الصحراء الغربية: التصعيد الراهن الدوافع والغايات؟

سياسة18 يوليو، 2018

 

 

بقلم، حسن ابناي

دخل النزاع في الصحراء الغربية حالة هدوء مند وقف إطلاق النار وفق اتفاقية 1991، فاستبدلت المواجهات العسكرية لمدة 16 سنة بمفاوضات تحث رعاية الأمم المتحدة، ركزت في الفترة الفاصلة بين 1991/2003 على آليات ومضمون تطبيق استفتاء تقرير المصير للسكان الصحراوين قبل أن تتحول ومند 2007 إلى مفاوضات بغاية التوصل إلى حل سياسي يحظى بقبول طرفي النزاع. تعرض هدوء الوضع للخطر في بعض اللحظات كما إبان تهديد البوليساريو باستهداف المشاركين في رالي باريس/ دكار سنة 2000. وكما حصل صيف 2016 بعد أن بدأت الدولة المغربية بتزفيت المقطع ألطرقي الحدودي بمنطقة الكركارات بطول 5 كلم اعتبرته البوليساريو تغييرا على الأرض وخرقا لوقف إطلاق النار. غير دلك فالمعارك الديبلوماسية هي المستعرة وميدانها الأمم المتحدة (مجلس الأمن/الجمعية العامة/مجلس حقوق الإنسان) وبعدها ساحة الاتحاد الإفريقي بعد انضمام المغرب ودهاليز المحاكم الأوربية كما وضع حقوق الإنسان واليات الرصد والتبليغ واستغلال الثروات والجهة المستفيدة من الاستغلال ومن له حق الوصاية عليها.

الدولة المغربية التلويح بالقوة العسكرية.

أعلنت جبهة البوليساريو مند 2016 شروعها بنقل بعض مؤسساتها العسكرية والمدنية إلى مناطق خارج المخيمات والتراب الجزائري في إطار ما تعتبره ممارسة سيادتها الشرعية على الشطر الشرقي الواقع خلف الجدار العسكري الفاصل بين الطرفين بما لا يتناقض مع البند 1 من اتفاقية وقف إطلاق النار المحددة للمنطقة العازلة في 5 كلم على طول الجدار العسكري.

رد الدولة المغربية الفعلي تم الإعلان عنه في ابريل 2018 وذهبت إلى حد التصريح بأن عدم توقيف البوليساريو للإنشاءات التي تباشرها سيجبرها على التدخل العسكري، لأجل دلك نظمت حملة دبلوماسية وإعلامية كثيفة خارجية وداخلية انخرطت فيها كل مؤسسات الدولة (الملك/الحكومة/البرلمان) وركزت على الأمانة العامة للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن بخطاب مضمونه  إحداث أي تغيير في المنطقة العازلة شرق الجدار أي أراضي خارج المخيمات التي أقيمت فوق التراب الجزائري يجب منعه من قبل الامم المتحدة، وعكس دلك ستتدخل الدولة المغربية عسكريا، كما تعبأت الأحزاب ووسائل الإعلام العمومي ونظم مهرجان بمشاركة قيادة كل أحزاب الدولة ووقعت على بيان مشترك طبق الأصل لبيان وزارة الخارجية دعمته فيدرالية اليسار المعارضة بحماسة.

أسباب تصعيد الدولة المغربية

واضح أن الدولة المغربية استشعرت خطورة نقل سكان المخيمات، المشيد أغلبها فوق التراب الجزائري، ومؤسسات عسكرية وأمنية إلى داخل منطقة الصحراء الغربية شرق الجدار العسكري. في السابق استقبلت البوليساريو وفود ونظمت مؤتمرات ومسابقات بتلك المنطقة دون أن يثير دلك حفيظة الدولة المغربية مما يؤشر إن ردة الفعل الأخيرة قطع للطريق على فرض وقائع على الأرض تجبره على القبول بها مكرها أي سيادة عملية للبوليساريو على شرق الجدار العسكري.

الدولة المغربية التصعيد لإيصال رسائل

 تريد الدولة المغربية بحملاتها الراهنة وتهديدها (غير المسبوق) رسميا باستعمال القوة العسكرية في حال عدم تدخل فعال للأمم المتحدة أن تبعث برسائل إلى أطراف عديدة، أولها للمبعوث ألأممي الجديد إلى الصحراء الغربية الألماني «هورست كوهلر» مضمونها إن أردت النجاح في مهمتك وألا يكون مصير جهودك شبيه من سبقوك فلا ترهق دماغك بحلول تأمل منها تنازل الدولة المغربية خارج حل يضمن سيادتها ولك في التفاصيل الاجتهاد. والثانية للدولة الجزائرية مفادها استحالة التنزيل العملي لمقترحها بتقسيم الصحراء الغربية بممارسة البوليساريو سيادتها أولا على المنطقة شرق الجدار. أما الثالثة فللأمم المتحدة تذكرها أن الدولة المغربية في حال عدم قيام الأمم المتحدة بما يوقف مشروعات البناء في شرق الجدار فلن يطول انتظار المغرب بل لن يتردد بالتدخل عسكريا.

البدائل الديمقراطية لكبح المواجهة العسكرية

أزيد من أربعة عقود و قضية الصحراء الغربية تنزل بثقلها السلبي على بلدان منطقة المغرب الكبير، ونال الإنهاك كل أطراف النزاع وبات الجميع يدرك ضرورة حل عاجل للقضية لكن كل منها يريد التنازل من الطرف الأخر، لكن وضع الأنظمة مختلف فإذا كان مستحيلا قبول النظام المغربي لأي حل يمس بسيادته على الصحراء الغربية لما يمثله دلك من خيانة في أعين الشعب الذي تحمل كل شيء باسم الدفاع عن وحدة الوطن، ونتيجة حتمية لعقود مديدة من التجييش  الوطني الشوفيني الهائل الذي مارسه النظام، وزايدت عليه المعارضة الليبرالية، نفس المأزق تعيشه قيادة البوليساريو فقبولها بخيارات غير الاستفتاء مستحيل دون موافقة الحاضن الرئيسي، وستتهم بخيانة طموحات قاعدتها، أما النظام الجزائري فأفضل حالا، وأسوء الحلول لا يمثل له إلا فشل رهان وخسارة مالية، ولا يهدد في عمقه بقاء النظام الجزائري.

دون تحولات ديمقراطية جذرية نابعة من أعماق شعوب المنطقة خصوصا بالمغرب والجزائر ستظل قضية الصحراء الغربية موضع ابتزاز الامبريالية لأنظمة المنطقة، وستؤدي شعوبها فاتورة سباق تسلح ينعش موردي الأسلحة ويبقي حلم وحدة شعوب المغرب الكبير مدفونا تحت ركام الحقد المخبول الذي تغذيه أنظمة المنطقة.

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا