عن اليسار الرائج واليسار الحقيقي
الآراء الواردة بهذه الزاوية لا تعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.
=================
لا بد من الفرز، فرز مدعي اليسار عن اليسار الحقيقي. هذا ما يجب أن يكون مهمة اليوم. يكفي تجاهلاً، أو طبطبة، أو تداخلاً، أو علاقة. ولا شك في أن الثورة السورية هي المفصل هنا، فكما أن الحرب العالمية الأولى كانت مفصل الفرز، وإعلان لينين “إفلاس الأممية الثانية”، الثورة السورية (بما هي استمرار وتكثيف لمجمل الثورات العربية) هي هذا المفصل الذي يستحق إعلان إفلاس اليسار. هناك أعلت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية من “قيم الوطنية” على حساب الصراع الطبقي والتنافس العالمي، وهنا أعلى اليسار من “القيم الوطنية” على حساب الصراع الطبقي والتنافس العالمي. وكما وقعت تلك الأحزاب في مطبّ الدفاع عن برجوازيتها “القومية”، وقع اليسار هنا في مطبّ الدفاع عن النظم. وكذلك كما كان ذاك الموقف يعني دعم إمبرياليتها ضد الإمبرياليات الأخرى حينما تصارعت، يقف اليسار الآن مع إمبريالية ضد أخرى، لكن هذه المرة على وهم أن بينها تناقضاً وصراعاً، رغم أن ما بينها لا يعدو أن يكون تنافساً ومحاولات للتوافق، أو حتى صراعاً، لكنه صراع من أجل الهيمنة والنهب.
الثورة السورية هي مفصل إفلاس اليسار الآن ، وأساس القطع معه. فقد أوضحت ضحالة التحليل وسوء الفهم، وتسيّد الفهم المثالي بعيداً عن الماركسية. وأظهرت الانحدار الأخلاقي والقيمي، وعمق التعلق بالاستبداد تحت حجج واهية، والتعلق بفكرة مجردة، هي الوطنية، حتى وإنْ أفضى ذلك الى قبول تدمير الأرض وتعميم القتل والتهجير، وإنهاء سورية كمجتمع ودولة. وأظهرت كذلك قبول التحالف مع دول وقوى طائفية ووحشية، كان موقفها منها قبل سنوات أنها طائفية ووحشية وتريد تدميرنا. وأظهرت أيضاً كم أن مفهوم المقاومة شكلياً، ومجرداً، ويكفي فيه الإدعاء لكي يكون مقبولاً، مثل مفهوم اليسار ذاته الذي يبدو شكلياً ومجرداً، وبالتالي بلا معنى. لقد وُضِعت الشعارات على المحك فبانت كشعارات فارغة، شعار فلسطين واحد منها، حيث اكتفت بالإدعاء، أو بالقيام بدور ما في لحظة معينة، دون درس عمق مواقف تلك القوى التي تدعي أنها تدافع عن فلسطين، ربما بالضبط مثلها، حيث تبدو مواقفها كشعارات فارغة دون فعل حقيقي، أو بفعل هامشي. فالمقاومة فعل مستمرّ وليس خطابات وتهديدات، وفلسطين تحتاج الى تغيير جذري في البلدان العربية، وإستراتيجية واضحة، وفعل مستمرّ. المقاومة فعل ممارسة وليست إسماً يلصقه هذا أو ذاك بذاته، أو ممارسة لحظية نتيجة ظرف ما دون الاستمرار في هذا الفعل.
