طنجة: معركة عمال أمانور، نجاح بعد عام من الصمود والنضال

خاض حوالي 500 عامل بشركة أمانور بكل من مدن طنجة وتطوان والرباط معركة بطولية فاقت مدتها سنة كاملة، دفاعا عن حرية العمل النقابي، وكذا من أجل تحسين الأجور وظروف العمل. هذه المعركة الناجحة التي تصادفت مع حالة الطوارئ الصحية التي فرضت مع جائحة كوفيد -19، كانت غنية بالدروس والعبر، لكل مناضلي الحركة النقابية والعمالية. من أجل إلقاء الضوء على هذه التجربة، نستضيف أحد قادتها الرفيق عبد اللطيف الرازي.

سؤال: بعد شهور من صمود عمال أمانور دفاعا عن الحريات النقابية، ما هو تقييمك الأولي لهذه المعركة؟

جواب: بداية، نستغل الفرصة من هذا المنبر لنتوجه بالتحية مجددا لكل الأصوات المناضلة على التضامن الذي خصت به معركتنا البطولية التي دامت أزيد من سنة. ونشير في هذا الصدد أن هذا التضامن كان له دور مهم في استمرار صمود العمال في شروط جد صعبة وقاسية.
وبالعودة إلى السؤال المطروح، نود أن أشير إلى أن تقييم المعركة بشكل موضوعي لا يمكن أن نتوفق فيه مثلما قد نتوفق فيه بالدقة المتوخاة، خصوصا إذا استحضرنا الكم الهائل من الأحداث والمتغيرات والمنعطفات التي مررنا بها طيلة هاته المدة، لكن ما هو أكيد، ويمكن أن يشاطرنا الرأي فيه كل مناضل غيور مهتم بالشأن العمالي، هو أن هذه المعركة التاريخية قد أعادت إلى الطبقة العاملة عزتها وهيبتها، وأثبتت أن النضال بإخلاص وتفان في خدمة مصالح العمال، بالرغم من العقبات الجمة التي تعترض كل من يختار هذا المسار، لا يمكن إلا أن يحقق هدفه النبيل مهما طال الزمن ومهما اشتدت المعاناة. ويمكن أن نقول بكل صدق، وللتاريخ، أن أكثر المتفائلين الواثقين من قدرة العمال على الانتصار لم يكونوا ليتوقعوا الانتصار الذي حققناه، إلا قلة قليلة جدا من آمنت بأننا سننتصر من ضمنهم، من طبيعة الحال، عمال شركة أمانور، وإلا لما صمدوا إلى آخر رمق.
وبالتالي يمكن القول، أنه في ظل الجمود التام الذي خلقته جائحة كرورنا، وما واكب ذلك من جمود نضالي وعزلة المناضلين عن بعضهم، واستحالة تنفيذ اشكال نضالية قوية، ينضاف إلى ذلك، الأزمة الخانقة التي عاشها العمال المعتصمون بكل من الرباط تطوان وطنجة، بحيث مرت لحظات حاسمة لم يكن يجد فيها العامل كسرة خبز، حرفيا، ليسد بها حاجته وحاجة أسرته للطعام، وقد شكل هذا الصمود وهاته التضحية، في هذه الظروف المفتاح الحقيقي للانتصار. وما يثبت أن هؤلاء العمال وعائلاتهم من طينة خاصة، ومعدن نفيس، وما جعلهم مفتاحا حقيقيا لهذا الانتصار العظيم، يكفي أن نستحضر أنهم تلقوا عروضا وإغراءات من الإدارة بالعودة للعمل للتنفيس عن أزمتهم، إلا أنهم رفضوا ذلك، مفضلين وضعية التشريد والتجويع على أن يتخلوا على زملائهم….

سؤال: ما هو تقييمك لحركة التضامن من داخل الاتحاد الجهوي للاتحاد المغربي للشغل؟

جواب: بشكل عام، ورغم الفتور الذي عرفته حملة التضامن خصوصا بعد قرار تعليق الأشكال النضالية التضامنية شهر فبراير 2020، وتراجعت أكثر مع الوضع العام الذي سببته جائحة كورونا، إلا أن المناضلين والمكاتب النقابية المنضوية تحت لواء الاتحاد الجهوي لنقابات طنجة، قد قدمت دعما كبيرا، كل حسب موقعه وطاقته، وساهموا بشكل كبير في دعم صمود العمال وضمان استمرار الاعتصام، وبالتالي هم جزء مهم من النجاح الذي حققناه. وقد استطعنا أن نخلق نوعا من اللحمة النضالية والتضامن اللامشروط بين مختلف القطاعات العمالية، وهذا مكسب آخر حققته المعركة ويجب تعميقه، لأن العامل في حاجة لتضامن أخيه العامل، كما أن المناضل العمالي في حاجة للمناضل العمالي ليشد أزره ويعزز صموده في أحلك الشروط.
أما باقي العيوب فقد أجابت المعركة على أغلبها، وما حقققته أفضل بكثير من سيل من الانتقادات التي يمكن توجيهها، والهدف من كل ذلك هو تقديم الأفضل نصرة لقضية العمال. وكل ما قيل أعلاه ينطبق على مدينة طنجة الرباط وتطوان.

