إضراب عاملات وعمال شركة دلفي المغرب: دروس تجربة كفاح

 

 

دخلت معركة عاملات وعمال دلفي تاريخ الكفاح العمالي ببلدنا، حيث تحدى العمال المجردون من سلاح التنظيم النقابي جبروت شركة متعددة الاستيطان، مدعومة بكل أجهزة الدولة. وخاضوا معركة استمرت خمسة ايام، أدركوا خلالها بأن قوتهم تكمن في اتحادهم وتصميمهم، وحسن استعمالهم ما تتيحه الوسائل التواصلية الإلكترونية من امكانات لتنظيم المقاومة.

كما وقفوا على نقط ضعفهم المتمثلة أساسا في ضعف تنظيمهم، وعدم اشتغالهم بشكل كاف على القوانين المؤطرة لعملهم… وعدم إلمام بقانون الشغل وحق الإضراب والاحتجاج والتجمع وفقا للقوانين الجاري بها العمل. ومثال ذلك انتشار فكرة لا قانونية مواصلة إضرابهم بعد اليوم الثالث. وهي فكرة للأسف تم نشرها وسط العمال بواسطة ممثليهم، أخذوها كما يقولون من مصدر نقابي مسؤول بطنجة.

إن من شأن استثمار نتائج المعركة في تقوية شبكة العلاقات النضالية التي تم نسجها، والاشتغال على تقوية التضامن العمالي، عبر إنشاء صندوق مالية عمالية وتحديد الساهرين عليه بشكل ديموقراطي، وتكليف لجنة من العمال أنفسهم للبحث والتنقيب في قانون الشغل وأشكال عمل الشركة، والقوانين المؤطرة للتنظيم العمالي مثل ظهير الحريات العامة وقوانين الجمعيات الخ. وكذا البحث عن طرائق التدبير في الشركة وأشكال عملها عبر العالم، وتقوية التنسيق بين كل فروع الشركة الخمس بالمغرب وصولا لتوفير قاعدة صلبة لقيام نقابة عمال دلفي الديموقراطية والكفاحية وغير القابلة للتلاعب بها من قبل بيروقراطيي النقابات الموالين في عمومهم للرأسمال ودولته.

لقد حققت معركة العمال والعاملات إنجازات هامة نسجل منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

1)  خلق شعور ملموس بالوحدة من خلال الالتفاف الواسع حول المعركة بكل مصانع الشركة الخمس بالمغرب.

2)  مشاركة جماعية في تسيير المعركة وتقرير خطواتها بواسطة التجمعات العامة المرافقة للوقفات الاحتجاجية والاعتصام أمام إدارة الشركة.

3)  إدراك الحاجة إلى التنظيم سواء من خلال النقابة أو عبر تنسيقية

4)  المبادرة بعد مباشرة الاحتجاج بفعل تغيير اسم الشركة والخوف من المصير المجهول إلى تدقيق الملف المطلبي وعدم حصره بما كان مفجرا للاحتجاج

5)  استراتيجية تأنيث العمل في القطاعات الهشة بغية تشديد الاستغلال، تبين فشلها الذريع فالعاملات كن اشد كفاحية وتبوأن قيادة النضال

بشكل عام، من الآن فصاعدا ستأخذ الشركة بالاعتبار أنها أمام عمال وعاملات يقيمون الاعتبار لكرامتهم الإنسانية وأنهم ليسوا عبيدا خانعين مستسلمين، وهم حاليا يدركون قوتهم وقدرتهم الجماعية على رد التعديات بالنضال، ولأنهم مروا من هذه التجربة البطولية، تجربة كفاح عمالي جماهيري، فلن يترددوا في تكرار الأمر متى لزم ذلك دفاعا عن حقوقهم، وسعيا لتوسيعها، وتحسين ظروف عملهم وعيشهم.

ويبقى الدرس الرئيسي، أن عمال المغرب وعاملاته بلا تنظيم نقابي طبقي حقيقي يدافع عن حقوقهم ومكتسباتهم، وبلا معبر سياسي عن تطلعهم للحرية والعدالة والكرامة والتحرر من قيود الاستغلال والاستعباد.

 واجب جميع المناضلين العماليين، وكل أنصار حقوق العمال، التضامن بتوسيع حملة فضح أرباب العمل، ودولتهم التي أنجدت الشركة بإرسال قوات القمع. وتنظيم اوسع حملة تشهير بالاستغلال المفرط، وبضخامة الأرباح التي تجنى من عرق العمال، وتذهب خارج البلد.

ومن واجب الاجهزة النقابية بجميع النقابات أن تساند عمال دلفي المكافحين، وليس لها أن تنتظر في ذلك ضوءا أخضر من القيادات العليا للنقابات، فهذا ابسط الواجبات الطبقية.

 

النصر لعمال ديلفي

 عاش التضامن الطبقي العمالي  

بقلم بثينة نعمان

صحفية بجريدة المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا