مأساة شغيلة قطاع الفنادق بورزازات: تحطيم التنظيم النقابي وتشريد الأسر العمالية. متى ننجح في بناء التنظيم النقابي القادر على تجسيد التضامن الطبقي؟

الحسان اقرقاب من المناضلين العماليين الصامدين، تحمل مسؤولية بالقطاع الفندقي وبالاتحاد المحلي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بورزازات.  ومن الذين دفعوا غاليا  ثمن الانتماء إلى التنظيم العمالي، ولا يزال صامدا في متابعة ملف ضحايا الجريمة المرتكبة بحق أجراء فنادق ورزازات وتنظيم الكونفدرالية بها. توجهت إليه جريدة المناضل-ة  بجملة أسئلة عن الموضوع، أجمل الإجابات عنها في النص التالي: 

مباشرة بعد حرب الخليج الأولى 1991 إبان غزو العراق للكويت ، تقهقر الوضع السياحي  وأرخى بظلاله على النسيج الاقتصادي بورزازات وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لشغيلة  الفنادق خصوصا . إذ  فرضت مختلف إدارات الفنادق  على العاملين  عطلا بدون أجر تتراوح ما بين 15 يوما الى شهر. وبعدها  استمر المس بالمكتسبات  إلى أن بلغ ا الاجهاز عن الحقوق القانونية  بدءا بعدم التصريح بعدد الأيام الفعلية لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، والامتناع عن أداء تعويضات أيام الأعياد الدينية والوطنية … هذا الوضع  أسهم في إنضاج الظروف  لإقدام شغيلة مجموعة من الفنادق في السنوات الأولى لتسعينيات القرن الماضي للالتحاق بصفوف  العمل النقابي والتكتل في إطار الكونفدرالية الديمقراطية للشغل  .

من هنا جاء رد فعل أرباب الفنادق في التضييق على العمل النقابي- وخصوصا الكونفدرالي باعتباره الأكثر تمثيلية –  حيث تم طرد أعضاء المكاتب النقابية وتنقيلهم بل التسريح الجماعي للعمال . تلك حالة فنادق :  السلام، ازغور و في ما بعد بلير ثم  فينت. أدى الأمر إلى تأجيج النضال  المستميت الذي أفضى بإرجاع كل المطرودين، وخلق نوع من الردع النضالي داخل القطاع الفندقي. وهذا ما  فتح الباب أمام باقي العاملات والعمال للالتحاق بصفوف الكدش. بحيث خيضت معارك عدة  نسبة 90 في المئة منها فقط وفقط لتطبيق القانون واحترامه.

بعد  تقوية القطاع الفندقي  نقابيا، والحضور الفعلي لعاملات وعمال الفنادق في  مختلف المعارك النضالية المحلية، سواء في الوقفات الاحتجاجية الأسبوعية، وفي المسيرات، وفي المعتصمات،  حيث نصبت خيام المعتصمات في كل من “دار الضيف ” لمالكها الفرنسي، الذي  لا يحترم القانون  وأمام بلير بعد الاغلاق اللاقانوني للفندق من طرف ورثة باركاش. هذا فضلا عن  معتصمات أخرى.   التجأت السلطات المحلية والإقليمية الى الضغوطات القصوى من أجل تقويض عمل  الك.د.ش  بورزازات، عبر التواطؤ  وعدم ممارستها لدورها في فرض احترام القانون وحمايته. هذا رغم مراسلات مكتب الاتحاد المحلي لها  آنذاك، كما بعث برسالة مفتوحة الى  السيد عباس الفاسي بصفته الوزير الأول  لدق ناقوس الخطر الذي يتهدد القطاع السياحي بورزازات. ومع ذلك استمرت الضغوط والمؤامرات  وهو ما حدى بالمجلس الكونفدرالي إلى خوض أربعة إضرابات عامة محلية  سنة 2012 ، بالإضافة الى وقفات احتجاجية أمام المؤسسات الفندقية الخارقة للقانون بالإضافة الى مؤسسات القطاع الخاص الأخرى مثل بوازار ،توتال واركاز  واو كسفير … وتوالت شكايات السلطات  المحلية وأرباب العمل ضد أعضاء مكتب الاتحاد المحلي  بلغت 14 شكاية فقط ضد الرفيق حميد مجدي ، كما تم ادانة بعضهم بالحبس مع وقف التنفيذ وغرامات مالية  ،الرفاق( حميد مجدي، بومليك عبد المجيد ،  حميد مجدي ،الحسان اقرقاب ). وكذلك حوكم عمال “دار الضيف” بمعية اخوان في مكتب الاتحاد المحلي. وصدرت ضدهم أحكام بغرامات مالية  بلغت حوالي 140.000 د. وتوج كل ذلك بتلفيق تهم “حيازة والمتاجرة في المخدرات” الى الرفيق مجدي،  وكان الإضراب العام المحلي ليوم 5 دجنبر 2012 والذي طرد على اثره 57 عاملة وعامل بفندق كرم  ليبلغ العدد الإجمالي للضحايا في القطاع الفندقي لوحده 281 عامل وعاملة موزعين على الشكل الآتي: 111 عامل وعاملة بفندق بلير، 57 بفندق كرم، 68 بإقامات كرم، 36 بفندق فرح الجنوب، و10 بدار الضيف، بالإضافة الى مطرودي المناجم.

هذا الوضع المحجوز استدعى تدخل  رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران  الذي اتصل بالمكتب التنفيذي  للكدش. فقام هذا الأخير بإيفاد لجنة للوقوف على حقيقة الوضع  بعد لقائه  أعضاء مكتب الاتحاد المحلي  بالمقر المركزي،  حيث جمد نشاط المكتب على ان يتولى هو إدارة الصراع  بالاتصال بعامل الإقليم  بعد تزويده بكافة المعطيات التقنية لمختلف المشاكل التي تعاني منها ورزازات نقابيا،  وعقد عدة لقاءات  في جموع  عامة مع المتضررين  في شهر فبراير ومارس 2013  اسفر على خلق لجنة تقنية  محلية  يتراسها عامل الإقليم تعنى بالنظر في مختلف المشاكل  مع المشغلين المعنيين. وتضم هذه اللجنة  ممثلين عن المكتب التنفيذي مع عضوين من مكتب الاتحاد المحلي  ،وممثلين عن المجلس الإقليمي للسياحة، ومندوبية التشغيل،   وممثلين عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي  وممثلين للمصالح الأخرى.  وكان التزام المكتب التنفيذي هو تقسيم المشاكل الى نوعين ، المشاكل الاستعجالية التي تهم إرجاع المطرودين  وتطبيق القانون وو… ثم المشاكل التي ستستغرق مدة أقصاها سنة وهي تسوية مستحقات الصناديق الاجتماعية، وإيجاد حلول للمؤسسات التي عرفت صعوبة المقاولة بعد إغراقها بالديون.

مر الوقت ولم يتم ارجاع المطرودين ،  ولم تسوّ أي من المشاكل المطروحة،   ولم يسمح بالنضال.  هكذا وجد  الاخوة في مكتب الاتحاد المحلي  انفسهم امام مفارقة صعبة  ( لم تـُحل المشاكل ولم يسمح لهم  بالنضال والاحتجاج ) . هذا ما اضطرهم إلى عقد جمع عام للمتضررين ومصارحتهم  بحقيقة الأمر،  وقدم 8 اخوة  استقالتهم من مسؤولية مكتب الاتحاد المحلي  ليباشر  العاملات والعمال  المطرودين إجراءات دعاوى الطرد في المحكمة  ضد المشغلين  وذهبوا (ن)  في سبيل البحث عن قوت يومهم  بحيث يصعب دعم 281 عاملة وعاملة  في قوتهم اليومي، علاوة على متطلبات  حياتية الزامية  أخرى.

من هنا جاء تقويض العمل النقابي الكونفدرالي بورزازات،  حيث جيء عبامل الإقليم آنذاك المسمى  “بن ايطو” الى ورزازات بعد قضائه على تنظيم الكدش ببوعرفة والتي حوكم على اثرها الرفيق الصديق كبوي ب 18 شهر شهر حبس نافذ.

بعد مسار طويل وشاق وشرس من التقاضي ضد المشغلين توجت بأحكام  اجتماعية نهائية لصالح العاملات والعمال ، بدأ مسلسل التسويف وعرقلة تنفيذ الاحكام التي نعتقد انها الزامية وفق منطوق الفصل 126 ممن الدستور. ومع ذلك تمت مراسلة جميع الجهات ذات الصلة مع تنفيذ الأحكام لمرات عدة: من وزارة العدل والحريات، وسيط المملكة، المجلس الوطني لحقوق الانسان، وزارة حقوق الانسان، المجلس الأعلى للسلطة القضائية، رؤساء المحاكم الابتدائية والنقض و… ولا حل لتنفيذ الأحكام، فالتجأ العاملات والعمال الى الحجوزات على عقارات الشركات، ولكن تم التعرض لهم من طرف مؤسسات للدولة  لها ديون على الشركات  هذه المؤسسات لم تلجأ الى الحجز على عقارات الشركات بدل التعرض حتى وإن كان إجراء قانونيا  باعتبار تلك أموال عامة يجب الحرص على استرجاعها بكل الوسائل قبل إجراءات العمال.

ويعتبر ذلك الإجراء من طرف تلك المؤسسات ( القرض العقاري والسياحي، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، مديرية الضرائب… ) إجراء تعسفيا في حق العاملات والعمال  وخرق دستوري يرمي الى عرقلة تنفيذ الأحكام الاجتماعية النهائية والملزمة.

عاملات وعمال مثقلون بالديون لفائدة المؤسسات البنكية، وشركات القروض الصغرى، وهناك  عاملات وعمال تم الحجز على عقاراتهم  وبيعها في المزاد العلني . وتم تشريد المئات من الاسر بناء على اصلهم الاجتماعي حيث الميز ضدهم  يؤكده عرقلة تنفيذ الأحكام بسبق نية وإصرار فقط وفقط  لان العاملات والعمال نقابيون  لم يجدوا مناصب الشغل بسبب انتمائهم النقابي وكذلك لتقدمهم في العمر

مقابلة مع المناضل الحسان اقرقاب

شارك المقالة

اقرأ أيضا