أشير الى كل ذلك لأن الثورة السورية كانت التكثيف لكل الوضع العالمي، حيث أنها ثورة شعب من أجل إسقاط النظام الذي نهبه واستبدّ به لعقود، وهي امتداد طبيعي للشرارة التي أطلقها البو عزيزي في تونس. ولأنها ثورة ضد نظام مافياوي استبدادي فرض اللبرلة لكي تنهب فئة متحكمة بالسلطة ولكي يتدمر الاقتصاد المنتج وتتدمر الطبقات الشعبية. وهي امتداد لثورات كان هذا هو جذرها، سارعت كل الدول العربية والإقليمية، والدول الإمبريالية، للتدخل من أجل إطفاء حريق شبّ في مركز العالم، ويهدد بالتمدد إليها جميعاً، بالضبط نتيجة الأزمة الطويلة ومستحيلة الحل التي دخلتها الرأسمالية على ضوء الانهيار المالي الذي حدث في سبتمبر/ أيلول سنة 2008. لهذا تشاركت كل الدول الرأسمالية التابعة، والدول الإمبريالية، بأشكال مختلفة، في تدمير الثورة، وتحويل ما جرى في سورية الى مجزرة كي تكبح جموح شعوب العالم نحو الثورة، وهي تنحط نتيجة البطالة والفقر الشديد وتخلي الدولة عن التعليم والصحة، خصوصاً وأن أزمة الرأسمالية تدفع الى فرض سياسة التقشف، مع زيادة النهب لرأسماليات باتت تُراكِم بشكل متسارع يفرض النهب الأسرع والأضخم، بالتالي يفرض الإفقار الأسوأ. فقد بات المال يهيمن على الرأسمال، وبالتالي باتت المضاربة والمديونية هما الأشكال الأكثر فاعلية في تكوين الرأسمالية، وهما يفرضان الربح الأعلى، والمتسارع. وهذا يعني دفع الشعوب الى الثورة بالضرورة، بالضبط لأنها تُدْفَع الى البطالة والفقر الشديد، الى الإملاق، والى الموت جوعاً.
في هذه الوضعية يقف اليسار في الموقع ذاته ، موقع تلك الدول الإمبريالية والإقليمية، مبرراً القتل والتدمير والوحشية وتخويف شعوب العالم، بدل أن يكون مع هذه الشعوب. وقف مع الرأسماليات المافياوية الحاكمة، والدول الإمبريالية، ضد الشعب السوري، متوهماً أن بين هذه الإمبرياليات والنظم صراعات عميقة، ولم يلحظ أن كثير منها يتقارب ويتوافق، وأن تحالفات الماضي تتفكك، وصراعات الحرب الباردة باتت “في خبر كان”. أن أميركا وروسيا لم تعودا عدوين رغم التنافس الظاهر بينهما، وأنهما رغم ذلك يصرّان على التفاهم والتقارب. وأن السعودية ودول الخليج العربي، دعمت النظام “سرّاً”، وهي تتقارب مع روسيا خشية من سياسات أميركا الجديدة التي كانت تميل للتقارب مع إيران. وأن تركيا تقاربت مع روسيا بعد أن حاصرتها أميركا. وأن “عقدة” السعودية ودول الخليج هي إيران فقط، وليس النظام السوري. وأن التقارب مع الدولة الصهيونية، وحتى التحالف معها، يشمل روسيا التي تريد وراثة دور أميركا، كما يشمل تركيا. وأن كل هؤلاء خافوا الثورات، وبات هذا الأمر هو محور السياسات التي يتبعونها، وتُقرّب بينهم.
لم يلحظ هذا اليسار أثر انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية، ولا أثر الأزمة المالية التي حدثت سنة 2008، الحدثان اللذان قلبا وضع العالم، وفرضا سياسات جديدة، وتحالفات جديدة. وأنهما أنهيا “التناقض” الذي حكم العالم منذ نشوء الاشتراكية،وأسسا لنشوء عالم رأسمالي بالكامل، بات الصراع بين أطرافه هو تنافس على المصالح، وعلى السيطرة على الأسواق. لكنها وهي تتنافس هي كلها ضد الثورات، وتتحالف من أجل إجهاضها. فهي إمبرياليات تنهب الشعوب، وهذا النهب هو الذي بات يولّد الثورات التي تعني تجاوز الرأسمالية ذاتها في حال نجحت. اليسار هنا بات في صف الإمبريالية ضد الشعوب، يضيع في متاهات التنافس بين الإمبرياليات، ولا يفهم بالضبط ممكنات رد الرأسمالية على الثورة، متوهماً أن أميركا الإمبريالية، التي كان “يقاتلها” (بالكلام) سابقاً، هي التي “تفتعل” الثورات، لأن النظم “ممانعة” وتقف مع “المقاومة”. وهذا الحكم لم يطل النظام السوري فقط، بل جرّ الى تونس ومصر، الدولتان اللتان كانتا خاضعتين للسيطرة الإمبريالية الأميركية، والى اليمن وليبيا متوهماً أنهما “ضد الإمبريالية”. وبات منافحاً عن روسيا وكأنها الاتحاد السوفيتي، متجاهلاً كونها باتت رأسمالية وتريد ككل رأسمالية السيطرة على الأسواق وتصدير الرأسمال، والتحكم بالمواد الأولية، كما أشارت الماركسية منذ زمن طويل. مميزاً بين رأسمالية إمبريالية ورأسمالية “إنسانية”، بالضبط كما فعل بيرنشتاين وكاوتسكي، وكما فعل “اليسار الليبرالي”، التيار الذي كان يسارياً (كما هؤلاء) وسار مع انهيار الاتحاد السوفيتي نحو الانخراط في العولمة تحت حجة “التطور الحضاري” في الرأسمالية، التطور الذي جعلها “إنسانية”. وربما كان الأساس المنهجي الواحد هو الذي أفرز هذا وذاك، وهو الأساس الذي جعلهما، وهما يبدوان متناقضين، في الموقع ذاته: مع الإمبريالية. فقد ظل اليسار القديم، بغض النظر عن تحولاته أو دوغمائيته، ينحكم للمنطق الصوري، والفهم الشكلي. وكل مواقفه الآن توضّح ذلك توضيحاً كاملاً.
لهذا يظهر الآن كحليف لأحط النظم، وأكثر القوى يمينية وتطرفاً، و”حليفاً” (أي تابعاً) لقوى إمبريالية. إنه “حليف” بوتين وصديق الصين، الإمبرياليتان اللتان يسيران بشره للسيطرة والنهب. وهو “حليف” قوى طائفية مغرقة في طائفيتها، وإنْ كانت تدعي المقاومة، مثل حزب الله والميليشيا الطائفية التي تصنِّعها إيران، وهي الوجه الآخر لداعش والنصرة وتنظيم القاعدة. و”حليف” لنظام ثيوقراطي مافياوي يسعى للسيطرة واستعادة أمجاد خلت، هو النظام الإيراني. ولنظام مافياوي وحشي هو النظام السوري. وكل هذه الاصطفافات تؤهلها لأن تكون “في صفّ” اليمين المتطرف الأوروبي، من الجبهة الوطنية في فرنسا الى حزب البديل في ألمانيا الى حزب الاستقلال في إنجلترا، وغيرها في النمسا والمجر وبولندا. وهذه أحزاب نازية أو نسخة جديدة عنها. هذا هو الحلف الذي يتشكل “ضد الإمبريالية”، من روسيا بوتين واليمين الأوروبي المتطرف، الى نظم إيران وسورية وقواها الطائفية، وربما الى ترامب. هذه الكتلة من الدول والأحزاب والمجموعات الطائفية هي النتاج الطبيعي للأزمة التي دخلتها الرأسمالية، والتي ظهر أنها بلا حلّ. ولهذا يظهر هذا الميل النازي، أو الفاشي، أو الشكل المحدَّث منهما، ويحاول ان يجرّ العالم الى الحروب الكبرى، والى التدمير والقتل، مكملاً ما بدأته الإمبريالية الأميركية، وبمساعدتها كونها تعيش عمق الأزمة.
أي يسار هذا يكون في صف القوى الأكثر تطرفاً ووحشية؟ أي يسار يكون في تحالف “محور مقاومة” لا مقاومة يمارسها سوى قتل الشعوب؟ وفي انحياز لقوى عالمية يمينية ومتطرفة ووحشية؟ يسار يدافع عن مافيا تحكم، وعصابات أصولية تقتل، ويتغطى بكلات مجرَّدة عن المقاومة، والتحرير، ومناهضة الإمبريالية.
اليسار ضد الإمبريالية بالضرورة، لكن الإمبريالية ليست دولة وسياسة فقط، إنها بالأساس نمط اقتصادي، وتكوين رأسمالي يسعى الى التوسّع والسيطرة والاحتلال كما علمتنا الماركسية. هذا ينطبق على أميركا كما ينطبق على روسيا، وينطبق على أوروبا واليابان كما ينطبق على الصين. الاقتصاد هو أساس التحديد وليست السياسة، بل أن السياسة هي التعبير المكثّف عن الاقتصاد، لهذا فإن نشوء رأسمالية يفرض سعيها للتوسع والسيطرة. لهذا سيكون التناقض بين الإمبرياليات هو تناقض في المصالح، وعلى نهب الشعوب والسيطرة عليها، وليس لأن هناك رأسمالية إنسانية تحبّ الشعوب، الرأسمال مغرم في الربح وليس في الشعوب. وهنا تكون روسيا وأميركا والصين وأوروبا واليابان على قدم المساواة كإمبرياليات تريد النهب والسيطرة. فما هو موقف اليسار من النهب والسيطرة؟ هل يحبِّذ نهباً ويرفض آخر؟ وهل يقبل سيطرة ويرفض أخرى؟ هذا ما يبدو عليه اليسار اليوم، إنه من إمبريالية ضد أخرى، ومع نهب ضد آخر، ومع احتلال ضد احتلال آخر.
هذا يسار هجر تاريخه، وبات ألعوبة بيد الرأسمال المافياوي، والإمبريالية الجديدة. بالتالي لم يَعُدْ يساراً بأي شكل من الأشكال. إنه يسار إمبريالي طائفي مافياوي، ما دام اختار هذا الحلف. وهو بالتأكيد ضد الشعوب، معادٍ لكل ثورة إلا ربما فيما هو متخيّل. يعتقد أنه يعلي من قيم التحرر والإنسانية، ويناهض الاستغلال والنهب، لكنه يخدم الاستغلال والنهب.
منذ سنوات كتبت: علينا أن ندفن موتانا، وأتت الثورات في البلاد العربية لتضع حجر الشاهد على قبر هذا اليسار، الذي لا زال يمسك بتلابيب الحي. لهذا لا بدّ من القطع معه لكي يرقد “بسلام” مع كل النظام العالمي القديم الذي يتوارى ليس بهدوء، بل بوحشية لا مثيل لها. لا بدّ من الفرز بلا تردد، ولا تأخير، وبجرأة شديدة. فكل من يريد التغيير والثورة وعالم أفضل يجب أن يقطع مع هذا اليسار. وكل من يريد أن تنتصر الشعوب ويُهزم الرأسمال يجب أن يقطع مع هذا اليسار. وكل من يعتقد بأن عليه أن يقوم بدور حقيقي من أجل العمال والفلاحين الفقراء ومجمل الشعوب المفقرة يجب أن يقطع مع هذا اليسار.
نحن على أعتاب تغيّر عالمي كبير. ونحن على أعتبار أزمات كبيرة تهزّ الرأسمال، سوف يقود الى ثورات في كل العالم. نحن مقبلون على الثورة، ولهذا لا بدّ من الفرز لكي يتأسس يسار جديد، يسار حقيقي، يستطيع أن يؤثّر في المسار الثوري وأن يقود الصراع الطبقي الى الانتصار. لا بدّ من القطيعة مع هذا اليسار، القطيعة الشاملة، لكي يكون اليسار الحقيقي مع الشعوب، ومع الثورة، ومع التغيير. ويستطيع أن يؤسس القوى، ويوحِّد الطبقات الشعبية من أجل هزيمة الرأسماليات التابعة المسيطرة،الهزيمة التي تعني فعلياً هزيمة الإمبريالية، وليس الخطابات الرنانة ضد الإمبريالية، والصياح الذي لا يعبّر سوى عن كلام فارغ. فهذه الرأسماليات التي تحكم هي التجسيد الواقعي للوجود الإمبريالي، هي التكوين الإمبريالي المجسَّد في واقعنا. وهزيمة الإمبريالية تعني هزيمة الدولة الصهيونية التي هي قاعدتها العسكرية، وأداتها للسيطرة والهيمنة. وليس السعي للتعايش معها، أو قبول وجودها كما هو حاصل لدى هذا اليسار. وأيضاً هزيمة الإمبريالية تعني كنس كل التخلف المتراكم بفعل السيطرة الاستعمارية، ومصالح الرأسماليات المسيطرة، والتكريس الإمبريالي، يعني السعي لتأسيس جمهورية ديمقراطية، يعني فصل الدين عن الدولة والتزام العلمنة، يعني مواجهة كل الفكر الأصولي الموروث أو المؤدلج، ورفض كل تسييس للدين، الذي يجب أن يصبح شأناً شخصياً. بالتالي يعني كنس تراث من التخلف الفكري والثقافي والمجتمعي جرى تكريسه من قبل الرأسمالية. وهذا يعني مواجهة الإسلام السياسي بكل أشكاله، بغض النظر عن الشعارات التي يطرحها، من خلال صراع أيديولوجي يكشف المصالح التي تكمن تحت هذه الشعارات. وهنا شعار المقاومة الذي يخفي مصالح هيمنة وسيطرة طائفية، ونهب رأسمالي، وتبعية لدول تريد السيطرة والهيمنة. هذا يطال الإخوان المسلمين وحركة حماس كما يطال حزب الله وكل من يؤسس سياساته على الدين أو الطائفة، ويريد تكريس قيم قروسطية، وسطوة “أخلاقية” مناقضة للحداثة والتطور.
لا بدّ من أن يكون اليسار ضد هيمنة إيران وتركيا، وتوسعية أميركا وروسيا، وضد كل النظم المافياوية التي تنهب الشعوب، لأنه يجب أن يكون مع الشعوب، مع العمال والفلاحين الفقراء وكل المفقرين، قبل أن تصبح المسألة الوطنية هي برنامجه، لأنه يجب أن يرى المسألة الوطنية من المنظور الطبقي وليس من منظور “قومي”، فيضع ذاته ضد الشعوب نتيجة سوء فهم لصراعات لم يدرس أسسها جيداً.
أخيراً، يجب أن يحمل مشروعاً واضحاً لبديل يعبّر عن مصالح العمال والفلاحين الفقراء، ينطلق من تجاوز الرأسمالية بالضرورة. فليس من يسار الآن لا يطرح تجاوز الرأسمالية، ولا يسعى لاستيلاء العمال والفلاحين الفقراء على السلطة. ولا يخوض صراعاً قاسياً ضد الرأسمالية والليبرالية وكل سعي لتكريس الرأسمالية. اليسار جذري، ولهذا يعالج الأمور من الجذر. ولهذا لا يقبل التبعية لفئات وسطى أو تيارات ليبرالية أو “قومية” أو إسلاموية، مهما كان الشعار الذي يبرر ذلك. ويعمل على أن يوحِّد الطبقات الشعبية في كتلة متراصة من أجل الانتصار. ويواجه هذه التيارات بكل الصرامة الأيديولوجية لكشف المصالح التي تتخفى تحت شعاراتها، وتبيان تناقضها مع مصالح تلك الطبقات.
اليسار الحقيقي هو من يثق بالشعب، وينخرط في نضاله ضد الرأسمالية ونظمها كلها. بالضبط لأنه يجب أن ينطلق من الصراع الطبقي كأساس، ومن الانحياز للمفقرين ضد الرأسمال، ومن أجل تجاوز الرأسمالية.
بالتالي على اليسار أن يؤسس مشروعه الخاص المستقل، المعتمد على العمال والفلاحين الفقراء، والمؤسِّس لتبلورهم في طبقة مستقلة تسعى الى الاستيلاء على السلطة.
بغير ذلك ليس من يسار، ولا يساريين.
بقلم، سلامة كيلة
اقرأ أيضا