تاهلة: أوضاع اجتماعية كارثية ونضالات مستمرة (حوار)
تعيش مدينة تاهلة منذ سنوات نضالات شعبية، وتتقدمها نضالات المعطلين- ات في إطار الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب. لتسليط الضوء على الأوضاع الاجتماعية والنضالات القائمة بالمدنية، أجرينا الحوار التالي مع أحد مناضلي فرع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب:
* هل يمكن أن تقدم نبذة عن منطقة تاهلة؟ الموقع، عدد السكان، الأنشطة الاقتصادية، المرافق الاجتماعية (مستشفى، مدارس، جامعة)… إلخ؟
تنتمي مدينة تاهلة إلى إقليم تازة حسب التقسيم الإداري للأقاليم. تقع مدينة تاهلة شرق مدينة فاس على مسافة تتجاوز الستين كليمترا ، وبنفس المسافة غرب مدينة تازة، وتتميز من حيث المناخ بحرارة مرتفعة صيفا وشديدة البرودة شتاء إذ تصل إلى ما فوق 40 درجة في الصيف، وتنخفض لدرجات تحت الصفر شتاء، ويعزى ذلك مناخ المدينة القاري. كما تعتبر نسبة المياه جيدة جدا بالمنطقة وذلك راجع إلى وفرة العيون والمنابع وتنوع الفرشة المائية بهذه المدينة.
ورغم القفزة التي عرفتها بعض المدن المجاورة لمدينة تاهلة، على مستوى بيناتها التحتية، فإنها ظلت بعيدة عن كل التوقعات والأهداف المنشودة من طرف ساكنة تاهلة، بدون مرافق ترفيهية، وبدون محطة طرقية، وغياب المساحات الخضراء وملاعب القرب، وحتى البنية التحتية من مستشفى وجامعة ومركز للتكوين المهني …
يعاني تلاميذ- ات بعض المدارس من مشكل غياب النقل المدرسي. مثل تلاميذ- ات (28 تليمذ- ة) دوار زادرة بجماعة الصميعة. يضطر تلاميذ التعليم الأولي والتعليم الابتدائي لقطع مسافة خمسة كيلومترات تفصل الدوار عن المؤسسات التعليمية بمركز الصميعة وثمانية كيلومترات للوصول إلى مدينة تاهلة حيث يتابع الكثيرون تعليمهم.
وجهت أسر التلاميذ طلب دعم ومؤازرة إلى فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. كما وجهت الأسر تازة إلى رئيس جماعة الصميعة مذيلة بتوقيعاتها للتدخل الفوري لتمكين أبنائها المتمدرسي بالمستويين الأولي والابتدائي من “الاستفادة من النقل المدرسي الجماعاتي على غرار تلاميذ الثانوي الإعدادي.
التشغيل بالمدينة شبه منعدم، الشباب اليوم بمدينة تاهلة حلمه الوحيد هو مغادرة هذه البلاد.
* يبدو أن مشكل الصحة يشكل معضلة كبيرة في تاهلة. هل لك أن تحدثنا عن وضعية القطاع الصحي بالمنطقة؟
حاليا بمدينة تاهلة هناك مستوصف صحي لا يستجيب لحاجيات السكان، أما بخصوص المستشفى فهو في طور البناء وقد انطلقت أشغاله في الأشهر القليلة الماضية.
تعاني الصحة العمومية بمدينة تاهلة من تردٍّ خطير في الوقت الذي يتزايد فيه النمو الديمغرافي، مثل هزالة الخدمات التي تقدم في المستوصف الصحي إلى جانب الصعوبات التي تعترض كل من يتم توجيهه للذهاب لمدينة تازة قصد تشخيص حالته الصحية، حيث تجد أغلب الحالات صعوبة في الحصول على سيارة الإسعاف للتنقل لمدينة تازة أو فاس خاصة سيارة الإسعاف المجهزة بالأوكسجين.
بخصوص مشكل الإسعاف بالفعل هو متفاقم رغم النداءات التي وجهناها للمسؤولين على المستوى المحلي. لكن يظل الاستهتار هو العنوان الأبرز لموقف المسؤولين من غياب الأوكسجين في سيارة الإسعاف و هو ما يتضح بشكل جلي في تصويت مجلس جماعة تاهلة ضد مقترح تجهيز سيارة الإسعاف بالأوكسجين. لكن هناك وعود من طرف باشا مدينة تاهلة بإيجاد حل لهذا المشكل الذي يشكل خطرا على حياة المواطنين.
أدى هذا الاستهتار مؤخرا إلى وفاة امرأة حامل قادمة من المناطق المجاورة لمدينة تاهلة وبالضبط عين لكدح. الشيء الذي نتج عنه ردود أفعال واستنكار كبير من طرفة ساكنة تاهلة والفعاليات الحقوقية بالمدينة.
وقبل ذلك- وعلى سبيل المثال لا الحصر- وبتاريخ 2024/08/27، تعرض أحد ساكنة دوار تازروت (ر.ب) البالغ من العمر حوالي 37 سنة والذي يسكن بدوار تازروت- تاهلة- إقليم تازة للدغة أفعى سامة نُقل على إثرها إلى مستوصف مدينة المنزل لتلقي العلاجات المستعجلة والضرورية، لتتفاجأ عائلته بعدم وجود المصل المضاد للسم بالمستوصف، ليتم بعد ذلك إحالته للمستشفى الإقليمي بمدينة صفرو. ونظرا لغياب سيارة الإسعاف، انتظرت العائلة أكثر من ساعة سيارة اسعاف التي قدمت من جماعة عين تمكناي لتنقله إلى مستشفى محمد الخامس بصفرو، لتتفاجأ العائلة مرة أخرى أن هذا الدواء غير متوفر في مستشفى صفرو لتتم إحالته للمستشفى الجامعي (CHU) بفاس.
* تعرف منطقة تاهلة نضالات مستمرة للمعطلين. ما الإطار الذي يناضل فيه المعطلون؟ وما الخطوات النضالية التي خاضوها؟
بالفعل مدينة تاهلة تعرف احتجاجات مستمرة للمعطلين الذين يناضلون من داخل الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب فرع تاهلة، هذا الإطار الذي عرف جمودا بعد حراك 20 فبراير وبالضبط بداية من سنة 2014 إلى أن تم إحياءه سنة 2020، حيث دخل الفرع المحلي منذ تلك المرحلة في مجموعة من المعارك سواء محلية أو اقليمية أو وطنية عبر المشاركة في مجموعة من القافلات التضامنية التي دعا لها المكتب التنفيدي للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب أو الاطارات الحليفة لها، وضمنها:
– 9 سبتمبر 2020: قافلة تضامنية مع عائلات المعتقلين السياسيين ببلدة بني تجيت تحت “شعار لا بديل عن النضال الوحدوي من أجل مواجهة كافة المخططات الطبقية في ميدان التشغيل”؛
– 5 أبريل 2021: القافلة التضامنية مع فرع فاس الذي كان يخوض اعتصاما مرفوق بإضراب عن الطعام؛
– 3 يوليوز2022: القافلة التضامنية مع الرفاق في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بموقع تازة يوم؛
– 10 يوليوز 2024: القافلة التضامنية مع فرع وطاط الحاج الذي كان يخوض معركة الاعتصام المفتوح؛
– 3 يوليوز 2024: زيارة فرع تاهلة لفرع قرية بامحمد الذي كان يخوض اعتصاما مرفوقا بإضرابا عن الط-عام يوم.
– 15 سبتمبر 2024: المشاركة في الوقفة الجهوية المنظمة من طرف فروع الجمعية (فرع القرية، فرع تاونات، فرع فاس، فرع تاهلة)، تلبية لنداء رفاقنا في المكتب التنفيذي الداعي إلى تجسيد معركة الدخول الاجتماعي التي سطرها المجلس الوطني الأخير المنعقد بفاس.
* هل يقتصر الأمر فقط على نضالات المعطلين؟ أم أن هناك فئات اجتماعية أخرى؟ وما هي مطالبها؟ وما نضالاتها؟
نعم هناك نضالات شعبية انخرطت فيها جمعية المعطلين إلى جانب سكان تاهلة والنواحي في مجموعة من المعارك، من بينها على سبيل المثال معركة عين كنون انطلقت يوم 3 يونيو 2022 واستمرت لغاية 7 يونيو 2022. ينتمي سكان عين كنون إلى جماعة بوزملان دائرة تاهلة والتي تم إقصاؤها من تزويد منازلها بالماء الصالح للشرب.
وانخرطت أيضا في معركة أصحاب النقل السري بالعالم القروي الذين يتعرضون للإبتزاز بشكل مستمر، وأيضا الوقوف إلى جانب السكان في مجموعة من الملفات آخرها الوقفة الإنذارية التي نظمناها كجمعية وطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب فرع تاهلة بتنسيق مع الجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع تاهلة يوم 21 سبتمبر، احتجاجا على الوضع الكارثي الذي تعرفه مدينة تاهلة على جميع المستويات (البنيات التحتية، احتلال الملك العمومي، الصحة…)، غياب سيارة الإسعاف المجهزة بالأوكسيجين…)، التعليم ( اختلالات الدخول المدرسي)، الفساد، العطالة، التوظيفات المشبوهة، الفقر، الغلاء، غياب المشاريع التنموية، انعدام الفضاءات الترفيهية، المحطة الطرقية، السوق المغطاة، غياب السويقات المنظمة، توقف بناء الملعب البلدي، انعدام التواصل بين المجلس البلدي والساكنة، السماح بوضع لاقط هوائي دون ترخيص تابع لإحدى شركات الاتصال على منزل بشارع المقاومة مما له من ضرر على صحة الساكنة، التضييق على النشطاء السياسيين والحقوقيين والنقابيين والجمعويين …).
———-
ملحق: بيان للرأي العام المحلي- الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع تاهلة، – سبتمبر 2024
تدارس مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتاهلة في اجتماعه العادي الوضع الحقوقي بمنطقة تاهلة، حيث توقف عند الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وما تعرفه المنطقة من أوضاع مزرية واختلالات وتجاوزات وخروقات تستدعي تدخل كل المسؤولين، كل من موقعه ودوره وصلاحياته وسلطته لمعالجتها ولإيجاد حلول عاجلة لها، وانطلاقا من المعطيات التي تم تجميعها ورصدها سجل مكتب الجمعية ما يلي:
1. الحق في الصحة
– اختلال الوضع الصحي واستمرار معاناة الأسر الفقيرة، حيث تتعدد الحالات رغم نداءاتنا للمسؤولين بمعالجة الاختلالات، وتوفير الحق في التطبيب في ظروف مناسبة وعادية، مما يتطلب وضع حد للاستهتار بصحة المواطنين والمواطنات بتاهلة، وضمان الحق في الصحة، مع ضرورة إنهاء أشغال المستشفى في وقته المحدد لوضع حد لمعاناة المواطنات والمواطنين في التنقل إلى مدينتي فاس وتازة وما يتطلبه من مصاريف إضافية وغياب سيارات الإسعاف الكافية والمجهَّزة.
– معاناة المواطنين والمواطنات مع سيارة الإسعاف الوحيدة التي يتوفر عليها المجلس البلدي والتي لا تتوفر على الأوكسجين مع العلم أن أعضاء المجلس صوتوا ضد مقترح السيارة بالأوكسجين؟؟
2. الحق في التعليم
– نسجل موجة الغلاء الفاحش في أثمنة المقررات واللوازم المدرسية.
– في تواصل مع مكتب الجمعية من طرف بعض الآباء، أكدوا لنا رفض بعض المؤسسات التعليمية بتاهلة تسجيل أبنائهم الوافدين على تاهلة بعد انتقال أسرهم من مناطق أخرى، مما نعتبره إجراءا غير قانوني وإجهازا على حقهم في التمدرس.
3. الحق في البيئة السليمة:
– نسجل وضعية مطرح النفايات بتراب جماعة مطماطة، المتواجد بغابة بونواس بقرب تعاونية سكنية، وغير بعيد عن المجال الحضري للمدينة، حيث تنتشر الروائح الكريهة، وموطن للكلاب الضابة، وتلوث البيئة، وتضر بأشجار الغابة المجاورية وبصحة السكان، مما يتطلب إيجاد حل عاجل عن طريق معالجة النفايات، أو الإسراع بتفعيل الشراكة الموقعة بين الجماعات الأربع لبناء السور الواقي، وحراس مداومين بالمطرح، ونؤكد على ضرورة رفع الضرر، ومعالجة بعض النقط السوداء بأحياء تاهلة ضمانا للحق في بيئة سليمة.
4. الحق في التنظيم:
– نذكر من جديد بالحضار والتضييق الممارَس على فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومن بينها فرع تاهلة الذي رفضت السلطات المحلية المتعاقبة بتاهلة تسلُّم وثائق تجديد أجهزتها المحلية منذ 10 سنوات مع التضييق على أعضائها.
– نستنكر حملة التضييق والتشويش على المدافعين والمدافعات على حقوق الإنسان بصفة عامة، ومناضلي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بصفة خاصة، وعلى أعضاء فرع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب بتاهلة.
– نستنكر القرارات التعسفية والانتقامية في حق موظفي وموظفات جماعة تاهلة جراء ممارسة حقهم في الإضراب والاحتجاج.
5. الحق في الشغل:
– نجدد مطالبتنا بفتح حوار جدي ومسؤول مع أعضاء فرع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب من طرف السلطات المحلية والمجلس البلدي بتاهلة، والاستجابة لمطالبهم المشروعة ورفع التضييق عليهم، ونستنكر الحملة التي تشنها بعض الجهات عليهم للتشكيك في نضاليتهم.
– نطالب من جديد السلطات المعنية بفتح تحقيق في كل التوظيفات التي أثيرت سابقا والتي راسلنا فيها عامل الإقليم دون الرد بما يفيد، وكذا في كل التوظيفات الجديدة.
6. الحق في التنمية:
– نسجل الوضع المتردي والكارثي الذي أصبحت عليه البنيات التحتية بالمدينة (الشوارع والأزقة والسويقات والسوق المغطاة…).
– نطالب من جديد وضع حد لاحتلال الملك العمومي ومعاناة السكان في السير والتنقل بالشوارع والأزقة التي أصبحت محتلة في غياب أي إجراء لاستعادة الملك العمومي أو الحد من احتلاله.
– نشجب تعثر المشاريع المبرمجة وتوقف استكمال أشغال الملعب دون اطلاع الرأي العام المحلي على أسباب التوقف، وكذل مشروع إصلاح 27 كلم الخاصة بالشوارع والأزقة المبرمجة بمدينة تاهلة منذ مدة.
– غاب أي تنمية حقيقية بالمدينة وباقي الجماعات بدائرة تاهلة (مشاريع لامتصاص البطالة وخلق فرص الشغل، محطة طرقية، ملاعب وقاعات رياضية تستوعب آلاف الأطفال والشباب للتشغيل وممارسة مواهبها، حادئق ومساحات خضراء…).
وإذ يسجل مكتب فرع الجمعية ما سبق، فإنه يؤكد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار وبجدية القضايا المطروحة أعلاه، وإيجاد حلول عاجلة من طرف السلطات المحلية والقائمين على الشأن المحلي بتاهلة، وبكافة الجماعات الترابية بدائرة تاهلة.
اقرأ أيضا