مكانة النساء في العمل النقابي بالمغرب

النساء14 سبتمبر، 2015

تعيش النساء العاملات وضعا يتسم بالهشاشة والدونية في المجتمع البرجوازي القائم على الاستغلال والإضطهاد، فلهن النصيب الأوفر من فرط الاستغلالن وكل صنوف الظلم والحكرة، فضلا عن التمييز الذكوري تجاههن، وضع كرسه غياب أدوات النضال الاجتماعي للذود عن حقوقهن. يضاف لهذا، ضعف مكانة النساء في النقابات العمالية بالمغرب؛ بالرغم من المشاركة الكفاحية للعاملات في مختلف المعارك العمالية.
إن توحيد الحركة النقابية العمالية المغربية وتزويدها بمنظور كفاحي طبقي يضع النساء في مصاف الذكور نقابيا ونضاليا هو السبيل الأوحد للتحرر من أعباء وإضطهاد المجتمع الرأسمالي.
وضع النساء العاملات:
تشهد النقابات بالمغرب حالة من التبقرط الشديد ساهم في إضعافها أمام الهجمة البرجوازية على طفيف المكاسب التي إنتزعها العمال والعاملات خلال عقود من التضحيات، وضع متردي تدفع ثمنه النساء العاملات أكثر من غيرهن من العمال الذكور.
العمل النقابي في المغرب ذكوري الطابع، حيث لا تتجاوز نسبة النساء المنقبات 15 %، تشكل نساء قطاع التعليم غالبيتهن، فالنساء العاملات وبحكم ظروفهن الاجتماعية الهشة يقبلن العمل في القطاع الخاص والقطاعات الغير المهيكلة دون شروط تحفظ لهن حقوقهن المهنية والإجتماعية. حيث يشتغلن ساعات عمل طويلة تصل إلى حدود 12 ساعة في اليوم بأجر ضعيف مقارنة مع نظرائهم من العمال الذكور، فالشغيلة النسائية تقل ب %25 إلى % 30 عن أجور الذكور بالإضافة إلى اشتغال %90 منهن دون عقد شغل، وتدل إحصاءات وزارة الشؤون الإدارية على أن النساء يمثلن سدس موظفي الدولة ويوجدن في أسفل السلم ولا يمثلن سوى 05% خارج السلم (المناصب العليا). ناهيك عن ظروف وشروط السلامة المهنية والصحية (حالة روزامور التي راح ضحيتها عاملات النسيج بالدار البيضاء)، كما تعرف نسبة البطالة إرتفاعا حادا وسط النساء تصل إلى 20.3% .
هذا بالإضافة إلى العمل المنزلي الغير مؤدى عنه، والذي يدوم أبد الدهر. و كذلك هو شأن عاملات البيوت اللواتي يعتبرن من فئات الطبقة العاملة التي لا يمكن تحسين أوضاعها سوى بتضامن الفئات الأخرى المنظمة، وهنا تكمن مسؤولية النقابات العمالية والمنظمات النسائية. رغم كل الظروف المحيطة بإستغلال العاملات في أماكن العمل ( تحرش، طرد، حكرة …) إلا أنهن يخضن معارك نضالية شرسة ضد الباطرونا بحكم وضعهن، فالنساء أكثر شرائح المجتمع الطبقي عرضة للإضطهاد المزدوج: إضطهاد الذكور وإضطهاد رأس المال.
كان القانون يمنع النساء من إبرام عقد العمل بدون إذن الزوج واستند واضعوه على موقف رجعي جدا من عمل النساء، موقف يعطي للزوج حق منع المرأة من العمل بمبرر أن للرجل حق الاستمتاع بزوجته في كل الأوقات والأمكنة، بما فيها أوقات الرضاع، لكن تغير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أفرغت إذن الزوج من أي مضمون، كما أن ضغط الحركة النسائية ساهم في إلغاء هذا القانون (المادة 726 من قانون العقود والالتزامات) سنة 1995. وهذا ما أكده قانون الشغل الجديد حيث نص على ” حق المرأة المتزوجة في إبرام عقد الشغل”- مادة 9 ، وهذا غيض من فيض.
يقتصر النقاش حول دور ومكانة النساء في النقابة العمالية على ماهو قانوني بمنظور برجوازي ضيق الأفق، فالحركات النسائية مشبعة برؤية برجوازية محصورة فيما هو دستوري و إداري، والسليم أن تكون رؤية عمالية ذات مضمون طبقي تنظر إلى تحرر النساء من زاوية التحرر الكلي للمجتمع من قيود الرأسمالية، فأهم ما تثيره الحركة – القيادة – النقابية في حواراتها مع الدولة هو نسبة تمثيلية النساء في القطاعات العمومية (الكوطا) في غياب تقديم أي برنامج نضالي عمالي يوحد مطالب الحركة النقابة على أسس ديقراطية عمالية بعيدة عن التمييز بين الجنسين العماليين.
أي منظور للعمل النقابي النسائي؟
يفرض المجتمع البرجوازي قيود حول عمل النساء النقابي بكون النقابة والنضال من إختصاص الذكور لما فيها من مخاطر، لكن الواقع أثبت أن العمل النقابي للنساء المكافحات لاغنى عنه بل ركيزة وشرط أساسي لإنجاح أي معركة نقابة، فالفروق بين الجنسين يغذيها المسيطرون على المجتمع، فمكانة النساء في العمل النقابي لازالت ضعيفة وذات ميول برجوازية، حيث تقتصر القيادة النقابية على الذكور وتكتفي الحركة المطالبة بحقوق النساء بنسب تمثيلية محدودة وهامشية، فالمنظور الكفاحي السليم للعمل النقابي يقتضي:

– وضع العمل النقابي موضع النضال الطبقي أي مواجهة طبقة رجال الاعمال بقبضة عمالية موحدة تضم العمال والعاملات.
– إشراك النساء العاملات المنقبات في تسيير المعارك وصياغة المطالب وتقرير الأشكال النضالية
– توعية العمال وتثقيفهم بضرورة العمل المشترك مع النساء العاملات، فكم من معركة فجرتها النساء الكادحات وكم من معركة حققت النصر بفضل كفاحهن إلى جانب إخوانهم العمال.
– الدفاع عن حقوق النساء في الإنتماء للنقابة والتنظيم النقابي وومشاركة في قيادة النقابة بفعل دينامية نسائية في قاعدة النقابة لا كتمثيلية نسائية مجردة من أي مضمون نضالي ومسواتي بين الجنسين.
فودة إمام

هوامش :
العدد 5 من جريدة المناضل .
البتول نجاجي أي مكانة لمطالب المرأة العاملة في الحوار الاجتماعي؟

شارك المقالة

اقرأ أيضا