نضالات طلبة الطب والصيدلة على خطى نضالات أساتذة التعاقد

منذ بداية الموسم الجامعي الحالي يخوض طلبة الطب وطب الأسنان بالمغرب، بالإضافة إلى طلبة الصيدلة نضالات بطولية على الصعيد الوطني، إضرابات، مقاطعة شاملة للدروس النظرية والتطبيقية والتداريب الاستشفائية، اعتصامات بكليات الرباط والبيضاء وفاس ووجدة ومراكش وأكادير… مع تنفيذ وقفات ومسيرات ممركزة بالرباط، كان آخرها بعد الإعتصامات الإندارية مسيرة 15 أبريل 2019 البطولية. يخوض الطلبة نضالاتهم في إطار تنسيقية وطنية لطلبة الطب وطب الأسنان بالمغرب تأسست مند 2011، ويتخذون قراراتهم في جموعات عامة بالكليات. يناضل طلبة الطب والصيدلة بشكل معزول عن تضامن النقابات وباقي الطلاب وفي ضل تعتيم إعلامي.

مطالب طلبة الطب وطب الأسنان وطلبة الصيدلة مطالب عادلة

يتصدى طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة للقانون الإطار 51.17  المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، والذي سيقضي على ما تبقى من تعليم عالي عمومي مجاني، كما فتح المجال أمام تنزيل مشروع كليات الطب الخاصة مما فتح الباب لخوصصة التكوين الطبي وإبرام شراكات مع الكليات العمومية من قبل كليات الطب الخاصة، وشرع لاستغلال القطاع العمومي من طرف الخواص في المجال الصحي.

يرفض الطلبة هذه الشراكات بين الكليات الخاصة والكليات العمومية، وإدماج طلبة القطاع الخاص لإجراء تداريبهم بالمستشفيات العمومية المكتظة أصلا بطلبة كليات الطب العمومية وتعرف ضعفا في التأطير بسبب قلة الأساتذة الأطباء المؤطرين للطلبة، مما سيؤثر على جودة التكوين. بالإضافة إلى رفضهم إجتياز طلبة الكليات الخاصة لمباراة الداخلية والإقامة إلى جانب طلبة الكليات العمومية. كما أن الطلبة يمارسون تداريبهم بالمستشفيات العمومية في اتصال دائم مع المرضى، مما يعرضهم لخطر انتقال الأمراض، كما يتم إجبار طلبة السنة السابعة على تغطية جزء من الخصاص المهول الذي يعرفه القطاع في الأطر الطبية، دون استفادتهم من تغطية صحية توفر لهم العلاج في حالة إصابتهم بأمراض منقولة.

يعارض الطلبة إدخال الميزة في شهادة التخرج كقرار وزاري صادر بالجريدة الرسمية، لأنه بذلك ستميل الكفة في اتجاه كليات الطب الخاصة التي ستعمل على رفع النقط الممنوحة لطلبتها، على غرار ما يجري بمؤسسات التعليم والمعاهد الخاصة. وهو ما سيمس بمبدأ تكافؤ الفرص ويضرب في العمق قيمة الدبلوم الذي قضى الأطباء والصيادلة سنوات من أجل الحصول عليه في الكليات العمومية. كما يطالبون بالحق في تكوين طبي لائق وبالرفع من المناصب المالية المخصصة للقطاع.

طلبة الطب أوضاع دراسية كارثية لا تضمن أدنى مستويات التحصيل الطبي

بالرغم من تشدق الدولة بالحديث عن الجهوية المتقدمة والتوظيف الجهوي لتبرير العمل بالتعاقد في مجال التعليم وشرعنة تخليها عن التوظيف العمومي، فهي لا تتمسك بذلك عندما يتعلق الأمر بتوفير الخدمات للمواطنين فحينذاك لا تسمع لخطاب الجهوية ضجيجا، فأغلب الجهات لا زالت تفتقر لكليات الطب ولمستشفيات جامعية جهوية، إذ لا يتجاوز عدد كليات الطب وطب الأسنان بالمغرب سبع كليات وأغلبها تعيش أوضاع كارثية، مما يمس بجودة خدماتها سواء في الدراسة أو في التطبيب.

ففي جهة سوس ماسة كان من المفروض الشروع في بناء مستشفى جامعي منذ سنة 2016، بكلفة مالية تقدر بحوالي 828 مليون درهم، وبطاقة استيعابية تتجاوز 800 سرير، على مساحة 30 هكتار. إلا أن التعثر دام سنتين، فلم تنطلق أشغاله إلا في شهر غشت من سنة 2018 مما يؤثر على التداريب الميدانية لطلبة الطب. كما حالت مشاكل دون الشروع بالتدريس بكلية الطب بطنجة، مما حرم أزيد من 300 طالب/ة طب بالمدينة من أدنى شروط التحصيل العلمي. إذ يواصلون دراستهم بمدرسة للمهندسين لمدة 3 سنوات في ظروف تغيب عنها أبسط شروط التحصيل العلمي الذي تتطلبه المهنة. مما جعل التنسيقية الوطنية تطالب بالتعجيل بافتتاح كلية الطب بطنجة، مع تجهيزها بكافة المرافق الحيوية والكفيلة بضمان تكوين يرقى لمستوى التطلعات. والإفراج عن تواريخ افتتاح المراكز الاستشفائية الجامعية بكل من طنجة وأكادير، مع رفع عدد المقاعد في الكليات العمومية لتغطية الخصاص المهول في الأطر الطبية.

مفاوضات كاذبة لثني الطلبة عن الاستمرار في النضال

بعد دخول الطلاب في نضالات بطولية تمت جولات حوار بين التنسيقية الوطنية ووزارتي التعليم والصحة، كان آخرها يوم 12 أبريل 2019 بعد حوارات سابقة أفضت منذ 03 نونبر 2015 بتوقيع محضر اتفاق مع الحكومة ممثلة بوزارتي التعليم والصحة، أقر بإشراك التنسيقية في كل ورش أو مشاريع قوانين تهم الطلبة بصفة عامة والتكوين الطبي بصفة خاصة، تماطل الوزارتين لحدود الآن في إخراج صيغته إلى حيز التطبيق. مما جعل التنسيقية الوطنية متمسكة بالاستمرار في تنفيذ برنامجها النضالي إلى حين الاستجابة لجميع النقط العالقة.

النضال الوحدوي السبيل الوحيد لإرغام الدولة على الاستجابة للمطالب المشروعة والدفاع عن خدمة عمومية جيدة

تعاني المستشفيات العمومية من نقص كبير في الأطر الطبية والتجهيزات الضرورية ونقص عدد الأسرة وتردي الخدمات، هذا الأمر ليس صدفة، بل نتيجة سياسة واعية تنفذها الدولة في القطاع، فقد شرعت في تخفيض الميزانيات المخصصة للقطاعات العامة والقطاع الصحي بشكل أساسي، لفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار لما يذره القطاع الصحي من أرباح.

هذا الوضع أجج العديد من الاحتجاجات في عدة بلدات شكلت النساء قاعدتها الأساسية، كما أثر على أوضاع الأطباء والممرضين وألقى على كاهلهم بأعباء إضافية مما دفع بهم للاحتجاج.

يشكل توحيد نضالات طلبة الطب والصيدلة والأطر الطبية مع احتجاجات باقي الفئات التعليمية التي تناضل في الميدان، وخرطها باحتجاجات السكان من أجل خدمة طبية مجانية وجيدة، مفتاحا لتحقيق المكاسب والدفاع عن ما تبقى من خدمة عمومية.

بقلم،‭ ‬سامي‭ ‬علام

شارك المقالة

اقرأ أيضا