الإصدار السادس ضمن سلسلة منشورات جريدة المناضل-ة: الرأسمالية والأزمة البيئية، منظورات وبدائل اشتراكية

صدر عن منشورات المناضل-ة كتاب جديد يحمل عنوان؛ الرأسمالية والأزمة البيئية، منظورات وبدائل اشتراكية. (إضغط على العنوان للتحميل) تجدونه لدى موزعات وموزعي جريدة المناضل-ة.

 

مقدمة الكتاب:
أضحت الرأسمالية تهدد بقاء كوكب الأرض، وصار وجود الإنسان والكائنات الحية على شفى الهاوية. لقد أطلق استهلاك الرأسمالية للوقود الأحفوري غازات الاحتباس الحراري، مثل ثاني أوكسيد الكربون، التي تعتبر أهم مسببات تغير المناخ. وأدت هذه الغازات لنقل درجة حرارة الأرض إلى 1,2 بالمائة مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
هكذا، بات التغير المناخي سببا في هلاك مئات آلاف البشر سنويا، وحكم مسبقا على عدد من الأنواع الحية البرية بالانقراض مع حلول العام 2050. ولتجنب الكارثة الأسوأ، ينبغي أن يتمّ لجم ارتفاع الحرارة الشامل ليبقى دون درجتين مئويتين.
حسب فريق الخبراء الحكوميين الدولي حول تغير المناخ، يلزم خفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 50 % إلى 80% على صعيد العالم في أفق العام 2050. إذا لم يتحقق ذلك، قد تكون العواقب ارتفاع مستوى المحيطات بأكثر من متر عند نهاية القرن. بالتالي، فشروط وجود وحتى بقاء مئات ملايين من البشر على كوكب الأرض صار مهددا.
لقد أظهرت قمم حكام هذا العالم المسيطرين على الطبيعة والانسان، الحريصين على فعالية رأس المال وربحيته، رفضا تاما عن إقرار وتنفيذ الإجراءات الدنيا الضرورية للحد من تفاقم الأزمة البيئية التي يسببها النظام الرأسمالي.
أمام هول الكارثة البيئية، يسوق الرأسماليون بدائل من قبيل الرأسمالية الخضراء المزعومة، تقوم على أساس اعتماد حلول تقنية، لكنها ليست سوى حلولا تؤدي لنفس العواقب الإجتماعية والبيئية الوخيمة، مجرد وصفات لطمس الجذور الفعلية العميقة التي أدت إلى الأزمة الراهنة. حلول بلا مصداقية، فالرأسمالية لا تسعى لمعالجة عميقة للكارثة البيئية التي تسببها، بل تروم استعمالها كمشروع استثماري ضخم قد ينتشلها من أزمتها المستفحلة. وهذه الحلول إنما تبرز بجلاء التناقض بين سعي الرأسمال لأقصى الربح والحفاظ على سلامة البشر والبيئة ودوامهما.
لا يمكن للرأسمالية، المسببة للأزمة البيئية، والباحثة دوما عن الربح دون اكتراث بالعواقب الاجتماعية والبيئية، أن تقدّم حلولا لما أفسدته منذ نشأتها. ولأن منطق الرأسمالية لا يسمح لها بتغيير جوهرها، فالكارثة آتية حتما، ما لم تتحرك جماهير المستغلين والمضطهدين لدحرها وتغييرها بنظام عادل اجتماعيا وبيئيا، نظام اشتراكي بيئي.
الجواب الفعلي عن الكارثة المحدقة التي تدفع لها الرأسمالية كوكب الأرض بمن عليه، هو تغيير النظام الرأسمالي بنظام ينتج وفق حاجات البشر وليس ضرورات الربح وتراكمه. تغيير النظام الرأسمالي لا المناخ، هذا هو المطلوب بإلحاح، وإرساء نظام يأخذ بالحسبان حدود المنظومات البيئية ووتائر تجدد الموارد.
لقد أصبح آثر التغيرات المناخية محسوسا بالفعل، بالنسبة للعمال والجماهير المضطهدة، وخاصة في البلدان المتخلفة.

fd
تضع هده القضية الحركة العمالية بشكل عام والماركسيين الثوريين بشكل خاص امام جملة مهام جديدة ورهانات برنامجية وإستراتيجية هامة.
يلزمنا، نحن الماركسيين الثوريين بشكل خاص، ومناضلي الحركة العمالية بشكل عام، بدل جهد أكبر للإلمام بقضية البيئة والسياسة المناخية وذلك عبر الإعلام المضاد المناضل، والسعي لجعل الاهتمام بها شعبيا ونضاليا.
إن القضية البيئية مهمة جدا لإغناء البرنامج الماركسي الثوري، وتقدم الحركة العالمية المناضلة من أجل العدالة المناخية والتعبئة الاجتماعية من أجل بديل تنموي اجتماعي وبيئي أملا في بديل مستقبلي عن ضرر الرأسمالية الكبير بالمحيط الحيوي للبشر والكائنات الحية عموما.
هكذا علينا تدارك تأخرنا في هذا المجال في مواجهة مشاكل تصبح أكثر فأكثر إلحاحا وتهدد مستقبل البشرية.
وفي هذا السياق، ثمة حاجة ملحة الى حركة قادرة على تحدي خطاب الرأسمالية الخضراء السائد، وعلى ابراز أثر ومسؤولية النموذج الحالي الرأسمالي للإنتاج والتوزيع والاستهلاك، وكذا على ربط الخطر المناخي الاجمالي بالمشكلات الاجتماعية.
ويصبح الأمر مستعجلا أكثر بالنظر إلى تأخر معظم المنظمات المناضلة بالمغرب ونقص أو حتى انعدام درايتها بالموضوع. وهناك قسم لا يستهان به من المناضلين يعتبر النقاش البيئي ترفا فكريا في ظل شروط الفقر والاستبداد القائم في المغرب، وبالتالي يرجئها إلى أجل غير معلوم. وقد ظهر ذلك جليا في مظاهرات 20 فبراير التي لم تحمل ولا مطلبا واحدا مباشرا حول المسألة البيئة.
طورت الرأسمالية في اوج صعودها قوى انتاج هائلة وبالغة التطور، لكنها أيضا، بالغة التدمير. يوجد على كوكب الأرض مخازن أسلحة دمار شامل، نووية وذرية، وبيولوجية تكفي للقضاء على الحياة فوقه. إن الكارثة البيئية، بالإضافة لذلك، عناوين دالة على لا عقلانية الرأسمالية وبربريتها في طورها المعولم الذي حررها من أية قيود، وصارت في جنوح لا محدود يستنزف بشدة العمل والطبيعة لمراكمة الثروة بغض النظر عن الكلفة غير القابلة للتعويض.
ما من حلول نكوصية، وما من مذاهب صوفية علمية أو دينية، ستنقد الحياة السائرة نحو الاندثار، وحده بديل اشتراكي جدري وديمقراطي، مفرط الحساسية اتجاه دورة تجدد المحيط البيئي وحدوده، وحريص على تلبية الحاجيات الاجتماعية وحقوق الاجيال القادمة، هو الكفيل بوقف جرافة الرأسمالية.
إن الطريق لبناء حركة بيئية حقيقية مازال طويلا وشاقا، لكن هذا البناء يعد مهمة أساسية وجب النهوض بها.
يعد الفهم، وتقديم تحاليل وبدائل جذرية، الخطوة الأولى في طريق بناء هذه الحركة الضرورية. ينبغي رصد الاختلالات الناتجة عن أضرار الرأسمالية التابعة والمتخلفة على النظم البيئية عبر تقديم تحاليل نقدية، من منظور بيئي اشتراكي. بدائل اجتماعية جذرية للتصدي الفعلي للكارثة المتفاقمة الجارية.
نضع بين أيدي القراء هذا الكتيب الذي يضم في ثناياه مجموعة نصوص نظرية تغني الماركسية الثورية، بعضها مقررات للأممية الرابعة منذ مؤتمرها الخامس عشر، وأخرى اسهامات لماركسيين ثوريين أمميين ملمين بالموضوع من نواحي مختلفة ومن زاوية ماركسية ثورية، إسهاما من تيار المناضل-ة، الماركسي الثوري، الاشتراكي البيئي، في نشر السلاح النظري الذي لا غنى عنه لمجابهة تحديات مناهضة الرأسمالية المدمرة للبشر والطبيعة.

المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا