المملكة المتحدة(بريطانيا). “تصويت الخروج من الاتحاد الأوروبي كارثة، ولكن النضال مستمر”

بلا حدود28 يونيو، 2016

بيان المقاومة الاشتراكية(الفرع البريطاني للأممية الرابعة)

التصويت Brexit لمغادرة الاتحاد الأوروبي هو انتصار لليمين الكاره للأجانب وكارثة للنضال ضد التقشف في بريطانيا. إنه انتصار للعنصرية وتفويض لتشديد مراقبة حدود بريطانيا ضد المهاجرين.
ونحن إذ نؤكد أن ما حصل يعد كارثة فلا أوهام لدينا حول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته (نحن نعتقد أنه ناد لأسياد الليبرالية الجديدة). ولا كي نضيع الوقت في الحملة الرجعية الرسمية لكاميرون من أجل”البقاء” في الاتحاد الأوروبي، والذي، مع مزاعمه حول إعادة التفاوض، قاد تدهور الظروف المعيشية للعمال والعاملات في هذا البلد، بما في ذلك العمال المهاجرين. ينقل الخروج من الاتحاد الأوروبي في هذا الوقت، وبهذه الطريقة بشكل كبير الطيف السياسي البريطاني إلى اليمين ويضعف الكفاح ضد التقشف. كما سيكون هذا كارثة بالنسبة لجميع المهاجرين واللاجئين والأقليات في هذا البلد.
ومن المثير للاهتمام أن كاميرون قال في خطاب استقالته أنه لن يكون هناك أي تغيير في وضعية المواطنين الأوروبيين في هذا البلد – “في الوقت الراهن”.
ملايين الناس الذين صوتوا لBrexit فعلوا ذلك لأنهم قبلوا حجة أن تدهور مستويات المعيشة والخدمات العمومية نجم عن الهجرة وليس بفعل التقشف الذي فرضته حكومة وستمنستر Westminster على الجانب الآخر، لم يحدد معسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي أبدا أن البنوك البريطانية والمؤسسات المالية هي المسؤولة عن أزمة عام 2008.
كما دققت الوحدة اليسارية ذلك في بيانها: “هذا الاستفتاء هو نتيجة لضغوط اليمين المتطرف، تغذيها مشاعر ضد الهجرة، على أساس عنصري. كانت هذه الحملة الوطنية الأكثر رجعية في التاريخ السياسي البريطاني، ونتيجتها هي ظهور في وضح النهار لليمين المتطرف”.
وهذا صحيح تماما. لقد تم تسميم الأجواء، وانتشر الحقد واغتيلت نائبة برلمانية من طرف فاشي كان يصرخ “بريطانيا أولا!” أي واحدة من الموضوعات الرئيسية للحملة المهيمنة للخروج من الاتحاد الأوروبي .
اغتيال جو كوكس حدث مأساوي للغاية، ولكنه أيضا نتيجة مباشرة لكرنفال رد الفعل الناجم عن حملة الاستفتاء. كانت جو كوكس تدافع عن اللاجئين، وكانت لصالح حملة البقاء داخل الاتحاد الأوروبي. الوسخ والحقد الذي أفرغته حملة الأغلبية من أجل الخروج بدعم من معظم وسائل الإعلام والسياسيين اليمينيين، لم ترجع فقط بريطانيا عقودا للوراء من حيث العنصرية وكراهية الأجانب، ولكن أيضا خلقت الظروف الملائمة كي يقوم يميني متطرف متعصب، مرتبط بعنصريين بيض، بقتل جو كوكس في الشارع.
جعل الاستفتاء العنصرية وكراهية الأجانب مشروعة كما لم يحدث من قبل. وقد انبعثت تصريحات حقيرة، مثل تلك التي يرددها النائب المحافظ اينوك باول [1912-1998]، وقد تمت دون محاسبة وهي مقبولة في وسائل الإعلام على أنها تنتمي إلى فئة التعليقات النبيهة. بعد الخطاب الشهير المشؤوم لباول، والمعروف باسم “أنهار من الدماء” في عام 1968، قام الزعيم المحافظ تيد هيث [1916-2005] بطرد باول، ثم أصبح بعدها منبوذا سياسيا.
انتقادات طفيفة فقط ومتأخرة، كنتيجة لقتل جو كوكس، هي التي صدرت ضد الملصق العنصري “نقطة القطيعة”(1)، وقد تم نشر صور مماثلة في الصحف دون أن تسبب أي تعليقات أو اعتراضات. ورفعت شكوى ضد صحيفة ديلي اكسبريس [التي تسحب أكثر من 430 ألف نسخة في اليوم] لأنها وضعت لمدة 17 يوما متتالية “موضوع” الهجرة في صفحتها الأولى.
وقد اعترفت بعض قطاعات اليسار والحركة العمالية بوجود هذه الأخطار. وكان إطلاق الحملة أوروبا أخرى ممكنة خطوة هامة. عمل كل من كوربين و[جون] ماكدونيل(1)، والقوة الدافعة (2) والوحدة اليسارية(3)، وكين لوتش وجزء كبير من الخضر وكارولين لوكاس(4) على وجه الخصوص بقوة لوقف السم العنصري. وقد اتخذ معظم قادة النقابات توجها صحيحا– سواء UNITE أو UNISON بثتا مواد هامة ضد العنصرية ودفاعا عن حقوق المهاجرين. لعب Matt Wrack من FBU (5) ومانويل كورتيز من TSSA (6) دورا هاما بشكل خاص. وهذا هو يحتسب لصالحهم.
قسم كبير من اليسار الراديكالي، مع ذلك، دعم التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي والحملة المسماة Lexit (تركيب بين يسار وخروج)، التي لم يكن لها أدنى تأثير على الاستفتاء. لقد روجت الوهم بأن خروجا يساريا موضوع على الطاولة بينما لم يكن الحال كذلك، وادعت زورا أنه إذا اضطر كاميرون للاستقالة فإن ذلك سيفتح فرصا لليسار. حتى الآن، وبعد انتصار يمين فاراج Farage والمحافظين، يعلن ممثلو Lexit مثل حزب العمال الاشتراكي SWP أن التصويت يعني “ثورة ضد الأغنياء والأقوياء” وأن خطر العنصرية ” أبعد ما يكون حتميا”.
إنهم لا يدركون المخاطر التي تمثلها الحملة الأغلبية من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي، التي قادها اليمين الكاره للأجانب. كانوا غافلين عن العنصرية والكراهية التي يغذيها هذا اليمين، وعلى الأثر الرجعي الذي سيكون لذلك على السياسة وعلى التوازن بين الطبقات والمخاطر التي تمثلها في ارتباط ما معها: خاصة في حالة فوز تصويت الخروج.
اختاروا تجاهل (حتى عندما تم تنبيههم) الاحتمالات الضارة التي ستكون لتصويت الخروج على 2.2 مليون مواطن يعيشون في هذا البلد والذين سوف يكون وضعهم مباشرة موضع تساؤل. ومع ذلك، يتعلق الأمر بمنظمات تعارض العنصرية وكراهية الأجانب منذ إنشائها. وجهت صخرة لمناهضة العنصرية Rock Against Racism ضربة كبيرة ضد العنصرية في سنوات 1970، والتي يعود فضلها الكبير لحزب العمال الاشتراكي.
وبمجرد إعلان النتائج، احتل فاراج Farage وسائل الإعلام شماتة، متحدثا عن انتصار تاريخي لتحرير بريطانيا ورؤيته الرجعية لبريطانيا جديدة. كان يعامل كزعيم للجانب المنتصر. وقال ان كاميرون يجب عليه الذهاب فورا – ما فعله الأخير بعد بضع ساعات – وأن رئيس الوزراء الجديد المحافظ يجب أن يكون لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي brexiter من أجل تنفيذ تفويض الاستفتاء.
سوف تتم الانتخابات على زعامة حزب المحافظين وسوف يتم تنفيذها قبل مؤتمر الحزب. ولذا فإننا يمكن أن نتوقع أن تتم الدعوة لانتخابات عامة بسرعة على أساس بيان يهدف إلى تنفيذ ما يزعمون كونه تفويض الاستفتاء: اجراءات شديدة ضد الهجرة، وتقوية الرقابة على الحدود، ومما لا شك فيه، وضع مقيد لمواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في البلاد.
إنه أمر خطير جدا عقد الانتخابات في نهاية هذا العام، في ظل ظروف ينتقل فيها الوضع السياسي نحو اليمين. يجب على اليسار الاستعداد لذلك، شأنه شأن حزب العمال.
تبنى جيريمي كوربين موقفا مبدئيا خلال حملة الاستفتاء: دعا إلى التصويت للبقاء من دون أي أوهام حول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته. والنقاش في قناة سكاي نيوز التلفزيونية خلال الأسبوع الأخير قبل التصويت، على سبيل المثال، كان مشبعا بمعارضة كراهية الأجانب والخصخصة والتقشف، وذلك أمام جمهور محفز يتكون في معظمه من الشباب. وأطلق مستشار الظل جون ماكدونيل نداء جذريا ضد التقشف والعنصرية خلال جمع غفير حول أوروبا أخرى ممكنة في لندن مع كل من Matt Wrack من FBU، وكارولين لوكاس ويانيس فاروفاكيس.
غير أن وسائل الإعلام الرئيسية، قدمت الاستفتاء لعدة أشهر على أنه في المقام الأول معركة بين جناحي حزب المحافظين. قبل العديد من نواب حزب العمال المعارضين لكوربين ذلك وبرزوا تابعين للمحافظين على مختلف البرامج التلفزيونية. لقد لعبت أربعة عشر عاما من حكومات حزب العمال من توني بلير وجوردون براون لصالح التقشف تليها خمس سنوات من المعارضة غير الفعالة تحت قيادة إد ميليباند، دورا في خيبة أمل ناخبي حزب العمال. فشل مستشارون جماعيون من حزب العمال ظلوا في مناصبهم لعقود من الزمن في الوقوف إلى جانب السكان المحليين الموجودين تحت الضغط. لقد أمكن تحويل السخط ضد عدم وجود سكن بأسعار معقولة، وتدهور نظم الرعاية الصحية المحلية، وتخفيضات ميزانية المدارس، الخ إلى حملة يمينية معادية للأجانب وضد المهاجرين.
في بعض أجزاء من البلاد – في كثير من الأحيان حيث حزب العمل واليسار أفضل تنظيما – مال التصويت العمالي إلى البقاء: في لندن، على سبيل المثال، لامبث، مكان المعارك العنيفة ضد تخفيضات ميزانية المكتبات، 79 ٪ صوتوا لصالح البقاء. وفي بريستول، حيث فاز أحد مؤيدي كوربين بأغلبية كبيرة بعمادة المدينة قبل بضعة أسابيع [مارفن ريس مع 68.750 صوتا مقابل 39.577] صوتت أغلبية للبقاء [61٪]. وفي بعض المدن الشمالية الكبرى- مانشستر [60٪]، ليفربول [58٪] ونيوكاسل [50.7٪]- كانت هناك أغلبية مماثلة لصالح البقاء. ولكن في الغالبية العظمى من معاقل حزب العمال في إنجلترا وويلز، حيث الأحزاب المحلية المتعثرة منذ عقود وحيت جهاز الحزب موجود بحزم بين أيدي يمين حزب العمال، فقد احتج ناخبو حزب العمال ضد أوضاعهم بالتصويت من أجل المغادرة.
معاقل حزب العمال في اسكتلندا التي تعارض الموقف الوحدوي لحزب العمال، انضمت إلى حزب وطني اسكتلندي الذي يميل خطابه أكثر إلى اليسار، وصوتت كل المناطق الاسكتلندية 32 للبقاء، ما يخلق أزمة دستورية قد تؤدي إلى استفتاء ثان حول الاستقلال.
ويواجه كوربين الآن تحديا من حزب عمال برلماني معاد تماما بسبب فشله في حشد الناخبين بما فيه الكفاية. ومع ذلك فإنه في المناطق التي يسيطر عليها يمين حزب العمال حيت لم يكن التصويت المؤيد لحزب العمال متمحورا على ضرورة البقاء ضد التقشف وكراهية الأجانب. يجب على قاعدة حزب العمال والنقابات أن تكافح للدفاع عن كوربين ضد الحزب البرلماني وكل المحاولات لإبعاده.
إذا كان حزب العمال ينوي الفوز في الانتخابات، ربما في نهاية العام، ضد حزب محافظ معاد تنشيطه بقيادة بوريس جونسون ومايكل غوف، ويميل إلى اليمين أكثر، والذي سيدعي برنامجه الحد من الهجرة، ويؤكد على سلطة الاستفتاء، يجب أن يفعل ذلك على أساس برنامج يساري جدري مناهض للتقشف بكل أشكاله ويدعم حق المهاجرين وجميع العمال.
إذا كان كوربين مستعدا لقيادة المعركة على أساس من هذا القبيل، وهذا ما نأمله، فإنه يجب على اليسار التوحد خلفه. (بيان صادر في 24 يونيو ترجمه للفرنسية ألونكونتر alencontre)
http://alencontre.org/laune/royaume-uni-le-vote-brexit-est-un-desastre-mais-la-lutte-continue.html
تعريب المناضل-ة
===========
(1) هو ملصق لنايجل فاراج زعيم حزب الإستقلال البريطاني UKIP. (قطيعة يتم إرجاع سببها إلى “تدفق” المهاجرين السوريين)
(2) مستشار حكومة الظل لحزب العمال أي ممثل المعارضة التي تراقب عضو الحكومة المسؤول عن المالية
(3) بنية تدعم يسار حزب العمال وكوربين
(4) الوحدة اليسارية Left Unity [ائتلاف اليسار الراديكالي، الذي تأسس في عام 2013] (5) كارولين لوكاس [زعيمة وعضو حزب الخضر] (6) FBU (نقابة رجال الإطفاء)
(7) TSSA رابطة عمال النقل

شارك المقالة

اقرأ أيضا