لنناضل لإسقاط ما يسمى “قانون تنظيمي للإضراب”  

طيلة عشرات السنين ظل حق الإضراب هدفا  لهجمات عديدة، بعنف قوات القمع ضد المضربين واعتصاماتهم، وبتلفيق التهم للنقابيين لزجهم في السجن، وبقوانين قاتلة للحريات، منها الفصل 5 من مرسوم فبراير 1958 الذي يجرم إضراب الموظفين، حيث ينص على أن ” ” كل توقف عن العمل بصفة مدبرة وكل عمل جماعي أدى إلى عدم الانقياد بصفة بينة يمكن المعاقبة عليه علاوة على الضمانات التأديبية ويعم هذا جميع الموظفين”. وكذلك الفصل 288 من القانون الجنائي حول ما يسمى عرقلة حرية العمل” [المعرقل الحقيقي لحرية العمل هي الدولة التي تفرض البطالة بسياستها الخادمة لمصلحة  الرأسمال].  

 رغم هذا كله، لا يزال حق الإضراب عرضة لمضايقات منها اقتطاع أجور أيام الإضراب بالوظيفة العمومية( بعد أن كانت مكسبا تاريخيا طيلة عشرات السنين)، وهدفا لمحاولات المنع، آخرها ما يسمى “مشروع القانون التنظيمي للإضراب”. 

مشروع قانون الإضراب مشروع قمعي يهدف إلى تقييد الأجراء ليفعل فيهم أرباب العمل والدولة ما يشاؤون بسيف سياسات صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، لا غير. 

لا حاجة إلى ما يسمى “تقنين ممارسة حق الإضراب”

 ليس الإضراب سوى تعبير عن حرية الأجير/ة في رفض العمل في ظروف لا يتحملها، وبأجور غير لائقة وحقوق مهضومة. وليس حق الإضراب بحاجة إلى أي قانون، فإن وقعت مخالفة للقانون أثناء الإضراب [ كسر، تخريب، ضرب وما يمكن تصوره…] فثمة قوانين تعاقب كل تلك الأفعال. 

إن السعي إلى تقنين الإضراب  ليس إلا قمعا لأن لدى الدولة خططا تريد تنفيذها تحطم مكاسب الشغيلة، منها ما تبقى مما يسمى “إصلاح التقاعد” وفرض الهشاشة في التشغيل [العقود…]، و مزيد من استغلال اليد العاملة بدعوى المردودية والكفاءة ، وتطبيق سياسة تدبير اليد العاملة السائدة في القطاع الخاص على الوظيفة العمومية، ومزيد من تخريب ما تبقى من المكاسب الشعبية الطفيفة في الخدمات العامة من تعليم وصحة، ومواصلة تطبيق نظام ضريبي ظالم لذوي الدخل المحدود، … وغير هذا كثير.

 الحاجة،  كل الحاجة إلى حريات تنظيم واحتجاج ومطالبة بالحقوق  

ليس قانون إضراب مزعوم هو ما يحتاجه معظم شعب المغرب، عماله وكل الفئات الشعبية، بل حريات تتيح لهم تنظيم أنفسهم في نقابات حقيقية، مستقلة عن الدولة وأرباب العمل، وجمعيات حقيقية مستقلة، غير تلك التي تصنعها الجهات الموالية للسلطة بقصد “تأطير” المجتمع أي التحكم فيه، وتوجيه المواطن وفق ما يبتغيه الماسكون بالثروة وبالسلطة، هاذين الوجهين للعملة الواحدة: سيطرة البرجوازية. 

 المطلوب حرية تنظيم في أحزاب سياسية لها مشاريع بديلة لما سطرته الطبقة السائدة في دساتيرها الممنوحة منذ مطلع الاستقلال الشكلي. المطلوب حرية تنظيم أحزاب ليس وفق قيود ما سيسمى قانون الأحزاب الذي لا يترك خيارا غير الولاء للاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المفروضة. المطلوب أحزاب تعبر عن إرادة الناس بمختلف توجهاتهم، وليس أحزاب تدجين لمصلحة الرأسماليين.  

 أغلبية الشعب بحاجة إلى حرية التظاهر، وحرية التجمع، وحرية التعبير. نريد صحافة  متحررة من ضغوط السلطة، ومن ضغوط أصحاب المال والأعمال، وحرية تعبير كاملة بلا مقدسات مزعومة: حرية التعبير وحدها مقدسة.

 الموقف السليم مما يسمى قانون تنظيمي للإضراب: الرفض المبدئي الحازم

 تدور معظم المواقف المعبر عنها، لحد الآن، من مشروع قانون الإضراب، حول فكرة أنه مرفوض لأن الدولة وضعته بمفردها. هذا موقف قيادات النقابات التي تريد أن يتم إشراكها في وضع قانون قمعي. 

 نعم قيادات نقابية تريد المشاركة في وضع القيود القانونية في أيدي وأرجل وأعناق العمال و العاملات. كل قبول لما يسمى تقنين الإضراب هو مشاركة في قمع الطبقة العاملة. وهذا موقف شائع لدرجة  سقوط بعض أدعياء الراديكالية فيه. 

إنه أحد أوجه المصير البائس الذي أوصلت إليه تيارات سياسية غير عمالية حركة العمال النقابية بالمغرب. 

بيروقراطية النقابات تريد المشاركة في تقييد حرية الإضراب لأن لها مصالح مع البرجوازية ودولتها، بوصفها وسيطا بينهما وبين الطبقة العاملة. ذلك موقفها وهو لا يعني مناضلي الطبقة العاملة الحقيقيين.

إن الدفاع عن حق العمال في التنظيم و النضال من أجل مصالحهم الخاصة، بوجه مصالح الرأسمال ودولته، يقتضي رفض أي مساس بحرية الإضراب مهما كانت مبرراتها. فقد مارس العمال الإضراب  بالمغرب منذ عشرات السنين، وكانوا مراعين لعدم الإضرار بالمستفيدين من الخدمات العامة [مستشفيات، مدارس …]، وتأتي الدولة اليوم، بكل نفاق، لتستعمل مبرر “الحد الأدنى من الخدمة ” لتمنع الإضراب، وهي التي لا تكف عن تخريب ما تبقى من خدمات عمومية، بالخصخصة وفتح كل الأبواب لتجار التعليم والصحة. 

إن كل مفاوضة حول تقنين الإضراب خيانة لمصلحة الطبقة العاملة. واجبنا أن نعمل في هذا المنعطف الخطير، منعطف استهداف ما تبقى من حريات، كي تتحرك قوى طبقتنا لصد عدوان “قانون الإضراب”، دون انتظار. فبالحملة المنظمة سنجبر البيروقراطيات على وقف التواطؤ مع العدو، وسنرغم هذا الأخير على سحب نهائي لكل محاولة لمنع الإضراب بمبرر تنظيم ممارسته.  

لقد أبانت طبقة الأجراء ، هنا وبكل مكان بالعالم، على مقدرتها فرض احترام حرياتها، ودكت قلاع استبداد عديدة، وانتزعت مكاسب حمتها من همجية الرأسمال ودولته. 

 من هنا نستمد الثقة التامة في مقدرة الطبقة العاملة على إفشال مؤامرة “قانون الإضراب”، فإلى أمام بكل عزم وإصرار حتى إسقاط “قانون الإضراب”. 

 بقلم، مصطفى البحري 

 

  

شارك المقالة

اقرأ أيضا