الدولة الإسبانية: أول انتكاسة لحزب بوديموس PODEMOS

بلا حدود3 يوليو، 2016

الدورة الانتخابية الاسبانية التي أعقبت حركة الساخطين 15M (حركة الساخطين المنطلقة في عام 2011)، والتي كانت قد أتاحت  ولادة قوة سياسية جديدة جماهيرية مناهضة لليبرالية الجديدة، هي على وشك أن تغلق…

فلم يتبقى سوى إجراء انتخابات برلمانات غاليسيا وبلاد الباسك، بعد الانتخابات الأوروبية وانتخابات برلمانات غالبية مناطق الحكم الذاتي، والانتخابات البلدية وانتخابي البرلمان ومجلس الشيوخ في 20 ديسمبر الماضي و 26 يونيو الذي نحن بصدد التعليق على نتائجه.

 فاز الحزب الشعبي، والحزب الاشتراكي يقاوم لكنه لا يزال في أزمة

انتقلت المشاركة من نسبة 73.20٪ في ديسمبر الماضي إلى 64, 84 %. أول شيء يجب أن نؤكد عليه أن الحزب الشعبي (PP) كان هو الحزب الذي حصد أكبر عدد من الأصوات: 7906185 (33, 28 %  من الأصوات و 137 نائبا)، وزاد رصيده مقارنة بنتائج شهر ديسمبر الماضي (7215752 صوتا و 123 نائبا) وذلك بفضل انتقال كبير للأصوات التي ذهبت في ديسمبر إلى حزب سويودانوسCiudadanos  إلى الحزب الشعبي، نحو 377 ألف صوتا، وذلك أيضا بفضل انتقال أصوات الحزب الاشتراكي لصالح الحزب الشعبي، أكثر من 100 ألف صوت. ولكن تجدر الإشارة إلى أن الحزب الشعبي فشل في تحقيق الأغلبية المطلقة.

بالتالي، وعلى الرغم من سياسات الفساد والتقشف، يحافظ المجتمع الاسباني على قطاع قوي وفي للحزب الشعبي. تحول اجتماعي نحو اليمين؟ لا، بل مجرد إعادة تأكيد جزء من المجتمع يعيش حالة عدم اليقين ومخاوفه في شكل لهجة محافظة، جنبا إلى جنب مع وعي ديمقراطي أكثر محدودية. ويساعد على ذلك حقيقة أننا لم نتمكن من البدء في عملية قطيعة مع النظام الذي تم إرساؤه في عام 1978، وأنه لم تكن هناك تعبئة اجتماعية مستدامة ضد سياسات تخفيض ميزانيات الصحة والتعليم، الخ. للأسف، حكومة جديدة يقودها الحزب الشعبي محتملة في شكل ائتلاف كبير “على الطريقة الإسبانية”.  

حصل الحزب الاشتراكي على 85 نائبا – ناقص 5 عن نتيجة ديسمبر-، وفقد أكثر من 100 ألف صوتا، أي 22.83٪ من الأصوات. لقد نجح في تحقيق هدفه الكبير من هذه الانتخابات: أن لا يتجاوزه متحدون بوديموس Unidos Podemos، سواء في الأصوات أو المقاعد. ولكن الأزمة الداخلية للحزب عميقة: فهو بدون برنامج وفشل في تجديد قاعدته الانتخابية بين شباب المناطق الحضرية، لكنه نجح في حشد كل مناضليه لإعادة تنشيط علاقاته الاجتماعية القديمة مع شرائح واسعة من العمل المأجور. وسيشهد الحزب الاشتراكي تمزقا داخليا إذا ما سمحت قيادته للحزب الشعبي أن يحكم. جميع القوى المالية وأيضا الحرس القديم في الحزب يريدون ضمان الحوكمةgouvernance  في أوقات ال Brexit (مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي) هذه، ودعوات الحق في تقرير المصير في كاتالونيا، وضرورة إجراء مزيد من التخفيضات في الميزانية، وتواريخ استحقاق الديون الثقيلة والتعديلات الضريبية المستجيبة لمعايير الاتحاد الأوروبي بشأن العجز. الحزب الاشتراكي ليس على طريق pasokisation (نسبة لحزب البازوك، الحزب الاشتراكي اليوناني المتهاوي بشدة، ويمر بأزمة حادة) ولكنه يواجه صعوبات جمة.  

 مكاسب ائتلاف متحدون بوديموس وحدوده

لقد أخطأت جميع استطلاعات الرأي، لأنها جميعا وضعت الائتلاف في المركز الثاني وراء الحزب الشعبي ومتقدما عن الحزب الاشتراكي. وقد تحقق هذا فقط في حالتي الباسك وكاتالونيا. تأثير هذا التحالف بين اليسار الموحد وبوديموس لم يرق للتوقعات المنتظرة. كان التحالف ضرورة إستراتيجية في مجال بناء الوحدة الشعبية، ولكن في هذا الظهور الانتخابي الأول، حصل على نفس عدد النواب عندما تم التقدم للانتخابات بشكل منفصل. وعلى العكس، فقد انتقل من 24.3٪ من الأصوات في ديسمبر إلى 21.6٪ في يونيو ومن 6100000 إلى 5049734. ربما أن الامتناع عن التصويت أضر بالتحالف أكثر من الآخرين.  

إنها نتيجة ممتازة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن هذه هي المرة الأولى منذ عام 1977 حيت تحصل قوة معادية للنيوليبرالية على أكثر من صوت واحد من خمسة وتحوز الأغلبية وسط الأقل من 30 سنة. ونتيجة مخيبة للآمال بقدر ما تم خلق منظور خاطئ لتجاوز (“Surpasso”) الحزب الاشتراكي، ومنازعة الحزب الشعبي على السلطة. الآن هو الوقت المناسب للتفكير داخل بوديموس واليسار الموحد وبالطبع داخل الحزب المناهض للرأسمالية Anticapitalistas.

 والآن؟

دون تعبئة شعبية كبيرة، فإن التقدم الانتخابي زائل. لا وجود لتقدم خطي، وموازين القوى بين الطبقات تجبرنا على العمل في التعرجات. خطابات بوديموس لاستعادة مصطلحات مثل “الوطن” لأهداف تحول سياسي(واجتماعي) أو للمطالبة بالديمقراطية الاجتماعية لم تنجح. النداء المجرد من أجل اليسار في مواجهة اليمين وتقديم الحزب الاشتراكي كما لو كان قوة من أجل التغيير، لم يكن له أي أثر إيجابي في بناء قوة شعبية جديدة انطلاقا من حالة الوعي والتنظيم الفعلية للجماهير.

من الضروري تعميق عملية التقارب متحدون بوديموس. ومن الضروري خوض نقاش داخل اليسار الموحد وبوديموس حول برنامج التغيير والأشكال الجديدة من التنظيم السياسي للجماهير من أجل جمع حماس وأمل كل المناضلين الذين، بعد النتائج، بقوا في الساحات يصرخون: “نعم نستطيع”. هذا هو رأس المال السياسي لمتحدون بوديموس ولا شيء غير ذلك. وهو رأس مال أسمى بكثير من خطابات النخب الأكاديمية التي لا تعدو كونها جعجعة بلا طحين. المشاريع لبلد جديد لا تتحقق أو تختفي وفقا للصعوبات.

كل قيادة متحدون بوديموس، ولكن خصوصا ممثليها الرئيسيين، ألبرتو جارزون وبابلو اغليسياس، الذين كانا في المستوى ليلة الأحد عند إلقاء خطاباتهم، عليهما مستقبلا مسؤولية ضخمة: أن ينجحا في تحقيق “مؤتمر تأسيسي لبوديموس” جديد، ولكن هذه المرة مؤتمرا لتشكيل جديد وحدوي يتطلع إلى المستقبل.

إشبيلية، بقلم: مانويل غاري

===========

* نشرت في Anticapitaliste-343- الأربعاء 29 يونيو 2016

https://npa2009.org/actualite/international/le-premier-contretemps-de-podemos

* ترجمه إلى الفرنسية Jean Puyade  و  Georges Sarda

تعريب المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا