معركة عاملات وعمال دلفي المغرب: نصر أولي بحاجة إلى اليقظة والتأهب حتى تصبح الوعود حقيقة ملموسة

 

 

اضطرت شركة دلفي للتنازل أمام إصرار العاملات والعمال على انتزاع حقوقهم، وقرر العمال/آت تعليق حركتهم الإضرابية إلى غاية 21 من شهر يونيو الجاري. هذا بعد وعود بصرف منحة عيد الفطر لأول مرة بالشركة بقيمة 400 درهم (بدء صرفها فعلا مع 500 درهم تسبيق أجرة)، وزيادة منحة عيد الأضحى لتبلغ 1500 درهم بدل 500 درهم كانت تمنح كسلف، وضمان تعويضات المردودية التي كانت تقتطع بعد كل 20 دقيقة تأخر، وزيادة وقت راحة التغذية وتجويدها، وعدم اقتطاع أيام الإضراب، وتعويض ضحايا التدخل القمعي، وبعضهم نقل على حساب الشركة لمصحة خاصة من أجل العلاج، بما في ذلك اقتناء الأدوية. تم وعد العمال والعاملات أيضا بعدم متابعة المضربين بخاصة ممثلي العمال والعاملات، ورفع المضايقات بأماكن العمل، ووعد بتعويض عن السكن، ومواصلة التفاوض بشأن باقي نقط الملف المطلبي بدء من يوم 21 يونيو الجاري.

إنها وعود جاءت مصحوبة ببلاغات مطمئنة وشاكرة للعمال والعاملات على تفهم وضع الشركة المطالبة بالوفاء بالالتزامات مع زبنائها.

 

استخلص العمال والعاملات الدرس الأساسي: وحدة الصف والنضال. لكن الوضع بعد المعركة يستلزم الحذر الشديد من التراخي. إن تنازل الشركة بعدد من الوعود هو بحد ذاته انتصار، لأن فيه اعترافا بشرعية المطالب، ورضوخا لضغط مصدره قوة العمال، لكن الوعود قد تبقى مجرد حبر على ورق ما لم تبق جماهير العاملات والعمال متأهبين للذود عن حقوقهم، والمتابعة النشطة اليقظة لتلك الوعود حتى تمام تنفيذها. ربما تكون الشركة انحنت لعاصفة حركة إضرابية غير متوقعة، فهذه الشركة مبنية على انضباط شبه عسكري أعمى، وطيلة تسعة عشر سنة من وجودها قامت بعملية تصفية مديدة وقاسية لكل الرؤوس “الساخنة”. ولم يخطر على مسيريها، ولا في أسوأ كوابيسهم، أن تشهد الشركة حركة نضالية من هذا القبيل بعد كل تلك السنين. لذا يتوجب الاستعداد لنزالات قادمة، فالشركة لن تبقى مكتوفة الأيدي. وقد وبدأت بالفعل بالتهديد، إذ هددت بالطرد عاملا بتهمة التحريض بواسطة فتح صفحة أو مجموعة للنقاش بين عمال كل معامل دلفي الخمسة بالمغرب.

إنها جولة نضال أسفرت عن وعود تستوجب بقاء العاملات والعمال متأهبين، عليهم إبقاء جذوة النضال مشتعلة لتفادي الانتقام بالطرد والتسريحات الجماعية واستعمال كل الوسائل لأجل ذلك (مثل حمل الشارات كتعبير عن الوحدة والتصميم). هي إذن تمرين لجولات نضال قادمة بشكل أكيد وقريب جدا، فهذه المكاسب الأولية إن تم تطبيقها ستكون رافعة لمطالب أساسية وأكثر فعالية في تحسين وضع العمال والعاملات. وإن تم التراجع عنها سيهب العمال مجددا لفرض التنفيذ الى جانب مطالب أخرى أساسية وهم مسلحون بخبرة معركتهم وبدروس ما قرأوه عن معارك عمالية جرت سابقا وأكثر قدرة على تمييز المتضامنين من الدجالين (مثل أولئك الذين أشاعوا في صفوفهم كذبة أن من حقهم فقط ثلاثة أيام للاحتجاج).

لقد أصبح العمال/آت واعين بقوتهم وبضرورة التنظيم والاستعداد للقادم، وهو ذا النصر الكبير لمعركتهم.

 دلت المعركة على أهمية وحدة العمال وتضامنهم. هذه الوحدة تتجسد عادة في منظمة نقابية. وهذه تسمح بتوحيد عمال وحدات انتاج متعددة، وحتى عمال قطاعات مختلفة، على مستوى المدينة، وكذلك على المستوى الوطني.

 وليس مستبعدا أن تعرض نقابة ما على عمال ديلفي الانضمام اليها. سيكون ذلك إيجابيا، لكن يجب الانتباه إلى ان بعض الأجهزة النقابية تسعى الى فرض توجيهاتها الفوقية على العمال، بما يتعارض أحيانا مع مصالحهم، ومع حقهم في تسيير شؤونهم بأنفسهم. لذا يجب ان يكون الانضمام الى مركزية نقابية ما مشروطا بشرط لا تنازل عنه: هو ان يبقى العمال والعاملات سادة مصيرهم، لا يقرر أي كان مكانهم. لهم وحدهم الحق في اتخاذ القرارات التي تهم نضالهم وكل جوانب تسيير نقابتهم.

 

مزيدا من الوحدة والتضامن

مزيدا من اليقظة والديمقراطية في تسيير النضالات

بقلم، بثينة نعمان، 13 يونيو 2018

شارك المقالة

اقرأ أيضا