إصلاح التقاعد” صيحة حرب على الشغيلة. ما العمل؟  

الافتتاحية10 أكتوبر، 2022

تستأنفُ الدولة البرجوازية عدوانَها الغاشمَ على شغيلة المغرب، على جبهةِ الحق في تقاعد لائقٍ، باجتماع وزيرة الاقتصاد والمالية في حكومة الواجهة، يوم الأربعاء 5 أكتوبر 2022، بمعية منظمة أرباب العمل، مع قيادات النقابات العمالية.

إننا إزاء إعادة نفس السيناريو الذي أتى أُكله للدولة، وأُلقِمتْ ثمارُه المُرة للطبقة العاملة. يمثلُ ما يسمى “اصلاح التقاعد”، المستوردُ مباشرة من المؤسسات المالية للنظام الإمبريالي العالمي، جزءاً من الهجوم البرجوازي على القسم غير المباشر من الأجور، في الصراع الدائم بين رأس المال والعمل، ذاك الساعي للحفاظ على أرباحه وإنمائها، وهذا المدافع عن النفس من أجل أجور لائقة، المباشرة منها والمؤجلة.

قامَ تكتيكُ الدولة البرجوازية على تهويلِ حالة صناديق التقاعد، مستعملةً في ذلك ترسانًة ثقيلة من التقارير، منها الرسميّ ومنها الصادر عن مكاتب دراسات، غايتُها الاقناعُ بأن الصناديق هالكةُ لا محالة، وبأن لا علاج سوى ما يوصي به البنك العالمي وصندوق النقد الدولي. ومهما قيل عن كارثية حالة الصناديق ماليا، ليست حملةُ التهويل البرجوازية غير تضليل. إذ أن ما يهددُ الصناديق فعلا ليس شيخوخة السكان المزعومة، ولا خصائص الأنظمة، بل سياسةُ الامتناع عن التشغيل، سواء لدى الدولة المتقشفة في التوظيف، والساعية إلى تعميم الهشاشة، أو لدى رأس المال الخاص العاجزِ عن خلق فرص عمل، والمفرطِ في استغلال العاملين تفاديا لتشغيل مزيد منهم. هذا فضلا عن التغاضي عن عدم التصريح بالعمال كليا أو جزئيا من طرف المشغلين سواء أرباب العمل أو الدولة.

وقد هيأت الدولة لاستئناف هجومها على حقنا في تقاعد لائق بما سُمي “الاتفاق الاجتماعي” في 30 أبريل 2022، حيث ضمَّنَتهُ تنازلاتٍ زائفةً لذر الرماد في العيون ليس إلا (زيادة 05% في المعاش، وإنقاص عدد الأيام المخولة حق تقاعد دون توضيح أثر ذلك على مبلغ المعاش، …)

إن الوضع خطيرٌ طالما تُصر القيادات النقابية، بعد كل ما وقع من جراء ما سمي إصلاح 2016، على غيها، غيِّ المشاركة في ضرب حقوق طبقتنا. فماذا جنت القياداتُ سوى النيلَ من مكاسب الموظفين والموظفات بالضربات الثلاث [رفع سن التقاعد، زيادة الاقتطاع، تغيير طريقة حساب المعاش بنَحْوٍ يُخفضه]؟ فلماذا السعي إلى إعادة الكرة؟ ما الذي يحكم علينا أن نُلدغ من جُحر مرارا؟

لا تُخفي الدولة نواياها العدوانيةَ إزاء الطبقة العاملة، فقد سبق لمدير الصندوق الوطني للضمان الضمان الاجتماعي أن صرح، قبل خمس سنوات، أن ما جرى للموظفين/ات يجري تحضير إنزاله على رؤوس عمال وعاملات القطاع الخاص في إطار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وقام مجلس إدارة هذا الأخير بالمُملى عليه في هذا المضمار. وتروج الدولة المعلومات عن العزم على تعميم رفع سن التقاعد إلى 65 عاما، وقضم المعاشات، واثقال كاهل الأجراء بالاقتطاعات.

فما جرى لصندوق تقاعد الموظفين جزءٌ يسير من خطة حربٍ شعواءَ ستشمل كافة الصناديق بإعادة هيكلتها، ومساواة أجراءها في أدنى مستوى من الحقوق، أي ضرب المكاسب، بمبرر السخاء الزائف، وصولا إلى المضاربة بأموال الصناديق بتقنية الرسملة.

ماذا ننتظر، والويل القادم واضح جلي؟ نوايا القيادات النقابية واضحة بتوقيعها كارثة 30 أبريل 2022. ردود الفعل الواعية للخطر الداهم، من داخل الحركة النقابية، قليلةٌ وواهنةٌ، وكلها خلوٌّ من أي دعوة إلى التعبئة والتنظيم ووضع خطة الدفاع عن الذات.

إن مقدرتنا على الرد كامنة، وقد تعزز وعي الشغيلة الجماعي بدرس “إصلاح 2016″، ما يرفع درجة الحذر من القادم من “إصلاحات”. لكن هذه المقدرة مشلولة بسياسة القيادات، وبنقص إقدامنا، نحن معارضوها ومعارضاتها. وما نحن بحاجة إليه هو خطة نضال بهدف موحد، وأشكالُ تنظيم وعمل تلُفُّ جميعَ القوى العمالية، المنظمةِ لكن المشتتة، وحتى القوى القادرةَ على المقاومة خارج التنظيمات القائمة، أي حفز التنظيم الذاتي.

إننا على مشارف إجهاز على مكاسب تاريخية، مع ضآلتها، فإما أن نتحدى القيادات المتواطئة، بالمبادرة إلى خطوة وحدوية عابرة لمختلف النقابات والتنسيقيات، والجمعيات، وكل ما في المتناول، دفاعا عن مكاسب التقاعد ومن أجل تطويرها، أو نتفرج على ذبحنا كالشياه. ما من خيار ثالث.

ولابد، ونحن مقبلون على الدفاع عن النفس، من استيعاب درس تنسيقية 2016 الذائدة عن مكاسب التقاعد، ألا وهو أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تغني عن الميدان.

إن كل تردد في الإقدام على خطوة تجميع قوانا، بوجه سلوك القيادات المتخاذل، سندفع ثمنه بمزيد من إفقاد النضال العمالي الاعتبارَ في أنظار الشغيلة، ومن ثمة تهيئة الأجواء لتنامي القوى الرجعية التي تشكل وجها آخر من المشاريع البرجوازية المعادية لطبقتنا.

وإن كل تحفظٍ غير مقبول مهما كانت الاعتبارات، فالهجوم تاريخي يستدعي ردا في المستوى. وإن كان المألوف من تحفظات من مواجهة القيادات قائما لدى قسم من اليسار على صون مكاسب تنظيمية، أي المكانة في الأجهزة، فإن معركة الدفاع عن مكاسب التقاعد، وسواها من معارك كبرى (رفض المس بحق الإضراب، ضد تعديلات أرباب العمل في مدونة الشغل…) تطرح السؤال: هل المنزلة في الجهاز هدف في حد ذاته؟ وما نفعها إن لم تكن أداة للنضال في منعطفات تاريخية؟

وضعت الدولة جدولا زمنيا لتنفيذ هجومها، محددا في 6 أشهر. ليس علينا أن ننتظر الهزيمة ومعها الذرائع الزائفة للقيادات النقابية. واجبنا الشروع الفوري في تنظيم المقاومة العمالية، لأجل:

°° التقاعد في 60 سنة، وأقل في قطاعات العمل الشاق ولفائدة النساء.

°° معاش لا يقل عن الحد الأدنى للأجور، مع تطبيق السلم المتحرك، واعفاء دخل المتقاعد من الضريبة.

°° سياسة تشغيل حقيقية، وخفض مدة العمل

°° استبعاد نظام الرسملة من صناديق التقاعد

°° استعادة الأموال المنهوبة من صناديق التقاعد

وليكن شعار هذه المقاومة: هذا العدوان لن يمر!

المناضل-ة

 

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا