الثورة تختار عشاقها في ريعان الشباب: لنواصل معركة الحرية التي استشهد لأجلها عماد…

سياسة8 أغسطس، 2017

مهدي رفيق

08 غشت 2017

كان عماد، الشاب اليافع الذي آمن بمطالب الانتفاضة الريفية، على رأس المظاهرات التي عرفتها مدينة الحسيمة يوم 20 يوليوز للاحتفاء بذكرى معركة أنوال المجيدة التي انتصر فيها شعبنا في الريف على جيوش الاستعمار الاسباني.

خرجت الجماهير الشعبية في الريف في ذلك اليوم المشهود لربط نضال الأمس ضد الاستعمار بنظيره الحالي ضد ورثته، أي ضد الاستبداد والقمع والتهميش وانعدام ابسط الحقوق الاجتماعية والديمقراطية. لكن رصاصة غادرة مشحونة بالغازات المسيلة للدموع منعته من استكمال مسيرته الثورية..

وبعد 20 يوما بالكمال والتمام من التعتيم الرسمي حول وضعه الصحي والإبقاء عليه محتجزا في المستشفى العسكري في الرباط، دون تسليم عائلته ملفه الطبي حسب إفادة أحد المحامين، تأكد اليوم نبأ استشهاده بشكل رسمي بعد أن أعلن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالحسيمة عن وفاته في بلاغ رسمي.

لقد سقط عماد في أرض الصمود والمقاومة مطالبا برفع العسكرة وإطلاق سراح المعتقلين والاستجابة لمطالب الحراك، وهو يتقدم صفوف المتظاهرين، لتختلط، بذلك، دماؤه الزكية بدماء اجداده الثوريين الذي وقفوا في نفس الأرض دفاعا عن شرف الوطن في وجه الاستعمار الاسباني الغاشم ومن بعده ضد بطش النظام الدكتاتوري في سنوات 1958 و1984 و2011.

ليس أمامنا خيار سوى أن نستمر على طريق المقاومة الشعبية الذي انخرط فيه الشاب عماد وعشرات الآلاف من الشباب الثائر ضد أوضاع البؤس والقمع والحرمان، معاهدين مناضلات ومناضلي شعبنا الصامدين في ساحات المقاومة والصمود على بذل اقصى طاقاتنا، إلى جانب كل مناضلي طبقتنا، لأجل تخصيب المقاومة الشعبية بمقومات النصر وتمكينها من شروط إلحاق الهزيمة بمعسكر المستبدين.

من أجل استكمال المسيرة النضالية التي استشهد من أجلها عماد، ومن أجل مغرب حر واشتراكي ومتضامن نمد يدنا للجميع لإنجاز المهمات الملحة الملقاة على عاتقنا وفي مقدمتها إعادة بناء منظمات النضال العمالي والشعبي والشبيبي والتعاون في نشر الفكر الثوري في بلدنا لحفز نهوض المارد العمالي وانتزاعه من أنياب السيطرة البرجوازية، وحفز التنظيم الذاتي للجماهير وتطويره، مع مواصلة الجهود التنظيمية والسياسية والفكرية المرتبطة ببناء حزب العمال الاشتراكي…

إن الوفاء لعماد يقتضي، طبعا، الوقوف بحزم ضد الاستبداد القائم ومقاومته بكل السبل، كما أن الوفاء لعماد يقتضي، أيضا، العمل بصبر وأناة لأجل انتزاع قيادة الحركة النقابية من العناصر الانتهازية الموالية لنظام الاستغلال والاستبداد، هذه القيادات التي ساهمت في إضعاف الحراك الشعبي، الذي انطلق في الريف منذ أكتوبر الماضي، بامتناعها عن تنظيم أي تضامن عمالي لتدعيمه، والتي أصبح بقاؤها على رأس النقابات العمالية ملازم لخدمتها لنظام الرأسمالية التابعة بترويجها الممنهج لخطاب انتهازي يمجد الاستقرار والأمن والسلم الاجتماعي على حساب الاستنكاف عن أي تدخل نضالي لتحسين حياة العمال والشباب المعطل، مع الحفاظ على تحركات جزئية وفوقية، تحت ضغط الهجمات الرأسمالية على عالم الشغل، لضمان نفوذهم في صفوف الجماهير العمالية.

الوفاء لعماد وغيره من الشهداء الذين سقطوا في ساحات المقاومة، يقتضي من الشباب الثوري وضع مهمة توحيد نضالات الشباب الجامعي والمعطل عن العمل، على أرضية مطالب تستجيب لتطلعات الشباب في تعليم ديمقراطي مجاني وعمومي، وفي شغل قار ودائم على رأس الأولويات التي لا تقبل التأجيل تحت أي مبرر كان.

لقد استشهد عماد لأجل تحقيق مطالب كادحي الريف، ومطالبهم هي الحياة الحقيقية التي يطمح إليها شباب المغرب وكادحيه، وبالتالي فإن انتفاضتهم هي، في عمقها، انتفاضة من أجل الكرامة والحق في العيش الكريم.

إن أجهزة القمع باغتيالها للشاب عماد لعتابي فعلت ما يتوجب على، كل سلطة دكتاتورية، فعله للدفاع عن مصالح الأقلية المتحكمة في السلطة والثروة….وما على كل الجديرين بالانتساب لمشروع الثورة والتغيير في المغرب إلا أن يقوموا بما ينبغي القيام به لفرض سلطة الشعب.

إن جريمة الاغتيال التي راح ضحيتها عماد تجسد عمق الصراع ضد الاستبداد الذي يسعى لكسر المقاومة الشعبية الواعية والمنظمة كطريق للتحرر، وترهيبها بالاعتقالات والقمع مخافة تصلب عودها وانتشارها كالنار في الهشيم في مختلف ربوع الوطن.

إنهم بجريمتهم الجديدة هاته يسعون لكسر إرادة الجماهير، وقتل روح المقاومة لديهان بعد أن تبين لهم بالملموس أن انتفاضة الريف الصامدة زادت من قوة الجماهير وقدرتها على مواجهة كل المؤامرات والمناورات، هذه المقاومة الشعبية العظيمة التي تقع على كل الأحرار مسؤولية الحفاظ على استمرارها وتطورها وانتشارها في أماكن العمل والجامعات والأحياء الشعبية والضيعات الفلاحية…

لقد أكدت انتفاضة الريف الحالية إحياء سلاح المقاومة الشعبية والتنظيم الذاتي للجماهير على أرضية مطالب وشعارات واضحة كخيار أوحد لمواجهة الاستبداد وسياساته القمعية والتفقيرية، ما يجعل من مواصلة النضال، بروح وحدوية، لأجل إسقاط الاستبداد واستبداله بنظام ديمقراطي منتخب يعبر عن تطلعات العمال وعامة الشعب، الطريق الوحيد نحو بناء مجتمع الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

علينا أن ندعم الطريق الذي دشنته انتفاضة الريف، بتنظيم معركة الدفاع بوجه القمع واتخاذ التكتيكات والخطوات النضالية الكفيلة بضمان استمرار الحركة وتجذرها وانتشارها وتوسيع دوائر المنخرطين فيها، ولا ينبغي أن يدفعنا الهجوم القمعي للنظام لاتخاذ خطوات متسرعة وردود فعل قد تعود ببالغ الضرر على الحركة المنتفضة. فكما كتب تروتسكي فإنه “كلما انخرطت الجماهير بشكل أكبر في الحركة، كلما زادت ثقتها بنفسها. وكلما زادت هذه الثقة، يزداد حزم الحركة الجماهيرية في القدرة على التقدم للأمام مهما كانت الشعارات الأولية للنضال متواضعة” وعلى الثوريين أن يضطلعوا بمهامهم كاملة في حفز بناء جبهة متحدة لمواجهة العدوان الرأسمالي الشامل على الحقوق والحريات، أي السعي لتوحيد أقصى إمكانات النضال والمقاومة لدى العمال والشباب وكل ضحايا التقشف، لتحقيق الوحدة في النضال على أساس مطالب واضحة وبرنامج محدد وواجبات مفروضة، والابتعاد عن اجترار الشعارات الراديكالية، مع الحرص على مشاركة الجماهير نفسها في التحركات النضالية واحترام إرادتها في تقرير المعارك وتسييرها وتوجيهها وتقييمها.

لنعمل معا من أجل الضغط لتكوين الجبهة المتحدة بغرض الدفاع عن الأجراء والشباب الجامعي والمعطل ضد الهجوم الرأسمالي الذي يستهدف حقوقهم وحرياتهم، وعن المنظمات المناضلة المحاصرة جراء تضاعف وتيرة القمع والمنع.  وعلينا أن يحذونا اقتناع راسخ أن أي تكتيك آخر سيعزلنا بعيداً عن ساحات النضال الشعبي والشبابي الكفيل بتجذر وعي الجماهير والدفع بها لمعاداة السياسات الرأسمالية.

خلاصة القول، أن لا حرية ولا كرامة ولا عدالة اجتماعية بدون وحدة الشعب العامل والمستغل وبدون بناء ديمقراطي وكفاحي لأدوات نضاله السياسية والشبابية والنقابية، ومواصلة انخراط مناضلات ومناضلي طبقتنا في إنجاز هذه المهمة هو خير وفاء لكل الشهداء الذين سقطوا في معركة الحرية الشاقة وطويلة النفس.

عاشت الانتفاضة الريفية ولا عاش من خانها

المجد للشهيد عماد ولكل الشهداء…

يسقط ثالوث الاستبداد والاستغلال والتبعية.

شارك المقالة

اقرأ أيضا