عمال الصيانة والنظافة والأمن الخاص فئة عمالية بالطرق السيارة: مقهورة ومناضلة

 

 

من أجل تشتيت الصف العمالي، بقصد التمكن من الافراط في الاستغلال، وجعل التنظيم النقابي الموحد مستعصيا، عمدت إدارة شركة الطرق السيارة بالمغرب الى تقسيم مستخدميها الى فئات متعددة.

فمنهم المرسم منذ البداية، وثمة قسم عريض جدا في وضعية هشاشة: لا استقرار شغل ولا حقوق اجتماعية حتى في حدودها الدنيا الواردة في التشريعات الاجتماعية (قانون الشغل، الضمان الاجتماعي، تأمين حوادث الشغل وأمراضه).

 وقد قسمت إدارة الشركة ضحايا الهشاشة أنفسهم الى فئات: ثمة العاملون في تحصيل المداخيل ُيسند امرهم إلى شركات لا دور لها سوى التعاقد مع الاجراء لتحصيل الارباح على ظهرهم، وهم عاملون بعقود غير محددة المدة. وهناك فئة عمال الصيانة والنظافة والامن الخاص، الموكولون لشركات مناولة اخرى في ظروف أكثر هشاشة، عاملون بعقود محددة المدة.

 سبق لجريدة المناضل-ة ان تناولت وضعية اجراء محطات الأداء، سواء ما يخص أوضاع استغلالهم او كفاحاتهم. فيما يلي نظرة اجمالية على الحالة المزرية التي وضعت فيها إدارة شركة الطرق السيارة بالمغرب قسما من عمالها: عمال النظافة والصيانة وحراس الأمن الخاص.

يتمثل دور هذه الفئة العاملة في تنظيف الطريق السيار، وصيانته اليومية، والتشجير، والتدخل في حالات الحوادث قصد ازالة كل ما قد يعيق السير، هذا علاوة على الامن الخاص. ويبلغ عدد هذه الفئة العمالية قرابة 500 على صعيد وطني.  وكمثال يعمل بالشطر الواقع بين اكادير وبوسكورة (على مشارف الدار البيضاء) 100 عامل منهم 4 رؤساء فرق.

الطريقة التي تتملص بها إدارة شركة الطرق السيارة من مسؤولياتها الاجتماعية إزاء هؤلاء العمال هي اسنادهم الى شركات سمسرة في اليد العاملة، سواء عبر صفقات كما في السابق او ما يسمى سندات الطلب Bon de Commande   حاليا.

هذه الشركات الطفيلية لا دور لها غير امتصاص دم العمال بدون اي وظيفة حقيقية. تقترف ادارة شركة الطرق السيارة هذه الجريمة الاجتماعية بهدف إضعاف قدرة هؤلاء العمال على الدفاع عن أنفسهم وعزلهم عن باقي شغيلة الطرق السيارة. تؤدي شركة الطرق السيارة مقابلا ماليا للشركات الطفيلية بدل ان تؤدي الاجور مباشرة للعمال. وثمة فرق بين ما تدفعه شركة الطرق السيارة وما يحصل عليه العمال: هذا الفرق ارباح بلا اي مبرر، عبارة عن هدية للشركات الطفيلية. وهذا كله على حساب مئات الاسر العمالية المهددة في كل حين بفقد مصدر عيشها، فضلا على المفروض عليها من بؤس بفعل تدني الاجور وغياب الحقوق الاجتماعية.

عمال النظافة والصيانة والامن الخاص مسندون حاليا لشركة مناولة، لا علاقة لها بالعمال غير دفع الاجور بطريقة عشوائية: فلا اوراق أداء ولا بطاقات شغل، ولا شواهد عمل. وهي تشغل العمال بعقود محددة المدة طبق سند طلب يمتد أجله حتى نهاية العام 2016.

يشتغل العمال متناوبين 8 ساعات (44 في الاسبوع). قبل ظهور النقابة كانوا يُشغلون 48 ساعة في الاسبوع بأجور 44 ساعة.  وكانوا يستخدمون في حالات الطوارئ والاشغال الاستثنائية ساعات إضافية دون أجر. وهو الوضع الذي تصحح مع التنظيم النقابي حيث أصبح العمل ساعات زائدة يدخل في حساب ساعات العمل. وقد كان العمال محرومين من عطل الاعياد إلى أن انضموا الى النقابة.

تهدد حياة هذه الفئة العمالية مخاطر مهنية جمة، تبلغ حد الوفاة حيث مات عاملان أحدهما بالعرائش والأخر بمكناس. كما أصيب عاملان آخران بتسمم واختناق بمواد كيماوية تدفقت من شاحنة على الطريق في يوليوز 2016. (حُملا إلى مستشفى الحسن الثاني باكادير ثم الى مصحة خاصة). ولا يدري العمال إن كانت شركة المناولة قد أمنت العمال ضد حوادث الشغل وامراضه لدى شركة تأمين.

في أوضاع عدم الاستقرار هذه، والمخاطر المحدقة بالعمال، لا تتجاوز أجور هؤلاء الحد الادنى القانوني، باستثناء فئة رؤساء العمل القليلة. فلا منح في الاعياد ولا تعويضات عن مختلف اوجه العناء التي تميز هذا العمل. ورغم اضطرار العمال البقاء اوقات الغذاء بأماكن العمل، لا يحصلون على منحة القفة الجاري بها العمل في قطاعات اخرى. ويتعرض العمل للابتزاز عند اداء الاجور بتوقيع وثيقة تصفية كل حساب كي تتنصل شركة المناولة وتبعد عنها إمكانية اي مطالبة بالحقوق العمالية. هذا علما أن واجبات الضمان الاجتماعي تشهد خروقات باستمرار حيث لا يصرح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا بكامل ايام العمل، ولا بكامل الاجر. يعني هذا سرقة مستحقات العمال والإضرار بحقوقهم في التقاعد وكل منافع الضمان الاجتماعي التي تحسب بناء على التصريحات الناقصة.

وهنا يتحمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قسطه من المسؤولية في عدم ردع هذه الشركات التي لا هم لها غير الارباح وسرقة مستحقات الشغيلة.

هذا الوضع المهني والاجتماعي بالغ الهشاشة، الذي يضع العمال واسرهم في وضعية قلق دائمة، دفع العمال الى الانضمام الى النقابة بتأسيس 12 مكتبا نقابيا محليا ومكتب وطني في إطار الاتحاد المغربي للشغل. ويلخص الملف المطلبي التالي الحالة التي يوجد عليها العمال:

قائمة المطالب:

  • تنظيم علاقة الشغل بعقد عمل مفتوح قصد الاستقرار في العمل
  • تطبيق قانون الشغل
  • اعتماد صيغة قانونية للتشغيل بدل الكراء لشركات المناولة
  • زيادة عامة في الاجور
  • تعميم منحة التنقل (كان مفترضا اداؤها لعمال الحراسة)
  • أداء أجر الساعات الاضافية وفق قانون الشغل
  • اشراك العمال الحاليين في كل دفاتر التحملات الجديدة CPS

من أجل هذه المطالب خاض العمال نضالات، منها وقفات احتجاج عديدة منذ 2015   في المراكز، ووقفة وطنية امام ادارة شرطة الطرق السيارة، غير أن إدارة شركة الطرق السيارة أعرضت عن التفاوض مع نقابة العمال، رغم ما ينص عليه قانون الشغل من وجوب المفاوضة الجماعية مرة كل سنة (المادة 96).

الوحدة العمالية طريق ضمان الحقوق

سياسة إدارة شركة الطرق السيارة قائمة أساسا على تشتيت العمال، فمنهم الاطر، ومحصلو المداخيل، وعمال الصيانة، وهذا وذاك،

الطرق السيارة مرفق دائم، وليس ثمة ما يدعو باي وجه إلى فرض العقود محددة المدة على عماله. لهذا يجب على كل الفئات العمالية ان توحد الصف لتتمكن من انتزاع الحق المشروع في الترسيم: ترسيم كل من يعمل باي صفة كانت في الطرق السيار. ومن واجب الاطر، الذين هم ايضا اجراء، وكافة المرسمين، ان يتضامنوا مع ضحايا الهشاشة، من أجل استقرار العمل ومن اجل عمل لائقة وكرامة الشغيلة. ففي ظل مناهج التسيير الرأسمالي للشركات ليس هناك من الاجراء من هو محمي من التسريح ومن الهجوم على مكاسبه، سواء الاطر او المرسمين او سواهم.

وحدها الوحدة العمالية الشاملة يمكن ان تحمي الجميع من ضربات الادارة.  يعني هذا في الوضع الراهن، حيث توجد مكاتب نقابية مختلفة باختلاف الفئات، وباختلاف النقابات، ان ينسق الجميع من اجل ملف مطلبي واحد. هذا هو معنى النقابة.  فبدون التضامن تتناوب الفئات العمالية في تلقي الضربات: كل يُسلخ في وقته والآخرون يتفرجون. إن من يعتقد انه سيحل مشاكله بمفرده واهم.

النزعة الفئوية تقتل النقابة كما يقتلها وهم الحل الفردي للمشاكل.

إن تقاليد النضال العمالي الكفاحية فعلا أصابها ضعف ببلدنا منذ عقود، وواجبنا ان نستعيدها، فهي السبيل الوحيد لهزم من يستغل العمال ويشرد اسرهم بالهشاشة.

بهذا الصدد يتعرض حراس الامن الخاص لحملة هدفها القضاء على التنظيم النقابي، حيث ثمة حاليا 21 نقابيا مطرودا: 3 بأكادير، و15ببوزنيقة، و5 بالعرائش، و1 في بوسكورة هو كاتب نقابي محليا وعضو بالمكتب الوطني.  يستوجب هذا على جميع العاملين في الاتوروت ان يتضامنوا مع الضحايا ويطالبوا، ويناضلوا، من أجل عودتهم الى عملهم وتعويضهم عن فترة الطرد.

كما يجب إحداث تنسيق نقابي شامل لكافة العاملين في الطرق السيارة حول ملف مطلب موحد، والتنسيق مع قطاعات عمالية أخرى تناضل ضد الهشاشة المفروضة بشركات المناولة.

لقد سبق لفوج من مئات عمال الفوسفاط في خريبكة ان فرضوا بنضالهم ترسيمهم سنة 2011 بعد ان كان المكتب الشريف للفوسفاط يعلن ببيانات صادرة في الصحف ان لا علاقة له بأولئك العمال.

هذا ما تقول شركة الطرق السيارة حاليا فيما يخص عمالها في محطات الاداء وعمالها في النظافة والصيانة والامن الخاص.

 وسيأتي يوم يدمجون ويرسمون جميعا. نعم سيأتي بالكفاح الموحد وفق تقاليد الحركة العمالية المناضلة.

مراسل جريدة المناضل-ة – اكادير

شارك المقالة

اقرأ أيضا