الولايات المتحدة الأمريكية: العنصرية، الحرب، اللامساواة… انتصار الحمى الرجعية

بلا حدود10 نوفمبر، 2016

 

ترامب، المرشح الملياردير الذي يدعي مناوئة النظام فيما هو أسوأ منتجاته، انتصر أخيرا  في الانتخابات الرئاسية  الأمريكية. لقد جنى ملياردير العقار، ورمز عنف الرأسمالية ، الثمار العفنة لحصيلة أوباما الذي قاد  بصلافة سياسة خاضعة  لمصالح  وول ستريت ، خائنا ما أثار من آمال.

ان ينجح هذا الملياردير النذل في الحصول على مساندة من الطبقات الشعبية  البيضاء يبرز  فقد الديمقراطيين للاعتبار، وكذا مشاعر الخيانة التي أدت اليها سياسة أوباما وغطرسة  كلينتون  الراضية على الذات والتي كانت مرشحة وول ستريت المفضلة.

ترامب ، لوبين الأمريكي

تملق الديماغوجي ترامب  قضايا الشقاق القديمة بالمجتمع الأمريكي، من عنصرية ونزعة وطنية، وميز بين الجنسين، كي يحرف  الغضب  ضد السلطات القائمة، ويتحكم به  في إطار النظام من أجل تأبيد أفضل له و الدفاع عنه بتعيين أكباش فداء. فعلى غرار لوبين في فرنسا، يقوم ترامب بامتداح الانطواء الوطني مدعيا انه سيستعيد فرص العمل من الصين أو أمريكا اللاتينية، كما لو كانت الشركات  متعددة الجنسية ستحرم نفسها من الإنتاج بأقل كلفة  !

لم يكف ، في أثناء حملته، عن السعي إلى تقسيم صف العمال، بالإكثار من الشتائم بحق  المكسيكيين أو المسلمين، مظهرا  احتقاره للنساء.  وأسهم في إعادة تأجيج العنصرية ضد  الأمريكيين من أصل أفريقي الذين ورثتهم الولايات المتحدة الأمريكية  عن  العبودية والميز.

مجتمع وعالم مرضى بالرأسمالية

تضع هذه الانتخابات، واندحار الديمقراطيين، نهاية لما كان فوز أوباما في العام 2008 قد أثاره من آمال:  انفتاح عهد سياسي جديد يطوي صفحة  سنوات بوش.  بعد ثماني سنوات  استحوذ 1% الأكثر غنى على 85% من ثروات البلد الإضافية.  وتعمق التفاوت  لصالح أقلية.  و ليس النمو الأمريكي المزعوم  سوى إضفاء هشاشة متنامية  واستدانة  هائلة ، سواء للأفراد أو  للشركات أو الدولة.

اما  في السياسة الخارجية  فلم يقطع أوباما ، صاحب جائزة نوبل للسلام او بالأحرى صاحب إعلانات النوايا، مع سياسة بوش، بل عزز  الانتشار العسكري الأمريكي عبر العالم. و لم تؤد ادعاءاته محاربة تنظيم داعش  سوى الى  زيادة الفوضى في  شرق أوسط  غارق في النار والدماء.

وقد واصلت سنوات أوباما الهجوم الليبرالي و الامبريالي، مشيعا الفوضى على الصعيد الاجتماعي كما الدولي.

1% مقابل 99%  

أعدت خيبات الأمل وزوال الأوهام، و التقهقر الاجتماعي واليأس إلى إعداد تربة خصبة  للأفكار الرجعية وللديماغوجية  التي كان ترامب، مثل ساركوزي ولوبين في فرنسا، داعيتها سيء الذكر.  وقد نجح في استقطاب المعارضين لكلينتون ولدوائر الأعمال في مؤسسة  السياسة والمال.

سيقوم ترامب، كما كانت ستفعل كلينتون، بتشديد  السياسة التي تخدم مصالح  الشركات متعددة الجنسية التي قادها أوباما ضد عالم الشغل و ضد الشعوب.  وخلف خطابه الديماغوجي، سيخضع لإرادة وول ستريت والبانتاغون  ومكتب الأبحاث الفيدرالي للدفاع عن مصالح الرأسمال الأمريكي  الكبير.

نعم هناك أمريكا وأمريكا. ليس أمريكا كلينتون وأمريكا ترامب،  بل  امريكا  الأغنياء والأكثر ثراء مقابل أمريكا العمال والطبقات الشعبية.  لم يكف هذا التناحر عن  التعمق فيما تتفاقم كل أشكال التفاوت متزايدة الطابع الصارخ.  إن سياسة الطبقات الرأسمالية هي المسؤولة عن ذلك وتؤدي إلى  تفكك اجتماعي  وسياسي  في العالم برمته.

سيفاقم ترامب والجمهوريين المشرفون على التدبير  التوترات على الصعد كافة.  ولا يمكن أن يأتي الرد سوى  من النضالات والتعبئات، مع تجدد أفكار الاشتراكية التي لقيت صدى عريضا  في أثناء الانتخابات التمهيدية  بالحزب الديمقراطي  عبر حملة برني ساندرس (رغم ان هذا الأخير انضم في النهاية الى كلينتون).

يوم 8 نوفمبر لم يكن العمال والطبقات المستغلة ممثلين، لكن المستقبل في الولايات المتحدة وفي غيرها بين أيديهم.

ايفان لومتر

المصدر: موقع npa2009.org

ترجمة : المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا