هجوم أرباب العمل بإيطاليا

بلا حدود17 أبريل، 2020

ترجمة: فريق الترجمة بجريدة المناضل-ة


مرت حتى الآن ستة أسابيع على صدور المرسوم الأول الذي قرر الحجر الصحي في كامل البلد، ولا توجد حتى الآن عناصر هامة ( لا تزال المعطيات متناقضة) تشير إلى أن الوباء أخذ منحى تنازلي.
الأمر الجزئي الحقيقي حتى الآن، هو أنه كان للوباء انتشار محدود بمناطق المركز والجنوب، فالمناطق الصناعية للشمال ـ Lombardie, Émilie-Romagne, Vénétie et Piémont ـ هي التي عانت كثيرا من الفيروس، بلغ عدد المصابين بتاريخ 12 أبريل 100000( يفوق العدد الإجمالي 150000) وقرابة 20000 وفاة و30000 حالة تعافي.
مأساة وطنية غير معترف بها
نحن نواجه مأساة وطنية لا تريد وسائل الإعلام والممثلين السياسيين والاقتصاديين الاعتراف والإقرار بعنفها. لا أحد يريد الاعتراف بأن هذه المأساة جاءت نتيجة الخراب الذي أحدثته السياسات الليبرالية بالصحة، وبأن كل هذا ستكون له تداعيات وخيمة وعميقة في مجال الصحة، حتى بعد تجاوز الأزمة الأكثر حدة.
في هذه اللحظة، لازال هبوط منحى المرض يبدو بعيداً، ناهيك عن العودة للمعدل الطبيعي، وهذا يتناقض تماما مع مسألة ” العودة إلى المعدل الطبيعي” لما يسمى ” المرحلة الثانية” من التعافي التي يتم نقاشها هباء منذ عشرة أيام في وسائل الإعلام، من أجل بث شعور خاطئ بالأمان، في حين أنه يمثل ردا إيجابيا على طلب أرباب العمل والكونفدرالية العامة للصناعة: بالعودة التامة للأنشطة الإنتاجية.
حتى الآن، استفادت الحكومة من تقديرات المجلس الأعلى للصحة، الذي شدد التنبيه على أن الخفض الآن من تدابير الوقاية يعني جعل النتائج الجزئية المحققة عديمة الفائدة، فأعلنت تمديد إغلاق البلد و الحجر حتى 3 ماي.
حجرٌ جد جزئي
لكن هذا الحجر غير شامل. ليس فقط لأن الأنشطة غير الضرورية مستمرة، بل لأن التدابير التي تضمنها مرسوم الحجر عبارة عن ثوب مهترئ، يسمح لآلاف المعامل بمواصلة الانتاج عبر إرسال رسالة بسيطة إلى المحافظ، يزعم فيها رب العمل القيام بدور مهم. يصعب على الجهاز الإقليمي التابع للحكومة ( الذي تم الخفض من عدد أعضائه عبر تخفيضات الميزانيات العمومية) التأكد من صحة آلاف الرسائل، أو التدخل سريعا و بشكل فعال من أجل فرض الإغلاق الضروري.
بتاريخ 8 أبريل تقدمت 71000 مقاولة (لا تشكل جزء من الأنشطة الأساسية) بطلب الاستمرار أو عودة النشاط الإنتاجي.
وقعت شركة FCA (Fiat-Chrysler Automobiles)، غير العضو بالكونفدرالية العامة للصناعة، و التي لحد الآن لها إنتاجية غير ضرورية مهمة بالمقاولات الإيطالية، اتفاقا مع النقابات حول شروط العمل حين عودة الاشتغال، لكنه اتفاق يخضع لقرارات الحكومة. أعلن رئيس منطقة Vénétie أنه مادامت 60  % من المقاولات بمنطقته تشتغل فمن الأفضل فتحها جميعاً.
الكونفدرالية في حرب
وقعت فروع الكونفدرالية في كل من Lombardie, Vénétie, Piémont et Émilie-Romagne إعلان حرب يطلب العودة الفورية إلى الوضع ” الطبيعي “، يؤكد هذا الموقف رغبتهم في إعادة فتح أبواب المعامل يوم 14 أبريل، دون احترام المرسوم الحكومي. تشن الكونفدرالية الحرب ليس فقط ضد الفيروس بل ضد العمال و تعتبرهم خطاً أمامياً كما هو حال الجنود خلال الحرب، و من الطبيعي أن تكون النتيجة أن يسقطوا كضحايا في الجبهة إلى جانب مواطنات ومواطنين آخرين. الأهم أن يفوز أرباب العمل، بحربهم، وأن يضمنوا أرباحهم مع تفادي أن يزيحهم المنافسون. لم تسمح الكونفدرالية ومتملقي أجهزتها بالإغلاق الفوري لكامل منطقة إقليم Bergame التي انطلق منها الوباء، إنهم مسؤولون عن عدد كبير من الوفيات.
” لا نقاش مع الكونفدرالية، علينا أن نُضرب ” هذا ما حذر منه يسار الكونفدرالية العامة للعمل، التي تستمر قيادتها في عقد اتفاقات مع أرباب العمل.
تدخلت وزيرة الداخلية Lamorgese هي أيضا عبر مرسوم، في حالة تدهور محتمل في المصانع والمجتمع ( خصوصا في الجنوب، حيث يبرز نقص الدخل لدى فئات واسعة من السكان) يدعو محافظي المدن ل” التماسك الاجتماعي” ونص على : أنه بفعل الصعوبات التي تواجهها المقاولات وعالم الشغل، التي تنتج عن حالة طوارئ فيروس كورونا والتي من شأنها أن تضيف توثرا خطيرا من المحتمل أن تجد صدى لها من جهة في تصاعد أنواع الانحراف المألوفة، و من جهة أخرى في خطر مظاهر بؤر التعبير المتطرفة وخطر بروز فرص مؤدية لفائدة المنظمات الإجرامية من خلال الاحتياجات الجديدة.”
من الصعب إنكار أن من داخل ” بؤر التعبير المتطرف” من المحتمل أن تبرز نضالات عمالية للقطاعات النقابية الأكثر قتالية، لكن لمواجهة النضالات الاجتماعية، تمتلك طبقة أرباب العمل وقوات الشرطة كل أدوات القمع من خلال مراسيم Salvini الأمنية، التي لم يرغب أحد في إلغائها !

بقلم، FRANCO TURIGLIATTO، نقله للفرنسية: Bernard Chamayou

المصدر
https://npa2009.org/actualite/international/le-patronat-loffensive-en-italie

شارك المقالة

اقرأ أيضا