انتخابات تجديد واجهة الاستبداد: لأجل بناء ميزان قوى عمالي وشعبي يحرر شعبنا

سياسة7 سبتمبر، 2021

نسخة Pdf

بعد 60 سنة من الكلام عن الديمقراطية، بأسماء متنوعة متتابعة، من “ملكية دستورية”، و”مسلسل ديمقراطي”، و”ديمقراطية حسنية”، و”انتقال ديمقراطي”، لا يجرؤ على ادعاء أن المغرب بلد ديمقراطي غير وسائل الاعلام الرسمية، والكذابين المستفيدين من نظام القهر السياسي والظلم الاجتماعي القائم، وجمهرة “رجال الفكر والثقافة” المتملقين، أما الطبقة العاملة فلم تعرف من هذه الديمقراطية إلا البطالة وقمع الإضرابات وطرد النقابيين-ات وأجور البؤس واستغلال أقرب إلى العبودية.

60 سنة عاشتها أغلبية المغاربة في ظلمات القمع والبطش السياسي المقنع والمزوق، والمعاناة متعددة الأوجه الناتجة عن طبيعة النظام الاقتصادي الاجتماعي المفروض، نظام الرأسمالية التابعة للإمبريالية.

وها نحن اليوم نعيش من جديد أطوار نفس العملية السياسية، من انتخابات متنوعة، محلية ووطنية، سيتبعها تشكيل حكومة واجهة، يُترك لها فتات سلطة على الورق، ويُسحب منها في الواقع، ليستمر نفس نظام الحكم الاستبدادي.

تجري العملية السياسية هذه، المسماة زورا بالديمقراطية، في ظل دستور 2011 الذي يكرس الطابع الفردي للحكم (الباب الثالث الخاص بالملكية، الفصول من 41 الى 59).

وصفته حركة 20 فبراير بدستور الاستبداد، وهو نفس دستور الحكم المطلق لعام 1962 مع تحيين لغته وفق القاموس المتعارف عليه دوليا، مع فرضه بتزوير كسابقيه.

السياسة المطبقة بالمغرب، والضارة بأغلبية سكانه، لا تضعها “المؤسسات المنتخبة” ولا “الحكومة المنبثقة من البرلمان”، فكلاهما له وظيفة أخرى: حجب السلطة الفعلية بمكونيها المحلي والأجنبي، ودِرعٌ يقي تلك السلطة من الغضب الشعبي؛ بتحميل الحكومة والبرلمان (ومجمل المؤسسات) جريرة سياسات تقررها جهات أخرى: الملكية وأرباب العمل ومؤسسات الرأسمال الأجنبي.

وها هي الدولة تكرر، مع انتخابات 8 سبتمبر، نفس مسلسل التدويخ، بتجديد القناع الذي يوهم الشغيلة وكادحي-ات البلد بإمكان تحسين ظروف الحياة.

السياق الذي تأتي فيه الانتخابات هو تتويج لمسار هزيمة المعارضة البرجوازية الليبرالية واستسلامها، وانبطاح كامل للقيادات النقابية، واحتواء غالية تنظيمات المجتمع المدني.  وهو أيضا ايدان بتسريع وثيرة الهجوم الرأسمالي ليكتسح جميع المجالات ويوسع أرباحه بالارتكاز على المالية العمومية و”هيكلة “القطاع العام و “اصلاح “الإدارة” لإزالة كل العقبات في طريق نموه. وهذا ما تضمنه ما يسمى بــــ “التقرير حول النموذج التنموي”. وسيتم تمرير هذا العدوان الطبقي باسم “الميثاق الوطني من أجل التنمية” الذي يوطد “الاجماع الوطني” بمشاركة القيادة النقابية الغارقة في تعاونها الواعي لتمرير مخططات مضادة لمصلحة الطبقة العاملة دون مقاومة، وفي الان نفسه عبر تطوير ترسانة هائلة من القوانين القمعية وتحديث هائل لمجمل أجهزة قمع الحريات الديمقراطية.

تؤكد التجربة حاجة النضال من أجل الديمقراطية إلى نهوض الطبقة العاملة، وقيادتها لسائر الفئات الشعبية المقهورة. والحال أن وعي الشغيلة السياسي ومنظماتها الطبقية بمغرب اليوم يوجد في درك أسفل، بفعل تاريخ الهيمنة السياسية لقوى غير عمالية، وتأثير ذلك على تعثر مساعي بناء حزب خاص بالشغيلة.

تنقسم القوى التي تنسب نفسها اليوم الى الطبقة العاملة، من موقع إصلاحي أو جذري، في موضوع الانتخابات إلى صنفين:

  • دعاة المشاركة في الانتخابات من منطلق تحقيق الديمقراطية وتحسين الوضع المعيشي بالعمل في المؤسسات “الديمقراطية” القائمة. إنه نفس الخط الذي هيمن طيلة عقود وانتهى إلى إفلاس مبين دون استخلاص أي درس. يُفسد هذا المنظور وعي الشغيلة بزرع أوهام إمكان الحصول على الديمقراطية وتحسين الوضع الاجتماعي دون القضاء على الاستبداد وبنية المجتمع الرأسمالي.

–  دعاة المقاطعة بمبرر أن لا سلطة فعلية “للبرلمان” وغيره من “المؤسسات المنتخبة”، وكذا ما يؤطر العملية الانتخابية من قوانين ويشوبها من تلاعب… أما هذا المنظور فيفوِّت على طلائع الطبقة العاملة استغلال تلك المؤسسات البرجوازية للتحريض الواسع وحشد قوة الأقسام المتأخرة منها التي لا زالت تؤمن بأوهام تغيير أوضاعها باستعمال مؤسسات النظام.

 

لو وُجِد حزبٌ عمالٌي وفي لمصلحة طبقته لسار على نهج استعمال الانتخابات منبرا للتصدي للأضاليل البرجوازية، وتوعية الشرائح متخلفة الوعي السياسي من الشغيلة. وإن تحقق له دخول مؤسسة ما بالانتخابات، يخوض الصراع داخلها موازيا للنضال العمالي والشعبي في الشارع من أجل بناء ميزان قوى كفيل بتحقيق الديمقراطية وحل المسألة الاجتماعية.

مهما يكن، يظل النضال العمالي والشعبي بأماكن العمل وفي الشارع الرافعة الرئيسية لكل كفاح حقيقي من أجل الانعتاق السياسي وتحقيق المساواة الاجتماعية.

إن الحالة الواقعية لمنظمات النضال العمالي اليوم، وتدني الوعي السياسي حتى لدى القسم المنظم من الطبقة العاملة، وتدخل قوى برجوازية المشروع وسيطرتها على أدوات النضال القائمة فعلا. سيطرةٌ عزلت الطبقة العاملة عن ممارسة سياسة عمالية فعلا: ألم يقل المحجوب بن الصديق يوما: “ما للعمال والسياسة، فهم يناضلون من أجل الخبز”. تستوجب هذه الحالة عملَ تنوير سياسي، على أساس طبقي، يتصدى لسيطرة أفكار الطبقة المسيطرة، ويرقى بوعي الشغيلة ومنظمات نضالهم، وعلى رأسها حزبها الخاص، إلى مستوى القدرة على مقاطعة فعلية لمؤسسات الديمقراطية الزائفة، ديمقراطية البرجوازية وإن اكتملت، أي الاستعاضة عنها بديمقراطية المجالس العمالية والشعبية.

وعلى هذا الطريق يتوجب النضال من أجل مجلس تأسيسي منتخب بكامل صلاحية وضع دستور ديمقراطي لإعادة بناء البلد على أسس مصلحة الأغلبية، لا مصلحة الأقلية المستبدة والمالكة للاقتصاد. فالديمقراطية الناجزة تضرب في العمق مصالح أرباب العمل؛ فهي تمنح للطبقة العاملة صلاحية تقرير ما تراه مناسبا لعيشها: ستختار العمل القار بدل العمل العقد محددة المدة وشركات المناولة، وأجورا ضامنة للكرامة بدل أجور تتغير مع تراجع مردودية العامل-ة، ونظام خدمات عمومية (صحة وتعليم) مجانيا جيدا بدل خدمات مؤداة عنها، أي في التحديد الأخير ديمقراطية في صالح العمل وليس في صالح الأرباح.

يعمل تيار المناضل ة بهذه الرؤية العمالية، للإسهام في تحقيق أهداف السيادة الوطنية (التحرر من التبعية لقوى الاستعمار الجديد)، والسيادة الشعبية (الديمقراطية) والمساواة الاجتماعية (إسقاط الرأسمالية).

تيار المناضل ة

07/09/2021

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا