أي محاولات تحديد التوجه السياسي لدول ذات سيادة «من أعلى ومن خارج ” (أي من البيت الأبيض). إن لشعب فنزويلا، دون سواه، أن يقرر بشأن حكومته، بلا أي تدخل من أي نوع. إن الشعوب ذات السيادة في أمريكا اللاتينية، وجميع أنحاء العالم، هي التي يجب أن تقرر ماذا تفعل بطغاتها وبرلماناتها وبالأحكام الصادرة عن أنظمتها القضائية.

يجب أن نطالب حكومات لولا، وبترو وبوريك، وشينباوم، ببذل كل ما في وسعها لمنع أي احتمال لعدوان عسكري وتدخل سياسي في فنزويلا. إنع لأمر اإيجابي أن يعرض لولا نفسه ”وسيطاً“، كما فعل في لقائه مع ترامب، ولكن على جميع هذه الحكومات أن ترفض بوضوح أي مبادرة أمريكية ضد فنزويلا، وأن تكرر ذلك باستمرار.

يشمل تضامن الأممية الرابعة مع فنزويلا مطالبة مادورو بإعادة الحريات السياسية للحركة الاجتماعية، ولليسار ولعمال فنزويلا وعاملاتها. هذا هو الطريق الذي يجب نهجه، إلى جانب التعبئة العسكرية الشعبية المشروعة، لبناء وحدة وطنية وإقليمية حقيقية ضد العدوان الإمبريالي. إن أوسع وحدة في العمل وحدها يمكنها احتواء العدوان الجاري ومقاومته وهزمه.

أخرجوا القوات والأسلحة الأمريكية من البحر الكاريبي!

أوقفوا القصف في المنطقة!

نزع السلاح الفوري من بورتوريكو!

أوقفوا عدوان الولايات المتحدة على فنزويلا وأمريكا اللاتينية بأسرها!

27 أكتوبر 2025.

شارك المقالة

اقرأ أيضا