سؤال: ما تقيمك لتضامن باقي المكونات المناضلة الأخرى بالمدينة؟

جواب: كما قلت سابقاّ، فعدد الهيئات التي اعلنت و/أو انخرطت في حملة التضامن (اقصد الهيئات على مستوى طنجة تطوان والرباط) كان محصورا للغاية، ويعدون على رؤوس الأشهاد، وذلك لم يكن خفيا على كل متتبع للمعركة. وبحكم تجربتي في العمل النقابي، فإن أغلب هيئات التضامن الموسمي لا تعلن تضامنها إلا إذا كانت لها مصلحة ضيقة في ذلك. ولا نخفيكم أننا رفضنا عدة مبادرات لبعض الهيئات (…) لعلمنا أنها غايتها لم تكن بريئة. ويمكن القول أن هذه هي إحدى المرضيات والآفات التي يعاني منها العمل النقابي بالمغرب في الوقت الراهن.
وعموما لم نكن لنستجدي التضامن لأننا كنا نعتمد على قوانا الخاصة وعلى المناضلين والإطارات المخلصة والصادقة في تضامنها ومساندتها للمعركة.

سؤال: كيف كانت حركة التضامن بتطوان والرباط؟

جواب: بخصوص التضامن على مستوى الرباط وتطوان فقد كان ضعيفا نسبيا بالمقارنة مع مدينة طنجة، وذلك راجعا أن أغلب الخطوات النضالية (باستثناء الاعتصام الذي كان بالمواقع الثلاث) كانت تتم بمدينة طنجة، حتى أن وسائل الإعلام كانت تركز على هذا الموقع من دون قصد طبعا، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال التقليل من شأن هاذين الموقعين الصامدين، بل لقد لعبا دورا رئيسيا في نجاح المعركة. تخيل لو بقيت مدينة طنجة لوحدها في المعركة.. في تقديري الشخصي لم نكن لنحقق الانتصار الذي انتزعناه بفضل تظافر جهود جميع العمال والمناضلين بالمواقع الثلاث.

سؤال: ما هي مكونات الملف المطلبي ؟ ما هو مضمون الاتفاق بين المكتب النقابي وإدارة الشركة؟ هل يشمل الاتفاق العمال في المدن الثلاث (طنجة الرباط وتطوان)؟

جواب: الاتفاق بين المكتب النقابي وإدارة الشركة يقضي بعودة كافة المطرودين بمدن الرباط طنجة وتطوان إلى عملهم كمرحلة أولية تمهد، في حيز زمني محدد، لإمضاء اتفاقية جماعية لإنهاء النزاع الاجتماعي القائم.

سؤال:ما هو دور السلطة في الملف؟

جواب: كل ما يمكن قوله عن دور السلطة في الملف، أنها لعبت دور المحايد السلبي، خصوصا عندما تم حرمان العمال من تعويضات صندوق مواجهة جائحة كورونا بعدما امتنعت الإدارة عن التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للاستفادة من هاته التعويضات ومحاولاتها التدخل لفض الاعتصام بالقوة ومحاولة الانحياز وتغليب مصلحة الإدارة على مصلحة العمال.

سؤال: ما هو تقييمك لتعاطي الاعلام المناضل مع معركة عمال أمانور؟ وكذا تقييمك لتعاطي الاعلام البورجوازي التجاري مع معركة العمال؟

جواب: بكل صدق وموضوعية، وباختصار شديد، فإن المنابر الإعلامية المناضلة والصادقة قد قامت بدور كبير في تعزيز صمود العمال ومنحهم ثقة أكثر عن طريق التعريف والتشهير بمعركتهم البطولية، ونستغل الفرصة، لنشير أن العمال ممتنين كثيرا لكل من ساند معركتهم من قريب أو من بعيد، أما ما سميته بالإعلام البرجوازي التجاري فلم يكن في حساباتنا، وليس لدينا الكثير لنقوله في هذا الصدد لأن تركيزنا كان على الجانب الإيجابي والمشرق في المعركة.

سؤال:ما هي مقترحاتك لتطوير إعلام عمالي طبقي؟

جواب: في ظل القيود المفروضة، فإن التغطية الموضوعية للمعارك، والتعاطي المبدئي والصادق مع مجمل القضايا العمالية مهما كانت الظروف هو أحد المفاتيح لتطوير الاعلام العمالي في هذه الظروف.

أجرى الحوار: ع.ح
طنجة في 20 أبريل 2021

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا