إلى جانب الفلسطينيين-ات، المقاومة مستمرة

29 فبراير، 2024 بقلم أنطوان لاراش

يجري عرض الإبادة الجماعية على شاشاتنا على الهواء مباشرة. إن عمليات التمثيل بالجثث، والمدن المدمرة، وعشرات الآلاف من القتلى في ظروف مروعة، والهجمات على المستشفيات، والصواريخ التي تستهدف مركبات منظمة أطباء بلا حدود، وقطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي-ات فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) – كل ذلك يميز المحاولة الجارية للإبادة الجماعية.

صراع لا يرحم

تقدم لنا القوى الإمبريالية الكبرى “حقائقها البديلة” – وهي طريقة أشاعها ترامب – والتي بموجبها أن إسرائيل تدافع عن نفسها ضد العدوان. يستخدم ميشيل فارشافسكي الاستعارة القائلة بأن إسرائيل هي بمثابة الذيل الذي يحرك الكلب المتمثل في الولايات المتحدة، لإظهار أن إسرائيل تتمتع باستقلال ذاتي تجاه القوى الغربية، ولكنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بها.

وهذه الأخيرة، من خلال تعاونها مع إسرائيل، تظهر طبيعة هيمنتها على العالم: فهي تخوض صراع حياة أو موت ضد الطبقات الشعبية، وضد أولئك الذين يهددون، بمجرد وجودهم، مصالحها الاقتصادية والسياسية. إن تمويل الطبقات الحاكمة وتزويدها بالأسلحة والاستثمارات والدعم السياسي – بما في ذلك الإسلاموفوبيا – تظهر الوحدة بين سياسات إسرائيل وسياسات تلك القوى في بلدانها.

إن الحاجة إلى العمل ملحة، فحكومة نتنياهو وضعت إنذارا نهائيا بحلول 10 مارس، بداية شهر رمضان، لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، مهددة بتصعيد الهجوم على رفح، بالموازاة مع احتمال تعميق الإبادة الجماعية بدفع السكان إلى مصر والبحر.

التعبئة موجودة

في الأسابيع الأخيرة، تظاهر 50 ألف شخص في لندن، ومثلهم في كوبنهاغن، و20 ألفا في بروكسل، وعشرات الآلاف في الولايات المتحدة. توجد تجمعات نضال – حملة التضامن مع فلسطين في بريطانيا، أوقفوا Annekteringen af Palæstina في الدنمارك، ملحاحية التضامن مع فلسطين بشكل خاص في فرنسا، إلخ. – وتعمل على بناء التعبئة على صعيد القاعدة الشعبية.

يجري تنفيذ إجراءات المقاطعة، كجزء من حملة BDS، بكفاءة، وهذا ما يبرزه مثال ماكدونالدز التي ستشهد نموا محدودا في جميع أنحاء العالم بنسبة 0.7٪ بدلا من 5.5٪ المتوقعة، مع انخفاض بنسبة 13٪ في الإقبال على محلاتها خلال عام 2023 في الولايات المتحدة، ويعزى ذلك بصورة خاصة إلى المقاطعة1. وأدت الدعوات ضد كارفور إلى تجمعات احتجاج كبيرة. ولن تجدد شركة بوما Puma شراكتها مع اتحاد الكيان الصهيوني لكرة القدم جراء ضغط المقاطعة وإجراءات التشبع الهاتفي، وصناديق البريد الإلكتروني، والخ.

يطغى اليأس في بعض الأحيان، كما هو الحال حين يُحرق شاب نفسه في الولايات المتحدة2. ولكن توجد عناصر إيجابية، ببروز نقاش منتظم متزايد داخل المنظمات النقابية لدعم الشعب الفلسطيني. وفي الكيان نفسه، هناك مقاومة، مثل العمل الذي تقوم به مواقع مجلة +972 وبتسيلم والمظاهرات المنظمة التي نعمل على ترديد صداها، حتى لو كانت محدودة من الناحية العددية، لتسليط الضوء على حقيقة أن اليهود يقاومون الصهيونية المهووسة في جميع أنحاء العالم.

سيعقد اجتماع دولي يومي 16 و17 مارس في برشلونة لتنسيق المقاومة. إن بناء التعبئة مهمة أساسية للأممية الرابعة ومنظماتها. وكما أعلن رفاقنا في المنطقة العربية، ” في غزة بالذات قد يتقرر مصير العالم”3: إن فلسطين، مثل أوكرانيا، هي مكان تقاس فيه الفوضى العالمية. تحاول القوى الإمبريالية ترسيخ أو توسيع سيطرتها على مناطق معينة، في إطار الأزمة العالمية للرأسمالية واشتداد المنافسة الدولية.

معركتنا

نعيش في عالم حرب. حرب جاءت لتستقر لأجل طويل، لذلك فجميع عناصر ميزان القوى مهمة من أجل إيجاد مخرج.

تشكل التعبئة التضامنية مع فلسطين، وكذلك المقاومة على الأرض وفي أوكرانيا، جزءا من هذا الإطار. إن الطبقات الشعبية تصير متجانسة بواسطة العمل النضالي. هناك نقاشات سياسية عديدة حول كيفية بناء حركة وجبهة موحدة وحلول لأجل فلسطين.

وبالنسبة للأممية الرابعة، فإن تلك الحلول تبدأ بحق عودة جميع الفلسطينيين-ات إلى أرض فلسطين التاريخية المعترف بها، والقضاء على الفصل العنصري من النهر إلى البحر، والنضال ضد جميع أشكال القمع والعنصرية والاستغلال في جميع أنحاء المنطقة، وفرض حقوق متساوية لجميع الشعوب، لذلك، لا بد من تفكيك الدولة الصهيونية كدولة “لليهود”.

نتمنى تطوير حركة ثورية واسعة النطاق قائمة على المساواة بين جميع شعوب فلسطين في نضالها من أجل تقرير المصير. وهذا يتطلب رفض الصهيونية من قبل الشعب اليهودي داخل الكيان الصهيوني، ومشاركته في ثورة عربية ذات دينامية ديمقراطية وعلمانية واشتراكية.

(1) «Le chiffre d’affaires de McDonald’s en baisse après un boycott massif»، Inès Bennacer, 7 février 2024, Forbes.

(2) «Man Dies After Setting Himself on Fire Outside Israeli Embassy in Washington, Police Say» , Aishvarya Kavi, 25 février 2024, New York Times.

(3) بيان صادر عن تيار المناضل-ة (المغرب)، ومنظمة الاشتراكيين الثوريين (مصر)، ومحمود الرشيدي (الامين العام لحزب العمال الاشتراكي الموقوف عن العمل، الجزائر)، والتجمع الشيوعي الثوري (لبنان).

شارك المقالة

اقرأ أيضا