هل يمكن للرأسمالية أن تكون خضراء؟ مقابلة مع دانيال تانورو
– ما هي الرأسمالية الخضراء؟
– هذا تعبير متناقض الألفاظ . إن كان المقصود اقتصادا يحترم حدود وتيرة تجدد الموارد، فلا يمكن أن يكون مؤسسا على إنتاج البضائع، هذا الإنتاج الذي يستتبع نموا مطردا لحجم الإنتاج. إن الرأسمالية عاجزة عن أن تصبح خضراء بمعنى أنها عاجزة عن احترام حدود الموارد و اشتغال الغلاف الحيوي biosphère.
– إذن لا يكفي استثمار رساميل في برامج “نظيفة” للحديث عن ” رأسمالية خضراء”؟
– إذا جرى تعريف الرأسمالية الخضراء بأنها الرساميل المستثمرة في قطاع “نظيف” من الاقتصاد، فهي موجودة، وحتى ذات مردودية عالية. لكن الأمر لا يتعلق بهذا ! المطلوب معرفة ما إن كان مجمل الرساميل التي تشكل الرأسمالية قادرة على احترام حدود الموارد. و هنا، الجواب بالنفي بكل جلاء!
– حتى و لو أن جهودا ُتبذل، في نظام الإنتاج، بقصد اقتصاد الطاقة ؟
– يظل الجواب لا. يجري اقتصاد الطاقة ، نعم، لكن حجم الإنتاج يكبر أكثر فأكثر. إذن، ثمة اقتصاد نسبيي في استعمال الطاقة، لكن هناك زيادة مطلقة في حجم الإنتاج. ثمة مثال ملموس في صناعة السيارات و الطائرات، حيث أن نجاعة المحركات تزداد فعلا، و ُيستعمل قدر أقل فأقل من الوقود في الكيلومتر الواحد، و بالتالي يُنتج أقل فأقل من غازات الدفيئة في الكيلومتر، لكن الكمية الإجمالية لغازات الدفيئة المنتجة في قطاع النقل تزداد لأن كمية السيارات و الطائرات المعروضة في السوق تنفجر أكثر من نجاعتها.
– ماذا تقترحون من قبيل الحل؟
– اعتقد انه يجب تغيير النظام. المطلوب نظام يضبط الإنتاج وفق حاجات السكان، و يأخذ بالحسبان حدود المنظومات البيئية و وتائر تجدد الموارد، و ليس حسب ربح المقاولين الخواص.
– إذن ما من إجراء يبدو لكم مناسبا من داخل النظام الراهن (حوافز مالية أو رسوم، مثلا)؟
– التكنولوجيا التي قد تتيح التخلي نهائيا عن المحروقات الأحفورية و النووية خلال جيلين موجودة. ليست ثمة حاجة إلى ثورة علمية. المشكل اقتصادي لا غير، و بالتالي فهو سياسي. التكنولوجيا الخضراء حاليا في مجال الطاقة لا تزال أقل ربحية من أشكال التكنولوجيا الأحفورية و النووية. و سيدوم هذا الوضع بالأقل من 15 إلى 25 سنة. و بالتالي ما لم نخرج من الآلية القائمة على سعي مجموعات إنتاج الطاقة الكبرى إلى الربح، لن نستطيع إيجاد حل لاستبدال الطاقة الأحفورية بالطاقة المتجددة. ليس ثمة حل للانتقال الطاقي دون إضفاء طابع عمومي عبر مصادرة المجموعات الكبرى متعددة الجنسية المتحكمة في قطاع النفط و الفحم و الغاز الطبيعي.
– أليس هذا طوباويا؟
– لكن، نحن بحاجة الى يوطوبيات، يوطوبيات ملموسة تبين تمييز إمكانات تجسيدها في المجتمع الراهن.
– أين الخطر؟ انتم تتحدثون في كتابكم عن “تأرجح” مناخي و ليس ” تبدل”. لماذا؟
– حسب هيئة جييك Giec [مجموعة الخبراء المشتركة بين الحكومات حول تطور المناخ]، يلزم خفض نفث غازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 50 %إلى 80% على صعيد العالم في أفق العام 2050. إذا لم يتحقق بلوغ ذلك، قد تكون العواقب ارتفاعات مستوى المحيطات بأكثر من متر في أفق نهاية القرن. نتحدث إذن عن شروط وجود وحتى بقاء مئات ملايين البشر على كوكب الأرض. هذا أعنف و أقسى من مجرد “تبدل” مناخي من النوع الذي سبق أن شهده كوكبنا. أكرر: إن المنطق الاقتصادي يقودنا إلى الكارثة و إن مطلية بلون أخضر.
دانيال تانورو Daniel TANURO مؤلف كتاب “الرأسمالية الخضراء المستحيلة”
“L’impossible capitalisme vert” (éditions Les empêcheurs de penser en rond/La découverte
مقابلة نشرت في http://www.lalibre.be
تعريب المناضل-ة
اقرأ أيضا