بعد 70 سنة، أي راهنية للأممية الرابعة ؟

تاريخ الأممية1 يناير، 2015

المناضل-ة عدد: 23
جان ماليفسكي

كانت الأممية الرابعة، المعلنة يوم 3 سبتمبر 1938 على أثر مؤتمر عالمي ُعقد في ظروف سرية – في مستودع بضاحية باريس يملكه الفريد روزمر، في بيرنيي- نتاج هزائم تاريخية للحركة العمالية. كان بالإمكان إعلانها خمس سنوات من قبل، في يوليو 1933، لو لم تسع المعارضة اليسارية العالمية بكل ما أوتيت إلى أن تجمع بداخلها كل تيارات اليسار التي قطعت، حتى جزئيا، مع الاشتراكية الديمقراطية و الستالينية. قام هؤلاء- الذين تجمع بعضهم في مكتب لندن حول حزب العمل المستقل- بالتخلي في الأخير، بعد تردد و مراوغة، عن مشروع أممية جديدة.

ضد التيار فعلى اثر انتصار هتلر في ألمانيا ( فبراير 1933)، وإزاء غياب ردة فعل داخل الأممية الشيوعية ( الأممية الثالثة) على المأساة الألمانية، استخلص تروتسكي والمعارضة اليسارية أن هذه الأممية، الخاضعة كليا لمصالح ستالين الدبلوماسية، قد أفلست ويتعين استبدالها بأحزاب جديدة وبأممية جديدة.

كانت السنوات التي أعقبت ذلك القرار مطبوعة بالثورة المضادة الستالينية، و بالإبادة الكثيفة في الاتحاد السوفيتي للمناضلين البلاشفة والقادة الشيوعيين الأجانب اللاجئين، إبادة لم تمثل منها محاكمات موسكو غير قمة جبل الجليد، وبتنظيم هزائم الحركات الجماهيرية بفرنسا واسبانيا في ظل التحالف بين الاشتراكية الديمقراطية و الستالينيين، وبهزيمة العمال بالنمسا أمام الانشلوس(*)، وباجتياح أثيوبيا، وبداية الحرب اليابانية في الصين، وحل الأممية الشيوعية للحزب الشيوعي في بولونيا واغتيال كل قادته تقريبا بالاتحاد السوفيتي… وبعدها كانت الحرب العالمية الثانية التي ستزيل من الوجود تقاليد وثقافات على نحو شبيه بانغمار قارات. بعد عقدين فقط من فتح الثورة الروسية لعصر تاريخي جديد، مثيرة آمالا وحماسا، كان الوضع “منتصف ليل القرن” بالنسبة للطبقة العاملة.

كان تأسيس الأممية الرابعة في تلك الشروط فعل مقاومة، ومحاولة لإنقاذ المستقبل، والحفاظ على الماركسية الحية ومواصلة اغنائها. كان الذين اضطلعوا بهذه المهمة قلة قليلة. وكانوا عرضة للقمع البرجوازي، و للمطاردة والاغتيال من قبل العملاء الستالينيين،ففي 1937 جرى في اسبانيا اختطاف واغتيال سكرتير تروتسكي في النرويج وعضو الأمانة العالمية إروين وولف. وُقتل في سويسرا عام 1937 إينياس رايس أحد قادة شبكة التجسس السوفيتية بأوربا الذي كان بعث استقالته إلى ستالين وأعلن انضمامه إلى الأممية الرابعة. وفي فبراير 1938 مات في ظروف مشبوهة جدا في مصحة باريسية ليون سيدوف نجل تروتسكي المكلف بالصلات مع المعارضة اليسارية السوفييتية. وفي يوليو 1938 اغتيل بباريس رودولف كليمنت، السكرتير الإداري للأممية الرابعة المسؤول عن تحضير مؤتمر التأسيس ومعه اختفت وثائق تحضيرية عديدة…

وعلاوة على ليون تروتسكي، القائد التاريخي للثورة الروسية، كان بصفوف من اضطلعوا ببناء الأممية الرابعة قادة تاريخيون عديدون لأحزاب شيوعية- منهم الصيني تشن تو كسيو، والايطالي بيترو تريسو، واليوناني بانتليس بوليوبولوس، والأمريكي جيمس كانون. لكن الأغلبية كانت شبابا، جيلا مناضلا جديدا انتصب لإعداد الهجوم المضاد”. وقد كتب تروتسكي في يومياته في مارس 1935:” أنا بحاجة بعدُ إلى خمس سنوات لتأمين نقل الإرث (أي مد الجيل الجديد بمنهجية ثورية )”.

في مؤتمر التأسيس كان زهاء 20 مندوبا يمثلون منظمات 11 بلدا: أفريقيا الجنوبية، ألمانيا، انجلترا، استراليا، بلجيكا، البرازيل، الولايات المتحدة، فرنسا، اليونان، ايطاليا، هولندا، بولونيا، الاتحاد السوفيتي. وأشارت المحاضر إلى 19 بلدا آخر حيث توجد مجموعات تنتمي للأممية الجاري بناؤها أو لها صلات بها: الأرجنتين، النمسا، بوليفيا، كندا، الشيلي، الصين، كويا، اسبانيا، الدنمرك، الهند الصينية، المكسيك، النرويج، بورتوريكو، رومانيا، سان دومانغ، سويسرا، تشيكوسلوفاكيا، أوروغواي، فنزويلا. إجمالا، كانت القوى الممثلة ضعيفة جدا، وحده فرع الولايات المتحدة تجاوز ألف عضو (2500 حسب المحضر). كان أغلب الألمان والنمساويين والايطاليين منفيا، و باتت الصلة بالفرع السوفييتي ( فرع منفيين في المعتقلات ومعسكرات العمل –مقطوعة. نشير أخيرا إلى أن الحزب الاشتراكي العمالي والفلاحي بفرنسا، بقيادة مارسو بيفير، والحزب العمالي للتوحيد الماركسي باسبانيا الراغبين بالمشاركة كملاحظين بالمؤتمر لم يمكن استدعاؤهما بفعل شروط سريته – لم يعقد اجتماعا بكامل الأعضاء سوى يوما واحدا.

وضع عالمي جديد، أممية جديدة

جرى انعطاف المعارضة اليسارية العالمية في يوليو 1933 نحو بناء أحزاب جديدة وأممية جديدة في وضع مغاير جدا لذاك الذي أفضى إلى تأسيس الأمميات الثلاث الأسبق. في الجلسة العامة لمؤتمر التأسيس، عبر بيار نافيل، ُمساجلا المندوب البولوني هيرش ماندل ستوكفيش (“كارل”)، المعارض لإعلان الأممية الرابعة بمبرر ” أننا لا نقود الجماهير”، قائلا:” يجب، عوض اعتماد حجة المماثلة مع تعاقب الأمميات، النظر إلى الأوضاع الملموسة، والوضع الفريد في كل حالة. لقد ولدت الأممية الأولى من عدم، حيث أكدت البروليتاريا ذاتها بما هي طبقة عالمية، لا غير. ولم تقد أي نضال وكانت ممتزجة بالحركات البرجوازية الصغيرة. وكانت الأممية الثانية مرتبطة بأجهزة دولة، ولم يكن لها منافسون، ولم تكن تعتبر نفسها رسميا استمرارا للأممية الأولى. ولم تتمكن الأممية الثالثة من تصفية الثانية. وأصبحت هي أيضا ملحقا بدولة. واستمرت إلى جانب الثانية(…) انه وضع فريد يتعين تحليله كما هو. يجب تجاوز نقص الدقة . (…) يجب أن تكون لنا منظمة محددة وليس حقل مناورات لكل التيارات الملتبسة. سيكون عضوا بالأممية من يقبل البرنامج والأنظمة والقرارات. إنها ليست أممية “نهائية”. ليست ثمة أممية نهائية. نحن لا نعلن الأممية الظافرة. ليست الامميات إطارات جامدة. إنها منظمات نضال يطابق شكلها وظيفتها في طور معين. يتمثل دور تلك الخاصة بنا في الوضع العالمي الراهن في وقف بعض الالتباسات وبذلك تسهيل التجميع حولنا.”(2) كان على المحاور البرنامجية لتشكيلها أن تحدد هوية برنامجية جديدة، باستخلاص الدروس من تجارب الهزائم التي راكمتها الحركة العمالية – انتصار الفاشية، الثورة المضادة الستالينية- لأن مرجعيات المكاسب البرنامجية، من البيان الشيوعي إلى مقررات المؤتمرات الأربع الأولى للأممية الشيوعية، لم تعد كافية لتوجيه النضالات العمالية، فيما كان بالأقل فاعل جديد – الستالينية- قد ظهر في صراع الطبقات.

لم يكن الانحطاط البيروقراطي تكرارا لتبقرط الحركة العمالية عبر دمج متنام بالمجتمع البرجوازي، وهو تبقرط كان أهلك الاشتراكية الديمقراطية في 1914. كانت الأحزاب الشيوعية لا تزال تجمع الغالبية العظمى من المناضلين المتماثلين مع الثورة البروليتارية. لم يكن المناضلون الشيوعيون، خارج الاتحاد السوفييتي، يرون في خطاب “الاشتراكية في بلد واحد” إخضاعا لمصالح الطبقة العاملة العالمية لحاجات نخب الدولة السوفييتية. و لم يكن أولئك المناضلون يتصورون أن مصالح الكرملين كانت متعارضة مع مصالح عمال العالم برمته. كانت تعرجات السياسة التي فرضها الكرملين على الأممية الشيوعية ُُتعتبر في أفضل حال أخطاء. وحدها أقلية صغيرة ملتفة حول تروتسكي، ستتجمع لاحقا في الأممية الرابعة، كانت تبصر الثورة المضادة الجارية بالاتحاد السوفييتي، والدور الاجتماعي الخاص للبيروقراطية السوفييتية، ومصالحها المختلفة والمتناقضة أكثر فأكثر مع مصالح البروليتاريا العالمية. وستحتوي هذه “الوسطية البيروقراطية (الستالينية)” (5) تجذر الجماهير في العقود اللاحقة. جرى تأليف دروس تلك التجارب في 1933 في ” النقاط الإحدى عشر للمعارضة اليسارية العالمية”، المبلورة في فبراير 1933 والمعدلة في يوليو السنة ذاتها فيما يخص ضرورة خلق أممية جديدة. وقد شكلت القاعدة البرنامجية الأولى للأممية الجديدة.

محاور برنامجية

ثمة حاجة إلى الانكباب على ما يحتفظ اليوم- بعيدا عن الصيغ والألفاظ التي شاخت- على راهنيته:

1. كان “استقلال الحزب البروليتاري” مسنودا على أمثلة حديثة آنذاك: سياسة التعاون مع الكيومنتانغ المفروضة على الحزب الشيوعي الصيني ( والتي أدت إلى سحق الثورة الصينية عام 1927)، وسياسة اللجنة الروسية الانجليزية (اتفاق بالقمة، خلف ظهر العمال، مع البيروقراطية النقابية الانجليزية). مع ذلك تظل هذه الأطروحة اليوم المميز الذي يفصل المستعدين لممارسة الحكم مع الاشتراكيين الليبراليين (التجارب الحديثة “لليسار المتعدد بفرنسا” أو حكومة لولا بالبرازيل) ومن يرفضون إخضاع الحركة العمالية لمتطلبات التحالفات الحكومية. إنها نقطة محتفظة بكامل راهنيتها.

2. ” الاعتراف بالطابع العالمي، ومن ثمة الدائم، للثورة البروليتارية، ورفض نظرية الاشتراكية في بلد واحد بما هي سياسة البلشفية- الوطنية”. إن زوال الاتحاد السوفيتي وإعادة الرأسمالية إلى كل البلدان التي أطيحت فيها – باستثناء كوبا التي دعمت قيادتها دوما، وإن على نحو غير تام، توجها أمميا – يدل بعديا على صواب هذه الأطروحة. وتدل العولمة الرأسمالية، مع تدويل متنام لسوق العمل المرافق لها و خلق تنافس بين العمال لتبرير فرط استغلالهم، على راهنية هذه الأطروحة.

3. “الاعتراف بالدولة السوفييتية بما هي دولة عمالية رغم الانحطاط المتنامي للنظام البيروقراطي.” لقد نزع زوال هذه الدولة، وكل الدول (تقريبا) التي ُبنيت على شاكلتها، طابع الراهنية عن هذه الأطروحة. أدت النقاشات في تاريخ الأممية الرابعة حول توصيف الدولة السوفيتية إلى خلافات عديدة وانشقاقات- لا سيما إن الفرع السوفييتي انتفى بضربات القمع الستاليني في سنوات 1930. وعلى عكس أطروحة المعارضة اليسارية، لم يدافع عمال الاتحاد السوفيتي وبلدان الشرق في 1989-1991 عن “الدولة السوفييتية ضد الامبريالية و ضد عملاء الثورة المضادة بالداخل”. هذا رغم أن الخفض الحاد للأجور وشروط العمل بتلك البلدان خلال إرساء الرأسمالية في سنوات 1990 يدل على أنه كانت ثمة مكاسب اجتماعية تستدعي الدفاع عنها رغم أن الدولة اللاحقة للستالينية لم تعد تدافع عنها.

4. “التنديد بالسياسة الاقتصادية للستالينية، سواء في طور انتهازيتها الاقتصادية من 1923 إلى 1928 (…) أو في طور نزعتها الاقتصادية المغامرة من 1928 إلى 1932”. لا ريب أن هذه الأطروحات فقدت راهنتيها اليوم، بعد إعادة الرأسمالية إلى روسيا و أوربا الوسطى والصين. لكن يمكن أن تفيد بعدُ كمؤشر للعمل الفكري المتعلق باقتصاد مرحلة الانتقال…

5. ” الاعتراف بضرورة عمل شيوعي منهجي في المنظمات البروليتارية الجماهيرية، لا سيما النقابات الإصلاحية”. كان المقصود وضع حصيلة لبناء “النقابات الحمراء”، الأقلوية، والدعوات المنهجية من الأحزاب الشيوعية في “حقبتها الثالثة” (اليساروية) إلى إضرابات عامة أقلوية، تلك السياسة التي مهدت، سيما بألمانيا، طريق الفاشية. أتاح تطبيق هذه الأطروحة من قبل منظمات الأممية الرابعة الهامشية جدا قبل 1968 – بما فيه عبر “الدخولية” في الأحزاب العمالية الكبرى- تفادي عزلة مناضليها وكسب خبرة العمل النضالي العمالي. إن المأسسة المتنامية اليوم للنقابات الإصلاحية، وتكيفها المتعاظم مع الإصلاحات البرجوازية المضادة، وتغيرات موازين القوى داخل الحركة العمالية (ضعف الأجهزة الإصلاحية وفقدها المتنامي للشرعية) وضعت مذاك على جدول الأعمال بجملة بلدان مهمة بناء نقابات جديدة ( متضامنون Sud بفرنسا، النقابات القاعدية في ايطاليا…)، وقد أسهم مناضلو الأممية الرابعة – ليس من دون ترددات ونقاشات (4)- في بنائها. كان ميلاد تلك النقابات الجديدة، وكذا تعززها، يغير كيفية طرح مسألة الوحدة العمالية، لكن هذه الأخيرة تحافظ على كامل راهنتيها: فإتاحة تعبئات عمالية قوية يستوجب إيجاد تلك النقابات الجديدة سبل وحدة عمل مع النقابات الإصلاحية بالاستناد إلى النقابيين الكفاحيين داخل هذه الأخيرة والسعي إلى تحريك قياداتها المتكلسة.

6. “رفض صيغة الديكتاتورية الديمقراطية للعمال والفلاحين” بما هي نظام مفصول، متميز عن ديكتاتورية البروليتاريا (…)، ورفض النظرية المعادية للماركسية حول “التحول” السلمي للدكتاتورية الديمقراطية إلى ديكتاتورية اشتراكية.” إذا وقفنا عند التعابير المستعملة، نرى صيغة من عالم آخر. فتعبير “دكتاتورية البروليتاريا”، الذي ماثلته الستالينية بالديكتاتورية البيروقراطية المفروضة على البروليتاريا- وهو ما سماه بحق الشيوعي اليوغوسلافي آنت سيليغا عام 1938 “الكذبة المشوشة”- فقد كل معنى. لكن خلف هذا التعبير يختفي تصور استراتيجي جوهري للتغيير الاجتماعي: فكرة أنه يتعذر على العمال، في نضالهم من أجل مجتمع المساواة والديمقراطية، الخضوع لقيادة كتلة ذات امتيازات في المجتمع، و أنه يجب أن يكونوا مهيئين للمواجهة مع من يدافعون عن امتيازاتهم، وأن ليس العمال، المشكلين الأكثرية، من يحدد شروط هذه المواجهة بل الأقلية التي تضطهدهم والمستعدة للجوء إلى العنف للحفاظ على مكانتها الامتيازية، وهذا ما نرى بعدُ في المستجدات البوليفية أو الفنزويلية. إن كل تنظير لـ”الطابع السلمي” للتغيير الاجتماعي نحو تحرر العمال يفضي إلى نزع سلاحهم بوجه عنف العدو الطبقي. بهذا المعنى ، تحافظ ” النقطة السادسة” على كامل راهنيتها.

7. “الإقرار بضرورة تعبئة الجماهير بشعارات نضال انتقالية(…) وبوجه خاص شعارات ديمقراطية”. كان البرنامج الانتقالي بمؤتمر تأسيس الأممية الرابعة بلور مسألة شعارات النضال الانتقالية. المقصود صياغة المطالب انطلاقا من مستوى وعي الجماهير، وانشغالاتها الأساسية، لاقتيادها إلى إدراك ضرورة وضع النظام الرأسمالي برمته في قفص الاتهام. أي بعبارة أخرى الانطلاق من المتطلبات كما تفهمها الجماهير للسير نحو وحدة العمال وتنظيمهم الذاتي، هذا الشرط الذي لا غنى لتحرر العمال الذاتي عنه. مسألة “الشعارات الديمقراطية” – جرى تأكيد شعار الجمعية التأسيسية أو العملية التأسيسية حيث الديمقراطية الشكلية ذاتها منعدمة (في مؤسسات الاتحاد الأوربي مثلا)- بقطع مع نقاشات مؤتمري الأممية الشيوعية الخامس والسادس المطبوعة بالخط اليساروي المسمى “حقبة ثالثة”. يظل مجمل هذه الأطروحة راهنيا جدا اليوم.

8. الإقرار بضرورة تطوير سياسة جبهة متحدة إزاء منظمات البروليتاريا الجماهيرية، النقابية والسياسية على السواء، بما فيها الاشتراكية الديمقراطية بما هي حزب.” كان المقصود القطع مع السياسات العصبوية ( رفض نضال مشترك إلى جانب “الاشتراكية-الفاشية”) والانتهازية ( “تحالف مع القادة دون الجماهير وضدها”، كما جرى في إطار “اللجنة الانجليزية الروسية ” ولاحقا في “الجبهات الشعبية”). إن مسألة تحقيق وحدة العمال، فيما هم تاريخيا منقسمون داخل أحزاب ونقابات يثقون بقياداتها، تتطلب من المنظمات الثورية القدرة على إيجاد مجالات نضال تتيح تعبئة الجماهير. يستوجب هذا الأمر التوجه إلى القيادات الإصلاحية لاقتراح وحدة العمل عليها. رغم أن الاشتراكية الديمقراطية شهدت في السنوات الأخيرة مأسسة متسارعة ومن ثمة تحولا اجتماعيا يجعلها أكثر فأكثر أحزاب أعيان يتناقص فيها العمال، وما دامت تبدو (خطأ) بنظر قطاعات من الجماهير قادرة على المساعدة في تحقيق قسم بالأقل من مطالبها، يجب على الثوريين مطالبة القيادة الاشتراكية-الديمقراطية بالانخراط في النضالات. تتيح هكذا جبهات متحدة بناء تعبئات وحدوية ( النضال الظافر ضد “عقد أول تشغيل” في فرنسا عام 2006- مثلا)، أو تحقيق انتصارات ديمقراطية (جبهة متحدة جزئية للتصويت بالرفض في الاستفتاء الأوربي في فرنسا في 2005 وايرلندا في 2008 مثلا). تظل إذن راهنية هذه الأطروحة جلية.

9. “رفض نظرية الاشتراكية -الفاشية”. بعد أن كانت هذه الأطروحة راهنية للغاية في 1933، فقدت حاليا راهنتيها إذ تخلى عنها حتى الستالينيون. ومع ذلك ثمة بعض المنظمات العصبوية التي تواصل الاعتداء -وحتى اغتيال- من لا يخضع لقيادتها، مثل الحزب الشيوعي بالفلبين والطريق المضيء في البيرو… يوجد في أصل هذه التصرفات الفهم الستاليني للحزب الوحيد- كأن الطبقة العاملة غير متنوعة ومنقسمة بل مونوليتية- الذي أدى إلى هذا التنظير الستاليني الضار. كما رفض هذه “النظرية” يعني تأكيد حق العمال في التزود بتمثيليات سياسية مختلفة. وهذا راهني دوما.

10. ” النضال من أجل إعادة تجميع القوى الثورية للطبقة العالمية (…) ضرورة منظمة أممية شيوعية حقيقية قادرة على تطبيق المبادئ السابق ذكرها أعلاه.” هذا تأكيد على أن الأممية الشيوعية – التي حلها ستالين في 1943- لم تكن قابلة للإصلاح. ومن ثمة الحاجة إلى أممية جديدة. يجب التأكيد – و ما من صدفة في الأمر- أن الصيغة تبدأ بـ”النضال من أجل إعادة تجميع القوى الثورية”. فيما بين 1933 و 1938، قبل إعلان الأممية الرابعة، حاولت المعارضة اليسارية العالمية و تروتسكي مرارا عديدة إعادة تجميع القوى لثورية . في رسالة إلى مارسو بيفير، كان تروتسكي كتب بجلاء :” يعتبر البلاشفة اللينينيون أنفسهم تكتلا في الأممية الجاري بناؤها. وهم على استعداد للعمل يدا بيد مع التكتلات الأخرى الثورية فعلا.” (5) أدت شروط تأسيس الأممية الرابعة، في فجر اندلاع الحرب العالمية الثانية، فيما كان واجبا توثيق صفوف نواة الأطر القائمة وفيما كانت التيارات الأخرى المنتسبة للثورة تواصل ترددها- إلى عدم تحقق أمنية تروتسكي آنذاك. ولم يكن الأمر ممكنا في السنوات اللاحقة أيضا. لكن منذ نهاية الستالينية، وفيما القوى الثورية لا تزال مشتتة، تواصل الأممية الرابعة محاولات إعادة تجميعها: الندوات العالمية والأوربية لليسار المعادي للرأسمالية مثلا. فضلا على انه في العقد المنصرم انضمت إليها، أو اقتربت منها منظمات جديدة متحدرة من تقاليد مغايرة (الحزب الماركسي الثوري في مينداناو في بالفلبين أو حزب العمل بباكستان). مازالت الأممية الرابعة بعيدة عن إعادة تجميع مجمل القوى المعادية للرأسمالية على صعيد العالم، وهي تواصل هذه المحاولة الراهنية دوما.

10- “الاعتراف بالديمقراطية الحزبية، ليس بالقول فحسب، بل بالفعل أيضا”. فيما أصبحت الأحزاب الشيوعية مونوليتية وخاضعة “لأب الشعوب”، كانت هذه النقطة تسير ضد التيار. اعترفت الأممية الرابعة دوما بحق تكوين الاتجاهات داخلها، وحتى تكتلات في وضع أزمة. أدى ذلك أحيانا إلى انشقاقات- ليس بسبب الديمقراطية الداخلية، بل بسبب الإخلال بها أحيانا( محاولات فرض تكتيك بناء على أغلبية الفرع الفرنسي في 1952-1953)، و دائما بسبب ضعف التنظيم الذي يجعل الحفاظ على وحدته تبدو ثانوية. إن قدرة أهم فروع الأممية الرابعة – العصبة الشيوعية الثورية بفرنسا- على السماح بداخلها ليس لأراء متباينة فحسب بل حتى لممارسات متباينة (6) قد أبان، ليس من دون توترات، أن الديمقراطية داخل الحزب تظل إحدى شروط بنائه…

مكاسب يتعين الحفاظ عليها

كما رأينا، تظل المحاور البرنامجية للأممية الرابعة، مع أنها تعود إلى 75 سنة خلت، راهنية في قسم واسع منها. إنه السبب الأساسي الذي أتاح لتيار أقلوي الاستمرار ومواصلة القيام بدور نشيط داخل الطبقة العاملة العالمية. كما أتاح ذلك للأممية الرابعة مواصلة البلورة النظرية التي بدأت مع تأسيسها، وتطوير ماركسية حية. وتشهد على ذلك المقررات المصادق عليها في مؤتمراتها العالمية: تحليل انحدار الستالينية وسقوطها في 1957، ومقرر “الثورة الاشتراكية ونضال تحرر النساء” في 1979، ومقرر” ديكتاتورية البروليتاريا والديمقراطية الاشتراكية” المعمق لمفهوم الديمقراطية بصفته مكونا لا غنى عنه في مجتمع الانتقال، والذي نوقش بدءا من 1979 وصودق عليه في 1985، ومقرر “الايكولوجيا والاشتراكية”، ومقرر “تحرر المثليين جنسيا” في 2001، و مقرر أزمة المناخ الجاري نقاشه لأجل المؤتمر العالمي المقبل في 2010. كما أن النقاشات داخل الأممية الرابعة هي التي أتاحت إلى حد بعيد لارنست ماندل، قائدها الرئيسي في سنوات 1960-1990، صياغة تحليل مجدد للرأسمالية الشائخة والموجات الطويلة في الاقتصاد الرأسمالي…(7)

كان ماندل، عالم الاقتصاد الماركسي ذو الشهرة العالمية، يؤكد دوما على انه “مناضل قبل كل شيء”، ويتذكر كل الجامعيين الساعين إلى دعوته إلقاء دروس أو المشاركة في ندوات جوابه:”يجب أولا أن أرى أجندة الأممية الرابعة – التي تمثل أولوية في التزامي- قبل أن أجيبكم على إمكان الاستجابة للدعوة…” لم تقم الأممية الرابعة، التي ظلت أقلوية، بدور قائد في السيرورات الثورية التي تلت تأسيسها، لكنها كانت دوما قادرة على الاعتراف بالسيروروات الثورية، المعادية للامبريالية والاشتراكية، أيا كانت قياداتها، وإبداء تضامن لا تشوبه شائبة ضد الامبريالية. لقد دافعنا بجلاء عن الثورات الصينية و اليوغوسلافية والفيتنامية والجزائرية والكوبية و النيكاراغوية- ما مثل خصوصية مميزة لتيارنا العالمي بما فيه إزاء حركات تروتسكية أخرى. كما أنها قدمت دعما أمميا للحركات الثورية والمناهضة للاستعمار المناضلة ضد الامبريالية. وبوجه خاص، عبرت علاقتنا بتجربة تشي غيفارا عن تلك الرغبة في الارتباط بالسيرورات الثورية. كما ساندت الأممية الرابعة بداية السيرورات المناهضة للبيروقراطية ( يوغوسلافيا في 1948، برلين في 1953، بولونيا وهنغاريا في 1956، و تشيكوسلوفاكيا في 1968، بولونيا في 1980-1981) بتأمين معلومات عنها وبتنظيم التضامن معها. وفيما “كان العديد من المعلقين يختزلون تحليلهم لعالم القرن الأخير في معسكرات أو دول – الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي- كانت الأممية الرابعة تضع بالمقدمة نضال الشعوب والعمال ضد امبريالية بلدهم و ضد البيروقراطية السوفييتية”(8) . أتاح هذا الالتزام المستمر لهذا التيار الاقلوي القيام بدور يتجاوز قواه النضالية الضعيفة، بتنشيط حركات تضامن عالمي ضد الحرب الاستعمارية بالجزائر، وضد العدوان الامبريالي على فيتنام، ومساندة النضالات الثورية لشعوب أمريكا اللاتينية أو دعم الثورة المعادية للبيروقراطية في بولونيا في1980-1981 وضد خنقها، حركات أتاحت لأجيال مناضلة جديدة الابتعاد عن السيطرة الستالينية والاشتراكية الديمقراطية وحتى التحرر منها.

حقبة جديدة، برنامج جديد، أحزاب جديدة … أممية جديدة

إن الانهيار النهائي للستالينية، التي انتقل مواصلو إرثها، بالعدة والعتاد، إلى جانب إعادة الرأسمالية في بلدان أوربا الوسطى و الاتحاد السوفيتي والصين وفيتنام، قد وضع حدا نهائيا للحقبة البادئة بالثورة المضادة الستالينية في الاتحاد السوفييتي. و كانت الحركة العمالية التقليدية – سواء الاشتراكية الديمقراطية التي كان بقاؤها يعود إلى رفضها الديكتاتورية البيروقراطية باسم مثلنة(*) للديمقراطية البرجوازية، أو الأحزاب المسمية نفسها شيوعية، و التي كانت تمثلن الديكتاتورية البيروقراطية- وجدت نفسها منزوعة الهوية. و تحت ضربات الهجوم الرأسمالي الرامية، عبر العولمة، إلى إعادة النظر بالمكاسب الاجتماعية للعمال لرفع معدل الربح، سعت الحركة العمالية التقليدية، المجردة من مرجعياتها، إلى التكيف متخلية عن خطوط دفاعها واحدا تلو الآخر. وعلى السواء، تخلت الاشتراكية الديمقراطية و الستالينيون سابقا عن منظور الاشتراكية، أي مجتمع المساواة والديمقراطية والملكية الجماعية. و بلغ بعض تلك الأحزاب مستوى رفض الهوية الاجتماعية السياسية للحركة العمالية – مثل حزب العمال الجديد ببريطانيا بقيادة توني بلير أو أغلبية الحزب الشيوعي الايطالي، الذي تحول بالتوالي إلى ديمقراطيي اليسار ثم إلى الحزب الديمقراطي متخليا عن أي مرجعية “يسارية”. تلك أيضا حال قادة ُُكثر لأحزاب اليسار التقليدية الذين لم ينجحوا بعد في انجاز هذه القفزة النوعية في التكيف الإيديولوجي، مثل بتراند دولانوي الذي لم يعد يتردد في نعث نفسه بـ”الليبرالي” (9).

وقد هوت بعض أحزاب الأممية الاشتراكية بالكامل مثل حركة العمل الديمقراطي بفنزويلا التي كان رئيسها مسؤولا عن تقتيل السكان المتمردين في 1989 (“كاراكازو”).

صارت الحركة العمالية التقليدية مصابة من جراء ذلك بضعف شديد. وفقدت النقابات التاريخية، وكذا الأحزاب السياسية لليسار التقليدي، الكثير من أعضائها. و ضعف كثيرا التمثيل السياسي لمن يبيعون قوة عملهم، إذ يُنظر أقل فأقل إلى الأحزاب التقليدية كممثل لمصالح العمال.

و مع ذلك، و على عكس ما يقول منشدو “نهاية التاريخ”، لم يتوقف الصراع الطبقي. بل بالعكس، تتواصل النضالات العمالية و تتجذر بوجه الإصلاحات المضادة المحفزة من البرجوازية – بدعم وحتى بقيادة اليسار التقليدي الاشتراكي الليبرالي. و على نحو متزايد، توجد شرعية الرأسمالية – التي ادعت أنها “منتصرة” بعد 1991 – وكذا شرعية “عولمتها”، موضع اتهام. وتعزز الأزمة الاقتصادية الراهنة هذه الظاهرة بعدُ. و يخلق هذا مساحة ليسار جديد، جذري، ومعاد للرأسمالية.

ويسارا بدأت بالظهور أحزاب جديدة أكثر جذرية. ويتفاوت استقلالها عن مؤسسات الدولة البرجوازية. وتبقى تلك الأحزاب أينما كانت قوى الثوريين قليلة، وحيث تحافظ قوى في قطيعة جزئية مع الأحزاب السياسية التقليدية على انغراس مؤسسي، خاضعة لمأسستها كما كانت حالة حزب إعادة البناء الشيوعية بايطاليا – الذي غرق بعد دمجه في حكومة رومانو برودي- ومثل حالة حزب دي لانكه في ألمانيا، الذي تتطلع أغلبية قيادته إلى مشاركة بالحكومة حتى في وضع خضوع للقوى الاشتراكية الليبرالية. إن لهكذا أحزاب طبيعة انتقالية: تنفجر (أو تتبدد) إذا خيبت التطلعات الشعبية المعلقة عليها عند دخولها إلى حكومات تسير الأزمة الرأسمالية.

وثمة أحزاب أخرى جديدة في طور التشكل تتبنى على العكس منظور قطع مع الرأسمالية، ودفاع حتى النهاية عن مصالح العمال. تلك حال فرنسا مع بناء الحزب الجديد المعادي للرأسمالية بمبادرة من العصبة الشيوعية الثورية، فرع الأممية الرابعة هناك، وفي بولونيا مع مبادرة النقابيين الجذريين بالنقابة الحرة “أغسطس 80″، و حزب العمل البولوني، وبباكستان مع حزب العمال الباكستاني، و بايطاليا على اثر التوضيح المؤسس على التجربة العملية لحزب إعادة البناء الشيوعية، حيث ظهر يسار نقدي جديد، وفي البرازيل على اثر التجربة الكارثية لحكومة لولا ظهر حزب جديد، حزب الاشتراكية والحرية… ويشارك مناضلو الأممية الرابعة في بناء هذه الأحزاب الجديدة.

كان المؤتمر العالمي 14 للأممية الرابعة في 1995 أكد أن :” الحقبة الراهنة تجمع أزمة للحركة العمالية تفتح منظورات جديدة للنقاش و إعادة التركيب السياسي على المدى المتوسط، وموازين قوى اجتماعية وإيديولوجية، تمنع حتى اللحظة أي إمكان تحول نوعي في بناء الطليعة الثورية على الصعيد العالمي (…) العديد من المنظمات المتحدرة من تقاليد أخرى غير تقاليدنا والمحافظة على أهدافها الثورية مضطرة لمراجعة نقاط ارتكازها التاريخية على ضوء الحصيلة النهائية للستالينية وانهيار “المعسكر الاشتراكي” المزعوم” . (…) على هذا النحو يمكن النظر إلى هذا المعلم أو ذاك الذي اعتبر في الماضي سمة خاصة ب”التروتسكية ” على نحو مغاير تماما. بعض المرجعيات التاريخية التي كانت تحيل على انفلاقات وقطيعات معقدة داخل الحركة الشيوعية في سنوات 1930 سيضفى عليها طابع النسبية لصالح إعادة تثمين الفصل الكلاسيكي والأساسي بين ” ثوريين” و ” إصلاحيين” وحتى بين اشتراكيين ديمقراطيين و معادين للرأسمالية” (10). وفي 2003 تابع المؤتمر العالمي الخامس عشر بما يلي:” منذ الوهلة الأولى يطرح الطور السياسي الجديد لإعادة التنظيم مشكل أممية جديدة معادية للرأسمالية /معادية للامبريالية، ثورية وجماهيرية(…) تنبع قوة الدفع لديها من حركة مقاومة عالمية من الوهلة الأولى ضد طور جديد من تدويل الرأسمالية، وسياستها ومؤسساتها.” (11). منذ 1933، وضع تيار الأممية الرابعة هدفا له بناء أممية ثورية جماهيرية. بعد ثلاث أرباع القرن لم تتمكن بعدُ الأممية الرابعة، نتاج مرحلة مطبوعة بقوة دفع الثورة الروسية و وبثقل هزيمتها المديدة تحت ضربات الثورة المضادة الستالينية، من تحقيق هذا الهدف التاريخي. وإن الحقبة الجديدة المفتوحة بنهاية “القرن العشرين الوجيز”، التي تتيح تخصيب سيرورات إعادة التنظيم الجارية للحركة العمالية بمضمون ثوري، تعيد إلى جدول الأعمال هذا الهدف كما يدل ظهور أحزاب جديدة معادية للرأسمالية. إن برنامج الأممية الرابعة و واقعها النضالي يتجاوزان تاريخها العاصف ويتيحان لها الانخراط في بناء أممية جديدة. هذه الأممية لا تعلن بقرار. فسيرورات بناء أحزاب جديدة بكل بلد رهينة باختلاف تاريخ الصراع الطبقي على صعيد وطني. ستكون الوتيرات متفاوتة. وستكون تجارب يسار جديد متباينة. وسيجري ذلك على صعيد عالمي عبر عمليات إعادة تجميع خاصة حول نقاشات وتحركات مشتركة لمنظمات مختلفة. لكن نجاحات البعض في بناء أحزاب جديد معادية للرأسمالية ستثري أيضا ممارسة الآخرين. لكن الأممية الرابعة ستقوم بكل ما في وسعها من أجل أن ترى النور “أممية جديدة معادية للرأسمالية وللامبريالية”

باريس، سبتمبر 2008

انبركور عدد 541-542

تعريب: جريدة المناضل-ة

* مثلنة: اضفاء طابع مثالي

* الانشلوس: تعني بالالمانية الضم، والمقصود ضم المانيا الهتلرية للتمسا عام 1938

1. كان مكان عقده سريا، واُعلن انه جرى في سويسرا… ما لم يحل دون مشاركة نشيطة لعميل ستاليني، مارك زبوروفسكي، المسمى إتيان، الذي استقطبه المخابرات الستالينية للتسلل إلى الأممية الرابعة ولم ُيكشف سوى في 1956، وكان يشارك في إعداد نشرة المعارضة ( باللغة الروسية) إلى جانب ليون سيدوف (نجل تروتسكي المتوفي في ظروف مشبوهة يوم 16 فبراير 1938 في مصحة بباريس، إذ اغتاله الغيبيو أو كان ضحية طبيب جراح عديم الكفاءة؛ حسب فرضية الدكتورين جان-ميشال كريفين و مارسيل-فرانسيس كان – راجع مجلة دفاتر ليون تروتسكي، مارس 1983 العدد 13. لم ينتخب زبوروفسكي في هذا المؤتمر عضوا في اللجنة التنفيذية لكن هو من قدم التقرير حول مسألة الاتحاد السوفييتي…

2. مؤتمرات الأممية الرابعة،الجزء 1- ميلاد الأممية الرابعة 1930-1940 منشورات لابريش، باريس 1978، ص. 228-229.

3. “تصريح الأربعة” – المعارضة الشيوعية اليسارية، حزب العمال الاشتراكي ( ألمانيا)، الحزب الاشتراكي الثوري (هولندة)، الحزب الاشتراكي المستقل (هولندة)- المنشور في مؤتمرات الأممية الرابعة جزء 1- 1930-1940، منشورات لابريش، باريس 1978، ص. 98-100 وفي سنوات تشكل الأممية الرابعة ، دانيال بنسعيد – دفاتر الدراسة والبحث ،العدد9 ، 1988 ، المعهد الدولي للبحث والتكوين،ص.12.

4. كان كاتب هذا المقال ممن عارضوا، داخل الفرع الفرنسي، التوجه المفضي إلى ميلاد أولى نقابات سود SUD المستقلة ، باقتناع خاطئ أن مساحة ذلك لم تكن قائمة…وهذه مناسبة إعادة تأكيد نقدي الذاتي.

5. أورده دانيال بنسعيد، مرجع مذكور .ص.15.

6. على هذا النحو لم ُيطرد رفاق الأقلية بالفرع الفرنسي الذي انخرطوا إبان انتخابات الرئاسة في حملة أخرى لصالح جوزي بوفيه ضد حملة العصبة الشيوعية الثورية حول ترشيح اوليفييه بوزاسنو… هكذا أتاح إمكان امتحان تكتيكين مختلفين استخلاص حصيلة عملية وإعادة توحيد المنظمة على نحو واسع، اذ استخلص رفاق الأقلية حصيلة توجههم الذي تبين خطأه.

7. راجع إ . ماندل Troisième âge du capitalisme (طبعة مزيدة ومنقحة من طرف الكاتب) منشورات لاباسيون ، باريس 1997. تمثل الإسهام الآخر الهام لارنست ماندل في النظرية الاقتصادية الماركسية في كتاب “موجات التطور الرأسمالي الطويلة” نشر بالانجليزية في 1980 وفي طبعة مراجعة في 1995 (منشورات فيرسو ، لندن)، سيظهر أخيرا بالفرنسية في ترجمة راجعها الكاتب…

8. فرانسوا سابادو، في أصول الأممية الرابعة، جريدة روج عد2266 يوم 18 سبتمبر 2008.

9. راجع برتراند دولانوي ولوران جوفرين، الجرأة ، منشورات روبير لافون ، باريس 2008.

10. مقرر ” بناء الأممية اليوم” صادق عليه المؤتمر العالمي الرابع عشر (5-10 يونيو 1995)، راجع انبركور ، عدد خاص ملحق العدد 398 – فبراير 1996.

11. مقرر ” دور الأممية الرابعة ومهامها” صادق عليه المؤتمر العالمي الخامس عشر (8-14 فبراير 2003). راجع انبركور، عدد خاص ملحق العدد 488 –ديسمبر

شارك المقالة

اقرأ أيضا