شغيلة التكوين المهني: أوضاع قهر وسؤال ما العمل؟

تعاني شغيلة قطاع التكوين المهني، أوضاعا مزرية على كافة الصعد: أجور هزيلة، وساعات عمل مرهقة وتغطية صحية كارثية وتقاعد مزر… إن ما تعمل الدولة على فرضه من أوضاع الهشاشة ومرونة وتنويع أوضاع الشغل في العديد من القطاعات العمومية، مطبق منذ عقود في قطاع التكوين المهني. هذه الأوضاع المزرية لشغيلة القطاع وبحفز من نضالات شغيلة التعليم خلقت مؤخرا حالة من التململ في شغيلة القطاع. فما هي أهم أوضاع عمال-ات القطاع وما هي مطالبهم؟ وما العمل لتحسين وضعية هذه الفئة؟

أوضاع شغيلة قطاع التكوين المهني

يعمل شغيلة قطاع التكوين المهني في إطار النظام الأساسي لمكتب التكوين المهني لسنة 2003 الذي تم تعديله في سنة 2019. يُعتبر هذا النظام الأساسي الذي جاء بعد القانون التأسيسي لسنة 1974، خارج النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية لسنة 1958.

حسب الموقع الرسمي لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل الذي لا يوفر إلا معطيات سنة 2017، بلغ عدد المستخدمين 10578 منهم 8557 مكون-ة، تبلغ فيه النساء 30% من المستخدمين الدائمين، أما عدد المكونين المتعاقدين فقد بلغ 3800 مستخدما. أما متوسط أقدمية المستخدمين فقد بلغ 16 سنة ومتوسط عمر المستخدمين 47 سنة.

 أوضاع العمل

تتوزع شغيلة قطاع التكوين المهني حسب النظام الأساسي لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل لسنة 2003، بين عمال-ات دائمين أو متدربين، وعمال-ات متعاقدين-ات (مكونون-ات)، وعمال منتدبين من قطاعات أخرى. بالإضافة إلى عمال القطاع الخاص -غير المذكورين في النظام الأساسي- المزاولين لأعمال الحراسة والبستنة والنظافة والمطعمة.

تصل ساعات العمل في قطاع التكوين المهني بالنسبة للمكونين-ات الذين يمثلون قاعدة المشتغلين في القطاع، 36 ساعة أسبوعيا بالنسبة لمكوني-ات مستويي التخصص والتأهيلي و26 ساعة أسبوعيا بالنسبة لمكوني-ات مستويي التقني والتقني المتخصص. في حين تصل ساعات العمل إلى 72 ساعة بالنسبة لحراس الأمن الخاص.

بالإضافة للساعات الرئيسية، يُكلف المكونون-ات بساعات إضافية، تفاقم وضعهم المتردي، ليصل مجموع ساعات عملهم إلى 45 ساعة أسبوعيا. ساعات عمل مرهقة تنضاف إلى أخرى غير مؤدى عنها لإعداد وتحضير التكوينات، أو لإعداد وإنجاز برامج أو للمشاركة في حملات أو لتنظيم أنشطة موازية.

  • عمال شركات المناولة

يعمل العمال التابعون لشركات المناولة في قطاع التكوين المهني في أوضاع بالغة الهشاشة. يشتغل عمال-ات في الحراسة والبستنة والنظافة بعقود عمل محددة المدة. وتتغير أوضاعهم باستمرار، تبعا للعقود المبرمة بين مكتب التكوين المهني وهذه المقاولات من الباطن. لا يستفيد أغلب هؤلاء العمال-ات من أبسط الحقوق المنصوص عليها في مدونة الشغل: فحراس الأمن الخاص محرومون من العطل الأسبوعية ولا يستفيدون من العطلة السنوية، كما أنهم يعملون 12 ساعة في اليوم ويكلفون بمهام أخرى لا علاقة لها بعملهم… أما عاملات النظافة فتُشغل الشركة من الباطن أقل عدد من العاملات، بدون أدنى وسائل الوقاية ولا يتلقين حتى الحد الأدنى للأجور. يعاني عمال البستنة من لا استقرار مهني بحيث يعملون في إدارات ومؤسسات التكوين المتفرقة بين مدن عديدة ولا يتوفرون على معدات العمل الفعالة، ومحرومون من أبسط الحقوق كغيرهم من عمال الحراسة والنظافة.

  • التغطية الصحية والتقاعد

التغطية الصحية لشغيلة القطاع تابعة لقطاع التأمين الخاص. يوقع مكتب التكوين المهني دوريا عقودا مع شركة من الشركات الخاصة لتأمين خدمات التغطية الصحية والتي يعاني المستخدمون من رداءتها، ومن هزالة التعويضات ومن عدم شمولها جميع الأمراض.. إن خدمات التغطية الصحية يهيمن عليها منطق الربح وليس منطق الخدمة الاجتماعية.

يحصل أغلب المتقاعدين في قطاع التكوين المهني على معاشات هزيلة حُدد سقفها الأعلى ولم يحدد حدها الأدنى، قد تصل إلى 40% فقط من أجورهم الأساسية، نتيجة لطريقة احتساب التقاعد حسب نظام منح رواتب التقاعد RCAR. يضطر العديد من المتقاعدين-ات، لهزالة قيمة التقاعد الممنوح لمزاولة أعمال أخرى بعد تقاعدهم، أو العمل كمتعاقدين داخل التكوين المهني لسد حاجياتهم الأساسية.

  • الترقيات والشهادات غير المحتسبة

تحتسب الترقيات في قطاع التكوين المهني بشكل مغاير على باقي القطاعات، فالدرجة الواحدة داخل الوظيفة العمومية تقسم إلى 3 درجات، وبذلك تتضاعف سنوات الترقي من درجة إلى أخرى، وقد تبلغ 21 سنة بالتسقيف.

ويعاني حاملو الشهادات الذين يناهزون 2000 عامل-ة من حرمانهم من الترتيب حسب شهاداتهم، ومن الترقية بالشهادات منذ سنة 2012. ويربط مكتب التكوين المهني ترقية هؤلاء باجتياز المباريات الداخلية المناسبة لشهاداتهم.

مطالب شغيلة قطاع التكوين المهني:

تنطلق شغيلة قطاع التكوين المهني من الأوضاع الكارثية التي تعاني منها لتطالب بتحسين أوضاعها. وعموما تطالب الشغيلة بتحسين ظروف العمل وبرفع الأجور وتقليص ساعات العمل والترقية بالشواهد وتغيير نظام التقاعد الحالي وتحسين أوضاع المتقاعدين وتغيير نظام التغطية الصحية الحالية ومطالب أخرى قد نفصل فيها لاحقا.

ما العمل؟

تؤمن قيادة النقابة الوطنية للتكوين المهني التابعة لنقابة الاتحاد المغربي للشغل بخط الشراكة الاجتماعية مع الإدارة. يكرس خط الشراكة هذا أوهام النقابة كشريك اجتماعي للإدارة وانتظار تفهم الإدارة لتطلعات الشغيلة. حسب هذا المنظور النقابي لا ضرورة للإضراب إلا كأبغض الحلال، حيث لا تلتجئ النقابة للإضراب إلا بعد استنفاذ كل استجداء للحوارات للإدارة والوزارة.

أما قاعدة الشغيلة فمنقسمة بين من ينتظرون استجابة الإدارة بتلبية المطالب النقابية دون احتجاج، أو من يلجؤون إلى تأسيس تنظيمات نقابية أخرى، تحاربهم النقابة الأم (كما تسمى) والإدارة بكل الوسائل، أو مؤخرا بتأسيس تنسيقيات فئوية تحاول النقابة ضمها إليها أو إفشال برامجها النضالية، قبل سحب البساط من تحت أقدامها، أو في أغلب الحالات انتظار ما قد يسفر عنه المستقبل.

ليس من أدوار النقابة تنبيه الدولة بأن عدم الاستجابة للمطالب سيزيد الاحتقان داخل قطاع التكوين المهني، وليس دورها تذكير الإدارة والدولة بأهمية الشراكة الاجتماعية.

إن المطالب النقابية لا يمكن تحقيقها إلا بتنظيم وتسيير وتقرير شغيلة قطاع التكوين المهني لنضالاتهم بأنفسهم والانخراط في نضالات باقي القطاعات.

شارك المقالة

اقرأ أيضا