بيان المكتب التنفيذي للاممية الرابعة: لا لاجتياح بوتين لأوكرانيا! كل المساندة للمقاومة الأوكرانية! وكل  التضامن مع المعارضة الروسية للحرب!

بلا حدود3 مارس، 2022

بيان المكتب التنفيذي للأممية الرابعة

  1. قبل فجر يوم 24 فبراير/شباط 2022، شرع الجيش الروسي في اجتياح أوكرانيا، قاصفا داخل البلد ومخترقا حدود شمال البلد وشرقه وجنوبه، متجها صوب  العاصمة كييف. أسقط هذا العدوان العديد من القتلى، مدنيين وعسكريين.  ويدافع جيش أوكرانيا وسكانها عن النفس، وتقاوم مدن عديدة المعتديَ. ويسير مئات آلاف الأوكرانيين إلى المهجر، لكن المقاومة مستمرة. والشعب الأوكراني يقاوم بالسلاح وبدونه.

ولم يكن اعتراف الكرملين، قبل ذلك بثلاثة أيام، بـ”استقلال” “الجمهوريات الشعبية” المزعومة في دونيتسك و لوغانسك، والدخول الرسمي  للجيش الروسي إلى أراضيها، غير  مقدمة للاجتياح الرامي إلى إخضاع البلد المجاور بنحو تام.

إنه اجتياح عسكري لأرض أمة قديمة مضطهدة من قبل نظام رأسمالي أوليغارشي، أوتوقراطي وامبريالي يروم إعادة بناء الإمبراطورية الروسية.

  1. لم يُخْفِ بوتين أبداً نزعته القومية الروسية الكبيرة،  واتخذ، منذ  العام 2014، تدابير ملموسة لمهاجمة سيادة أوكرانيا.  وليست مَرْوِيَّته التاريخية الزائفة والشوفينية، التي تلوم ثورة أكتوبر 1917 على تشكيل “ثلاث شعوب سلافية متباينة: روسي وأوكراني وبيلاروسي، بدلا عن أمة روسية كبيرة”، غير اختراع حديث.

جاء اجتياح أوكرانيا بعد سياسة شوفينية وامبريالية لروسيا الكبرى بدأت في سياقات  وأطوار متباينة منذ تشظي الاتحاد السوفياتي: منذ استعمال “حرب الطاقة” (باللعب على الأسعار و الانابيب البديلة)، حتى استعمال نزاعات الأقليات القومية – كما شأن ملدوفا (مع تشكيل “جمهورية ترانسنيستريا” بدعم من الجيش الروسي في 1990-91 وفي جورجيا (مع تشكيل “جمهورية أبخازيا” في 1992)، و لاحقا الحرب مع جورجيا للتحكم في أوسيتيا الجنوبية (2008)- وأيضا بحروب اضطهاد مباشر مثل حرب احتلال الشيشان (1994-96 و 1999-2009). المقصود كل مرة  الحفاظُ على مصالح الكرملين أو الاستيلاء على أراضٍ.  لكن عقود بوتين (سنوات 2000) تطابق إجمالا إعادة بناء دولة قوية (متحكمة في أوليغارشييها) مُحَدِّثَة   لجهازها الحربي، مقيمةً اتحادا اقتصاديا أوربيا أسيويا –مع أبعاده العسكرية. وبدأ طور جديد  في العام 2014 مع الأزمة الأوكرانية  وسقوط يانوكوفيتش (الموصوف بــ”انقلاب فاشي” تحت حماية الحلف الأطلسي) متبوعا بضم القرم وإقامة “جمهوريات” انفصالية في دونباس الأوكراني تحت تحكم مرتزقة تابعين لروسيا. وكان الدعم العسكري الممنوح للوكاشينكو  في بلاروسيا، ضد الانتفاضة الشعبية عام 2020 والتدخل العسكري (بواسطة منظمة معاهدة الأمن الجماعي OTSC تحت هيمنة روسية) من أجل “تطبيع” كازخستان في يناير من ذلك العام،  قد أتاح لبوتين الشعور بقوة أكبر في سياق الهزيمة الأمريكية في أفغانستان والانقسامات المفتوحة بين أعضاء الحلف الأطلسي بشأن مسائل الطاقة (أنابيب الغاز).

أوكرانيا بلد مستقل حافظ على نظام ديمقراطية شكلية. وروسيا نظام برلماني استبدادي وقمعي، مع نواب أقصى اليمين في الدوما. وفي أوكرانيا كانت القوى اليمينية المتطرفة والفاشية حاضرة بجلاء في مظاهرات ميدان في العام 2014.  ومن شأن الاجتياح الروسي أن يعزز قوى أقصى اليمين القائمة، في روسيا وفي أوكرانيا سواء بسواء.  وإن رموز قوى أقصى اليمين والفاشية الجديدة على صعيد دولي تساند بوتين بصراحة.

يروم اجتياح أوكرانيا بجلاء فرض نظام عميل، وكيل للكرملين ولفلاديمير بوتين.

  1. سعت دعاية بوتين إلى تبرير العدوان بتوسيع الحلف الأطلسي شرقا المهدد بهذا النحو لوجود روسيا. إن الحلف الأطلسي (الذي عارضناه منذ تأسيسه) أداة بيد الامبريالية الأمريكية وحلفائها، صُنع أصلا ضد الاتحاد السوفياتي والصين الشيوعية. وكان يجب منطقيا حله مع حل حلف وارسو في يوليو/ تموز العام 1991 ، لكن الحكومات الأمريكية المتعاقبة لم تعمل على تأبيده وحسبُ، بل وسَّعتْه. إننا نرفض منطق تنافس أنظمة الدول الرأسمالية المؤدي إلى تراكم أسلحة متعاظمة القوة. وهذا ما يحفز معارضة قسم كبير من سكان العالم للحلف الأطلسي- وليس هذا الأمر ما يشغل بوتين ! بيد أن الانضمام إلى الحلف الأطلسي لقي  في بلدان مُستعمَرة سابقا من قبل القيصرية او مُخضعَة من قبل الاتحاد السوفياتي، مساندة من سكانها على أمل حماية استقلالها. وبالعكس ندافع عن استئصال التفاوتات وعن ضرورة التنمية الاجتماعية والبيئية و الديمقراطية  سبيلا للدفاع عن السلم.

إن النضال ضد توسيع الحلف الأطلسي  يمر اليوم عبر دفاع لا يلين عن الحقوق القومية والديمقراطية للشعوب المهددة من قبل الامبريالية الروسية.

نطالب بحل الحلف الأطلسي، لكن ليس هذا ما تطرحه محاولة ضم أوكرانيا من قبل الامبريالية الروسية، التي تُنْكِرُ حتى وجود هذه الأمة – يزعم بوتين أنها مجرد اختراع من لينين والبلاشفة. ولا تفعل الامبريالية الأمريكية غير الاستفادة من هروب قيصر الكرملين الجديد إلى أمام.

نساند حق شعب أوكرانيا في تقرير مصيره وحماية حقوق الأقليات القومية في البلد. ولا تدافع روسيا، ولا الحلف الأطلسي، عن هذه الحقوق. ونطالب بتفكيك كل القواعد العسكرية خارج بلدانها الأصلية، وبحل الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحل منظمة معاهدة الدفاع الجماعي بقيادة روسيا. ويجب رفضٌ قاطعُ على كل الصُعُد  للتهديد باستعمال الأسلحة النووية.

وفيما تتمثل الضرورة المطلقة  عالميا في النضال ضد تغير المناخ المتسارع، يُبرز تطوير  الامبرياليات  لمغامرات عسكرية وانظمة سلاح متزايدة التعقيد   ضرورةَ عزل الشعوب لقادتها  غير المسؤولين وتغييرِ نمط اشتغال المجتمع:  فلنفرض منطق التضامن،  ضد التنافس المعمم الملازم للرأسمالية!

  1. فيما كان المعارضون الروس الشجعان لاجتياح تشيكوسلوفاكيا في العام 1968 يُعدُّون على رؤوس الأصابع، شهد يوم اجتياح أوكرانيا ذاتُه نزول آلاف الاشخاص إلى الشوارع في زهاء خمسين مدينة روسية في تحدٍّ للسلطات، احتجاجا على مهاجمة أوكرانيا بأمر من بوتين. “لا للحرب !” كان شعار المتظاهرين، معظمهم شباب، المتجمعين بعد الزوال وبداية المساء في الشوارع و الميادين المركزية في موسكو ، وسان بطرسبرغ،ونوفوسيبيرسك، و يكاترينبورغ، وكراسنودار ومورمانسك. كان ثمة في العام 2014 مساندة عامة من السكان الروس لضم القرم، وثمة اليوم احتجاج حتى داخل  المؤسسة، ما قد يؤدي إلى سقوط بوتين.

كتب 170 صحافيا وخبيرا مختصا  في سياسة روسيا الخارجية رسالة مفتوحة تندد بالعملية العسكرية التي أطلقتها فيدرالية روسيا في أوكرانيا، وجاء فيها:” لم تكن الحرب قطٌّ، ولن تكون أبدا، منهجا لحل النزاعات ،و ما من شيء يبررها”.

منذ أول ايام المظاهرات، أقدم النظام على آلاف الاعتقالات وقامت الشرطة بتعنيف المتظاهرين المعتقلين. كما أمر  بالحد من ولوج الشبكات الاجتماعية المتهَمة بـ” انتهاك الحقوق الانسانية و الحريات الأساسية وكذا حقوق وحريات المواطنين الروس”!

ورغم القمع، تواصل حركة مناهضة للحرب تطورها في روسيا! وتستحق تضامن الحركة العمالية العالمية.

5- بوجه  الحرب في أوكرانيا، من مسؤولية كافة مناضلي/ات الحركة العمالية والحركات الاجتماعية، كل الذين واللائي تعبؤوا ضد الحرب، مساندة مقاومة الأمة الأوكرانية المضطهدة.  يتطلب وقف هذه الحرب معاقبة نظام بوتين ومساعدة أوكرانيا  لصد العدوان.

  • السحب الفوري للقوات المسلحة الروسية من كامل الاراضي الأوكرانية، حتى المحتلة منذ 2014.
  • التضامن مع المقاومة المسلحة وغير المسلحة لشعب أوكرانيا ومساندتها. ومد الشعب الأوكراني بالأسلحة للنضال ضد الاجتياح الروسي لأراضيه. يتعلق الأمر بتضامن أولي مع ضحايا عدوان خصم أقوى بكثير.
  • مساندة كل أشكال التنظيم الذاتي من أجل تبادل المساعدة والمقاومة من قِبَل السكان الاوكرانيين.
  • مساندة العقوبات ضد روسيا التي تطالب بها المقاومة الأوكرانية، للحد من مقدرة بوتين على مواصلة الاجتياح الجاري  وسياسته الحَرْبَوِيّة بوجه عام.  ورفض كل عقوبة تضر بالشعب الروسي أكثر مما بالحكومة وبأوليغارشيتها.
  • فتح الحدود لاستقبال السكان المضطرين للهروب من الحرب ومدهم بالمساعدة الملموسة الضرورية في الأمد القريب والأبعد، اعتبارا بوجه خاص لكون معظمهم نساء وأطفال.
  • الغاء الديون الأوكرانية، وإتاحة مساعدة انسانية مباشرة للمنظمات المدنية و النقابية والشعبية في أوكرانيا!.

التضامن الأممي

نؤكد تضامننا التام مع من يناضلون ضد الحرب في روسيا ومع من يناضلون للدفاع عن استقلال أوكرانيا.

مصالح الشعوب، وكذا حقها في السلم والأمان، قضايا لا تدافع عنها الامبريالية الأمريكية  أو الحلف الأطلسي، ولا الامبرياليتان الروسية  والصينية.   هذه الأحداث بالغة الخطورة تدعونا من جديد، بنحو يفوق كل ما سلف، إلى ضرورة بناء تعبئة أممية لتمكين الشعوب من صوت مغاير لصوت الدول وتضامنا مع شعب أوكرانيا ضد كل السياسات المعتدية عليه والمضطهدة له.  لن تُطلق الحكومات هذه المسيرة نحو السلم. يجب أن ننظمها نحن.

  • لا لقمع الحركة المناهضة للحرب في روسيا. فلننظم تضامنا نشيطا وبارزا  مع هذه الحركة. ولندعُ الجنود الروس لرفض المشاركة في الاجتياح، ولنُنظم التضامن معهم، بما فيه باللجوء السياسي  إذا طلبوه.
  • كل الدعم للقوى التقدمية المناضلة من أجل الديمقراطية و العدالة الاجتماعية في أوكرانيا. فلنُنظم كل الروابط الممكنة من أجل تطوير حوار معها حول الطريق الواجب لتحقيق سلم عادل.
  • من أجل تضامن عالمي مع معسكرنا الاجتماعي! لنُنظمْ الروابط بين الحركات الشعبية والعمالية المناضلة من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في روسيا، وفي أوكرانيا، وغيرهما من بلدان المنطقة وكذا على صعيد عالمي.
  • وحدها الطبقة العاملة العالمية، المناضلة جنبا إلى جنب مع كل المضطهدين/ات والمستغلين/ات، من أجل السلم وضد الامبريالية، وضد الرأسمالية و الحرب، قادرة على خلق عالم أفضل.

1 مارس 2022

المكتب التنفيذي للأممية الرابعة

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا