كل التضامن مع شغيلة التعليم … إلى أمام نحو اضراب عام وطني، عمالي وشعبي، ضد الغلاء وتدمير الخدمات العمومية وقمع الحريات

الافتتاحية12 نوفمبر، 2023

موجة الأعماق بقطاع التعليم العمومي زلزال بالساحة النقابية

بعد عقود من جر القيادات البيروقراطية للحركة النقابية إلى مستنقع التعاون مع الدولة البرجوازية لضبط الوضع الاجتماعي وتمرير السياسات النيوليبرالية المدمرة للمكاسب والحقوق، لا سيما بعد خفوت موجة 2011- 2012، وبعد اتفاق 30 أبريل 2022 المكرس لاستسلام تام لكل خطط الدولة (فتات في ظل تصاعد الغلاء، تفريط في حق الإضراب وفي ما تبقى من مكاسب قانون الشغل، وفي ما تبقى من حق تقاعد، بقبول وضعها كلها على طاولة “الحوار”…)، اهتزت الساحة النقابية منذ مطلع شهر أكتوبر 2023 بموجة من الأعماق مصدرها قطاع التعليم.
كان الفتيل المفجر لقنبلة الغضب المتراكم، النظام الأساسي الذي مررته الدولة بتعاون القيادات النقابية العاملة وراء ظهر الشغيلة المعنيين.
اكتست موجة الأعماق الكفاحية بقطاع التعليم أشكالا ديمقراطية، من نقاشات جماعية بأماكن العمل، وطرائق تسيير، وانتداب ممثلين- ات، ” وبناء تنظيمات جديدة، إما كتنسيق بين تنظيمات قائمة (التنسيق الوطني لقطاع التعليم) أو تنسيقات جديدة (التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم ؛ وكلها صيغ لا عهد للحركة النقابية المتبقرطة بها.
وتوالت الإضرابات منذ بداية شهر أكتوبر وما تزال مستمرة، وقد انخرط فيها جُل الشغيلة، رغم مساعي القيادات النقابية المتعاونة مع الدولة نسفها.
اضطرت بعض تلك القيادات إلى مسايرة الموجة كي لا تفقد كل مصداقية بعد أن تأكد أمام أنظارها مدى سخط الشغيلة عليها. لكن البيروقراطية إنما تساير اضطرارا، على أمل خفوت الموجة، وتسارع لإعادة مياه الشراكة الاجتماعية إلى مجاريها العفنة، أي التضحية بمصالح الشغيلة على مذبح تمرير السياسات النيوليبرالية.
إن أحد أصول البلاء هو تلك البيروقراطيات ذاتها التي فتحت باب جهنم على التعليم العمومي بمشاركتها في ما يسمى ميثاقا وطنيا للتربية والتكوين، إنجيل السياسة النيوليبرالية في تدمير المدرسة العمومية.
لقد اكتوت شغيلة التعليم بنار “المقاربة التشاركية” التي ليست أكثر من وضع خاتم النقابة على السياسة الجهنمية التي تنهجها الدولة ضد شغيلة التعليم العمومي (ظروف عمل سيئة بمقدمتها الاكتظاظ، فرط الاستغلال بتكثيف العمل والعقوبات، تجميد الأجور…) إمعانا في تدميره لصالح تجارة التعليم.
وزادت موجة الغلاء الفاحش لتصب وقودا على نار الاستياء، وها نحن نعيش حالة غير مسبوقة في تاريخ الحركة النقابية. أحد أكبر فيالق الطبقة العاملة ينتفض ضد الهياكل التنظيمية المتكلسة، ويبدع في ممارسة ديمقراطية في أسفل، ويتجاوز القيادات التي انكشف تواطؤها مع الدولة انكشافا لا حاجب له.
لقد أعادت شغيلة التعليم بذلك اكتشاف جوهر العمل النقابي المكافح، وتحتاج الحركة الصاعدة الاستمرار في تطوير تلك الآليات المُعاد اكتشافها، وتعميمها جغرافيا، وحمايتها من سلبيات التنظيمات المتبقرطة، والحذر كل الحذر مما قد يضعها ومعها المعركة في مقتل، أي تكلس البنيات المُرساة (لجن المؤسسات والمنتدبين- ات والمجالس الوطنية…)، إن جوهر عنفوان الدينامية الجارية كائن في النقاش الدائم داخل المؤسسات، مثلما هو كائن في قابلية كل المنتدبين- ات لمهمة ما وللعزل. يتطلب الأمر تحول لجان المؤسسات الموحدة إلى لجن للإضراب، كما يتعين انتخاب لجنة إضراب وطنية تتكلف بمهام قيادة المعركة وتمثيل المضربين- ات والتفاوض باسمهم- هن تحت رقابتهم- هن المباشرة.
ورغم أن ما تتعرض له شغيلة التعليم جار على قدم وساق بسائر قطاعات الوظيفة العمومية، تمتنع القيادات المتعاونة مع الدولة عن توحيد الرد العمالي، وتناور متطلعة إلى لحظة خفوت موجة الكفاح الجارية بالتعليم، لتعود إلى أدوارها الوسخة.
لقد كان إضراب شغيلة التعليم الوطني أيام 24 و25 و26 و27 أكتوبر 2023، المصحوب بوقفات احتجاجية أمام مديريات التعليم، ومسيرتها المجيدة يوم 7 نونبر 2023، حدا فاصلا بين مرحلتين من تاريخ الحركة النقابية، حيث فتح كفاح شغيلة التعليم صفحة جديدة نحو الانعتاق من نير البيروقراطيات وتسيير النضال وبناء أدواته وتسييرها ذاتيا وديمقراطيا.
ما العمل …إلى أمام نحو الإضراب العام
إن المسؤولية التاريخية الواقعة اليوم على كاهل المناضلين/ات النقابيين/ات، من كوادر وسطى ومسيري الفروع، وعامة المنخرطين- ات، هو العمل لتوحيد المعركة دفاعا عن الوظيفة العمومية وردا لكل الهجمات البرجوازية التي تلوح في الأفق (قانون الإضراب، تحطيم مدونة الشغل، النيل من حق التقاعد…). وهي المسؤولية الممتدة إلى نقابات القطاع الخاص حيث تقف النقابة اليوم عاجزة تماما عن الدفاع عن القدرة الشرائية المستهدفة باطراد (نزع الدعم عن غاز المطبخ…).
قيادات المركزيات تتهرب من مسؤوليتها كقيادة، مستعملة الهياكل التنظيمية لكبح النضال بدل إطلاقه، تاركة الشغيلة فريسة سهلة لمختلف أنواع التعديات.
فليكن طريقنا مستلهما لدرس شغيلة التعليم، أي تجاوز الهياكل المتكلسة وإمساك زمام أمرنا بأيدينا، عبر أشكال تنظيم ديمقراطية.
يجب مساندة شغيلة التعليم بتعميم النضال في قطاع الوظيفة العمومية، لتكون هذه الوحدة حافزا قويا لنقابات القطاع الخاص لتنضم إلى المعركة، دفاعا أولا وقبل كل شيء عن القدرة الشرائية، وعن الحريات النقابية وإجمالا عن الحق في حياة لائقة بجميع أبعادها.
لا فرصة تاريخية أفضل مما نشهد اليوم بفضل حركة شغيلة التعليم، للسير نحو تحرك جماعي لطبقتنا يُعيد إليها كرامتها ويُحسِّن أوضاعها على طريق تحررها التام من الاستغلال والاضطهاد. وما من فرصة دائمة، فإما نضرب الحديد حاميا، أو انتظار ردح طويل من الزمن كي تسنح فرصة أخرى مثل القائمة حاليا.
الوحدة النضالية للشغيلة من القاعدة باعتماد التسيير الديمقراطي والتواصل النشط مع التلاميذ والأسر وجمعيات الآباء والأمهات طريق تحقيق الانتصار.
• لأجل زيادة نوعية في الأجور تستعيد خسائر القدرة الشرائية بغلاء مستمر.
• تحصين الحريات النقابية ضد التهديدات التي تهددها وعلى رأسها تقنين الاضراب.
• لأجل معاش تقاعدي قائم على التضامن وفي خدمة الشغيلة حصرا.
• الخدمات العمومية الجيدة والمجانية مكسب تاريخي والنضال وحده يحصنه من الخوصصة متعددة الصيغ.

المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا