الجزائر في القلب، ثوريون ومناهضون للاستعمار في مصنع رونو-بيانكور Renault-Billancourt

بقلم، غي فان سينوي
سيرة حياة كلارا و هنري بونوا Benoits لصيقة بتاريخ النضالات العمالية في مصانع رونو في بولوني-بيانكور، في الضاحية الباريسية. هنري صبي من باريس ولد في 1926، ربط صلاته الأولى مع المناضلين التروتسكيين عام 1943، في السرية، فيما كان يعمل متمرنا في صناعة التعدين. وانضم في ابريل 1944 إلى صفوف الحزب الشيوعي الأممي (فرع الأممية الرابعة)، حيث خالط بوجه خاص ميشال لوكين و بيار لامبير و مارسيل بلايبترو، وكذا مناضلي الخلية التروتسكية الفيتنامية في باريس. وفي العام 1949، دخل مصنع رونو بيانكور رساما تقنيا وانخرط في الاتحاد العام للعمل CGT. و في غضون السنة ذاتها، دخلت أيضا كلارا ، وهي بنت مهاجرين مجريين مولودة سنة 1930، مصنع رونو راقنة آلة كتابة. التقى هنري وكلارا سنة 1950 وشكلا ثنائيا مناضلا سيرافق طيلة عقود النضالات العمالية في بيانكور، وكذا نضالات العمال الجزائريين الكُـثر العاملين به.
عبر سيرة حياة هاذين الرفيقين، تتوالى صفحات من التاريخ العمالي في بيانكور : إضراب 1947 الذي قاده المناضل التروتسكي بيار بوا Bois ، و الذي أفضى إلى مغادرة الحزب الشيوعي الفرنسي لحكومة التعاون الطبقي، و الإضراب اليساروي لعام 1953 الذي أطلقه الاتحاد العام للعمل و وأفضى إلى تسريح مئات من المناضلين الشيوعيين ( كان الحزب الشيوعي الفرنسي غرس عشرات الخلايا في المقاولة)، ومايو 1968 ورفض شغيلة بيانكور اتفاقات غرونيل Grenelle التي تفاوض بشأنها الاتحاد العام للعمل مع أرباب العمل والحكومة بقصد إنهاء الإضراب العام.
لكن هذا الكتاب يمثل أيضا ذاكرة الرفاق الذين شاركوا في نضال العمال الجزائريين من أجل الاستقلال. لا تحصى الأعمال السرية التي قام بها المناضلون المناهضون للاستعمار: نقل مساهمات فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا في حقائب، و إعداد مخابئ للمناضلين الوطنيين المطاردين من الشرطة، وبناء ورشة سرية لتجميع أسلحة بالمغرب، وصنع نقود مزورة ووثائق مزيفة، الخ. وكذا مظاهرة أكتوبر 1961 ضد منع التجول الذي فرضه بباريس مدير الشرطة بابون حيث اغتالت قواته مئات المتظاهرين الجزائريين.
الكتاب بالغ الغنى بمعلومات، لأن كلارا ، مندوبة الاتحاد العام للعمل، بقيت بالحزب الشيوعي الفرنسي حتى العام 1969، وشاركت بالمجموعة النسائية في مصنع رونو . فيما بقي هنرى مناضلا تروتسكيا بالحزب الشيوعي الأممي، ثم في سنوات 60 في اتجاه مايشال بابلو Pablo. أربعون سنة من النضال في بيانكور، ليست شيئا هينا. ومنذ سنوات انضم هنري إلى حزب مناهضة الرأسمالية الجديد NPA.
قدم الكتاب محمد حربي، مناضل ومؤرخ جزائري

شارك المقالة

اقرأ أيضا