افتتاحية المناضل-ة – عدد 85 (نوفمبر 2025)
أعلنت الدولة يوم 31 أكتوبر من كل سنة عيدا وطنيا تخليدا للتطورات الحاسمة التي حملها القرار رقم 2797/2025 الصادر عن مجلس الأمن
شهدت ساحات عدة مناطق في المغرب مظاهر احتفاء بهذا القرار نتيجة للتعبئة الرسمية المستمرة التي عرفتها البلاد طيلة العقود الماضية بخصوص موضوع الصحراء
وظفت الدولة قضية الصحراء الغربية منذ سبعينيات القرن الماضي لخلق ما سمته بالإجماع الوطني وتمنين الجبهة الداخلية – لإفشال المؤامرات الخارجية. إجماع انخرطت فيه أحزاب المعارضة الليبرالية التاريخية وامتداداتها في قيادات المنظمات النقابية على أساس الحفاظ على السلم الاجتماعي وتحميل الطبقة العاملة وكادحي الشعب الفاتورة العالية على مذبح شعارات “الوحدة الوطنية في حين يجني اغنياء الحرب مزيدا من الثروة
شكلت تكاليف الحرب في الصحراء أحد الأسباب الرئيسية للعجز المالي الذي عرفته ميزانية الدولة مع نهاية السبعينات وذلك في سباق تراجع عائدات الصادرات بنتيجة انخفاض أسعار المواد الأولية والمنتجات الفلاحية في الأسواق العالمية إلى جانب ارتفاع معدلات الفائدة التي فاقمت حجم المديونية
وزادت الأوضاع سوءا بفعل طبيعة النظام الفردي المشجع على النهب وتهريب الرساميل. عجز المغرب عن أداء خدمات دينه الخارجي لفائدة الدول والبنوك فتدخل صندوق النقد الدولي لفرض برامجه التقشفية في إطار ما سمي ” برنامج التقويم الهيكلي” الذي دشن مرحلة الانفتاح الليبرالي المعمق وعمق تبعية المغرب على مختلف المستويات
استعملت قضية الصحراء إذن لفرض سياسة المؤسسات المالية الإمبريالية وتكريس الملكية نفسها حاكما محوريا وراء مؤسسات واجهة للتدبير محدودة الصلاحيات بعد أن الحقت هزيمة بالمعارضة الليبرالية التاريخية وادمجتها بالكامل في لعبتها الديمقراطية
استعمل النظام قضية الصحراء أيضا كأداة لقمع التيارات السياسية اليسارية الجذرية باتهامها بالعداء لـ “الوحدة الترابية”، وكوسيلة لإسكان الصحافيين تحت ذريعة “التنسيق مع الأعداء الخارجين”، وعمل كذلك على تحريم الاحتجاجات الشعبية عبر اتهامها بـ”خدمة اجندات خارجية” كما حدث في حراك الريف الذي وصف من طرف مختلف أجهزة النظام وأحزاب الأغلبية في البرلمان بـ “النزعة الانفصالية”، وكذا في الحراك الشبابي جيل زيد الأخير الذي اتهمته مواقع وصفحات مرتبطة بأجهزة الدولة بـ “خدمة مصالح الأعداء الخارجيين .”
إن الوحدة الحقيقية التي تطمح إليها هي وحدة حرة وديمقراطية بين شعوب منطقتنا المغاربية، تقوم على الاستقلال الفعلي عن التبعية للإمبريالية. وعلى حق كل شعب في تقرير مصيره بنفسه وضمان حقوق جميع مكوناته.
لن يتحقق هذا الهدف إلا بتحرر الشعوب من الأنظمة الاستبدادية التي تكبل إرادتها. فتحت الموجة الثورية التي اجتاحت بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط طريق الأمل نحو هذا التحرر، لكنها كانت تفتقد إلى مشاركة فعالة من المنتجين الحقيقيين لثروات بلداننا أي الطبقة العاملة بمعناها الواسع وحلفاؤها من الفئات الشعبية والمنتجين الصغار
لو شاركت هذه القوى بقوة في قيادة تلك السيرورات الثورية لكانت قادرة على هزم الثورة المضادة، وقطع التبعية، وبناء اقتصادات قائمة على أولويات شعبية، وترسيخ التضامن بين شعوب المنطقة في وحدة متماسكة ضد الإمبريالية والصهيونية والأنظمة الرجعية.
سيطل هذا الهدف في قلب نضال كل من يؤمن بحرية شعوبنا وبحقها في التحرر من الاستغلال والاستبداد ومن كل أشكال التفرقة والانغلاق القطري
جريدة المناضل-ة
اقرأ أيضا


